الاتحاد الاشتراكي يدعو إلى مراجعة التقطيع الانتخابي    "وصل مرحلة التأزم البنيوي".. 3 مؤسسات رسمية تدق ناقوس الخطر بشأن أنظمة التقاعد    الرجاء يضم معاذ الضحاك من اتحاد تواركة على سبيل الإعارة            اعتقال مواطنين من إفريقيا جنوب الصحراء لتورطهما في تزوير وثائق رسمية بالرباط        انقلاب شاحنة في غزة يتسبب في وفاة 20 شخصا    انفجار مادة كيميائية يرسل إعلامي مغربي إلى المستشفى        الانتخابات المقبلة... أي نخب سياسية لكأس العالم والصحراء والسيادة الوطنية؟    حزب "النهج" ينبه إلى تصاعد الاحتجاجات ضد التهميش ويستنكر الأسعار الخيالية المصاحبة للعطلة الصيفية    بورصة الدار البيضاء تفتتح على صعود طفيف وسط تحركات متباينة للأسهم        حادث مأساوي يودي بحياة سائق طاكسي ويرسل آخرين إلى مستعجلات الخميسات    حريق مدمر في جنوب فرنسا يخلف قتيلا وتسعة مصابين ويلتهم 12 ألف هكتار    بعد طول انتظار: افتتاح حديقة عين السبع في هذا التاريخ!    الهند تعزز شراكتها مع المغرب في سوق الأسمدة عقب تراجع الصادرات الصينية    مراكش والدار البيضاء أفضل الوجهات المفضلة للأمريكيين لعام 2025    الصين تخصص أكثر من مليار يوان لدعم جهود الإغاثة من الكوارث الطبيعية    الذهب يتراجع متأثرا بصعود الدولار    بطولة فرنسا: لنس يتوصل لاتفاق لضم الفرنسي توفان من أودينيزي    الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تعقد اجتماعاً حاسماً لدراسة تعديلات قانونية وهيكلية    التأمين التكافلي.. أقساط بقيمة 94,9 مليون درهم خلال سنة 2024    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 193 بينهم 96 طفلا    إسبانيا توقف خططا لشراء مقاتلات طراز "إف-35"    المغرب يدرب 23 عسكرية من 14 دولة على عمليات حفظ السلام الأممية    حرمان مربيات التعليم الأولي من أجورهن يثير موجة استياء حقوقي في مراكش وجهات مجاورة    عبث التسيير بجماعة وجدة.. من يُسير ومن يُحاسب؟    نيران بطريفة الإسبانية تخلي السياح    «أكوا باور» السعودية تفوز بصفقة «مازن» لتطوير محطتي نور ميدلت 2 و3    بين يَدَيْ سيرتي .. علائم ذكريات ونوافذ على الذات نابضة بالحياة    حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!        نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    خواطر تسر الخاطر    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغبار الأسود.. "اللغز" الذي حير سكان القنيطرة عدة أشهر
نشر في الأحداث المغربية يوم 01 - 10 - 2014

يبدو أنه لم يقض مضاجع سكان مدينة القنيطرة ويثير حفيظتهم ملف شائك من ذي قبل، مثلما حدث مع ظاهرة "الغبار الأسود" في الآونة الأخيرة ، وهي سحابة ذات لون أسود داكن عبارة عن "شظايا" متطايرة، مجهولة المصدر، غدت مع توالي الأيام والأشهر "لغزا محيرا"، لم يفتأ القنيطريون يتساءلون عن مسبباتها ومصدر انبعاثها، ويتخوفون من أضرارها المحتملة على صحتهم وصحة أبنائهم.
مع بداية سنة 2014، لاحظ سكان بعض أحياء المدينة، انتشار طبقة رقيقة من غبار أسود عبارة عن "شظايا" على زجاج نوافذ منازلهم وفوق أسطحها من دون أن يولوا كبير اهتمام للأمر، إذ اعتقدوا في البداية أن الأمر يتعلق بظاهرة عابرة ليس إلا ، لكن ومع مرور الأيام، بدا حجم الغبار في التزايد مشكلا، في أوقات متفاوتة ، طبقة سوداء متناثرة في سماء المدينة، مما أضحى مصدر قلق وانشغال بالغ للسكان والمجتمع المدني والسلطات المختصة على حد سواء.
