تقرير يكشف موعد "السوبر الإفريقي"    مشاكل تقنية تمنع إبحار السفينة المغربية الثانية ضمن "أسطول الصمود"    طوابير وإلغاء رحلات بمطارات أوروبية    ليفربول يتخطى إيفرتون ويحافظ على بدايته المثالية    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري    حموشي يجري زيارة عمل إلى أنقرة بدعوة رسمية من السلطات التركية (بلاغ)    "أحرار مراكش" يشيدون بنتائج ملموسة للحكومة في القطاعات الأساسية    "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني    مالي تضع النظام العسكري الجزائري في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية    جمعيات نسائية مغربية تنفي مشاركتها في منتدى الصويرة وتؤكد رفضها للتطبيع وإدانتها ل "الإبادة في غزة"    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)        العافية يفوز بولاية جديدة على رأس عصبة الشمال    إنفانتينو يتفقد ملعب طنجة الكبير ويزور ملعب القرية الرياضية    انخفاض الحرارة يبدأ الثلاثاء بالمغرب    هجوم سيبراني يربك حركة السفر في عدة مطارات أوروبية رئيسية    المغرب يحضر مؤتمر الصناعة بالصين    الزلزولي بعد اختياره رجل مباراة بيتيس ضد سوسيداد: "لا يهم إذا لم يُحتسب باسمي الهدف المهم أننا سجلنا وفزنا"    نجل زين الدين زيدان يغيّر جنسيته الرياضية ويختار تمثيل منتخب الجزائر    الوداد ينجو من خسارة محققة أمام اتحاد يعقوب المنصور        مصرع مهرب للمخدرات في اصطدام زورق بالحرس المدني الإسباني بمضيق جبل طارق    وزير خارجية الصين: المغرب كان سبّاقاً لمدّ الجسور معنا.. وبكين مستعدة لشراكة أوسع وأعمق    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    قيوح يجتمع بنظيره الدنماركي لتعزيز شراكة تتعلق بالنقل البحري    فيفا: 4.5 ملايين مشجع شاركوا في المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    "العدالة والتنمية" ينتقد "اختلالات" في تدبير الحكومة لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب    الحمامي يظهر في السمارة مؤكدا مواصلة مشوار الإصلاح والترافع لقضايا طنجة والوطن    "بشرى لساكنة إقليم وزان".. انطلاق أشغال بناء سوقين لبيع الخضر والفواكه واللحوم    العزلة تفاقم معاناة ساكنة بني جميل مع النقص الحاد في أعداد سيارات الأجرة    حرب الإبادة في غزة: 39 شهيدا هذا الصباح.. جيش الاحتال يفجر عربات مفخخة وسط الأحياء وتقارير تؤكد أن 15 من كل 16 شهيداً مدنيون    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    قيادي في البام يتهم محسوبين على مورو بممارسة "القمع وتكميم الأفواه".. هل ينفرط تحالف الجرار والأحرار؟            بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    التوظيف الإيديولوجي لحقوق الإنسان يضع البوليساريو تحت مجهر ندوة دولية    قانون جديد يكرس مهام مرصد الإجرام    كيوسك السبت | الحكومة تتجه نحو الحد من تغول الوسطاء في أسواق المنتجات الفلاحية    ولاية أمن الدار البيضاء تتفاعل مع اتهامات سائح لسائق "طاكسي"        تأهب داخل الحلف الأطلسي.. روسيا تنفي انتهاك مقاتلاتها المجال الجوي الإستوني    الرسالة الملكية في المولد النبوي            "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    سي مهدي يشتكي الرابور "طوطو" إلى القضاء    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط يكشف عن لجنتي تحكيم دورته الثلاثين    تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    350 شخصية من عالم الدبلوماسية والفكر والثقافة والإعلام يشاركون في موسم أصيلة الثقافي الدولي    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالفيديو.. عصيد: "الإسلام لم يأت للأمازيغ والهدف من وراء الفتوحات الإسلامية هو المال والجنس"
نشر في أخبارنا يوم 12 - 04 - 2016

مؤخرا؛ كثرت الخرجات الإعلامية للناشط العلماني أحمد عصيد، ولم يكن وصفه لرسائل النبي صلى الله عليه وسلم بالإرهابية، ولا مطالبته بحرية سبّ الله تعالى والاستهزاء بالدين وتغيير أحكام القرآن الكريم؛ وتكفيره لعضو المجلس العلمي الأعلى ورئيس المجلس العلمي بوجدة الدكتور مصطفى بنحمزة؛ بسبب كلمات قديمة له تجاوز عمرها ربع قرن حول مطالب بعض المستمزغين؛ أولى ولا آخر خرجاته المذكورة.
