وَانْ تُو تْرِي دِيرِي عَقْلك يَا لاَنجِيرِي!    كاميرات مراقبة صينية في سبتة ومليلية تثير الجدل في إسبانيا    بعد أيام من تركيبه.. مجهولون يخربون رادارا حديثا لرصد المخالفات المرورية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    مالي تعلن تحرير أربعة سائقين مغاربة بعد 7 أشهر من احتجازهم لدى "داعش الساحل"    إسرائيل ستسمح بدخول البضائع تدريجيا إلى غزة عبر تجار محليين    الجيش الإسرائيلي يقتل 20 فلسطينيا في غزة فجر الثلاثاء    توقيف قائد بعمالة مراكش للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    المغرب ومالي ينجحان في تحرير 4 سائقين مغاربة اختطفتهم "داعش" في بوركينا فاسو    شبهات فساد مالي وإداري تهزّ مدينة مراكش وسط مطالب بفتح تحقيقات عاجلة    كيوسك الثلاثاء | المغرب من بين أفضل عشر دول إفريقية في الصحة النفسية للشباب    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    هولندا تدفع فاتورة أسلحة لأوكرانيا    تركمنستان .. انطلاق أشغال مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بالبلدان النامية غير الساحلية، بمشاركة المغرب    اليابان تسجل "درجات حرارة قياسية"    حديقة دنماركية تخطط لتصفية حيوانات أليفة    عمدة برلين يثمن التشديد في الهجرة    الصين: نمو تجارة الخدمات بنسبة 8 بالمائة في النصف الأول من 2025    مصرع شخصين في حادثة سير مروعة بضواحي طنجة    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    سلطات المضيق تباغث من جديد المركبات السياحية والسكنية وتحجز عشرات المظلات والكراسي    تحرير السائقين المغاربة من يد تنظيم داعش الإرهابي إنتصار إستخباراتي مغربي يعيد رسم معادلات الأمن في الساحل    منخرطو الوداد يطالبون أيت منا بعقد جمع عام لمناقشة وضعية الفريق عبر مفوض قضائي    ديون وادخار الأسر المغربية.. قروض ضمان السكن تتجاوز 32 مليار درهم    من قلب الجزائر.. كبير مستشاري ترامب للشؤون الأفريقية يكرّس الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء ويدعو لمفاوضات على أساس الحكم الذاتي    المندوبية السامية للتخطيط: جهة الشمال تسجل أدنى معدل في البطالة بالمغرب    الانتخابات التشريعية في خطاب العرش: رؤية ملكية لاستكمال البناء الديمقراطي وترسيخ الثقة    قضية حكيمي تثير جدلًا حقوقيا وقانونيا.. ونشطاء فرنسيون يطالبون بإنصافه    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    غينيا تهزم النيجر بهدف في "الشان"    أولمبيك آسفي يتعاقد رسميا مع الإيفواري "أبو بكر سيلا"    "فدرالية ناشري الصحف" تدعو الحكومة لمراجعة موقفها من قانون مجلس الصحافة    الدار البيضاء تستضيف الدورة الأولى من مهرجان "عيطة دْ بلادي"    باحث يناقش رسالة ماستر حول الحكامة المائية في ضوء التجارب الدولية بكلية الحقوق بالدار البيضاء    كوندوري تلتقي بوفد من المستشارين    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    فنادق أوروبا تلاحق "بوكينغ" قضائياً    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية        بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفجوات التعليمية و الحاجة إلى التكوين
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 06 - 02 - 2010

تدخل المؤسسة التعليمية باعتبارها نسقا بنائيا وضع لأغراض تكوين و إعداد الأجيال للمستقبل في إطار مفهوم الحاجة . ونعني بالحاجة هنا ،تلك الضرورة المستدامة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا التي تضمن بقاء واستمرار المجتمعات . وإذا كانت هذه الضرورة قد تجسدت نظريا في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وتبلورت معالمها في وثيقة الاختيارات والتوجهات والحياة المدرسية ، فإنها تصاغ اليوم ، وانطلاقا من المخطط الاستعجالي على شكل مؤشرات وظيفية تضع إجراءات عملية وتطالب بوضعها موضع التنفيذ باعتبارها حاجات أساسية يتوقف عليها مسار التصحيح المفضي إلى النجاح .