وإزاء هذه الظاهرة البيئية غير المألوفة ، سارعت مكونات المجتمع المدني بالمدينة، ومنها "جمعية الغرب للمحافظة على البيئة" إلى التحرك من خلال إطلاق عريضة وشريط فيديو عبر الشبكة العنكبوتية (إنترنت) تدعو السكان إلى ضرورة توخي الحذر واليقظة تجاه هذا المشكل البيئي، وذلك في خطوة لحث السلطات العمومية على الإسراع في البحث عن مصدر هذا التلوث، الذي قد تكون له أضرار وخيمة على صحة السكان ولاسيما منهم الأشخاص الذي يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.
وفعلا، بادرت ولاية جهة الغرب الشراردة بني حسن، بعد تنامي هذا المشكل، الذي أرق الساكنة، إلى الوقوف على حقيقة هذا الأمر المستجد، ودراسة الوضع البيئي بالمدينة والبحث عن حلول استعجالية كفيلة بمعالجة هذه الظاهرة البيئية غير المسبوقة بالمنطقة.
وفي هذا السياق، تم عقد سلسلة من الاجتماعات بمقر ولاية الجهة، سواء مع الأجهزة الجهوية المختصة بقطاع البيئة أو مع ممثلي الوزارة الوصية، وقامت لجن تقنية مختصة إثر ذلك بتنظيم عدد من الزيارات الميدانية لمجموعة من الوحدات الصناعية التي رأت انه يحتمل أن تكون مصدرا لهذا التلوث البيئي.
وتم خلال هذه الزيارات، التي شملت أزيد من 20 وحدة صناعية بالمنطقة، تؤكد بشرى سناء مديرة المرصد الجهوي للبيئة والتنمية المستدامة، مراقبة وتقييم النظم التقنية المعتمدة في المجال البيئي لديها، من خلال قياس درجة التلوث المنبعثة من مداخن هذه المنشآت الصناعية، وهو ما أفضى في نهاية المطاف، بعد تحسيس مسؤولي هذه الوحدات بضرورة تأهيل منشآتهم وتحديث أجهزة التقييس البيئي واحترام المعايير المعتمدة وطنيا ودوليا ، الى حرق المواد الأولية القابلة للاشتعال.
وأدت هذه الزيارات التي قامت بها لجنة أحدثت لهذه الغاية، وتضم مفتشين بيئيين ومتخصصين في قياس درجة التلوث البيئي، تقول بشرى سناء، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إلى توجيه ملاحظات إلى 6 وحدات صناعية تقضي بإلزامها بضرورة تحديث أجهزة التخلص من "شظايا" أدخنتها، وإخضاع مداخنها إلى المراقبة الاعتيادية لقياس انبعاثاتها الغازية والوقوف عن كثب على حجم ملاءمتها للنظم والمعايير البيئية ذات الصلة.
كما تم إرسال عينات من الانبعاثات الغازية لتحليلها في المختبر، وإحداث ثلاث محطات متنقلة لقياس درجة تلوث الهواء، بهدف التتبع الميداني والدائم لقياس درجة التلوث المحتمل.
غير أن العمليات الإجرائية التي باشرتها الأجهزة المختصة، لم تسهم في حل لغز "الغبار الأسود" الذي استمر في الظهور مجددا، وهو ما حدا بها إلى تكثيف عمليات المراقبة، وجولات التفتيش، بمشاركة عناصر السلطة المحلية ، والتي أفضت إلى كون "السحابة السوداء"، التي تظهر فجأة وتختفي بعد ساعات قليلة، مصدرها أساسا الأفران العشوائية التي يقيمها أشخاص غرباء عن مدينة القنيطرة، بمحاذاة مطارح النفايات ، لإحراق الإطارات والعجلات المطاطية من أجل الحصول على أسلاك النحاس التي يعيدون بيعها في أسواق المتلاشيات.
