كشف الداهي أكاي، رئيس جمعية "مفقودي البوليساريو" وأحد مؤسسي جبهة البوليساريو، حقائق مرعبة عن مرحلة تأسيس جبهة البوليساريو، وجحيم تندوف والمعاناة داخل سجون الجبهة الانفصالية والمخابرات الاسبانية، وكيف انتقل إلى اسبانيا بعد إطلاق سراحه ثم عودته إلى أرض الوطن. وأضاف أكاي، المعروف باسم أكاي ولد سيدي يوسف، في برنامج "اعترافات عائد من الجحيم"، أن ملف جلادي البوليساريو أمام المحاكم الاسبانية يسير في الطريق الصحيح، وأن الوضع في الصحراء المغربية بعد الاعتراف الأمريكي لن يكون كسابقه، مؤكدا أن مسألة طرد البوليساريو من الاتحاد الافريقي يتطلب جهودا كبيرة من طرف الدولة والمجتمع المدني لكشف حقيقة جلادي البوليساريو أمام العالم. تفاصيل أوفى في هذه الحلقة من برنامج "اعترافات عائد من الجحيم ":
اسمه داهي اكاي، يحمل رقم 15 ضمن قائمة مؤسسي جبهة البوليساريو حسب الوثائق الاسبانية. عن دواعي اختلافه مع البوليساريو، قال الداهي إن السبب يعود إلى لحظة اكتشافه عن قرب بأن الجبهة وسيلة في يد الدولة الجزائرية التي تصنع بها ما تشاء. وعقب ذلك، يضيف أكاي، عمدت البوليساريو والمخابرات الجزائرية، إلى الزج به رفقة أصدقائه من سكان الصحراء المغربية الذين شملتهم آنذاك عملية تقرير المصير في ظل الاستعمار الاسباني. وفي هذا الإطار، يقول الداهي أكاي، إن تقرير المصير آنذاك شمل سكان الصحراء المغربية المستعمرة من قبل اسبانيا، ولم يكن يهم الصحراويين المتواجدين جنوب المغرب ولا في شمال موريتانيا أو في جنوبالجزائر. وقال أكاي إنهم اعتقلوا أواخر سنة 1974، قبل استرجاع الصحراء المغربية من أيدي المستعمر الاسباني، واتهموا بالتخابر مع اسبانيا، رغم انهم هم من صنعوا تنظيم البوليساريو لمحاربة المستعمر الاسباني، ومكثوا في سجون البوليساريو، حيث استشهد العديد منهم تحت آلة التعذيب. وبعد استرجاع الصحراء من قبل المغرب، عادت جبهة البوليساريو لاتهام أكاي ورفاقه بأنهم عملاء للمخابرات المغربية، رغم أنهم لا يزالون في السجون... هذا واستمرت جبهة البوليساريو في تعذيب واختطاف وقتل المختلفين معها، وضمنهم الداهي أكاي، ولم يفلتوا من قبضة الجلادين إلا بعد تدخل أحد أبناء عمومتهم الذي نظم ندوة صحفية في هولندا وأعطى أسماءهم لمنظمة العفو الدولية، وكذا اتصال شيوخ قبائلهم بمحمد ولد عبد العزيز المراكشي، الذي كان زعيما لجبهة البوليساريو آنذاك، منددين بالاتهامات التي وجهت لأبنائهم رغم أنهم من ضمن المؤسسين للجبهة، في حين أن المنتمين لقبيلة عبد العزيز المراكشي والمنحدرين من الجزائر هم النافذين في الجبهة رغم أنهم لا يعرفون شيئا عن القضية. وعقب ذلك، تم الانفراج عن الداهي ورفاقه، في وقت توفي فيه العديد منهم في سجون البوليساريو. وبحكم القوانين الدولية، وبالنظر إلى ازدياده تحت راية المستعمر الاسباني، فقد منحت له جنسية هذا البلد. وأكد المتحدث نفسه، أن عائلته من العائلات التي تتوفر على ظهائر ملكية، والتي يمكن الإطلاع عليها بمحكمة العدل الدولية، كما أنها اتخذت بالاستناد على هذه الظهائر، قرارا يتبث بأن هناك روابط تاريخية بين الملوك العلويين وسكان الصحراء. وعندما عاد إلى قرطبة في اسبانيا، اتصل به خاله الدويهي رشيد، ومجموعة من المسؤولين وطلبوا منه ان يدخل إلى المغرب، لكنه قرر عدم العودة إلى المغرب حتى تعترف قيادة البوليساريو بالجرائم التي ارتكبتها في حقه هو ورفاقه. وظل الداهي أكاي متنقلا بين اسبانيا وجبهة البوليساريو، حتى انعقاد المؤتمر الثامن للجبهة، حيث إنهم فرضوا على محمد عبد العزيز المراكشي الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت في حقهم، وهو الاعتراف الذي تم تقديمه لمنظمة العفو الدولي، والذي على أساسه طالبت المنظمة بإزاحة الجلادين وتقديمهم أمام العدالة. وذكر أكاي بالدعوى القضائية التي رفعها رفقة الضحايا، بالمحكمة العليا الاسبانية، ضد جلادي البوليساريو، كيف اقتنع قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها بفحوى الدعوى استنادا على الأدلة الدامغة التي قدمها الداهي أمامه، وذلك بالاستناد إلى وثيقة اسبانية تؤكد أنه كان المؤسس