انخفاض معدل الاعتقال الاحتياطي بالمغرب إلى أقل من 30% من الساكنة السجنية    رئيس الحكومة يترأس سلسلة اجتماعات لتتبع أجرأة خارطة طريق قطاع التشغيل    الأمن يحبط تهريب 4.9 أطنان من الشيرا ويضبط زورقا مطاطيا بسلا الجديدة    مجلة فرنسية: المغرب يرسخ موقعه كوجهة مفضلة لكبار المستثمرين        برقية تعزية ومواساة من الملك محمد السادس إلى دونالد ترامب إثر الفيضانات التي شهدتها تكساس            مقترح قانون جديد يحسم إشكالية التغطية الصحية للأبناء في حالات الطلاق أو تعدد الأنظمة    ارتفاع إضافي مرتقب في درجات الحرارة مستهل الأسبوع المقبل        معطيات دولية تضع مدنا عبور مثل الناظور ضمن مشهد انتشار المخدرات بين اليافعين    وهبي يدعو لتحديث مهن القضاء لمواكبة الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل    تورط طليقة الممثل المصري أحمد السقا في قضية سرقة لوحات فنية على الهواء    أداء الثلاثاء إيجابي في بورصة البيضاء    معدل الملء الإجمالي للمنشآت المائية المغربية يتراجع إلى 37 في المائة    قطر: مفاوضات الهدنة تحتاج إلى وقت    بلغاريا تستعد للانضمام إلى "اليورو"    "واتساب" يضيف ميزة إنشاء خلفيات بواسطة الذكاء الاصطناعي    الأمن ينفي "تجاوزات وشططا" بأكادير    طنجة تشن حملة لتحرير الملك البحري    متقاعدون مغاربة يطالبون الحكومة برفع المعاشات لمواجهة غلاء المعيشة    فيلدا يصحح أخطاء "لبؤات الأطلس"    بنسعيد: الملكية الفكرية رافعة للتنمية    شهرزاد محمود الادريسي فنانة مغربية تسير على خطى الرواد    المغرب يجدد التزامه بنظام عالمي منصف للملكية الفكرية في اجتماع الويبو بجنيف    لوكا مودريتش يعزز صفوف ميلان الإيطالي    في بيان المؤتمر الإقليمي السابع لأكادير إداوتنان دعا إلى توحيد الصف واستنهاض كافة الطاقات من أجل استعادة الريادة تنظيميا وسياسيا بالإقليم    نزار بركة يؤكد من العرائش: اهتمام خاص بقطاع الموانئ والنقل الجوي بجهة الشمال    المغرب ‬يواصل ‬تعزيز ‬صمود ‬المقدسيين ‬في ‬مواجهة ‬الاحتلال    قطاع الإسمنت بالمغرب يسجّل أداء إيجابيا في النصف الأول من 2025    استمرار ‬ارتفاع ‬أسعار ‬الأسماك ‬والخضر ‬والفواكه ‬يزيد ‬من ‬إثقال ‬كاهل ‬المغاربة    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    توقعات احتياجات الخزينة تتراوح بين 12 و12,5 مليار درهم في يوليوز الجاري    عواصف وأمطار غزيرة تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق بإيطاليا    مبابي يسحب شكوى المضايقة الأخلاقية ضد سان جرمان    المغرب وألمانيا يبحثان الارتقاء بعلاقتهما إلى "شراكة استراتيجية"    وفاة الطالبة آية بومزبرة يُخيم بالحزن على قلوب المغاربة        بايرن ميونخ على أعتاب توجيه ضربة لبرشلونة الإسباني في الميركاتو الصيفي    إلغاء مباراة المركز 3 بمونديال الأندية    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    بتوجيه من نظام تبون.. مدرب الجزائر يُجبر على إخفاء اسم المغرب من شارة كأس إفريقيا    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حزب "فوكس" الإسباني يهاجم معرضًا مؤيدًا للبوليساريو: ترويج لعدو إرهابي قتل مئات الإسبان    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي        التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبس "فتيات تيك توك" في مصر: تقييد للحريات أم تقويم للسلوك؟


Getty Images
"لماذا أحبس من الأساس؟! هل يمكن لطالبة جامعية بكلية الآثار أن يُلقى بها في السجن مع القاتل وتاجر المخدرات؟!"
هكذا جاءت كلمات حنين حسام، المعروفة في مصر بإحدى "فتيات تيك توك"، بعد صدور حكم غيابي، هذا الأسبوع، بسجنها لعشر سنوات بتهمة الإتجار بالبشر.
