تدخل أمني بمنطقة الروكسي بطنجة بعد بث فيديو يوثق التوقف العشوائي فوق الأرصفة    الأزمة بين الجزائر وفرنسا تتفاقم..        تدخل سريع يخمد حريقا اندلع بغابة "ازارن" بإقليم وزان والكنافي يكشف حيثياته    قرار المحكمة الدستورية بخصوص مشروع قانون المسطرة المدنية : تمرين دستوري يعيد بعض التوازن للسلط    لجنة عربية تطلق حملة ضد ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام    وزارة الخارجية تحتفل باليوم الوطني للمغاربة المقيمين بالخارج    حماس تتهم نتنياهو بالتضحية بالرهائن    حكيمي يرشح لجائزة "الكرة الذهبية" مع 8 لاعبين من باريس سان جرمان    منتخب المحليين يستعد لمواجهة كينيا    الوداد يعقد الجمع العام في شتنبر    الارتفاع يسم تداولات بورصة البيضاء    فشل الجزائر في قضية الصحراء المغربية يفاقم التوتر الدبلوماسي مع فرنسا    بني بوعياش.. اطلاق الشطر الاول لمشروع التأهيل الحضري        أول نسخة من "الهوبيت" تجني 57 ألف دولار    وزير الإعلام الفلسطيني : المساعدة الإنسانية والطبية العاجلة سيكون لها أثر إيجابي ملموس على حياة ساكنة غزة    الملك كضامن للديمقراطية وتأمين نزاهة الانتخابات وتعزيز الثقة في المؤسسات    عمر هلال يبرز بتركمنستان دور المبادرة الملكية الأطلسية في تنمية دول الساحل    الماء أولا... لا تنمية تحت العطش    لسنا في حاجة إلى المزيد من هدر الزمن السياسي        تيمة الموت في قصص « الموتى لا يعودون » للبشير الأزمي    «دخان الملائكة».. تفكيك الهامش عبر سردية الطفولة    السرد و أنساقه السيميائية    المغرب.. من أرض فلاحية إلى قوة صناعية إقليمية خلال عقدين برؤية ملكية استشرافية    فرنسا تلغي إقامة مغربي أشعل سيجارة من "شعلة الجندي المجهول" في باريس (فيديو)    زيلينسكي يدعو بوتين مجددا إلى لقاء لإنهاء الحرب في أوكرانيا والرئيس الروسي يعتبر "الظروف غير متوفرة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية قوية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الخميس إلى الأحد بعدد من مناطق المملكة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية كوت ديفوار بمناسبة العيد الوطني لبلاده        البنية التحتية للرباط تتعزز بمرآب تحت أرضي جديد    يوليوز 2025 ثالث أكثر الشهور حرارة فى تاريخ كوكب الأرض    ارتفاع أسعار الذهب بفضل تراجع الدولار وسط آمال بخفض الفائدة الأمريكية    "صحة غزة": ارتفاع وفيات التجويع الإسرائيلي إلى 197 بينهم 96 طفلا    سون هيونغ مين ينضم للوس أنجليس الأمريكي    "أيميا باور" الإماراتية تستثمر 2.6 مليار درهم في محطة تحلية المياه بأكادير    وكالة: وضعية مخزون الدم بالمغرب "مطمئنة"    صيف شفشاون 2025.. المدينة الزرقاء تحتفي بزوارها ببرنامج ثقافي وفني متنوع    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟    الفتح الناظوري يضم أحمد جحوح إلى تشكيلته        رخص مزورة وتلاعب بنتائج المباريات.. عقوبات تأديبية تطال أندية ومسؤولين بسبب خروقات جسيمة    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    الداخلة.. ‬‮«‬جريمة ‬صيد‮»‬ ‬تكشف ‬ضغط ‬المراقبة ‬واختلال ‬الوعي ‬المهني ‬    الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة التي فرضها ترامب تدخل حيز التنفيذ    المغرب ‬يرسّخ ‬جاذبيته ‬السياحية ‬ويستقطب ‬‮«‬أونا‮»‬ ‬الإسبانية ‬في ‬توسع ‬يشمل ‬1561 ‬غرفة ‬فندقية ‬    قروض ‬المقاولات ‬غير ‬المالية ‬تسجل ‬ارتفاعا ‬بنسبة ‬3.