وفي هذا السياق، أفاد لحسن بن محمدي، رئيس مصلحة البيئة بولاية الجهة، بأنه بعد عدة جولات ميدانية، وأحيانا فجائية، في عدد من النقاط بالمدينة، تم تمشيط بؤر متخصصة في إحراق عدد هائل من الإطارات المطاطية بشكل غير قانوني، ومباغتة الأشخاص الذين ثبت ضلوعهم في هذه العملية
وأوضح بن محمدي ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هؤلاء الأشخاص كانوا يستغلون انصراف الناس في أوقات محددة إلى أعمالهم، أو إلى أخذ قسط من الراحة في بيوتهم خصوصا في ساعات متأخرة من الليل، لحرق إطارات المركبات بشكل عشوائي في الهواء الطلق، مشيرا الى أن مصالح الولاية عملت، بتنسيق مع المصالح المعنية، على التصدي الحازم لانتشار عمليات حرق النفايات وخاصة العجلات المطاطية، وتم ضبط الأشخاص الذين يقفون وراءها وتحريك مسطرة المتابعة القضائية في حقهم.
وقامت المصالح المذكورة، في الآن ذاته ، بإطلاق عمليات تحسيسية لفائدة المواطنين وتوعيتهم بمخاطر هذه العمليات غير القانونية وعدم ملاءمتها للنصوص والتشريعات ذات الصلة بالبيئة والوسط الايكولوجي. وأحدثت لجنة جهوية دائمة لمراقبة جودة الهواء طبقا للقانون المتعلق بمحاربة تلوث الهواء بموجب قرار عاملي.
الا انه وبالرغم من الإجراءات والتدابير التي تم اتخاذها لهذه الغاية، لوحظ استمرار ظاهرة "الغبار الأسود" الذي ظل يخيم فوق سماء المدينة، مما دفع اللجنة التقنية المحدثة إلى وضع مختبر متنقل لقياس جودة الهواء بتنسيق مشترك ما بين الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة وولاية الجهة، وإحداث لجنة دائمة لمراقبة الوحدات الصناعية.
وفي هذا الصدد، تؤكد ليلى الفونتي رئيسة المصلحة الجهوية للبيئة، أن استمرار انبعاث "الدخان الأسود"، في لحظات متقطعة، دفع أيضا المصالح المختصة، إلى إحداث ثلاث محطات إضافية لمراقبة جودة الهواء، وإغلاق أربعة مطارح عشوائية للنفايات وإحداث مطارح جديدة بكل من جماعات المهدية وسوق أربعاء الغرب وسيدي الطيبي ومولاي بوسلهام ، والتزمت الوزارة بتوفير الاعتمادات المالية الضرورية لتنفيذ هذا المشروع.
كما تم توجيه توصيات، تضيف الفونتي في تصريح للوكالة، إلى مجموعة من المعامل والوحدات الصناعية بالمدينة، خاصة التي تستعمل "الفيول" الصناعي تقضي بضرورة التزامها باحترام المعايير التقنية والبيئية المعتمدة.
وإلى جانب ذلك، تم إطلاق عملية بتنسيق مع مصالح الولاية من اجل إجراء مسح شامل للحمامات التقليدية بالمدينة التي تستخدم مواد قابلة للاشتعال والتي تنفث أدخنة ملوثة للهواء، وإلزامها بضرورة التقيد بالمعايير البيئية ذات الصلة.
تعدد المبادرات والاجراءات الحازمة، سواء من قبل مصالح الولاية، أو الأجهزة المختصة في المجال البيئي، يجد صداه وتفسره الأهمية القصوى التي أعطيت لمشكل "الغبار الأسود"، إذ لم يسبق من ذي قبل، أن حظي مشكل التلوث البيئي بالمنطقة، باهتمام فائق من قبل مجموع المتدخلين.
