يواصل المغرب بقيادة الملك محمد السادس، جهوده الدؤوبة من أجل تكريس حقوقه المشروعة على أقاليمه الجنوبية من خلال مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، مستندا في ذلك على دبلوماسية ملكية فعالية واستباقية. ويعد الدعم الدولي المتنامي للمخطط المغربي للحكم الذاتي، باعتباره الحل الوحيد والأوحد للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، تجسيدا آخر لدينامية ونجاح المقاربة الملكية.
وفي هذا الصدد، قال أستاذ علم السياسة والسياسات العامة بجامعة القاضي عياض بمراكش، محمد بنطلحة الدكالي، إن الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية والانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، تؤكد أن المغرب يعتمد إستراتيجية عقلانية وواقعية في تدبير علاقاته الدولية، علما أن الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد تعي جيدا أن هدفها الاستراتيجي يتمثل في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد.
وأضاف بنطلحة، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه في هذا الإطار، جاء الاعتراف الرسمي الفرنسي بمغربية الصحراء، الذي ينسجم والخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب والذي أكد فيه أن "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات".
وتابع أن الدعم الفرنسي يأتي أيضا انسجاما مع العلاقة المتنامية بين البلدين وتكريسا لاتفاقيات التعاون بينهما والتي شملت التعاون العسكري والقطاع السياحي والنقل الجوي والاستثمار الفلاحي والصناعة والاقتصاد وقطاعات أخرى يجري إعداد اتفاقيات بشأنها، مما من شأنه أن ينعكس إيجابا على اقتصاد البلدين.
وأكد أن "هذا الاعتراف يعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بعدالة قضية الوحدة الترابية، ويشكل حافزا لدول أخرى للانخراط في هذه الدينامية الإيجابية التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة، كما أنها ستربك حسابات جيران السوء، بل لقد شكلت صدمة لهم، خاصة وأن فرنسا الدولة العضو بمجلس الأمن تعتبر قوة عسكرية واقتصادية محورية في المنطقة".
وبعد أن سجل بنطلحة، أن 2025 تعتبر سنة مهمة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية بفضل الزخم القوي الذي أضفاه الملك محمد السادس على ملف الصحراء المغربية ومتابعته اليومية له، أوضح أنه في إطار الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، انضافت أربع دول أوربية إلى القوى الداعمة لهذه المبادرة وهي (سلوفينيا، فلنند، والدانمارك وإيستونيا) ليصل عدد دول الاتحاد الأوربي التي تعبر عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي إلى أكثر من 20 دولة.
وفي ما يتعلق بتعليق الاعتراف بالجمهورية المزعومة، لفت بنطلحة، إلى أن الإكوادور وبنما، ناهيك عن 50 دولة تقريبا سحبت في العقدين الأخيرين اعترافها بالجمهورية الوهمية، مسجلا استمرار فتح القنصليات سنة 2025 بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث تم فتح قنصلية تشاد بمدينة الداخلة ليصل عدد القنصليات التي تم فتحها إلى أكثر من ثلاثين قنصلية.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي، شدد بنطلحة الدكالي، على تواصل الرؤية التي أرادها الملك محمد السادس والمتمثلة في أن يكون الاتحاد الإفريقي مجالا للتعاون وليس طرفا يتم استغلاله كما كان الأمر في السابق، علما أن الاتحاد الإفريقي أصبح دوره هو مواكبة الأممالمتحدة في هذه القضية.
أما على مستوى الاتحاد الأوربي، يردف المتحدث ذاته، "نجد أنه ولأول مرة منذ 22 سنة في البرلمان الأوربي لن يكون هناك وجود لمجموعة المرتزقة بعدما كانوا موجودين في الأربع ولايات السابقة للبرلمان الأوربي حيث كانت تشتغل هذه المجموعة كلوبي للانفصال".
وأبرز بنطلحة الدكالي، أن المملكة المغربية سطرت برنامجا تنمويا مندمجا بالصحراء المغربية من أجل خلق فرص الشغل والاستثمار وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية من أجل أن تصبح أرضا للفرص الواعدة مما يمكن المنطقة من أن تتحول إلى جسر حقيقي للتبادل بين إفريقيا وأوروبا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
وزاد أن "هذا ما يجسد الطموح المغربي من أجل تطوير اقتصاد المناطق الجنوبية للمملكة عن طريق دعم المشاريع الكبرى من بينها مثلا مدينة المهن والكفاءات بمدينة العيون والمركز الاستشفائي الجامعي بالعيون ومشروع الطريق السريع الرابط بين تيزنيتوالداخلة، والميناء الجديد للداخلة الذي سيكون له تأثير حاسم من خلال هيكلة التراب الجهوي بطريقة مستدامة ومتوازنة مع العلم أن هذا الميناء سيعمل على تعزيز العرض اللوجيستي وتقديمه كأحد العروض الأكثر تنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال الاستجابة لاحتياجات حركة الملاحة المستقبلية والمتعلقة بالأنشطة المربحة للقطاعات الإنتاجية حيث تهدف بلادنا إلى إنشاء أكبر ميناء لوجستي في منطقة غرب إفريقيا".
وفي إطار التأكيد الملكي على ضرورة أن تشكل الصحراء صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي ترسيخا لدور المغرب التاريخي نظرا لطبيعة العلاقة مابين المغرب والدول الإفريقية خاصة دول غرب إفريقيا، يضيف بنطلحة الدكالي، "يأتي خط الغاز نيجريا المغرب الذي يعتبر أكبر برنامج استثماري على مستوى القارة".
ومضى قائلا: إنه مشروع يأتي تدعيما لشراكة جنوب/ جنوب ضمن تطور منسجم مع برنامج تمديد أنابيب الغاز لدول جنوب إفريقيا حيث سينطلق بطول 5560 كلم من نيجريا ثم باقي دول غرب إفريقيا ليمتد إلى المغرب ثم إلى أوربا عبر البحر الأبيض المتوسط،ويتوقع أن ينقل نحو30بليون متر مكعب من الغاز سنويا، مشيرا إلى استعداد مدينة الداخلة لاستقبال مشروع كبير لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بقيمة تتجاوز ملايير الدولارات وهو نتاج شراكة استثمارية.
وأكد بنطلحة الدكالي، أن مسيرة الإصلاح التي يقودها الملك محمد السادس هي معركة تغيير مستمر من أجل تحقيق الأفضل ومواجهة التحديات، حيث أبان ملك البلاد منذ توليه العرش عن رؤية بعيدة المدى وسياسات فعالة وقرارات وطنية ودولية شجاعة حفظت للمغرب مكانته المتميزة.
واعتبر أن "المغرب القوي بحقه وإنجازاته والتقدم الذي تمكن من تحقيقه يراهن على دوره الاستراتيجي من خلال المشاريع التنموية الكبرى التي تؤكد أن المملكة المغربية تقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربتها ونموذجها الاقتصادي المتميز".
وخلص بنطلحة الدكالي، إلى أن الملاحظين والمهتمين يشهدون بأن الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد أبانت عن حنكة وتبصر من خلال سياسة تدبيرية ذات رؤية استشرافية تحمل قدرا كبيرا من الواقعية السياسية والتبصر والحكمة انطلاقا من المكانة السامية التي يحظى بها ملك البلاد في النسق السياسي الدستوري للنظام السياسي المغربي.