وقد كتب كثير من الباحثين حول ما يطرحه عصيد من “أفكار”؛ وما يتهم به الدين الإسلامي بالأساس من تهم، وما يدعيه أيضا من “حقائق” علمية وتاريخية حول عدد من القضايا.
وقد اختلفت طريقة معالجة هذه الأفكار ومناقشتها، لكني في هذا الورقة أود أن أشير إلى أمر مهم وحاسم في النقاش الذي يتكرر يوميا مع الناشط عصيد وغيره ممن يتبنى التوجه الأيديولوجي نفسه.
فكي نناقش عصيد من منطلق ديني إسلامي مثلا؛ لا يجب أن يتم ذلك حتى نتبين موقفه صراحة اتجاه الإسلام (عقيدة وشريعة)؟ وقناعاته فيما يخص تاريخ الإسلام والفتوحات؟ والوشيجة التي تربطه بباقي مكونات المجتمع؛ هل هي وشيجة الدين والعقيدة؛ أم هي وشيجة الأرض فقط؟ ونتبين ولاءه أيضا؛ هل هو لآصرة الدين أم للقناعات الفكرية والأيدولوجية والعرقية الموحدة؟
فإذا لم يتم تحديد هذه المنطلقات في النقاش؛ فإن المنحى الذي يتخذه غالبا هو خطاب الطرشان، و(وكلا يلغي بلغاه)..
وأظن أن عصيد لم يكلف منتقديه ولم يعْنتهم للوقوف على قناعاته فيما سبق وذكرت؛ ومقطع الفيديو الذي ننشره في هذه الورقة يكشف بوضوح وجلاء موقفه من كل ما سبق وأشرت إليه.
من أجل ذلك وحتى يكون النقاش إيجابيا ومثمرا؛ تتعين مناقشة أفكاره من مرجعية غير المرجعية الدينية لأنه لا يقبلها، وينبغي وضع أفكاره وتصريحاته في إطار المرجعية
التي تصدر عنها؛ وهي المرجعية العلمانية التي لها تصور مخالف تماما للمرجعية الإسلامية سواء تعلق الأمر بالمعتقدات أو التصورات أو النظرة للكون والحياة والإنسان.
توضيح لبعض ما ورد في حوار عصيد مع قناة الحياة التنصيرية:
جل الشبهات التي يلقي بها عصيد في حقل الإعلام هي شبهات يستقيها من كتب المستشرقين المغرضين ومن نهل من كتبهم من العلمانيين، وهؤلاء يقرؤون التراث الإسلامي -كما هو مشتهر معلوم- قراءة حاقد متربص؛ يتصيد الهفوات والزلات؛ لينفذ من خلالها إلى البرهنة أن الإسلام لا يعدو أن يكون طقوسا تعبدية فردية؛ شأنه شأن باقي الديانات السماوية والوضعية الأخرى، وأن الأصلح والأنفع للناس اليوم هو ما أنتجته الحضارة الغربية سواء تعلق الأمر بالتشريع أو السلوك أو الأخلاق…
– مصطلح (البربر) عند ابن خلدون:
هاجم عصيد صاحب “المقدمة” المؤرخ وعالم الاجتماع عبد الرحمن بن خلدون؛ دون أن يراعي البون الشاسع بينهما، وأكثر من ذلك سفّه قول هذا الجبل -دون ذكر اسمه- الذي قال في حقه المستشرق “فانسان مونيتل” مترجم «مقدمته»: «لقد سبق ابن خلدون فلاسفة التاريخ الأوروبي وبخاصة العالم المسيحي الشهير «بوسويه» بثلاثة قرون إلى فهم التاريخ وتفسير مغزاه ودلالته. ولكن ابن خلدون سبق أيضاً «أوغست كونت» إلى تأسيس علم الاجتماع بخمسة قرون» اه.
فالأمازيغي ابن خلدون أغاض عصيد لأنه قال: “إن أفريقش بن قيس بن صيفي، من ملوك التبابعة، لما غزا المغرب وإفريقية، وقتل الملك جرجيس، وبنى المدن والأمصار، وباسمه زعموا سميت إفريقية لما رأى هذا الجيل من الأعاجم، وسمع رطانتهم، ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك، وقال ما أكثر بربرتكم، فسموا بالبربر، والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة. ومنه يقال بربر الأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة..” (تاريخ ابن خلدون، 6/90-91). ولم يرد ذكر الإبل ولا الماعز ولا غير ذلك مما حاول عصيد أن يضحك به رفيقه المرتد رشيد المغربي.
كما أفقد ابن خلدون عصيدا صوابه حين أكد أن: “الحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم -أي البربر-؛ أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام”. (ابن خلدون: العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، 1/191).
