ربع نهائي كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    إحالة 4 أشخاص على النيابة العامة بالبيضاء بشبهة تورطهم في قضية تتعلق بالسرقة    تاراغونا- كتالونيا مهرجان المغرب جسر لتعزيز الروابط الثقافية بين المملكتين بحضور السفيرة السيدة كريمة بنيعيش    برشلونة يقتنص الكلاسيكو ب"ريمونتادا تاريخية"    الوساطة السعودية تنجح في وقف التصعيد الباكستاني الهندي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    سبتة.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 11 ألف قرص مهلوس نحو المغرب    إحالة أربعة أشخاص على النيابة العامة لتورطهم في سرقة باستعمال دراجة نارية بالدار البيضاء    الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو في الأقاليم الجنوبية    "فاموس تطوان والفوز بداية البقاء".. البرلماني الطوب يدعم المغرب التطواني قبل مواجهة السوالم    وزير الخارجية الفرنسي: العلاقات مع الجزائر "مجمدة تماما" بعد تبادل طرد الموظفين    خطأ غامض يُفعّل زلاجات طائرة لارام.. وتكلفة إعادتها لوضعها الطبيعي قد تتجاوز 30 مليون سنتيم    برقية تهنئة من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس إلى قداسة البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه لاعتلاء الكرسي البابوي    شجرة الأركان في يومها العالمي رمز للهوية والصمود والتحدي الأمازيغي المغربي .    جمعية الشعلة تنظم ورشات تفاعلية للاستعداد للامتحانات    المحامي أشكور يعانق السياسة مجددا من بوابة حزب الاستقلال ويخلط الأوراق الانتخابية بمرتيل    مراكش تحتضن أول مؤتمر وطني للحوامض بالمغرب من 13 إلى 15 ماي 2025    البابا ليون الرابع عشر يحث على وقف الحرب في غزة ويدعو إلى "سلام عادل ودائم" بأوكرانيا    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    الحزب الشعبي في مليلية يهاجم مشروع محطة تحلية المياه في المغرب للتستر على فشله    مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا يعود إلى الواجهة بميزانية أقل    إسرائيل تستعيد رفات جندي من سوريا    انهيار "عمارة فاس".. مطالب برلمانية لوزير الداخلية بإحصائيات وإجراءات عاجلة بشأن المباني الآيلة للسقوط    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    ميسي يتلقى أسوأ هزيمة له في مسيرته الأميركية    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    "كان" الشباب... المنتخب المغربي يختتم تحضيراته استعدادا لمواجهة سيراليون    موعد الحسم.. هذا توقيت مباراة المغرب وسيراليون في ربع نهائي كأس إفريقيا    شاهد.. سائحات يطلبن من لامين يامال أن يلتقط لهن صورة دون أن يعرفن من يكون    "الاتحاد" يتمسك بتلاوة ملتمس الرقابة لسحب الثقة من الحكومة    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    تحريك السراب بأيادي بعض العرب    غ.زة تعيش الأمل والفلسطينيون يحبسون أنفاسهم    القاهرة.. تتويج المغرب بلقب "أفضل بلد في إفريقا" في كرة المضرب للسنة السابعة على التوالي    بوتين يقترح إجراء محادثات مباشرة مع أوكرانيا في إسطنبول انطلاقا من 15 ماي    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    زلزال بقوة 4,7 درجات يضرب جنوب البيرو    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    بعد فراره لساعات.. سائق سيارة نقل العمال المتسبب في مقتل سيدة مسنة يسلم نفسه لأمن طنجة    جناح الصناعة التقليدية المغربية يفوز بجائزة أفضل رواق في معرض باريس    الأسهم تحفز تداولات بورصة البيضاء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    الموت يفجع الفنان المغربي رشيد الوالي    مهرجان مغربي يضيء سماء طاراغونا بمناسبة مرور 15 سنة على تأسيس قنصلية المملكة    بينالي البندقية.. جلالة الملك بوأ الثقافة والفنون المكانة التي تليق بهما في مغرب حديث (مهدي قطبي)    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة: صلاة مع الجماعة
نشر في العمق المغربي يوم 15 - 07 - 2016

أصبح لا يستجيب إلا لمن يناديه "نانسي"، كان يحس بشيء ما يسكن دواخله، يدفعه بقوة نحو الأنوثة. لم يهتم والداه بالطفل الأنثى، أرجآ إحساساته وتحولاته الأنثوية إلى أجل غير مسمى، لكن الشعور بالحرج بدأ يتعاظم عندما أدرك أفراد الأسرة أنه تخلى عن اسمه "أنور" وتشبث ب "نانسي".
