مبابي في ريال مدريد    صادرات الفوسفاط تتجاوز 25 مليار درهم خلال 4 أشهر    "CDG" يحقق ناتجا صافيا بقيمة 98 مليون درهم    تحذيرات برلمانية من حليب شهير يهدد صحة الرضع ومطالب بتدخل عاجل للوزارة الوصية        المغرب على رأس الدول المشاركة في القمة الكورية الإفريقية الأولى    لجنة الاستئناف تبعثر حسابات الهبوط للقسم الثاني    "لبؤات الأطلس" يفزن على الكونغو الديموقراطية    بعدما قتلت 10 أشخاص بالناظور.. كحول فاسدة تنهي حياة 3 أفراد بالقنيطرة    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    مغاربة الخارج يبعثون 85 مليارا إضافيا من يناير إلى أبريل بالمقارنة مع العام الماضي    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    المندوبية السامية للتخطيط…نمو الطلب الداخلي بنسبة 3,3 في المئة سنة 2023    ندوة دولية بالرباط تقارب ذاكرة جزر القمر    الأغلبية تبارك ضخ 14 مليارا في الميزانية والمعارضة تنادي بتعديل قانون مالية 2024    "كاف" تعلن موعد ونظام مسابقتي دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية لموسم 2024/ 2025    البام يخلف كريمين بجزئيات بنسليمان و"الحصان" يحافظ على مقعد سيدي سليمان    النفط يواصل تراجعه بسبب مخاوف من زيادة المعروض    زوما ‬و ‬رامافوزا ‬يتسببان ‬في ‬نكسة ‬انتخابية ‬قاسية ‬لحزب ‬نيلسون ‬مانديلا‮    منصة "إكس" تسمح رسمياً بنشر محتويات إباحية    تحقيق أمني بعد العثور على ج ثة داخل مستودع لمواد التنظيف بطنجة    الحسيمة.. 6531 مترشحا ومترشحة لامتحانات البكالوريا الجهوية والوطنية    الرقص على الجراح    التباس مفهوم العدالة وتحولاتها التاريخية    غواية النساء بين البارابول ومطاردة الشوارع    دراسة: القطط بوابة خلفية لانتقال أنفلونزا الطيور إلى البشر    تصريحات صادمة لفاوتشي بشأن إجراءات التباعد وقت كورونا تثير جدلا    واشنطن تؤكد أهمية دعم المغرب لمقترح بايدن وتشيد بجهود الملك محمد السادس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    وليد الركراكي يعقد الخميس ندوة صحفية قبيل مواجهة زامبيا    بطولة إيطاليا.. ماروتا رئيساً جديداً لإنتر    في صفقة تاريخية.. المغرب يقترب من تعزيز دفاعه بشراء 131 طائرة جديدة صنف F-16 من الولايات المتحدة    الدبلوماسية ‬المغربية ‬تتفوق ‬في ‬انفتاحها ‬على ‬آفاق ‬آسيوية ‬واعدة    الحكومة ‬الفرنسية ‬تشدد ‬الخناق ‬على ‬المستفيدين ‬من ‬المعاش ‬خارج ‬فرنسا‮    شرطة سان فرانسيسكو تحتجز 70 محتجا أمام القنصلية الإسرائيلية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يدخل عالم تصنيع الأسلحة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربع من رهائنه في غزة    رحلة لتركيا مع برنامج رائع وثمن مغري مع وكالة الأسفار والسياحة موركو ترافل بتطوان وطنجة    وزان: استفادة أزيد من 130 شخصا من حملة في طب العيون    صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجديدة.. حذار من تكرار نفس الأخطاء    بلينكن يهاتف بوريطة بشأن مقترح وقف إطلاق النار في غزة    المغرب يعزز دفاعه بإنشاء مناطق للصناعة العسكرية    مودريتش يتمسك بالبقاء مع ريال مدريد ويرفض عروض خليجية بقيمة خيالية    طواف المغرب للدراجات : الفرنسي جيرار داميان يفوز بالمرحلة الرابعة ومواطنه بول كونيي يحافظ على القميص الأصفر    1.1 مليون كتاب بيع في معرض الرباط بينما رقم المعاملات تجاوز 120 مليون درهما وفق وزير الثقافة    الأمثال العامية بتطوان... (615)    القبايل بين خيار الحكم الذاتي أو الاستقلال !؟    