تحدثت حنين، التي كانت تغالب البكاء في أحيان كثيرة، في مقطع مصور نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبيل ساعات من القبض عليها صباح الثلاثاء 22 يونيو/حزيران الجاري تنفيذا لحكم محكمة الجنايات.
وخلال المقطع المصور قالت حنين إنها لا تعرف تماما معنى "الإتجار بالبشر" لكنها تدرك أنها "كلمة كبيرة للغاية". وتساءلت كيف يمكن لفتاة في العشرين من عمرها أن يحكم عليها بالسجن لعشر سنوات.
وصدر حكم السجن بحق حنين في 19 يونيو/حزيران الجاري. كما صدر في نفس القضية حكم بالسجن ست سنوات حضوريا بحق مودة الأدهم، وهي أيضا إحدى شهيرات مواقع التواصل الاجتماعي، بجانب ثلاثة رجال آخرين تلقوا حكما بالسجن ست سنوات لكلٍ منهم.
وأدانت المحكمة المتهمين بالإتجار بالبشر واستدراج فتيات قاصرات عن طريق بعض منصات التواصل الاجتماعي، ومنها تطبيق "لايكي"، واستغلالهن في أنشطة منافية للآداب مقابل تلقي تحويلات بنكية من إدارة التطبيق. اتهامات قالت حنين "إنها كذب وتلفيق"، مطالبة الرئيس المصري بالتدخل لإلغاء هذا الحكم.
الجديد هذه المرة هو خطورة الاتهامات مما استلزم أن تنظرها محكمة الجنايات، بجانب شدة العقوبة التي جاءت بالسجن المشدد لمدد تراوحت بين ست وعشر سنوات.
لكن لم تكن هذه القضية الأولى التي تتهم فيها حنين ومودة، الطالبتان الجامعيتان اللتان ألقي القبض عليهما العام الماضي. فقد حكم عليهما بالسجن لعامين، في يوليو/تموز الماضي، بتهمة التعدّي على قيم الأسرة المصرية.
لكن في مطلع العام الجاري برّأتهما المحكمة. وأخلى سبيل حنين في فبراير/شباط الماضي بينما ظلت مودة خلف القضبان على ذمة التحقيقات في قضية الإتجار بالبشر، حتى صدر الحكم الأخير.
"هل نبني أم نهدم؟"
Getty Images حنين حسام ومودة الأدهم
منذ القبض عليهما عرفت القضية إعلاميا ب"فتيات تيك توك" وثار كثير من ردود الفعل الرافضة لاحتجازهما الذي اعتبره حقوقيون تعسفا يهدف لتقييد المجال العام، وإخافة رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
في المقابل، ظهرت أصوات أخرى تتهم الفتيات بالخروج على الأعراف الاجتماعية، من خلال نشر مقاطع مصورة، على تطبيق تيك توك وغيره، يظهرن فيها وهن يرقصن بملابس اعتبرت مثيرة.
ويقول حسين بقار محامي حنين إن الأدلة أو شهادات الشهود التي يمكن أن تدعم تهمة الإتجار بالبشر لا توجد في القضية. ويوضح أن إجراءات المحاكمة بالنسبة لحنين ستعاد لأن الحكم غيابي.
وبموجب القانون المصري، فإن كل من يصدر بحقه حكم غيابي، تبدأ إجراءات إعادة محاكمته بعد ضبطه. كما أن الحكم الصادر بحق باقي المتهمين يجوز الطعن عليه أمام محكمة النقض، وهي أعلى درجات التقاضي في مصر.
ويرى بقار أن الشباب الذي يقبل بكثافة على استخدام مختلف منصات التواصل الاجتماعي "بحاجة للتوعية وليس للذبح. فهو ربما يبحث عن شهرة أو ثراء سريع". ويشير إلى أن "الدولة تتجه إلى البناء وليس الهدم وينبغي أن نعتمد القرارات البناءة، لا أن نتخذ قرارا يدمر حياة ومستقبل شخص".
"التنكيل بالفتيات"
وخلال الفيديو الذي نشرته قبل القبض عليها، قالت حنين إن هذا الحكم يعني أنه لم تعد لديها فرصة "للتعليم ولا الزواج ولا إنجاب الأطفال." وأضافت أنها لم ترتكب أي خطأ، وتساءلت غاضبة "لماذا أنا؟"
وتتفق فاطمة سراج، المحامية بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، وهي مؤسسة حقوقية تتابع القضية، مع محامي حنين في أنه لا توجد أدلة تثبت التربح غير المشروع أو الإتجار بالبشر أو الدعارة. وتقول إن "الحكم قاس للغاية".