قضى نانسي طفولة صعبة..تداول على اغتصابه إخوته وأبناء أعمامه وعماته وأبناء أخواله وخالاته..كلهم وجدوا في جسده الغض المؤنث الفرصة لممارسة أقسى ما يمكن أن ينتجه الخيال الشبقي..كان ينفرد به أولاد الحارة كذلك يمارسون عليه عنفهم الجنسي ..لم يكن يفهم ما يقع له كان يظن أنه مخلوق من أجل خدمة غرائز الآخرين أو هو هبة الله لعباده من أجل الإشباع الجنسي ...لم يمد أحد يد العون لنانسي ..اشترك الجميع في أن يحولوا جسده الأنثوي إلى وعاء يتدفق فيه شلال رغباتهم الشقية.
صيغ "نانسي" كما أراد الآخرون أن يكون ... كل واحد كان يرى فيه مثال الزوجة غير الممكنة الوجود، الزوجة المستعدة كي تسافر معك بعيدا في اقتناص اللذة. كلما اشتد عوده وفاضت فيه الأنوثة ازداد الطلب عليه إلى أن تحول إلى علامة تجارية نادرة تحتاج إلى حماية مقربة لهذا نصب مفتول العضلات نفسه وصيا عليه...تغيرت حياته نحو الأصعب، أصبح يباع كل ليلة للذي يدفع أكثر .لازال "نانسي" يتذكر تلك الليلة التي أجلسه مفتول العضلات وسط حشد من الذكور، ألبسه زيا نسائيا وأجبره على وضع الزينة على وجهه، وقدمه إلى الحشد الذكوري كعروس عذراء، ارتفع صوت مفتول العضلات إيذانا بافتتاح موسم الزواج: "أمامكم أيها الحضور أجمل مخلوق وهبه الله لنا ...من يريد أن يتزوجه لليلة واحدة، زواجا شرعيا ..يكون له حق التمتع به ... لليلة واحدة فقط ... عندما يصيح الديك في الصباح لا بد من إعلان الطلاق .. نانسي المخلوق الفاتن يكون من حق من يدفع أغلى مهر... أعلن الآن عن افتتاح المزاد العلني..."
ليال طوال قضاها نانسي في حضن أزواج، لا زال يلتقي بهم بعد مرور ما يناهز أربعين سنة، لازال يذكر أسماءهم وأعمارهم لا زال يحمل في ذاكرته الجريحة صور ساديتهم القاتلة. أولائك الذين تزوجوه لليلة واحدة كبروا وتغيروا، منهم من تزوج وأنجب أطفالا ومنهم من هاجر إلى الخارج ومنهم من حصل على وظيفة عمومية ومنهم من اشتغل في الأمن ومنهم من اشتغل بمساجد المدينة يؤم الناس ويكلمهم عن الفضيلة... أحس نانسي أن الحياة تغيرت في الحي ..طبعا لم يعد يباع في سوق النخاسة ربما لأن العمر تقدم به فاختفت نضارة الجسد التي كانت تثير الغريزة أو ربما لأن شباب الحي تغيروا فعلا حيث أصبحوا أكثر إيمانا وأكثر انشغالا بأمور الدين..لكنهم لم يعودوا يطيقون النظر في وجه نانسي لا يبادلونه التحية، عيونهم تتقاطر شرا كلما صادفوه في طريقهم، كل واحد منهم أصبح يتحين فرصة الظفر بحسنات النهي عن المنكر.