تقول الفونتي رئيسة المصلحة الجهوية للبيئة، إن مدينة القنيطرة أضحت تحظى، بسبب هذا المشكل، باهتمام متزايد من قبل الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، التي انخرطت في مجموع المبادرات المتخذة ذات الصلة، (محطات مراقبة جودة الهواء، مختبر متنقل، متابعة الوحدات الصناعية وإلزامها باحترام الفضاء البيئي…) وكذا من قبل باقي المتدخلين، وهو ما "سيمكننا من الآن فصاعدا من جني نتائج ملموسة، ستنعكس بشكل ايجابي على المحافظة على الوسط البيئي بالمدينة وحمايته من كل التجاوزات المحتملة في المستقبل".
من جهته، يرى المعطي مدني، المسؤول ب"جمعية الغرب لحماية البيئة"، ان لغز "الغبار السوداء" على الرغم من محدوديته في الآونة الأخيرة، بناء على شهادات وملاحظات المواطنين، إلا أن الشكوك ما زالت تحوم حول بعض المحطات الصناعية الملوثة، من قبيل المحطة الحرارية لإنتاج الطاقة الكهربائية، التي تستعمل مادة "الفيول" الصناعي.
وأضاف مدني، في تصريح مماثل للوكالة، أنه بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها والية الجهة زينب العدوي من أجل تأهيل المحطة، وتحديث أجهزتها لإعادة تشغيلها بسبب توقفها لمدة طويلة، إلا أن الظهور المحتمل لهذه الظاهرة البيئية من جديد، يستدعي المضي قدما في اتخاذ إجراءات أكثر حزما لتفادي تنامي التلوث البيئي بالقنيطرة.
وفي هذا الصدد، قال مدني ان نتائج تحليلات المختبر المتنقل ، الذي تم وضعه لقياس درجة تلوث الدخان الأسود، المعلن عنها من قبل الولاية مؤخرا، والتي تفيد بكونها "مطمئنة" بسبب محدودية التلوث البيئي المسجل، "تفتقد بالأساس إلى معطيات تقنية وعلمية مستفيضة"، إذ يتعين في هذا الإطار إطلاق بيانات دورية تستند على أساس علمي يحترم المعايير الدولية ذات الصلة بالتلوث، من أجل طمأنة الساكنة ووضعها في الصورة بشكل اعتيادي.
وأكد الفاعل الجمعوي أنه يحسب لوالية الجهة قيامها بمجهودات ملموسة في هذا الإطار، بعدما تم إشراك المجتمع المدني بشكل متواصل في كل المبادرات المتخذة، "لكن كل هذا يحتم التفكير في وضع مسوحات بيئية دورية لقياس درجة التلوث البيئي الطارئ، وكذا اعتماد شرطة بيئية قارة على غرار ما هو معمول به في مدن أخرى، أولا من أجل تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على الوسط البيئي، وثانيا من أجل زجر كل الممارسات غير القانونية ذات الصلة.
وشدد على أهمية إنشاء فضاءات خضراء جديدة بالمدينة، اعتبارا لأهميتها في توفير هواء نقي للمواطنين، في مواجهة الزحف الإسمنتي المستمر، حيث لم يتم منذ سنوات إطلاق أي مبادرات في هذا المنحى، في مقابل التطور العمراني المضطرد الذي تعرفه المدينة بشكل ملفت للنظر.
من البديهي أن الإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الهواء إلا لدقائق معدودة ، وبالتالي يجب أن يكون الهواء نقيا صالحا للتنفس ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب أضرارا بالصحة العامة وكافة أشكال الحياة والبيئة .وبقدر ما أسهم التطور الصناعي والاقتصادي، في زيادة تقدم الدول والمجتمعات، بقدر ما تسبب هذا التطور في العديد من الكوارث البيئية التي أدت إلى مشاكل صحية وبيئية أودت بحياة الكثير من الناس.
وبحسب دراسات بيئية عالمية حديثة ، فإن ملوثات الهواء تتسبب في وفاة ما يزيد عن مليون إنسان سنويا وفي العديد من الأمراض الخطيرة، وكذا في خسارة ما يزيد عن 5000 مليون دولار سنويا بسبب تأثير الهواء الملوث على المحاصيل والنباتات الزراعية.
