فرحة إحراز أول لقب للبطولة الاحترافية لم تتم بل صاحبتها دموع الاسى و الالم و الحسرة على شباب في عمر الزهور، اختطفهم القدر المحتوم الذي سبب فيه تهور وطيش و قلة ضمير. إلى متى ستظل طرقاتنا تأخذ منا كل من هو عزيز؟ متى سيتم تفعيل مساطر القانون الجديد المتعلق بالسير الذي طالما سمعنا عنه؟ خفنا و ارتعدت مفاصلنا يوم أصبح هذا القانون أمرا ساريا ببلادنا، تخيلنا بأن عدد الضحايا سينقرض عندما علمنا بصرامة بنود هذا القانون. غير أن العكس هو ما حدث، ضحايا لا ذنب لهم تم حصدهم من الحياة. بالآلاف نسمع أرقام هؤلاء الذين يتركون الحرقة و الألم في نفوسنا، إذ ليس بالوقت البعيد الذي سمعنا فيه مقتل أطفال كانوا في طريقهم للمدرسة، و حسرة أهلهم الذين طرحوا الآمال في أبنائهم، يبكون و يتألمون. و ها نحن اليوم نرثي أنس و عادل و حمزة... من زار أهل هؤلاء يحس بلوعة الفراق بشكلها الحقيقي. أم حمزة صورة ناطقة للحزن ، تبكي ابنها الحبيب الذي لن تراه بعد اليوم، و هي لا تملك غيره كي تشم رائحته فيه، و ستظل تؤدي فاتورة طبيب الأسنان دون أن ترى جمالية ابتسامته. أخته لم تستطع الوصول من ورزازات -حيث تشتغل في المنفى المفروض على رجال التعليم-قبل الدفن، و الجميع يتخيل حالها عندما تعود لتجد أغراض أخيها بالبيت دون أن تعانقه. .. و حال الأسر الباقية لن يكون بخير من هذا... حالة من الهستريا عمت الشارع عندما مر الموكب الجنائزي الذي ردد بصوت واحد: “تشفع يا رسول الله ”، موقف لا يمكن أن يوصف عندما مررنا بمقبرة تطوان ووجدناها كما يقال :ا“ارم الإبرة، تجي فوق الرؤوس“. كان عدد الواقفين فوق القبور يضاعف أضعاف الراقدين فيها. و ليست الصور المتواجدة في هذا الموقع سوى أبرز تعبيرعن ذلك.خرج الجميع من المقبرة حزينا باكيا، متألما و يردد:“الله يكون في عون أهلهم،ما شاء الله و لا حول و لا قوة إلا بالله...” نتساءل: ممن يوقف مثل هاته الكوارث التي ليس بالبعيد أن تحدث لأحدنا؟ ما حال صاحب السيارة الذي قد يمكن ألا تكون لديه رخصة من نوع“d“ أي ما يسمى ب“ألبرمي سبيسيال” الذي يخول له الحق في نقل أكثر من ثمانية أشخاص؟ و هل لهذه السيارة رخصة لنقل هذا العدد من الناس؟ من أين مرت دون أن تخضع لمراقبة أو شروط تسمح لها بهذا السفر؟ ألم يكن من الأجدر للمسؤولين عن سلامتنا توفير الشروط اللازمة ليمر هذا الحفل بسلام؟ متى ستنتهي عراقل تطبيق القانون الذي يجد في ثغراته المنفذ كل من يحاول خرقه؟ ألم يكن من حق هؤلاء أن يكونوا معنا ليلة الأربعاء ليعانقوا الفرحة بدل أن يرقدوا في مثواهم بسلام؟ ألم يكن من حقهم أن يمنوا أنفسهم بلمس زيد الكروش الذي حمل فوق الأكتاف ،و طاف به الأنصار ساحة مولاي المهدي؟ ألم يكن لهم الحق بالاحتفاظ بصور تذكارية في هواتفهم ليخلدوا الحدث الذي عاشوه و يحكون عنه لأبناهم؟ مئات الأسئلة تجول بخواطرنا و لا نجد لها من الأجوبة ما يشفي الغليل، فلا يسعنا إلا أن نقول لهم: بقدر حفاوتنا بفريقنا الذي دون اسمه بحبر من ذهب في تاريخ مدينتنا، ستظل أسماؤكم محفورة في قلوبنا.فلكم الجنة يا أحبابنا، و لنا و لأهلكم الصبر و السلوان. دموعي تحول دون الاستمرار في الكتابة، و لا أجد العزاء إلا في هذا الموقع،الذي أشاطركم فيه الأفراح و الأحزان، و عاتبة أشد العتاب على من لم يفكر في حداد عليهم، و لم يقيم حقهم في الحياة بقليل. انتهت الفرحة و نالت حقها، فلم لا نوفهم حقهم و لوفي حداد لثلاثة أيام، نترحم عليهم جميعا و نتوجه فيها بالدعاء لهم، ونردد بلسان مؤمن بقضاء الله، و طاعته لأخذ الروح التي هي من حقه تعالى، فنقول:“إنا لله و إنا إليه راجعون” صدق الله العظيم... آمنة أحرات