الأرشيف المستدام    دراسة مواقف وسلوكيات الشعوب الأوروبية تجاه اللاجئين المسلمين التجريد الصارخ من الإنسانية    اعتصامات طلاب أمريكا...جيل أمريكي جديد مساند لفلسطين    سيدات مجد طنجة لكرة السلة يتأهلن لنهائي كأس العرش.. وإقصاء مخيب لسيدات اتحاد طنجة    العفو الملكي    شحنة كبيرة من الكوكايين تستنفر أمن طنجة    رأي حداثي في تيار الحداثة    دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    طقس الإثنين.. أجواء حارة وأمطار خفيفة ببعض مناطق المملكة    التضامن يعلو مجددا في طنجة .. مسيرة للتذكير بمأساة غ.زة    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    يوسف النصيري دخل تاريخ إشبيلية مع أحسن 10 هدافين دازو عندهم    "عكاشة" يكذب محاولة "تصفية سجين"    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تنتقد تدبير قطاع الاتصال..وتنبه لوضعية المقاولات الصغرى والجهوية    رئيس جمهورية غامبيا يستقبل المدير العام للإيسيسكو في بانجول    الزمالك يحدد موعد الوصول إلى بركان    النصيري يعاقب "غرناطة" بهدف جديد    المغربي اسماعيل الصيباري يتوج بلقب الدوري الهولندي رفقة إيندهوفن    حسنية أكادير تنفي حصولها على منحة 15 مليون من الرجاء    نتانياهو سد "الجزيرة" فإسرائيل    البرتغالي گيريرو غايب على البايرن فماتشها ضد الريال    نتنياهو يريد بقاء حماس في السلطة، "ودوافعه الخفية كُشفت" – جيروزاليم بوست    النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام    "فنون شعبية على ضفاف درعة".. وثائقي يسلط الضوء على التحولات التي شهدتها فنون زاكورة (فيديو)    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    فيلم "من عبدول إلى ليلى" يفوز بالجائزة الكبرى لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    وزارة الثقافة تسعى لحماية "شباب التيكتوك" من الانحلال الأخلاقي        بمساعدة المغرب.. إسبانيا تحبط عملية تهريب طن ونصف من الشيرا ب"تينيريفي" (فيديو)    وصل لأعلى مستوياته التاريخية.. التداول النقدي فات 400 مليار درهم    موجة حر مرتقبة بمناطق في المغرب    مؤتمر القمة الإسلامي يؤكد رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس بسيادة الدول    المغربية آية العوني تتوج ببطولة أنطاليا لكرة المضرب    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    المغرب يسحب أول دفعة من قرض 1.3 مليار دولار من صندوق النقد الدولي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    زوجة الدكتور التازي تعانق الحرية في هذا التاريخ    المكتب الوطني المغربي للسياحة غيربط غران كاناريا بورزازات مع شركة بينتر للطيران    لشكر زعيم الاتحاد الاشتراكي: الشعب الجزائري يؤدي الثمن على دفاع نظامه على قضية خاسرة والعالم كله يناصر مغربية الصحراء    قتلى ومفقودون جراء فيضانات البرازيل    حقيبة يد فاخرة بسعر سيارة .. استثمار ذو وزن    نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    "نوستالجيا" تحصد جائزة الجم للمسرح    برلماني يسائل وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات..    برنامج دعم السكن ومشاريع المونديال تنعش قطاع البناء خلال اوائل 2024    اختلاس وتبديد فلوس عمومية جرّات مسؤولين فمركز الاستشارة الفلاحية بالحسيمة لغرفة الجنايات ففاس    هل زيادة 1000 درهم في الأجور قادرة على مواكبة نفقات الأسر المغربية؟    قلعة مكونة تحتضن الدورة 59 للمعرض الدولي للورد العطري    ڤيديوهات    الفنان الجم يكشف حقيقة إشاعة وفاته    وضعية الماء فالمغرب باقا فمرحلة "الإنعاش".. نسبة ملء السدود وصلت ل32 فالمية وبدات فالتراجع    طنجة.. مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس" يرفع شعار الإبداع والتلاقح الفني    دراسة.. نمط الحياة الصحي يمكن أن يضيف 5 سنوات إلى العمر    الأمثال العامية بتطوان... (589)    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكتسبات والمعيقات والتحديات» للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي 2/2
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 27 - 07 - 2015

تنتظم قراءتنا النقدية لهذا التقرير التحليلي ، حول خمسة عناوين رئيسة تركز على الجوانب المنهجية، على أن تتلوها لاحقا قراءات وملاحظات تشمل مضامينه وخلاصاته.