لذلك فإن التلوث الهوائي يتميز عن غيره من أشكال التلوث بكونه سريع الانتشار حيث لا يقتصر تأثيره على منطقة المصدر وإنما يمتد إلى المناطق المجاورة والبعيدة، كما لا يمكن السيطرة عليه بعد خروجه من المصدر، لذا يتعين التحكم فيه ومعالجته قبل التخلص منه في الجو.
ومن بين الملوثات الرئيسية في الهواء التي تضر بالصحة العامة والبيئة، غاز أول أكسيد الكربون وهو غاز سام عديم اللون والرائحة ينتج عن عمليات (الاحتراق غير الكامل للوقود والمواد العضوية) ويمثل أكبر نسبة من ملوثات الهواء، وغاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي ينتج عن احتراق المواد العضوية كالورق والحطب والفحم ومشتقات البترول، والذي يتسبب في صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والحلق والتهاب القصبات الهوائية.
ومن بين الملوثات أيضا هناك غاز كبريتيد الهيدروجين وهو غاز سام ذو رائحة تشبه البيض الفاسد ويتكون من تحلل المواد العضوية مثل مياه الصرف الصحي وغاز ثاني أكسيد الكبريت الذي ينتج عن عملية احتراق الفحم الحجري والمازوت والغاز الطبيعي وأكاسيد النيتروجين، الذي ينتج عن عمليات احتراق الوقود في الهواء عند درجات حرارة مرتفعة، إلى جانب الرصاص، والغبار والمواد الكربونية الدقيقة التي تنفثها المصانع المتخصصة في النفط والإسمنت والأسمدة الكيماوية.
تعدد المبادرات والاجراءات الحازمة، سواء من قبل مصالح الولاية، أو الأجهزة المختصة في المجال البيئي، يجد صداه وتفسره الأهمية القصوى التي أعطيت لمشكل "الغبار الأسود"، إذ لم يسبق من ذي قبل، أن حظي مشكل التلوث البيئي بالمنطقة، باهتمام فائق من قبل مجموع المتدخلين.
تقول الفونتي رئيسة المصلحة الجهوية للبيئة، إن مدينة القنيطرة أضحت تحظى، بسبب هذا المشكل، باهتمام متزايد من قبل الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، التي انخرطت في مجموع المبادرات المتخذة ذات الصلة، (محطات مراقبة جودة الهواء، مختبر متنقل، متابعة الوحدات الصناعية وإلزامها باحترام الفضاء البيئي…) وكذا من قبل باقي المتدخلين، وهو ما "سيمكننا من الآن فصاعدا من جني نتائج ملموسة، ستنعكس بشكل ايجابي على المحافظة على الوسط البيئي بالمدينة وحمايته من كل التجاوزات المحتملة في المستقبل".
من جهته، يرى المعطي مدني، المسؤول ب"جمعية الغرب لحماية البيئة"، ان لغز "الغبار السوداء" على الرغم من محدوديته في الآونة الأخيرة، بناء على شهادات وملاحظات المواطنين، إلا أن الشكوك ما زالت تحوم حول بعض المحطات الصناعية الملوثة، من قبيل المحطة الحرارية لإنتاج الطاقة الكهربائية، التي تستعمل مادة "الفيول" الصناعي.
وأضاف مدني، في تصريح مماثل للوكالة، أنه بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها والية الجهة زينب العدوي من أجل تأهيل المحطة، وتحديث أجهزتها لإعادة تشغيلها بسبب توقفها لمدة طويلة، إلا أن الظهور المحتمل لهذه الظاهرة البيئية من جديد، يستدعي المضي قدما في اتخاذ إجراءات أكثر حزما لتفادي تنامي التلوث البيئي بالقنيطرة.
وفي هذا الصدد، قال مدني ان نتائج تحليلات المختبر المتنقل ، الذي تم وضعه لقياس درجة تلوث الدخان الأسود، المعلن عنها من قبل الولاية مؤخرا، والتي تفيد بكونها "مطمئنة" بسبب محدودية التلوث البيئي المسجل، "تفتقد بالأساس إلى معطيات تقنية وعلمية مستفيضة"، إذ يتعين في هذا الإطار إطلاق بيانات دورية تستند على أساس علمي يحترم المعايير الدولية ذات الصلة بالتلوث، من أجل طمأنة الساكنة ووضعها في الصورة بشكل اعتيادي.
