يقترب الموسم السياحي المرتبط بفصل الصيف، من نهايته، دون أن يحمل أي جديد على مستوى تحسين العرض السياحي على مستوى جهة الشمال التي تعاني من جملة اختلالات مزمنة. وبالرغم من بعض التدابير والإجراءات التي حاول بعض المتدخلين تنزيلها على أرض الواقع، من قبيل إلزام الفاعلين السياحيين بالتصريح بمعاملاتهم والخدمات التي يقدمونها، إلا أن كل ذلك ظل مجرد "حبر على ورق" لم يكن له أثر ملموس. في مدينة مرتيل، التي تحظى بنصيب وافر من عدد السياح الذين يختارون شمال المغرب لقضاء عطلتهم الصيفية، تتسيد الفوضى كل شيء تقريبا، بدءا من غلاء الأسعار الذي لا يستثني اي شيء تقريبا، انتهاء بظاهرة الكراء العشوائي التي تعتبر عنوان فشل الجهات المتدخلة. قبل سنوات، كانت جماعة مرتيل، أعلنت عن إجراءات تروم من خلالها ضبط أنشطة الكراء السياحي خلال موسم الصيف، من خلال دعوة الفاعلين في هذا القطاع إلى التصريح بمعاملاتهم. وسوغت الجماعة، هذه التدابير، بالمساهمة في تجويد الخدمات المقدمة للسياح وحماية حقوق المالكين والمكترين على حد سواء. لكن يبدو أن هذه التدابير لم تحقق الأهداف المرجوة منها. فقد ظل الكراء العشوائي للمنازل مسيطراً على السوق، دون أن تجد الإجراءات الجديدة لها تأثيراً حقيقياً. رغم التصريحات والوعود، لم تتخذ خطوات ملموسة لمراقبة تطبيق القوانين وتفعيلها بشكل فعال. النتيجة هي استمرار استغلال السياح من خلال رفع الأسعار وتقديم خدمات دون المستوى المطلوب. الوضع في مرتيل الذي يتكرر في أكثر من وجهة سياحية بمنطقة الشمال، يعكس مشكلة أعمق تتعلق بنقص التنسيق بين الجهات المسؤولة وعدم فعالية السياسات المعلنة. إذ إن الفجوة بين النية والإجراءات الفعلية تظل واسعة، مما يجعل من الضروري إعادة النظر في الاستراتيجيات المتبعة وتطوير حلول أكثر فاعلية لمعالجة مشكلات القطاع السياحي. إلى جانب ذلك، يشتكي السياح من غلاء الأسعار في الأسواق والمرافق السياحية، حيث تضاعفت تكاليف الإقامة والطعام وحتى الأنشطة الترفيهية بشكل لافت خلال الموسم الصيفي. هذا الغلاء غير المبرر بات عبئًا إضافيًا على المصطافين، خصوصاً العائلات التي تجد نفسها مجبرة على دفع مبالغ كبيرة للحصول على خدمات عادية. وفي بعض الحالات، تحولت الرحلة السياحية إلى عبء مالي بدلاً من أن تكون تجربة ممتعة. استنزاف السياح مادياً ليس المشكلة الوحيدة، بل يمتد الأمر إلى عدم التنظيم في المرافق العامة وتراجع مستوى النظافة والخدمات الأساسية. هي مشاكل يبدو أنها مزمنة، تؤثر سلباً على صورة جهة الشمال كوجهة سياحية وتجعل العديد من الزوار يعيدون النظر في خططهم المستقبلية، مفضلين الوجهات الأخرى التي تقدم خدمات أفضل وبتكلفة معقولة. في ظل هذه التحديات المتكررة، يبقى السؤال مفتوحاً حول مدى استعداد السلطات لاتخاذ خطوات حقيقية وفعالة لمعالجة هذه المشكلات، بما يضمن تحسين جودة الخدمات السياحية وحماية حقوق السياح، ويعزز من جاذبية المغرب كوجهة سياحية متكاملة ومستدامة.