وللتذكير فقد أحدث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتاريخ 16 ماي 2014، تطبيقا لمقتضيات دستور2011، ليحل محل المجلس الأعلى للتعليم . ومن أدواره فضلا عن تقديم المشورة ،» تنوير ذوي القرار والفاعلين والرأي العام، بواسطة التقييمات الكمية والنوعية، المنتظمة والدقيقة لمختلف مكونات منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي «.لذلك كان من الطبيعي أن ينجز هذا التقرير ألتقييمي والذي جعلناه محورا لهذه القراءة النقدية والتي نبغي منها ،المساهمة بدورنا و بموضوعية وتجرد ،في تنوير كل من يهمه الأمر بمن فيهم أعضاء الهيأة التي أشرفت على إعداده، والمساهمة بالتالي في تطوير التعليم ببلادنا.
4 - فقر منهجي وغياب النموذج
سواء في تقديم التقرير أو في المذكرة المنهجية في نهايته (ص 173)، يتحدث واضعوه عن المنهجية المتبعة في التقييم،بقولهم، «إن الأمر يتعلق بتقييم تراكمي واسترجاعي وشامل. فهو تراكمي، لأنه يتتبع المراحل الكبرى لتطبيق الإصلاحات المنصوص عليها في الميثاق. وهو استرجاعي، لأنه يعالج التطور الحاصل خلال فترة تتعدى العشرية، وذلك ابتداء من سنة 2000. وهو شامل، لأنه لا يقف على كل تفاصيل توصيات الميثاق. وقد واجه هذا التقييم الشامل إكراهات مقترنة بمدى توفر المعطيات الكمية والكيفية. ففي غياب نظام إعلامي يسمح بولوج قواعد المعطيات الكمية المتجانسة والتي تحظى بالمصداقية، اضطر هذا العمل التقييمي إلى اعتماد معطيات متفرقة وخام، بذلت الهيئة الوطنية للتقييم مجهودا كبيرا لتنظيمها مسبقا وتصحيحها.»
كما يذكر التقرير أنه تم اعتماد منهجيتين، نظرا لحدود التقييم الإجمالي وهما:
أولا: منهج مقطعي يعمل على تقييم كل دعامة من دعامات الميثاق، انطلاقا من الأهداف التي رسمها؛وعلى القياس الكمي والتقديرات الكيفية للفوارق القائمة بين ما هو منصوص عليه في الميثاق وبين النتائج التي تم تحقيقها.
ثانيا : منهجية مستعرضة و شمولية تركز على الدعامات الرئيسية للميثاق، التي تمثل الرهانات الكبرى لنظام التربية والتكوين وتعمل على تقويم مدخلات inputs ومخرجات outputs نظام التربية والتكوين والبحث العلمي من خلال المداخل التالية:
1 - الموارد )المادية والبشرية(التي تمت تعبئتها خلال عشرية الإ صلاح من جهة، ومدى ملاءمتها لأهداف وتوصيات الميثاق من جهة أخرى، وكذلك تكوين المدرسين والدعم الاجتماعي.
2 - عمليات تطبيق الميثاق من خلال الأجهزة القانونية والمؤسساتية، والإصلاحات التي تم الشروع فيها، والإجراءات المتخذة وكذا آليات الحكامة الموضوعة، لنظام التربية والتكوين. وقد شكل مرجعا أساسيا بالنسبة لتقييم الفوارق القائمة بين ما نص عليه وما تم تطبيقه.وعدة الإصلاح البيداغوجي...
3 - النتائج المحصل عليها عند نهاية عشرية تطبيق الميثاق (المخرجات)عبر:
-. تعميم وتوسيع التربية ؛- إنجازات المدرسة والجامعة مع التأكيد على أهم المداخل المحددة لجودة النظام التربوي والتجديد الفعلي للمدرسة، والمتمثلة في مكتسبات التحصيل الدراسي للتلاميذ والإنصاف المدرسي و المردودية الخارجية والاندماج المهني، وكذا تثمين البحث العلمي ...»
