يواصل محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إطلاق مواقف هجومية حادة ضد الحكومة الحالية، في خطاب يبدو أقرب إلى حملة انتخابية مبكرة، عنوانها الأبرز: الحلم بالعودة إلى واجهة السلطة من بوابة رئاسة الحكومة. بنعبد الله، الذي خاطب أنصاره، السبت الماضي، خلال اجتماع اللجنة المركزية لحزبه بالرباط، قدّم نفسه وحزبه كمنقذين محتملين، ووزع، بسخاء، أوصاف "الفشل" و"العجز" على الحكومة، مستندا إلى أرقام وانتقادات عامة، دون أن يوضح كيف سيتجاوز حزبه الاختلالات نفسها التي كان جزءا منها حين شارك في حكومات سابقة. ويزداد خطاب بنعبد الله إثقالا بالتناقض حين يُستحضر سياق خروجه من حكومة سعد الدين العثماني، إذ لا يمكن فصل مواقفه الحالية عن كونه كان من بين الوزراء الذين شملهم الإعفاء الملكي على خلفية اختلالات مرتبطة بملف "الحسيمة منارة المتوسط". وفي وقت لا يفصل فيه عن نهاية الولاية الحكومية سوى أشهر قليلة، دعا زعيم "الكتاب" إلى "سحب البساط" من الأغلبية، معتبرا أن تشريعيات 2026 تمثل فرصة لتصحيح المسار، وكأن حزبه لم يكن، لسنوات طويلة، جزءا من هذا المسار نفسه، سواء في حكومة التناوب أو في حكومتي الإسلاميين. اللافت في خطاب بنعبد الله هو الجمع بين نبرة أخلاقية عالية في الحديث عن الفساد وتضارب المصالح، وبين سجل سياسي لا يخلو من المشاركة في قرارات وسياسات ساهمت في تكريس اختلالات اجتماعية واقتصادية، ما يجعل انتقاداته اليوم أقرب إلى محاولة غسل اليدين من الماضي السياسي، بدل تقديم مراجعة صريحة وشجاعة لتجربته الحكومية. كما حمل الحكومة مسؤولية الغلاء وترك المجال للمضاربين، متناسيا أن حزب التقدم والاشتراكية شغل حقائب وزارية وازنة في فترات عرفت بدورها ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، دون أن ينجح في فرض اختيارات اجتماعية مغايرة بالشكل الذي يتحدث عنه اليوم. في المحصلة، يبدو خطاب بنعبد الله أقرب إلى خطاب زعيم معارضة يبحث عن إعادة تسويق نفسه وحزبه، أكثر منه مشروعا سياسيا متكاملا يحمل إجابات عملية. فرفع سقف الشعارات والوعود لا يكفي لإقناع الناخبين، ما لم يُرفق بنقد ذاتي حقيقي، يجيب عن سؤال جوهري: ما الذي يجعل حزب التقدم والاشتراكية مختلفا اليوم عمّا كان عليه حين كان جزءا من الحكومات التي ينتقدها؟.