من المؤكد أنه ليس من اليسير التوصل إلى اتفاق على قائمة المؤشرات الضرورية اللازمة لإرساء أسس مدرسة تستجيب لكل تحديات الألفية الثالثة ، وللكفايات اللازمة لهذه الألفية . ولكن مقاربة المخطط الاستعجالي لمشكلات التعلم ومن زاوية الممارسات المهنية وأخلاقياتها ، يمكن أن يسلط الضوء على مستويين، مستوى بناء العالم للميثاق الوطني للتربية والتكوين ، وما اشتق منه من توجهات واختيارات، ومستوى الفعل التربوي وما ينتج عنه من معرفة وديداكتيك ومناهج التقويم مرورا بالكتب المدرسية والحياة المدرسية ومشروع المؤسسة .
إن مفهوم الحاجات باعتبارها ضرورة عملية في توجيهها الوظيفي تقودنا إلى دراسة كيفية أداء المجتمع التعليمي لوظائفه. وترتبط الكيفية هنا بمقاربة تلك المتطلبات الوظيفية للنسق التعليمي برمته ، أي تلك المكونات اللازمة التي تضمن للمنظومة التربوية إنتاجيتها ونجاعتها وكفايتها .
تكشف المتطلبات الضرورية لمدرسة النجاح عن حاجة لا غنى عنها في أي مشروع يتوخى إصلاح منظومة التربية والتكوين، وهي الحاجة إلى التكوين. وترتبط هذه الحاجة بأكبر فجوة من فجوات منظومة التربية والتعليم. ولن يختلف اثنان في أن هذه الفجوة التي تحتل مركز الصدارة والأولوية ليست وليدة اليوم ، كما أنها تعد من المؤشرات العامة التي يمكن أن نقيس بها درجات التوافق والانسجام والتناغم بين التوجهات والاختيارات التربوية والمعرفية ووعي الأفراد بمتطلبات الإنجاز التي يقتضيها منهاج التربية والتكوين. وما يلاحظ هنا وفي سياق الفجوات الهائلة بين التنظير (الميثاق الوطني ومختلف التوجهات) و الممارسة، أن هناك هوة، سحيقة من الصعوبة بمكان ردمها، بين البناء و الو ظيفة و الأفعال (الأنشطة ) تبدأ أولى معالم هذه الفجوة في تأخر برامج تكوين الفاعلين الإداريين و التربويين، و يتحدد هذا التأخر زمنيا انطلاقا من عام 2003 إلى 2010 . و بناء على هذه الفجوة الزمنية اتسمت منظومة التربية والتكوين بسنوات عجاف طبعت بميسمها أهم مرتكز في عملية الإصلاح عامة، و أجرأة هذا الإصلاح خاصة. و لا يخفى على المهتمين بجعل التربية و التعليم أن إعداد مشروع تكوين يسبق تنفيذ التوجهات و الاختيارات و البرامج والمقررات يشكل قوة دفع أساسية لوضع الفاعلين الإداريين و التربويين في سياق متطلبات التجديد و التطوير، إذ من شأن إستراتيجية تكوينية واضحة الأسس و المعالم أن تدلل صعوبات كثيرة على مستوى الإنجاز و التنفيذ.
إن منظومة تربوية تكوينية تعاني من فجوات كثيرة وبهذا الحجم الذي استلزم و لضرورة تاريخية بمعناها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وضع ميثاق وطني وما اشتق منه من اختيارات و توجهات و برامج ، و ما بذل في هذه المحطات من جهود مادية و مالية و فكرية و زمنية ... لا يمكن أن يتقبل بأي شكل من الأشكال أن تتأخر فيه إستراتيجية تكوينية شاملة و خاصة، وإلا فقدت كل تلك الجهود جدواها و معناها . ومن هنا فإن ما يبدو حاملا للطبيعة الاستعجالية هو مسألة إستراتيجية التكوين بالذات.
إن تحليل ظاهرة الفجوة بين بناء التصورات و الوظائف (المهام ) و الأفعال (الأنشطة) يعتبر مطلبا حيويا في حياة الممارسات التربوية و الديداكتيكية و المعرفية لأنه يشكل تعبيرا بارزا عن إرادة التجديد في مجال التعلم و ما يرتبط بها من اتجاهات و قيم و أخلاقيات مهنة التدريس و الإدارة. و يكفي هنا ، و في إطار تحليل ظاهرة فجوة التكوين و آثارها السلبية على التنفيذ المستوى العملي في نظرية الإصلاح، يكفي تقديم هذا المسرد الأولي الذي يبرز التكلفة النفسية و المعرفية و التربوية الثقيلة على الممارسين الفعليين، و هم يصطدمون و في غياب استراتيجية التكوين ن بمتطلبات التجديد :
بيداغوجيا الكفايات.
التربية على القيم.
الكتب المدرسية الجديدة.
التقويم بأساليبه المختلفة .
- أساليب الإنجاز الجديدة
الأنماط الثقافية الجديدة.
أساليب تنظيم الحياة المدرسية .