إننا لا نفهم كيف يمكن أن تكون المنهجية مقطعية ومستعرضة وشمولية في نفس الآن، ففي الطب مثلا، تستعمل هذه «الطريقة»، فيقال الفحص بالأشعة المقطعية في التشخيص، ولكن في سياق مغاير وبأدوات ولأهداف مختلفة تماما. أما في حالتنا فإن المنهجية المعتمدة في هذا التقرير هي المنهجية المبنية على المقاربة النسقية (المدخلات- العمليات- المخرجات) دون أن يدري واضعوه او على الأقل دون آن يذكروا ذلك. لكنهم يستعملون التحليل النسقي بشكل ناقص وبعد إفراغه من محتواه. وكانت النتيجة التقليل من شأن العديد من الجوانب والمدخلات المهمة وفي مقدمتها الجوانب البيداغوجية والديداكتيكية والنماذج المنهاجية (الكريكلومية) والعمليات التربوية المصاحبة من استراتيجيات وطرق ووسائل تربوية وأنشطة موازية وبرامج الدعم والمواكبة... فأتت كلها باهتة في التقرير حيث لم تغطيها سوى بضع صفحات محسوبة على رؤوس الأصابع، من حجم التقرير الذي بلغ 187 صفحة من الحجم الكبير.في حين أن إصلاح التعليم،في نظرنا، هو إصلاح بيداغوجي - نفسي ثقافي - أخلاقي بالأساس وبالدرجة الأولى وهي الجوانب التي همشها التقرير الذي أغرقنا في مستنقع من المعطيات الكمية، وليس الإصلاح ببناء المدارس وربطها بشبكة الكهرباء والقضاء على الاكتظاظ والأقسام المشتركة وإعداد المدرسين وتوفير دورات المياه...فهذه الأمور ،هي من التصريف اليومي العادي، الذي يجب أن يوكل للمؤسسات و النيابات والأكاديميات ، وينبغي ألا نفخر بها على مستوى المركز كمنجزات، بل ينبغي أن نخجل من الحديث عنها بعد 60 سنة من الاستقلال.
كما كان بالإمكان اللجوء إلى نماذج و منهجيات للتقييم أكثر ملاءمة وأكثر تطورا ،بدل تكرار الشكوى من انعدامها. «وفي الحقيقة، كما يقول المؤلفون، فإن هذا التقرير لا يتضمن تقييما للأثر الحاسم أو للنجاعة، بسبب ندرة المعطيات والنمذجات الملائمة». وهذا غير صحيح ،فالمنهجيات والنماذج متوفرة ، ومن بين المنهجيات التي كان بالإمكان تطبيقها ، في هذا التقرير،نذكر على سبيل المثال، التحليل الإستراتيجي في التقييم وهو نموذج يحظى بأهمية بالغة اليوم ، عند تقييم المؤسسات والأنظمة .
يعتبر التحليل الإستراتيجي أداة رئيسة لتحديد العناصر الإستراتيجية في البيئة الخارجية (السياق والمحيط ) من فرص متاحة ومخاطر تحد من قدرة المنظومة على الاستفادة من هذه الفرص، وموازنتها مع عناصر القوة والضعف في البيئة الداخلية للمنظومة .
والغاية من التحليل الإستراتيجي ،هي معرفة وتوظيف أربعة مفاهيم أساسية : نقاط القوة والضعف الداخلية، الفرص والتهديدات الخارجية. وهذا التحليل يبنى على دراسة المنظومة من جوهرها والمحيط الذي هو حولها. وأمام غياب مثل هذا النموذج في التحليل، أتى التقرير التقييمي ضعيفا من حيث النظرة الشمولية ومن حيث ربط المنظومة بالسياقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... والتي لها بالغ الأثر في منظومة التعليم، ومن حيث ما كان سيضيفه التحليل السوسيولوجي لفهم أزمة التربية والتعليم ،من معطيات ثمينة. إننا نعتقد أن أي تشخيص للوضعية و أية إستراتيجية إصلاحية تتجاهل السياق العام للمنظومة والسياسة العامة للبلاد، محكوم عليها بالفشل.
5 - ضعف المصادر ومراجع منتهية الصلاحية
وفي مقابل ذلك القصور في المقاربة البيداغوجية النسقية وغياب النظرة الإستراتيجية والتحليل السوسيولوجي ،نجد واضعي التقرير يتهربون ويبررون، «إن التقييم الشامل لتطبيق الميثاق، يجب أن يركز على تقويمات قطاعية مقترنة بمختلف جوانب نظام التربية والتكوين والبحث العلمي وبكل مكوناتها ومردوديتها الداخلية والخارجية. والحال، أن هذه التقييمات القطاعية والمنجزة بشكل نسقي ومنظم، منعدمة». لهذا، ستكون مهمة تجاوز هذه الوضعية مستقبلا (إن شاء الله)، موكولة ،حسب واضعي التقرير ،للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، عبر جهازه وهو: الهيئة الوطنية للتقييم.