‬1 ‬في ‬المائة ‬    جو عمار... الفنان اليهودي المغربي الذي سبق صوته الدبلوماسية وبنى جسورًا بين المغرب واليهود المغاربة بإسرائيل    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    حين يتحدث الانتماء.. رضا سليم يختار "الزعيم" ويرفض عروضا مغرية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملتقى الوطني الأول للمدرسات والمدرسين بالوسط القروي

نود في البداية أن نطلع القارئ أن الدوافع التي جعلتنا نهتم بالكتابة في مجال التربية داخل الأسرة، إلى جانب اهتمامنا بمسألة التحديث المجتمعي انطلاقا من إعادة قراءة التراث بمختلف مكوناته من خلال استحضار الرصيد الفكري لرواد الفكر الفلسفي في التاريخ العربي والمغربي والغربي القدامى منهم والجدد، يتجلى في اقتناعنا الراسخ كون منطق التربية السائد يلعب دورا أساسيا في تردي الأوضاع النفسية والتعليمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية عند الفرد والجماعة داخل المجتمع (العنف، الفساد، الاضطرابات الزوجية، المخدرات، الاضطرابات الجنسية، واختلال مقاربة النوع، الفشل الدراسي والتثقيفي،....). كما نعتبر أن الخلل في المنظومة التربوية وفي الأسرة هو سبب رئيسي في استمرار تزايد المشكلات النفسية والسلوكية واللفظية عند الأطفال والشباب وما ينتج عن ذلك من معاناة لآبائهم وأمهاتهم وذويهم وكل من له علاقة بهم من قريب أو من بعيد (إثقال كاهل الأسر والمجتمع بمشاكل معقدة يمكن تفاديها بالتربية الصحيحة).
قد اتضح جليا أن تشبث الدولة المغربية بالانطلاق من الازدواجية الثقافية (أصالة/المعاصرة) منذ الاستقلال لم يساهم بالشكل المطلوب في بناء المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس رسميا منذ بداية عهده، بل سجل المتتبعون ميول «الكفة» إلى جهة المحافظة على حساب التحديث، ميول لا يمكن أن يعبر إلا على ثقل وعبء الرواسب التقليدية التاريخية على الثقافة المجتمعية وضعف الآليات المؤسساتية والمجتمعية للتخفيف من حدتها. وهنا لا بد من الإشارة أن التاريخ أكد أن التربية في عمقها إيديولوجيا من حيث ارتباطها بالواقع الاجتماعي بتطلعاته المختلفة وطبقاته وبالنظرة الفلسفية السائدة المتأرجحة بين تلك التي تتجه نحو الماضي والمعبرة على عدم قدرة المجتمع ورواد المحافظة استيعاب التطورات الكونية ومواكبة وثيرة تطور الحضارة الإنسانية في القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، والتي تولي وجهها نحو المستقبل.
ونظرا لاستفحال ظاهرتي الفقر والأمية في المجتمع المغربي، لا يمكننا أن نطمح من خلال الاهتمام بهذه المواضيع خلق آباء وأمهات مثاليين، بل دافعنا الأول هو فتح نقاش إعلامي للإسهام في التشجيع على خلق الالتقائية مجتمعيا بين الفاعلين في مختلف المجالات خاصة في مجال التربية والتعليم لزرع روح المثابرة من أجل تحقيق حياة تربوية أفضل داخل الأسرة، وبالتالي تخفيف العبء على الآباء والأمهات في مسارهم الأسري. دافعنا الثاني يتجلى في كوننا متأكدين أن ما يعانيه الكبار من نواقص وما يتعرضون له من أمراض وعقد نفسية وضغوطات وتراكمات سلبية لا يمكن أن يؤثر على متمنياتهم القوية والخالصة ليكون أبناؤهم أفضل منهم.