قال المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى (1/120،119): (اعلم أن الخلاف في نسب البربر طويل، وقد تركنا جله اختصارًا، وأشبه هذه الأقوال بالصحة ما نقلناه أولا، مما يدل على أن جيل البربر من ولد حام، وأنهم جيل قديم قد سكنوا المغرب عندما تناسلت ذرية نوح عليه السلام وانتشرت الخليقة على وجه الأرض ثم تلاحقت بهم بقية بني كنعان من الشام عندما أجلاهم يوشع بن نون عليه السلام أولا ثم داود عليه السلام ثانيًا).
يشار إلى أن هناك تصورات مختلفة حول نسب الأمازيغ؛ فمن الباحثين من أرجعهم إلى الأصل السامي، ومنهم من أرجعهم إلى الأصل الحامي، ومنهم من أرجعهم إلى الأصل الهندوأوروبي، ومنهم من أرجعهم إلى الأصل الأفريقي المحلي.
وتبقى أقرب الدراسات إلى الصحة وفق ما ذكره د. جميل حمداوي في بحثه (أصول الإنسان الأمازيغي) تلك التي اتخذت منحى علميا موضوعيا في الاستقراء والاستبيان والاستكشاف، معتمدة في ذلك على الحجج والأدلة المنطقية والتاريخية والحفرية والسلالية والإثنوغرافية. وأضعفها التي اتسمت بالذاتية والتحيز والادعاء، واتباع الظن والهوى، أو سارت وفق أغراض سياسية أو إيديولوجية محضة، سيما الدراسات الكولونيالية والاستمزاغية منها.
– اللغة العربية أوسع اللغات وهذا القول لا يسند إلى الحمقى والمجانين وإنما إلى العقلاء وعلماء اللسان
لا خلاف بأن كل اللغات لها مميزاتها، ويستطيع المتكلم بها أن يعرب عن نفسه حتى يفهمه غيره، وهذه تعد أدنى مراتب البيان، لكن اللغة العربية -لغة القرآن الكريم- هي فعلا أجمل اللغات على الإطلاق؛ وخزائن مفرداتها غنية جدا، شاء من شاء وأبى من أبى.
وهذا الحكم لم يصدر عن عاطفة حبّ الدين فقط؛ بل هو حكم شهد به أعداء العربية قبل محبيها، ولا أدل على جمال وقوة اللغة العربية من اضطرار أمثال “أرنست رينان” وهو المتعصب الكبير ضد العرب وحضارتهم من أن يقول في كتابه “تاريخ اللغات السامية: "من أغرب ما وقع في تاريخ البشر وصعب حل سره انتشار اللغة العربية، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ بدء، فبدأت فجأة في غاية الكمال، سَلِسَة أيَّ سلاسة، غنية أيَّ غنى، كاملة بحيث لم يدخل عليها منذ يومنا هذا أي تعديل مهم، فليس لها طفولة ولا شيخوخة، ظهرت لأول أمرها تامة مستحكمة، ولم يمض على فتح الأندلس أكثر من خمسين سنة حتى اضطر رجال الكنيسة أن يترجموا صلواتهم بالعربية ليفهمها النصارى“.
ولحياتها وجمالها وأصالتها قال عنها “مرجليوث” أستاذ اللغة العربية في جامعة أكسفورد: “اللغة العربية لا تزال حية حياة حقيقية، إحدى ثلاث لغات استولت على سكان المعمورة استيلاء لم يحصل عليه غيرها: الانجليزية والإسبانية أختاها، وتخالف أختيها بأن زمان حدوثهما معروف، ولا يزيد سنهما على قرون معدودة، أما اللغة العربية فابتداؤها أقدم من كل تاريخ“.
– هل الحقائق العلمية في القرآن تؤكد بأن محمدا صلى الله عليه وسلم أرسل للعرب فقط؟!!
حاول عصيد في الحوار المذكور أن يحصر الإسلام في جزيرة العرب؛ وادعى أنه لم يأت لأحد سواهم؛ وجازف كثيرا؛ بل افترى حين أعلن أنه حين رجع للقرآن الكريم وجد أن الحقائق العلمية تثبت أنه لم يأت للعالمين.
هذا الكلام ليس كلامه بطبيعة الحال، وإنما هو تكرار فقط لما سطره المستشرقون في كتبهم، وقد رد على هذا الافتراء السخيف كثير من العلماء والمفكرين المسلمين، وبينوا تهافته وعواره.
فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز:
– {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} (الفرقان).
– {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا} (الأعراف).
– {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} (التوبة).
– {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (سبأ).
وأخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه: «كان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» (البخاري:328).
كما أن الأدلة التاريخية تؤكد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رسائل إلى قيصر ملك الروم، وكسرى ملك الفرس، والنجاشي ملك الحبشة، والمقوقس ملك القبط.. وغيرهم ممن هو خارج دائرة جزيرة العرب، ثم بعد ذلك انتشر الصحابة في إفريقيا وآسيا وأوروبا يبشرون بدين التوحيد.