وبالنسبة للمصادر يقول تقرير المجلس :»ومن أجل القيام بتقييم تطبيق الميثاق، سيرتكز هذا التقرير على بعض التقييمات القطاعية، في حال توفرها، مثل تقييم البرنامج الوطني لتقييم التحصيل الدراسي PNEA الذي أنجز على المستوى الوطني سنة 2008، والتقييمات المنجزة على المستوى الدولي من طرف الهيئة الدولية لتقييم التحصيل التربوي IEA ما بين سنتي 2000 و2011 والاتجاهات في الدراسة الدولية للرياضيات والعلوم TIMSS والدراسات الدولية لقياس مدى تقدم القراءة في العالم PIRLS والتي دأب المغرب على المشاركة فيها منذ سنة 1995. كما سيرتكز على تقييمات البحث المنجز سنة 2003 حول العلوم الحقة وفي سنة 2006 حول العلوم الإنسانية، والتي وفرت معطيات لتقييم المردودية الداخلية لنظام التربية والتكوين والبحث العلمي، وأيضا على أبحاث متعلقة بالإدماج المهني، أجريت بثلاث جامعات وأبحاث حول مسارات خريجي التكوين المهني، لتقييم المردودية الخارجية، فضلا عن معطيات بحوث أخرى. كما اعتمد هذا التقرير على معطيات القطاعات الوزارية التي قامت الهيئة الوطنية للتقييم بتجميعها، استنادا إلى القاعدة الطولية للتربية (BLE) وقاعدة المعطيات الديموغرافية و المنوغرافيات والدراسات المنجزة حول التربية والتكوين بالمغرب.
فيما يخص مصدر تقييم مكتسبات التلاميذ والأداء المدرسي، يتعين كذلك وحسب تقرير المجلس، «التوقف عند نتائج الدراسة المنجزة في إطار البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات» (PNEA) ،والتي أنجزت منذ سنة 2008؛ وهي دراسة همت أربعة مستويات )الرابعة والسادسة ابتدائي، والثانية والثالثة إعدادي(؛ وكان الهدف منها تقييم مكتسبات التلاميذ في الرياضيات والعلوم واللغتين العربية والفرنسية.هذه الدراسة شكلت قاعدة معطيات البرنامج الوطني لتقييم المكتسبات الدراسية وشملت هذه القاعدة، كذلك، عدة أنواع من المعطيات، من قبيل الاختبارات، والخصوصيات الفردية )استمارة التلميذ(، وخصوصيات المدرسة )استمارة المدير(، وخصوصيات الأسرة )استمارة الآباء(واتسمت العينة المعتمدة فيها بكونها شمولية: إذ ضمت 230 مؤسسة ابتدائية،و 212 مؤسسة إعدادية؛ وشملت ما مجموعه 6900 تلميذ في الابتدائي، و 6360 تلميذ في الإعدادي.
ويذكر المجلس أنه و بالإضافة إلى تلك المصادر و«للتخفيف من نقص المعطيات الكيفية(النوعية) الضرورية لتقييم الجوانب التي لا يمكن تكميمها، تم إنجاز دراسات حول الحكامة واستطلاعا للرأي حول تصور مدرسي الابتدائي والثانوي لتطبيق الميثاق، وهي الدراسات التي أغنت هذا التقرير».
وللتذكير فإن العديد من الدراسات المعتمدة كمصادر في هذا التقرير التحليلي، أنجزت أوائل عهدنا بالميثاق وانتهت مدة صلاحيتها. كما أن بعض القواعد المعتمدة في هذا التقرير تستند على معطيات قديمة تم التوصل إليها منذ أزيد من عشر سنوات. وحتى الدراسات التي أنجزها مؤخرا المجلس الأعلى للتعليم في نسخته الحالية الجديدة، غير ملائمة ومتسرعة، رغم المدة الطويلة والكافية التي خصصت لإعداد رؤيته الإستراتيجية . وعلى سبيل المثال نذكر «الدراسة الاستطلاعية لآراء المواطنين المساهمين عبر البوابة الإلكترونية للمجلس الأعلى، في النقاش المفتوح حول تشخيص حالة المنظومة التربوية واستشراف آفاق تطويرها والتي اعتمدها في إعداد «رؤيته لإصلاح المدرسة المغربية 2015-2030».. هذه الدراسة التي أنجزت سنة 2013 ونشرها المجلس في 114 صفحة سنة 2014 تحت عنوان :» تشخيص حالة المنظومة واستشراف آفاق تطويرها: دراسة استطلاعية لآراء المواطنات والمواطنين».