وزان تحتضن الدورة الأولى من الأيام السينمائية    "بوحمرون" يستمر في حصد الأرواح نواحي تنغير.. والحصيلة ترتفع إلى 7 وفيات    أهمية صناعة السينما والمحتوى البصري بفعاليات اليوم الأول لمهرجان روتردام للفيلم العربي    جمع عام استثنائي بالدار البيضاء للغرفة الوطنية للمنتجين السينمائيين    أفلام وحكام مهرجان "الرباط كوميدي" الخامس: مسابقة الأفلام الكوميدية القصيرة.    الأمثال العامية بتطوان... (613)    المغرب يسجل 47 إصابة جديدة ب"كوفيد"    جهة الرباط تتصدر إصابات "كورونا" الجديدة    توديع فوج حجاج إقليم تاوريرت المتوجهين إلى بيت الله الحرام    وصول أولى طلائع الحجاج المغاربة إلى المدينة المنورة يتقدمهم حجاج الأقاليم الجنوبية    عامل المضيق الفنيدق يستقبل الحجاج المتوجهين للديار المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب ومعركة تحجيم إسرائيل
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 01 - 05 - 2010

الجدية التي يواجه بها الرئيس الأمريكي سياسة الاستيطان الإسرائيلية، تشير إلى أن هناك فرصة جديدة للتقدم في الجهود العالمية للحد من معاملة إسرائيل كدولة استثنائية أو فوق القانون. وبصرف النظر عما إذا أدى ذلك إلى تسوية سياسية للنزاع العربي الإسرائيلي أم لا، تشكل هذه المعركة المقدمة الضرورية لمعركة عزل إسرائيل وتعرية سياساتها التوسعية. ولا ينبغي على العرب أن يبقوا في هذه المعركة مكتوفي الأيدي، وهم المعنيون الرئيسيون بها، رغم أن تفجيرها لم يكن ثمرة مباشرة لجهودهم، ولا حتى بدافع اكتشاف التكتل الغربي عدالة القضية الفلسطينية، ولا نتيجة أي شعور بالشفقة أو الرحمة على العرب والفلسطينيين، وإنما ببساطة بسبب خوف ذلك التكتل على مصالحه، والسعي إلى امتصاص نقمة الشعوب العربية، وإعادة بعض الصدقية للسياسة الغربية، والحيلولة دون أن تسقط المنطقة أكثر في حضن قوى الممانعة.
والمشكلة أن الرغبة الأميركية الأوروبية المعلنة اليوم للحد من التواطؤ التاريخي الجائر مع تل أبيب لتهدئة الأوضاع الشرق أوسطية، جاءت في أحلك ظرف. فلم تكن إسرائيل أكثر تطرفا ومبالغة في مطالبها وأطماعها مما هي عليه الآن. بينما لا يكاد المراقب السياسي يرصد أي تغيير إيجابي مقبل على سياسة التنازع والمواجهة الداخلية بين الأطراف والفرق الفلسطينية المتنافسة.
أما العرب فقد خرجوا من صراعات العقد الماضي بإرث من التنازع والتفتت والتشكيك في ما يجمع بينهم أو يبرر تضامنهم وعملهم المشترك، يجعل أي مسعى للم شملهم ودفعهم إلى الحديث بصوت واحد، أو التصرف ككتلة أو مجموعة متسقة على الساحة الدولية، بمثابة طلب المستحيل. فلم تقل نتائج صدمة انهيار الجبهة العربية مع غزو العراق، وتفكيك بنيته العسكرية والسياسية، على العالم العربي، عن تلك التي أعقبت خروج مصر من الإجماع العربي في الثمانينيات، وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد... أعني فرط عقد أي إجماع عربي، قائم أو محتمل، وتقوقع الدول والنظم والمجتمعات على نفسها ومشاكلها الداخلية، وانسحابها من السياسة الدولية، وبالنتيجة انعدام هامش مبادرتها السياسية والاستراتيجية. فهي لا تزال منقسمة اليوم، كما كانت دائما، بين كتلتين كلتاهما تحميان ظهريهما بتحالفاتهما الخارجية، ولا أحد يراهن على قوته الذاتية. ولم يختف أي مشروع عمل عربي مشترك للمستقبل ومعه أي إمكانية لصوغ أجندة عربية فحسب، وإنما اختفت أيضا أية مشاريع عمل داخلية، وأي قاسم مشترك وطني. وهذا ما يفسر ما نشاهده من تشابك بين النزاعات الداخلية الطائفية والإثنية والسياسية والنزاعات العربية العربية، وبينها وبين النزاعات الإقليمية والدولية.
