قالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، إنه في ظل تصاعد التوترات الدبلوماسية مع المغرب، والفوضى في ليبيا، وعدم الاستقرار في منطقة الساحل، يعيدُ النظام الجزائري طرح مشروع قانون قديم يتعلق بالتعبئة العامة. وأضافت "جون أفريك"، أنه من الناحية الرسمية، يُقدَّم النص على أنه مجرد قانون تنظيمي كان من المقرر اعتماده منذ العام الماضي، مستدركة: لكن توقيته يثير العديد من التساؤلات.
وتم اعتماد مشروع القانون المتعلق بالتعبئة العامة يوم الأحد 20 أبريل الجاري خلال اجتماع مجلس الوزراء في الجزائر. ووفقا للسلطات التنفيذية الجزائرية، فإن الغرض منه هو تحديد آليات التنظيم، والإعداد، والتنفيذ لنظام لا يمكن تفعيله إلا من قبل رئيس الجمهورية، بعد التشاور مع المجلس الأعلى للأمن ورئيسي غرفتي البرلمان.
وأوضحت مجلة "جون أفريك"، أن الهدف هو تفعيل المادة 99 من الدستور، التي تُجيز تعبئة سريعة ومنسقة لجميع قوى الأمة (المدنية، والاقتصادية، والمؤسساتية، والعسكرية) في حال وقوع أزمة كبرى، مثل نزاع مسلح أو عدوان خارجي، أو تهديد للسيادة الوطنية، أو أزمة داخلية، أو كارثة طبيعية.
وتابعت أن هذا النص يأتي أيضا ضمن مجموعة أوسع من المواد التي تنظم حالات الطوارئ، أو الحصار، أو الاستثناء، أو الحرب، والتي تتضمن إجراءات مختلفة، ومهلا زمنية محددة، ودورا متعاظما للبرلمان.
وسجلت "جون أفريك"، أن هذا النص القانوني يأتي في ظل سياق إقليمي شديد الحساسية مما أثار جدلا واسعا خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاحظ العديد من الجزائريين أن الخطاب الرسمي قد أصبح يركز بشكل متكرر خلال الأشهر الأخيرة على فكرة "الخطر الخارجي"، مع دعوات إلى الاستباق والتحضير.
وأشارت المجلة الفرنسية، إلى أنه في صلب هذا النظام هناك قوات الاحتياط العسكري التي أعيد تعريف وضعها في عام 2022 من قبل لجنة الدفاع الوطني في المجلس الشعبي الوطني.
وأردفت أن الإجراء المعتمد حاليا يميز بين ثلاث فئات من الاحتياطيين بناء على المدة الزمنية التي انقضت منذ مغادرتهم للجيش، حيث تتراوح هذه الفئات بين "الاحتياط الجاهز"، المكوّن من الجنود السابقين الذين غادروا صفوف الجيش منذ أقل من خمس سنوات، و"الاحتياط الثانوي" لأولئك الذين لم يعودوا في الخدمة منذ خمسة عشر إلى عشرين عاما. أما الضباط الذين تجاوزوا سن الخمسين، فهم معفيون من الخدمة، معتبرة أن الهدف هو حين تدق ساعة التعبئة العامة ينبغي الحرص على تعزيز صفوف الجيش بفئة ذات خبرة.
وينص النص، حسب "جون أفريك"، أيضا على ضمانات، منها راتب مساوٍ لما يتقاضاه العسكريون في الخدمة من نفس الرتبة والدرجة، وحماية وظائفهم المدنية، مع إلزام أصحاب العمل بإعادة إدماجهم بعد انتهاء فترة التعبئة.
وفي المقابل، فإن أي غياب غير مبرر عند الاستدعاء، تضيف "جون أفريك"، يعرض الاحتياطي للملاحقة أمام المحكمة العسكرية المختصة. هذا التوضيح يعكس منطقا يجمع بين الصرامة والاعتراف بالواجب الوطني: "التعبئة، باعتبارها واجبا على كل فرد، تقوم على الإرادة، والتفاني، وتضحية أفراد الاحتياط"، كما جاء في بيان رئاسة الجمهورية الجزائرية.