حيث طلب المجلس عبر موقعه في الشبكة العنكبوتية، من مختلف المواطنات و المواطنين والفاعلين و المهتمين بالشأن التربوي، تقديم آرائهم وتصوراتهم وفق ثلاثة محاور أساسية:
- جرد أهم مكتسبات منظومة التربية والتكوين المنجزة التي ينبغي تعزيزها وتثمينها؛
- رصد الاختلالات التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين؛
- تقديم الاقتراحات والتصورات الكفيلة بتطوير المنظومة وتأهيلها؛
وتبعا لذلك، تلقى المجلس 4000 مساهمة، وبعد مراجعتها، تم الاحتفاظ ب 1700 مساهمة في مرحلة أولى. وبعد تمحيص المساهمات في ضوء المنهجية المؤطرة لهذه الاستشارة العمومية، تم الاقتصار على 1027 مساهمة قابلة، حسب معدي الدراسة، للاستثمار بشكل «علمي ومنهجي»، بعد توزيعها على مجموعة من الفئات، سواء تلك المنتمية للحقل التربوي، أو المهتمة به.
* * *
إننا نتحفظ على هذه الدراسة الاستطلاعية والتي اعتمدها المجلس في وضع تقريره التقييمي وإستراتيجيته الإصلاحية وكنا نفضل أن يقوم ببحث تشخيصي معمق، بدل الدراسة الاستطلاعية والتي لا تقبل أكاديميا و لا يمكن اعتماد نتائجها علميا، سوى باعتبارها خطوة استكشافية أولية وتمهيدية لبحوث أكثر عمقا. و يلجأ إليها الباحثون في العادة، كتمهيد لبلورة إشكالية البحث واستكشاف فرضياته ووضع أدواته .
كما نتحفظ عليها لأننا نفضل البحوث الميدانية التي تتصل بشكل مباشر بأفراد العينة بواسطة المقابلات او الاستمارات وغيرها وللمجلس من الإمكانيات المادية والبشرية ما يمكنه من ذلك.
ولقد أعفانا المسؤولون عن هذه الدراسة الاستطلاعية، من عناء النقد،حيث يذكرون تحت عنوان «حدود الدراسة وصعوباتها» (صفحة 15 وما بعدها) ما يلي: «تتداخل في موضوع هذه الدراسة الاستطلاعية عدة عوامل، وتؤثر فيهاعدة متغيرات ?صعب حصر?ا والتحكم فيها. فهي لا تدعي الإحاطة بالموضوع المستطلع من جميع جوانب?ا، والتمكن من بلورة رؤية مكتملة حول الموضوع، بالنظر لكون العديد من الجوانب تم إغفالها، ولم تنل حظها1من النقاش والتحليل والتشخيص، كالجوانب النفسية والثقافية والسوسيو-اقتصادية والبيئية، الداعمة والمحتضنة لمنظومة التربية والتكوين. وعليه، فقراءة النتائج والخلاصات المتوصَّل إليها ضمن هذه الدراسة تظل رهينة السياق الذي أفرزها وطبيعة العينة التي تجاوبت مع استشارة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي».
وعلى العموم، يمكن إجمال الحدود والصعوبات،(حسب محرري هذه الدراسة)، فيما يلي:
«- ضيق الحيز الزمني المخصص لتلقي مساهمات المواطنين والمواطنات الممتد من شتنبر 2013 إلى غاية أكتوبر من نفس السنة .»وعن ضيق الحيز الزمني المخصص لإنجاز الدراسة، نعتقد أن في المسألة خطأ ما، نظرا للمدة الطويلة والكافية التي استغرقها المجلس لإعداد رؤيته».