دافعنا الثالث هو كون العادات والتقاليد داخل مجتمعنا تقف عائقا حقيقيا أمام تمكين أسرنا من مقومات التضامن في تربية الأطفال حيث أن الدور الأساسي للأب في تربية الأبناء ودوره الحيوي في تقديم العون لزوجته لتمكينها من القيام بواجباتها بشكل متقون يبقى ناقصا وجد محدود. فالطفل، بقدر احتياجه لأمه، يحتاج إلى أبيه في كل لحظات حياته، يحتاج لمجالسته، وأخذه إلى المنتزه، وتوصيله إلى المدرسة، وتشجيعه وتعويده على القراءة والكتاب، ومساعدته في تحضير دروسه، ومشاركته اهتماماته،...إلخ.
دافعنا الرابع يتجلى في طموحنا في الإسهام في مساعدة المتزوجين الجدد والأسر الشابة على تنمية مهاراتهم التربوية والتدريبية والإرشادية والعلاجية، ومن تم تنمية مهارات أبنائهم وتعديل سلوكياتهم ومساعدتهم على تجاوز مشكلاتهم، إنه طموح مرتبط بقناعتنا كون طفل اليوم السوي هو رجل الغد السوي، وأن الإنسان السوي نفسيا هو أساس بناء المجتمع السوي المؤمن يقيم الحرية والديمقراطية والحداثة، وأن الإنسان الناجح هو الذي يتقن بمهارة وإبداع علاج جل المشكلات، ويعيش بذلك أفضل ممن لا يتقنها.
دافعنا الخامس يتجلى في اقتناعنا أن متطلبات العصر لا يمكن أن تسمح باستمرار اختلاف التربية باختلاف الطبقات كأساس للتمييز بين العامة والخاصة كما ساد في القرون الوسطى («إنزال الناس منازلهم»)، بل نريدها واحدة علمية لا تختلف لا شكلا ولا مضمونا، لا هدفا ولا طريقة، باختلاف «منازل» الأفراد والجماعات في السلم الاجتماعي، نريدها كذلك أن تكون أساسا لتحقيق التقدم الاجتماعي لكل المغاربة، تقدم يناهض بوعي منطق المحافظين الطامحين إلى الحفاظ على الوضع القائم.
دافعنا السادس، لا نريد في مغرب ما بعد التناوب التوافقي، مغرب العهد الجديد، أن يكون منطق التربية عائقا للتغيير والتجديد وآلية للحفاظ على التدرج الاجتماعي (تقوية السلطة التقليدية لمناهضة كل جديد وكأنه بدعة أو هرطقة)، بل يجب هنا أن يعلم المحافظون أن دفع القوى الحية بالبلاد بقول «نعم» في التدرج في التقدم السياسي ما هو ّإلا تعبير لقول «لا» للتمادي في خلق التمييز بين المواطنين من خلال وضع كل فرد في موضعه الذي يحدده له نسبه وحسبه وطبقته،....
دافعنا السابع، نطمح في الإسهام في أن تكون التربية أساسا لترسيخ الاعتقاد أن ما يجب أن تتعلمه الأجيال يجب أن ينتمي أكثر إلى الحاضر والمستقبل، وأن ما يزخر به الماضي من تراث يحتاج إلى إعادة القراءة والغربلة العقلانية. نماذجنا في خلق التحول في المنطق التربوي كأساس للتطور عديدة نذكر منها ثورة فولتر على الكنيسة التي شكلت درسا كبيرا في خلق التحول في المنظور التربوي، وثقافة الاتجاه إلى المستقبل في المجتمع الأمريكي (كنموذج مجتمع لا يجر وراءه تاريخا طويلا ومعقدا كما هو الشأن للمجتمعات الأوروبية والإسلامية)، وثورة ميجي اليابانية التي كانت منطلقا لتحقيق القفزة النوعية للمجتمع الياباني بهويته، وبالسرعة الفائقة، من ضفة التقليد إلى ضفة الحداثة والتقدم،...إلخ.
