كشف تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول أحداث الحسيمة عن تعرض عدد من المعتقلين للتعذيب، وذلك بعد الخبرة الطبية التي قام بها فريق عمل للتحري في مزاعم التعذيب تحت إشراف طبيبين شرعيين هما البروفيسور هشام بنيعيش والدكتور عبد الله دامي وشملت الخبرة 34 معتقلا، 19 منهم بسجن عكاشة، و16 معتقلا بسجن الحسيمة إضافة إلى متابع في حالة سراح. الخبرة الطبية التي قام بها الفريق المذكور، وذلك يومي الأحد والسبت 17 و18 يونيو الماضي، كشفت على أن ادعاءات المعتقلين تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي كانت "صحيحة ومعقولة"، حيث أكد التقرير أن المعتقلين تعرضوا للسب والشتم والاعتداء بالضرب والركل والصفع. وسجل التقرير، الذي حصلت عليه جريدة "العمق" وتنشره كاملا باللغة الفرنسية، أن جميع المعتقلين لم يكونوا على علم بالتهم الموجهة إليهم، سواء أثناء اعتقالهم أو أثناء تواجدهم بمقر الأمن بالحسيمة، مضيفا أنهم قيل لهم بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء التي رحلوا إليها بالنسبة للمعتقلين 16، أن هناك شكاوي ضدهم. وأضاف وفقا لما صرح به عدد من المعتقلين سواء المتواجدين بسجن الحسيمة أو بسجن عكاشة، أن رجال الأمن تعاملوا معهم بقسوة ووحشية أثناء عملية اعتقالهم، مشيرا إلى أن عددا من المعتقلين جرى القبض عليهم وهم على فراش النوم مع زوجاتهم وأبنائهم، ومؤكدا كذلك أن المعتقلين لم يتم إبلاغهم بحقهم في التزام الصمت، وأنهم تعرضوا للصفع والركل والسب عند امتناعهم عن التوقيع على المحاضر. ووفقا للتقرير ذاته، فأغلب المعتقلين عبروا عن خوفهم أثناء نقلهم على متن طائرة من مطار الحسيمة إلى الدارالبيضاء، خصوصا وأنهم لم يكونوا على علم بالوجهة التي سيقتادون إليها، وأن الحراس الذي كانوا برفقتهم رفضوا الإجابة عن تساؤلاتهم بهذا الخصوص. وأشار كذلك، إلى أن المعتقلين 16 المرحلين إلى الدارالبيضاء صرحوا بأنهم تعرضوا للسب والشتم والقذف في الأعراض أثناء اعتقالهم وأثناء ترحيلهم، وأن رجال الأمن وصفوهم ب"أولاد الصبليون" وبأنهم "باغيين تديرو الدولة ديالكم"، وهددوهم باغتصابهم بطريقة "القرعة". وبخصوص ناصر الزفزافي فقد كشف التقرير وفقا لتصريحاته، أنه تعرض للضرب بواسطة عصا على رأسه أثناء اعتقاله بمنزل صديق له رغم أنه لم يبدي أي مقاومة، وهو ما سبب له جرحا بقطر سنتمترين على مستوى الرأس تم مداواته من طرف طبيبة بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء. وأوضح الطبيب الشرعي، أن الزفزافي أبلغه أنه تلقى ضربة بواسطة عصا على رأسه، وتلقى ضربة في العين اليسرى وأخرى على مستوى البطن والمعدة، كما وضعوا عصا بين رجليه، وهو ما اعتبره اعتداءً جنسياً عليه. وعن الحالة النفسية للمعتقلين 34 الذين شملتهم الخبرة الطبية، كشف تقرير المجلس الوطني، أن الطبيبين الشرعيين أوضحوا أن جميع المعتقلين يعانون من مشاكل نفسية ويحسون بالظلم وأغلبهم تنتابه نوبات بكاء ويعانون من توتر حاد وكوابيس أثناء النوم وهناك معتقل صرح بأنه يفكر في الانتحار ويطالب بأن تتم متابعة حالته من طرف طبيب نفسي. وأشار التقرير أن المعتقلين 16 الذي تم ترحيلهم إلى الدارالبيضاء، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و 38 سنة، ويمتهن 5 منهم التجارة، و4 أجراء، وأستاذين، وصحافيين، ومياوم، اثنين بدون عمل، وبالنسبة لمستواهم التعليمي، فثلاثة منهم مستواهم جامعي و10 مستوى ثانوية، و3 منهم ابتدائي. وعن عملية اعتقالهم، فقد صرح 10 منهم أنهم اعتقلوا في الصباح الباكر وهم في منازلهم، وذلك بعد أن قام رجال أمن ملثمين ومسلحين رفقة رجال أمن بزي مدني بتكسير الأبواب واقتحام منازلهم لاعتقالهم واقتيادهم إلى مقر الأمن بالحسيمة، وبعد ثلاثة ساعات تم نقلهم إلى مطار الحسيمة، وهناك نقلوا على متن طائرة إلى مقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدارالبيضاء. أما بالنسبة للستة الباقين، فقد جرى اعتقال بعضهم على الطريق من طرف رجال أمن بزي مدني واقتيدوا إلى مفوضية الشرطة على متن سيارة خاصة، وبالنسبة للزفزافي فقد اعتقل بمنزل أحد أصدقائه صباح يوم 9 ماي، وبعد مكوثهم ل24 ساعة في الحراسة النظرية بمقر الأمن بالحسيمة تم نقلهم ليلا بواسطة طائرة بمطار الحسيمة إلى الدارالبيضاء. تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول أحداث الحسيمة.