- «صعوبة استكمال بعض المعلومات الواردة على البوابة الإلكترونية للمجلس، من خلال مراجعة أصحاب المساهمات»؛
- «آراء رجال التعليم ووجهات نظر الفئات الأخرى المساهمة في الدراسة، لا يمكن اعتبارها محايدة (رجال التعليم المساكين...) إلا في حدود معينة، فهم يعتبرون أنفسهم طرفا معنيا بالدراسة؛ ولهذا يحاولون من خلال إجاباتهم التأثير في مجريات الدراسة، وإبراز الجوانب التي تهمهم وتحظى بانشغالاتهم، وتسليط الضوء أكثر على الاختلالات التي تتسبب فيها الفئات الأخرى، وإلقاء اللوم أكثر عليها، وتحميلها مسؤولية الإخفاق»؛
- كما يعترفون «بصعوبة التأكد من صفة المساهمين(ات) وطبيعة فئاتهم؛ حيث وردت بعض المشاركات دون تغيير ضمن مجموعة من الفئات، وأخرى تم إدراجها مكررة في فئة معينة»؛
-»وبعشوائية العينة بحيث لم يتم ضبط عملية مشاركة الفئات، واشتقاق أفراد العينة طبقا لنظام حصص الفئات المسا?مة، تبعا لما هو موجود في المجتمع الأم، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار بعض معايير العينة، كالجنس، والسن، والسلم، والانتماء السوسيو مهني، والمستوى الدراسي والأكاديمي... وانتقاء أفراد من كل مجموعة بما يتناسب مع حجمها الحقيقي في المجتمع الأم».
فكيف يمكن اعتماد مثل هذه الدراسات في عمل كبير وخطير ، يرهن مستقبل الأجيال ومصير الأمة لخمس عشرة سنة قادمة؟
كما كان من الضروري اللجوء إلى دراسات مقارنة، لمقارنة تقييم الوضعية عندنا مع تقييمات بعض الدول لأنظمتها التربوية ،لأن الأشياء التي لا يمكن مقارنتها مع ما للآخرين لا قيمة لها في حد ذاتها، خاصة وأن أي تقييم لابد أن يستند على معايير الجودة المعروفة والمقبولة عالميا والتي لا يوليها هذا التقرير كبير عناية. فكان بالإمكان الاستئناس والاسترشاد المنهجي ببعض المنظمات الدولية التي تلجأ في هذا الإطار، إلى مقارنة أداء الأنظمة التربوية إقليميا و دوليا، من مثل :
- الجمعية الدولية لتقييم الفعالية في مجال التعليم (LEA).
- اليونسكو.
- شبكة Eurydice للمعلومات حول الأنظمة وسياسات التعليم في أوربا (...)
* * *
أما بخصوص المراجع المعتمدة و المثبتة في نهاية التقرير ( ص 168 وما بعدها) فلنا عليها جملة من الملاحظات، نلخصها في النقاط التالية:
1 -على 78 مرجعا معتمدا ،لا تمثل المراجع العربية سوى نسبة 10 في المائة وهي 8 مراجع فقط ، كلها مذكرات ووثائق صادرة إما عن المجلس نفسه وإما عن وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي.
2 - كما نجد 30 مرجعا من أصل 78 (اي بنسبة 38 في المائة )، مراجع صادرة عن وزارة التربية الوطنية نفسها،أي عن الجهة التي تشكل موضوع السؤال والتقييم والتي من المفروض أن نحاسبها على مدى تطبيقها أم لا، لتوصيات الميثاق (شهد شاهد من أهلها).
3 - كما تتضمن لائحة المراجع 13 مرجعا ،لهم أزيد من عشر سنوات وانتهت مدة صلاحيتهم ،على الأقل بالنسبة لهذا التقرير التقييمي.
4 - وخمسة مقالات فقط ، نشرت لمؤلفين مغاربة «يفكرون» ويكتبون باللغة الفرنسية .
5- و15 مرجعا لباحثين ومؤلفين أجانب..
6- لا تتضمن اللائحة ولو مرجعا واحدا لباحثين وأكاديميين مغاربة يكتبون وينشرون باللغة العربية ،أي لم «يعثر» مؤلفو التقرير، على كتاب أو بحث جامعي واحد أو مقالة واحدة حول التعليم في المغرب، صادرة بالعربية، خلال طول الفترة التي يغطيها التقرير (حوالي 14 سنة).. ألم ينتج المغرب بعد 60 سنة من الاستقلال، مفكرين وباحثين وكفاءات، كان يمكن الاعتماد عليهم والاستشهاد بهم في هذا التقرير «غير المسبوق»، لماذا هذا التهميش؟ إننا نطرح السؤال فحسب.
(*) أستاذ باحث في علوم التربية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.