هكذا تخيم على العرب حالة من الفوضى الفكرية والسياسية، ومن التفكك والتهلهل والضياع تجعل أكثرهم منشغلين بهمومهم الخاصة، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والطائفية والإثنية، من دون الإشارة إلى هموم انتقال الحكم التي تشكل هاجساً لأكثر من نظام. فجميع الأقطار العربية أو أهمها تعاني من اهتزازات وتشنجات وتهديدات بزعزعة داخلية لا أحد يعلم مدى عمقها ومآلاتها. وبمقدار ما استغلت الحكومات العربية أو جلها إخفاق مسار السلام ذريعة لتأجيل الإصلاح بكل معانيه وجوانبه، تجد نفسها اليوم ضحية الإحباطات المتراكمة وتصاعد الضغوط المادية والنفسية على الأفراد والجماعات، مع الافتقار لأي هامش مبادرة داخلية وخارجية حقيقية.
وبالمقابل، يستدعي الحصول على نتائج واضحة في المعركة الدائرة حول تجميد الاستيطان اليهودي، أو على الأقل تجنب أن تخرج إسرائيل من هذه المعركة بنجاح إعلامي ودبلوماسي، يظهر فيه العرب وكأنهم غير جديين في التوصل إلى حل للنزاع أو غير قادرين عليه، أو غير متفقين في ما بينهم، أقول يستدعي تجنب خسارة جديدة مراجعة جدية للاستراتيجية العربية، وربما إعادة ترتيب الأولويات.
وفي اعتقادي أن دعم جهود الإدارة الأميركية في تقليم أظافر الوحش الاستيطاني ومواجهة نفوذ اللوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة وخارجها، يستدعي اتخاذ مبادرات نشطة وجريئة لتغيير صورة العرب ووزنهم النوعي في السياسة الدولية نفسها، وذلك على ثلاثة محاور رئيسية. محور إعادة بناء المجتمعات العربية من الداخل، وهذا ما يستدعي البدء بإصلاحات عميقة وشاملة تعيد الثقة للشعوب العربية وفيها، وتحولها إلى رصيد في المواجهات المحتملة. ومحور إعادة بناء التكتل العربي الإقليمي، ولا مانع أن يأخذ هذا التكتل شكل تحالف أو تجمع اقتصادي أو كونفيدرالية تجمع الدول العربية الرئيسية المعنية مباشرة. وأخيراً محور العلاقات الخارجية التي تستدعي ما ينبغي تسميته المصالحة مع العالم، وليس مع دول الجوار فحسب.
فالمناخ السائد في العالم العربي منذ الاستعمار وتجربته المريرة، وبسبب المواقف الغربية المحابية لإسرائيل والمعادية لتطلعات العرب والمسلمين المشروعة، هو مناخ القطيعة، ومن ورائها الانكفاء على النفس والتطلع نحو الماضي، وإحياء الصداقات أو الوشائج القديمة. ومن المؤكد أن مثل هذا الموقف يزيد في عزلة العالم العربي ويعمق هشاشة وضعيته الاستراتيجية. والمقصود أن يعمل العالم العربي على الخروج من التهميش الذاتي الذي اختاره، وأن يسعى بجد، وبحركة جماعية متسقة، إلى فك العزلة وانتزاع مواقع قوية في قلب العالم الصناعي، وفي وسط الرأي العام الدولي، من دون خوف أو شعور بالنقص. وهذا ما يحتاج إلى خوض حوار بناء، رسمي وأهلي، مع المجتمعات الغربية والشرقية معاً.
وفي نظري، مهما كانت نوايا الإدارة الأميركية حسنة تجاهنا، فلن نستطيع تطويق إسرائيل وفضح سياساتها التوسعية والعدوانية من دون أن نغير أولا من طبيعة العلاقات التي تربطنا بالعالم، والتي تعمل اليوم لغير صالح العرب، وتمنعنا من طرح أنفسنا كشريك شرعي وكامل العضوية في المفاوضات الدولية والنقاشات العالمية حول مستقبل السياسة الدولية.
ويخشى، إذا لم نفعل ذلك، وثابرنا على السلوك ذاته كما فعلنا في العقود الأربعة الماضية، أن لا نحصد شيئاً سوى المزيد من التراجع والانكفاء، حتى في ظل إدارة أميركية تبدو حريصة اليوم على إظهار التزامها بالمبادئ السياسية والأخلاقية. إذ سيكون بمقدور إسرائيل دائما الاستفادة من غياب صدقية العرب الاستراتيجية، ووهن عزيمتهم الجمعية، والطابع الاستثنائي لنظمهم السياسية، وانقساماتهم التي لا تنتهي، كي تعلن كعادتها غياب المحاور أو الشريك الجدي، وتحملهم مسؤولية انعدام التقدم في طريق التسوية السياسية... ومن ثم تجنيب سياسة الاحتلال والاستيطان الانتقاد والإدانة الدوليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.