وأكد الفاعل الجمعوي أنه يحسب لوالية الجهة قيامها بمجهودات ملموسة في هذا الإطار، بعدما تم إشراك المجتمع المدني بشكل متواصل في كل المبادرات المتخذة، "لكن كل هذا يحتم التفكير في وضع مسوحات بيئية دورية لقياس درجة التلوث البيئي الطارئ، وكذا اعتماد شرطة بيئية قارة على غرار ما هو معمول به في مدن أخرى، أولا من أجل تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على الوسط البيئي، وثانيا من أجل زجر كل الممارسات غير القانونية ذات الصلة.
وشدد على أهمية إنشاء فضاءات خضراء جديدة بالمدينة، اعتبارا لأهميتها في توفير هواء نقي للمواطنين، في مواجهة الزحف الإسمنتي المستمر، حيث لم يتم منذ سنوات إطلاق أي مبادرات في هذا المنحى، في مقابل التطور العمراني المضطرد الذي تعرفه المدينة بشكل ملفت للنظر.
من البديهي أن الإنسان لا يستطيع الاستغناء عن الهواء إلا لدقائق معدودة ، وبالتالي يجب أن يكون الهواء نقيا صالحا للتنفس ولا يحتوي على ملوثات من شأنها أن تسبب أضرارا بالصحة العامة وكافة أشكال الحياة والبيئة .وبقدر ما أسهم التطور الصناعي والاقتصادي، في زيادة تقدم الدول والمجتمعات، بقدر ما تسبب هذا التطور في العديد من الكوارث البيئية التي أدت إلى مشاكل صحية وبيئية أودت بحياة الكثير من الناس.
وبحسب دراسات بيئية عالمية حديثة ، فإن ملوثات الهواء تتسبب في وفاة ما يزيد عن مليون إنسان سنويا وفي العديد من الأمراض الخطيرة، وكذا في خسارة ما يزيد عن 5000 مليون دولار سنويا بسبب تأثير الهواء الملوث على المحاصيل والنباتات الزراعية.
لذلك فإن التلوث الهوائي يتميز عن غيره من أشكال التلوث بكونه سريع الانتشار حيث لا يقتصر تأثيره على منطقة المصدر وإنما يمتد إلى المناطق المجاورة والبعيدة، كما لا يمكن السيطرة عليه بعد خروجه من المصدر، لذا يتعين التحكم فيه ومعالجته قبل التخلص منه في الجو.
ومن بين الملوثات الرئيسية في الهواء التي تضر بالصحة العامة والبيئة، غاز أول أكسيد الكربون وهو غاز سام عديم اللون والرائحة ينتج عن عمليات (الاحتراق غير الكامل للوقود والمواد العضوية) ويمثل أكبر نسبة من ملوثات الهواء، وغاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي ينتج عن احتراق المواد العضوية كالورق والحطب والفحم ومشتقات البترول، والذي يتسبب في صعوبة في التنفس والشعور بالاحتقان مع تهيج للأغشية المخاطية والحلق والتهاب القصبات الهوائية.
ومن بين الملوثات أيضا هناك غاز كبريتيد الهيدروجين وهو غاز سام ذو رائحة تشبه البيض الفاسد ويتكون من تحلل المواد العضوية مثل مياه الصرف الصحي وغاز ثاني أكسيد الكبريت الذي ينتج عن عملية احتراق الفحم الحجري والمازوت والغاز الطبيعي وأكاسيد النيتروجين، الذي ينتج عن عمليات احتراق الوقود في الهواء عند درجات حرارة مرتفعة، إلى جانب الرصاص، والغبار والمواد الكربونية الدقيقة التي تنفثها المصانع المتخصصة في النفط والإسمنت والأسمدة الكيماوية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.