وترى سراج في الحكم "تنكيلا بحنين ومودة. فالسلطات تعيش بالفكر العقيم الذي يرى في الفتاة التي تظهر في فيديو وهي ترقص نوعًا من ممارسة الدعارة أو الدعوة للفجور".
وتحظى كل من حنين ومودة بمئات الآلاف، على الأقل، من المتابعين عبر تيك توك وإنستغرام وغيرهما من التطبيقات.
وتوضح سراج أن السلطات ربما تشعر بالقلق من "حجم تأثير فتيات عاديات، ينتمين لطبقات اجتماعية متوسطة أو دون المتوسطة (على الرأي العام). فقد أصبح لديهن أعداد ضخمة من المتابعين".
وتضيف أن الشركة التي تدير تطبيق "لايكي" لاتزال تعمل في مصر. واستُدعي المسؤولون الصينيون فيها للتحقيق، في وقت سابق، لكن لم توجه لهم أي اتهامات.
"الإضرار بالمجتمع"
في المقابل، يرى محمد عبدالله زين الدين، عضو مجلس النواب، أن هؤلاء الفتيات "ارتكبن خطأ أخلاقيا بلا حدود". ويقول إن المسألة لا تتعلق فقط بحجم الخطأ الشخصي، لكن "بالضرر الذي وقع على مجتمع بأكمله".
ويضيف زين الدين أن المحكوم عليهم لايزال أمامهم مرحلة تقاضٍ أخرى للطعن على الأحكام، ويضيف أن القاضي لديه من مواد القانون ما سمح له بإصدار هذه الأحكام "فهو لا يحكم عن هوى".
ويوضح أن المسار القانوني لا ينفي الحاجة للتوعية في مختلف المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسات التعليمية "هل نترك شبابنا في هذه الحياة العابثة من دون تقويم من رجال الفكر والثقافة والدين؟"
ويرى زين الدين أن القضية أخلاقية وليست سياسية على الإطلاق. "مصر دولة تتسم بالفصل الكامل بين السلطات واستقلالية مؤسساتها".
الوصمة المجتمعية
تشير مزن حسن، مديرة مؤسسة نظرة للأبحاث النسوية، إلى خطورة الوصمة المجتمعية المرتبطة بهذه الجرائم التي قد تلاحق هؤلاء الفتيات لفترة طويلة من الوقت. وتقول إنهن بحاجة لتأهيل نفسي بعد كل ما مررن به.
"عندما تسجن فتاة صغيرة بمثل هذه التهمة لسنوات. وأغلب الظن أنها ستحبس مع مرتكبي هذا النوع من الجرائم، هل تتوقعين منها أن تكون بصحة نفسية جيدة عندما تخرج؟"
وترى حسن في القضية استهدافا واضحا للمرأة. "هناك محاولة لرسم صورة موحدة للنساء وفق معايير موجودة في ذهن أصحاب السلطة الأبوية" مستشهدة على رأيها بسجن بعض المدافعات عن حقوق الإنسان، لأنهن خالفن تلك المعايير.
لكن زين الدين يفند هذا الرأي، ويقول إن المرأة في مصر تتبوأ مواقع مهمة في مختلف مؤسسات الدولة منها القضاء ومجلس النواب. ويوضح أن بعض الحقوقيين يتبنون "أجندة غربية تروج لأفكار منها إهدار لحقوق المرأة في مصر، وهو أمر غير صحيح".
ويتساءل زين الدين: "هل يمكن أن نربي أبناءنا على مثل ما تقوم فتيات التيك توك من إيحاءات؟"
"ليس لكم مكان"
وعندما صدر الحكم الأول بسجن "فتيات التيك توك" العام الماضي ظهر كثير من البيانات عن عدة منظمات حقوقية محلية ودولية تستنكر هذا التحرك من جانب القضاء.
وتشير مزن حسن إلى أن المرأة في مصر "لا ينقصها مزيد من الخوف" فهي تتعرض بالفعل لعنف مركب في الحياة الخاصة والعامة على كل المستويات في ظل تراجع للحماية المجتمعية والقانونية، على حد قولها.
وترى مزن أن هذه القضية تأتي "وكأنها تقول للنساء ليس لكم مكان بيننا، لا داخل المنزل ولا خارج المنزل ولا حتى في الواقع الافتراضي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.