رقم 15 لجبهة البوليساريو، وكذا تاريخ الزج به في سجونها. بعد ذلك، استعرض الداهي أكاي العديد من الوثائق والدلائل التي توثق تورط البوليساريو في جرائم القتل والتعذيب ضد الصحراويين والموريتانيين وكل المفقودين الذين لا تزال عائلاتهم تبحث عنهم، بالإضافة إلى صور الجلادين الذين يتابعون أمام المحكمة العليا الاسبانية، كما ذكر بالهجوم الذي شنته البوليساريو على مركب الصيد الإسباني ( تاغوماغو ) ... وأظهرت وثيقة للمحكمة العليا الاسبانية، والتي رفع من خلالها هو والحسين بيدة وسعداني ماء العينين دعوى قضائية ضد جلادي البوليساريو وضمنهم إبراهيم غالي. ووثيقة أخرى يأمر فيها القاضي بمساءلة إبراهيم غالي من طرف الأمن الاسباني. كما كشف الداهي، مراسلة من المحكمة العليا الاسبانية، مؤرخة في ابريل 2020، تؤكد من خلالها المحكمة ان الدعوى ضد جلادي البوليساريو، تأخذ مجراها الطبيعي. وأكد ان ابراهيم غالي لا يستطيع اليوم الدخول إلى اسبانيا، مضيفا بأنهم يتابعون الملف عن كثب حتى يتم إلقاء القبض على جميع الجلادين بما فيهم ابراهيم غالي. وتابع الداهي أكاي حديثه، حيث قال إن جلادي البوليساريو ينقسمون إلى قسمين، منهم أعضاء القيادة وضمنهم ابراهيم غالي، والبشير مصطفى السيد، والبطل سيد أحمد، و غريغاو بيد الله، ومحمد امين البوهالي، ومحمد لمين احمد...وهي القيادة التي تعطي الأمر بالقتل والتعذيب. فيما هناك جلادون آخرون ينفذون الأوامر، ويصل عددهم حوالي أربعين جلادا.. وأكد أكاي في التصريح نفسه ان الصحراويين مثل الأكراد الذين يتواجدون في سوريا والعراق وإيران وتركيا، إذ هناك صحراويين في جنوب المغرب وفي شمال موريتانياوجنوبالجزائر، مضيفا أن 85 في المائة من المحتجزين في مخيمات تندوف، هم جزائريون من أصول صحراوية، يحملون الجنسية والوثائق الجزائرية..، وفي هذا الإطار يقول الداهي إن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي تحتجز مواطنيها في مخيمات وتدعي أنهم لاجئين. وأضاف أكاي أن تقرير المصير يشمل أبناء الصحراء المغربية المستعمرة من طرف اسبانيا، والذين تمت تصفيتهم من قبل الجزائر لإحلال الصحراويين الجزائريين محلهم. وبخصوص موقفه من مقترح الحكم الذاتي، أكد الداهي أنه حل جاد لأنه يشمل ساكنة واد نون وقبائل تاكنة التي لها علاقات مع باقي الساكنة في الساقية الحمراء ووادي الذهب، كما ان هذا الحل يخلصنا من ساكنة الجزائر التي لا محل لها من الإعراب في قضية الصحراء المغربية، لأنهم لا علاقة لهم بالأرض التي افتعل حولها النزاع. عكس الاستقلال الذي هو في صالح الجزائر. التي تريد ان تحل من خلاله مشاكلها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأشار الداهي أكاي، إلى أن الدولة المغربية لها أساليبها الخاصة في الدفاع عن مصالح المغرب العليا والوحدة الترابية ومواجهة الانفصاليين، كما ان للمجتمع المدني وسائله وأساليبه في مواجهة الأفكار الانفصالية، الذي ارتكبت من خلاله الجرائم في حق الإنسان الصحراوي، وفي السياق ذاته يقول أكاي، إن دور المجتمع المدني هو توضيح الرؤية للمواطنين حول العدو الحقيقي المتمثل في قيادة البوليساريو، وان الانفصال لا يخدم مصالح الصحراويين ويصب في تقوية قيادة البوليساريو التي يقودها سكان تندوف والذين لا علاقة لهم بملف الصحراء المغربية. وقال الداهي، إن المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نجح في إقناع المنتظم الدولي بعدالة قضيته، ولأجله اعترفت امريكا بمغربية الصحراء وتم فتح العديد من القنصليات بالداخلة والعيون، وهو ما يدحض ادعاءات البوليساريو بخصوص الأوضاع في الصحراء المغربية، ويثبت ان المغرب واضح في طرحه... هذا وكشف أكاي عن أمنيته، التي تكمن في طرد البوليساريو من الاتحاد الإفريقي، مضيفا ان الأمر يتطلب العمل والاشتغال سواء من طرف الدولة او المجتمع المدني، لكشف حقيقة المجرمين في الجبهة أمام المجتمع الدولي. وفي السياق نفسه أكد الداهي انه راسل رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، الذي كانت بلاده تترأس الاتحاد الإفريقي، خلال الولاية السابقة، وكشف له حقيقة البوليساريو.