أما ما احتج به المستشرقون وكرره عصيد دون عزوه إلى مرجعه، فمن أقوى ما يستدلون به، احتجاجهم ببعض الآيات التي أخرجوها عن سياقها؛ من مثل قوله تعالى: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الشعراء، وقوله تعالى: {وَهَذا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} الأنعام..
وحتى لا نطيل في تفسير الآيات والمراد منها في هذه الورقة المختصرة ف(الابتداء بالأهل والعشيرة منطلق -عادي- وطبيعي، بل -هو- بداية الانطلاق إلى العالمية)، ومن (يقرأ القرآن الكريم وهو الكتاب العربي المبين لا يمكن أن يجد فيه ما يخصصه لفريق دون فريق، أو قوم دون قوم، وكونه بلسان عربي ليس إلا وصفا له باللغة التي أنزل بها) (الإسلام في قفص الاتهام، د. شوقي أبو خليل).
– بين موسى بن نصير وطارق بن زياد
الرواية التي تبناها عصيد وأعلن عنها في حواره مع قناة الحياة التنصيرية فيما يخص الخلاف الذي وقع بين موسى بن نصير وطارق بن زياد هي الرواية نفسها التي ذكرها المستشرق الفرنسي “جوزيف توسان رينو” مدير مدرسة اللغات الشرقية في باريس في كتابه “الفتوحات الإسلامية في فرنسا وإيطاليا وسويسرا؛ ص:43″؛ حيث قال: (تورد بعض الروايات أن موسى بن نصير كان ينظر بعين الحسد والغيرة إلى مولاه طارق منذ المراحل الأولى من فتح الأندلس، وقد كان يريد أن يستولي على حصة الأسد من الغنائم التي حصل عليها جيش طارق، بعدما يدفع نصيبًا إلى بيت المال، وأما طارق فقد كان يريد على العكس من ذلك؛ دفع الخمس الذي ينص عليه القرآن إلى بيت المال، وتوزيع ما بقي من الغنائم على الجند. وقد بلغ النزاع بين القائدين درجة رأى معها الخليفة استدعاءهما إلى دمشق ليحسم الخلاف بنفسه).
قال ابن عذاري المراكشي في (“البيان المغرب”؛ 1/28): “وفي سنة 92 من الهجرة جاز طارق إلى الأندلس وافتتحها بمن كان معه من العرب والبرابر ورهائنهم الذين ترك موسى عنده والذين أخذهم حسّان من المغرب الأوسط قبله. وكانت ولاية طارق على طنجة والمغرب الأقصى في سنة 85ه، وفي هذا التاريخ تَمَّ إسلام أهل
المغرب الأقصى وحوّلوا المساجد التي كان بناها المشركون إلى القبلة وجعلوا المنابر في مساجد الجماعات”.
فأفعال قواد الحرب والولاة غير منزهة عن الخطأ؛ ولا أحد يدعي عصمتهم أصلا؛ كما أن كتب التاريخ نقلت لنا أخطاء جسيمة وقعت، انتقدها مؤرخون وعلماء وولاة أيضا، وقد كانت هذه الأخطاء من بين أسباب تأخر فتح المغرب قرابة خمسين سنة؛ بخلاف المشرق الذي لم يتعد فتحه خمسة عشر سنة.
ومادام أن الأخطاء مسلم بها؛ فالحديث يجب أن يرتكز على الغاية من الفتح الإسلامي هل كانت هي إصابة الدنيا والمغانم والسبايا؛ أم هي وجه الله ونشر رسالة التوحيد وإبلاغها للناس؛ وبناء الحضارة؛ وضمان الحقوق؛ وفتح باب الحريات.
أظن أن الجواب واضح ودليله نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ وشواهد التاريخ والواقع.
ومادام عصيد لا يعير اهتماما للمرجعية الشرعية؛ ويصر على أن يقرأ التاريخ الإسلامي قراءة أيديولوجية موغلة في العداء والحقد والكراهية؛ فأنقل له في ختام هذه الورقة شهادة من شخص ينتمي إلى ديانة غير ديانتنا؛ وهي ديانة يحب عصيد أهلها كثيرا، إنه اليهودي “نسيم رجوان” رئيس تحرير جريدة “اليوم الإسرائيلية” الذي قال: “كان اليهود قد عانوا خلال قرون الكثير من الشقاء والبؤس، حيث كان الملوك الإسبان القساة الغلاظ بعيدين كل البعد عن الشفقة والرحمة. وعندما دخل المسلمون إسبانيا لم يكتفوا بتحرير اليهود من الاضطهاد، ولكنهم شجَّعوا بينهم نشر حضارة كانت توازي بخصبها وعمقها أشهر الحضارات في مختلف العصور”.
البريد الالكتروني للكاتب : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.