"نانسي" هو الآخر وفي غفلة من الآخرين تغير كثيرا، أطلق لحيته وألزم بيته يؤدي صلاته في خشوع، أحيانا كانت تنتصر الأنثى الموجودة في دواخله وتدفعه لارتداء النقاب الشرعي قبل كل صلاة.. رغم صدق إيمانه لم يكن يشعر بالسكينة الروحية، كانت تنقصه صلاة مع الجماعة لكنه ظل يسائل نفسه: "مع من سأصلي صلاة الجماعة ...أمع النساء أصليها ..أم مع الرجال..." عاش حيرة وجودية قاسية بين الأنثى التي حرص الجميع على أن تبقى حية تتحرك أمامهم وبين الرجل الذي حرصوا على ألا يظهر بل أرادوه متواريا مختفيا في أعماق ذاته، حيرة شاقة بين ماضيه القاسي بجرح لا يندمل وحاضره الإيماني، كان في رحلته الوجودية المتعبة يشعر ببريق سعادة لأنه آمن بأنه أصبح أمام الله مثل كل أولائك الذين تزوجوه زواجا شرعيا لليلة واحدة، أولائك الذين كان يسمع منهم في الصباح: "نانسي أنت طالق.. طالق.. طالق.." الآن أعلنوا تقواهم وإيمانهم ورسموا على محياهم نعمة السكينة فالتزموا بالمساجد يؤدون الصلاة في أوقاتها، هو أيضا عاش الرذيلة مرغما وتاب لله عليه توبة نصوح، يجتهد في الفروض والنوافل له خلوات إيمانية كثيرة يصوم كل يوم إثنين وخميس...يتصدق ويسارع لفعل الخير..
قبل آذان ظهر يوم الجمعة اغتسل، لبس أجمل عباءة يملكها تطيب بالمسك، شذب لحيته، حمل بين أصابعه مسواكا، نظر في المرآة وأحس بالرضا والطمأنينة حيث رأى صورة المؤمن المخلص .. في طريقه إلى المسجد كانت حركاته و مشيته المؤنثة تثير الانتباه وكانت تصل إلى أذنيه تعويذات وحوقلات المارة، لم يعبأ بما كان يسمع وإنما قرّ قراره أن يحصل على الأجر كاملا في هذا اليوم الفضيل، خير أيام الله، يسمع فيه خطبتي الجمعة ويصلي مع الجماعة.
نزع بلغته وبحركة أنثوية وضعها تحت إبطه ودخل برجله اليمنى محاولا أن يجد طريقا إلى مكان فارغ لمحه في الصفوف الأولى، جلس بين رجلين نظرا إليه نظرات فيها الكثير من الريبة وعلامات التعجب والغضب وصاح أحدهما في المصلين :"الله أكبر..الله أكبر.. إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره......يا عباد الله شاذ جنسيا دنس مسجدنا ...هبوا للدفاع عن حرمة بيت الله.."
ضج المسجد بالتكبير والتهليل ودعوات قتل هذا الشاذ..وجد نانسي نفسه محاصرا من كل الجوانب، أسلم جسده لضربات انهالت عليه من كل جانب فسقط مغشيا عليه وتقدم نحوه عشرة من شداد الرجال وأقواهم وقبل أن يجهزوا عليه أفتى فيهم أحدهم فتوى قرشية جاهلية حيث قال لهم: "علينا أن نضربه ضربة رجل واحد ليتفرق دمه بين الجميع ..فيفشل القانون في معرفة القاتل .." برق القتل في عيونهم وتحت أصوات التكبير أجهزوا على نانسي، هشموا رأسه بضربات قاسية ..مات "أنور" المؤمن الصادق..رافعا شاهده نحو السماء..تاركا لهم جسدا أرادوه بصيغة المؤنث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.