الامتحانات المهنية و مسألة الحراك الاجتماعي و الحاجة إلى نظام ترقية مبني على النجاح المهني .
و بناء على منطلق بحثي، فإن هذه المسألة الحيوية ذات الارتباط بالتحفيز، لا ينبغي أن تتحدى الافتراضات الأساسية لبرنامج»إحراز المكانة» خاصة التعليمي باعتباره تدرجا هرميا للنجاح المهني بين أفراد يتنافسون من أجل تحقيق المردودية.
ليست المنظومة التعليمية مجرد حاصل جمع الفاعلين ، ولكنها أكثر من ذلك بكثير ، أكثر بمعنى أنها على درجات عالية من التركيب الذي نحتاج فيه إلى استراتيجية تكوينية واضحة الأسس والأهداف ...، ذلك أن المردودية والفعالية والإنتاج والجودة تستدعي كلها أداء مهاريا من قبل المدرسين والإداريين والمؤطرين، وبهذا المعنى ، فهي ليست سلسلة من العمليات النمطية التي تدمج في مذكرات يشكل الفاعلون بمختلف أنواعهم ووظائفهم وأفعالهم(أنشطتهم) أنماط وخصائص الجماعات التربوية باعتبارهم حقائق منتجة ، من خلال الممارسات المدعمة بالتكوين العلمي، وما يتطلبه هذا التكوين من كفايات ضرورية للممارسة المنشودة ، وعلى هذا النحو ، فإن الانتقال من بناء المنظومة التي تأخذ في اعتبارها أولوية التكوين إلى الفعل ، يأخذ معناه من التفاعلات والعلاقات التي تتجسد في الحياة اليومية للمؤسسة التعليمية وفي السنة الدراسية والسلك التعليمي التعلمي برمته . ولهذا السبب ذاته، يمكن استيعاب ثنائية من البناء إلى الفعل (الممارسة) على شكل نظام تكاملي لا مجال فيه للممارسة الخارجة عن سياق التجديد وأهدافه .
تتحدد أولوية استراتيجية التكوين في منظومتنا التربوية من خلال تفاعل المداخل الآتية : تكوين الذهنيات، الربط التفاعلي بين ما يعد كفايات أخلاقية وكفايات علمية وكفايات تربوية وكفايات قانونية، كما يتحدد بإعطاء المعنى العلمي والتربوي والقانوني لممارسة التفتيش والمراقبة والتتبع لتحقيق التناغم بين الوحدات العاملة في المؤسسات التعليمية، وإعطاء الأولوية للافتحاص المستمر لهذه المؤسسات قصد الر بط بين الممارسات والمعنى وتقويم النتائج وتحليل أصول الأهداف التي تصاغ مسبقا، والتقويم الأخلاقي المهني للمسؤوليات اعتمادا على معايير محددة تنطلق من الخلفية القائلة بأن الكفايات تتحدد في القانون .
من هذه المنطلقات ، يمكن استنتاج أبعاد إنتاج التفاعل : العلاقات المنتظمة بالقانون ، صياغة المعنى والأخلاق المهنية. ويقودنا هذا الاستنتاج المبني على استراتيجية التكوين إلى أن بناء المؤسسة بناء تربويا ومعرفيا يمكن فحصه في ضوء ذلك التتبع الموضوعي لعمليات تفاعل المعاني والمعايير، ومن البديهي أن أنشطة الفاعلين في هذا التفاعل ينبغي أن تتسم معرفيا وتربويا بالكفاية، إذ بدون هذه السمات تفقد المؤسسة معناها ، والواقع أن تحليل المؤسسات يكشف عن فجوات بين البناء والفعل اليومي وبين المؤسسة والأداء المهاري في مجالات القراءة والكتابة وغيرها من الأنشطة .
إن الفاعلين لا يملكون أي تصور عن البناء لأنهم لم يتلقوا أي تكوين مبرمج ودقيق من شأنه أن يضعهم في سياق متطلباته، كما أن تمثلاتهم عن التعليم والتعلم تبقى حبيسة ما اعتادوا عليه قبل صدور الميثاق، وتتمثل هذه الفجوة الأساسية في غياب ذلك الوسيط الشارح أو المفسر لهذا البناء . وتكشف هذه الفجوة عن اتساع ضفتيها في غياب استراتيجية تكوينية، تكون غايتها التنسيق بين مختلف الأطراف التي يعنيها أمر التواصل المسبق والضروري لعمليات الإصلاح ... وفي هذا الإطار، فإنه من المستحيل، كما يقول عالم الاجتماع «أنطوني جيدنز» أن تعاد المباني بواسطة نفس الأحجار التي كونتها سابقا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.