ورجوعا إلى الموضوع، عندما نتكلم عن «التربية العلمية» في الأسرة نعني بذلك توفر أرباب الأسر (الآباء والأمهات) على روح الاستعداد والإرادة الدائمة والمعرفة اللازمة التي تؤهلهم للعمل المستمر من أجل صنع المعجزات مع الأطفال من خلال آليات علمية وعملية، معجزات أساسها منح الحب الوافر، وإرساء القوانين السلوكية الواضحة، وتقديم المكافأة للسلوك الحسن. إن تطبيق التربية العلمية في الأسرة لا يمكن إلا يرفع من مستوى اكتساب الخبرة التربوية عند الآباء والأمهات والأبناء الكبار، خبرة تجعلهم في آخر المطاف قادرين على التعامل بعلم ومعرفة مع أي نوع من المشاكل التي تعترضهم في تربية الأطفال من نومهم إلى طعامهم، إلى سلوكهم وتعلمهم، إلى تقوية القدرة التدبيرية والتربوية لديهم من أجل تحقيق الهدوء والتناغم والتطابق مع مقومات الفطرة الإنسانية السليمة داخل البيت (لا يوجد حقيقة طفل سيء، بل كل الأطفال لديهم إمكانيات التصرف وفقا لما يتمناه أرباب أسرهم بدون سلب لإرادتهم وإخضاعهم لذويهم). بالتربية العلمية كذلك يندثر اليأس والتوتر والقلق حيال سلامة ومستقبل الأطفال، وتندثر كذلك الممارسات التي تؤذي الأطفال سواء جسديا، عقليا، أو عاطفيا. بالتربية الصحيحة، تنجح الأسرة في خلق أطفال سعداء وأصحاء نفسيا، أطفال بشخصيات مستقلة وفي نفس الوقت ملتزمة بالقواعد والحدود المتعارف عليها.
إن «التربية العلمية» هي مجموعة عمليات تأديبية مستمرة داخل الأسرة، عمليات لا علاقة لها بالعقاب القاسي، بل أساسها المدح الموضوعي المشجع وإرساء القواعد والقوانين والأخلاق واحترام الآخرين بعدل وحزم وإلحاحية، حيث يشترط في العملية التأديبية، كآلية لإيصال الرسائل المطلوبة إلى الطفل بسلاسة، أن يكون المربي عادلا وحازما وثابتا ومحافظا على هدوءه وضابطا لنفسه، وأن يعتبر مهماته التربوية من أمتع الأمور في هذه الحياة (الاستمتاع بالأبناء). وهنا عندما نتكلم على الحزم لا نعني بذلك تحميل الأطفال مسؤولية اتخاذ القرارات وهم عاجزون طبيعيا عن اتخاذ أي قرار (الحزم المطلوب لا يسبب في فقدان محبة الأطفال للآباء)، كما لا ينبغي في هذا الشأن مواجهة نوبات غضب الأطفال بصراخ مماثل، بل عبقرية المربي تتجلى في قدرته على إقناع الأبناء حسب سنهم، ومساعدتهم على تقوية الثقة في أنفسهم بدون أن تتجاوز توقعات المعقول والممكن، وبدون أن نحملهم مهامات لا تتناسب مع عمرهم حتى لا يقعوا فريسة للفشل. أما بخصوص المدح، فهو أحسن وسيلة لتعويد الأطفال على الصواب (التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول)، إنه وسيلة أكثر تأثيرا على الأطفال من المكافأة (لا يجب المبالغة في المكافأة المادية كشراء الحلويات والألعاب) ومن التعبيرات العاطفية والتقديرات المعنوية. كما يلعب التزام الأسرة بروتين معين ثابت للجميع وقابل للمرونة في الحالات الاستثنائية كالإجازات والسفريات دورا جوهريا في تعويد الطفل على النظام والترتيب (أوقات النوم والاستيقاظ، وجبات الطعام، أوقات الاستحمام،.....) وفي نفس السياق، تكتسي عملية التعامل مع المشكلات النفسية والسلوكية للأبناء أهمية كبرى في العملية التربوية، فإلى جانب ضرورة الوعي والشعور بهاته المشكلات، يبقى من واجب المربي الإلمام بمهارات وفنون حلها وعلاجها تجنبا لتعقيدها وتفاقمها جراء استعمالات خاطئة (سنعود لهذه المواضيع في مقالات لاحقة).
خاتمة:
لا أحد يجادل في أن تطور المجتمعات تاريخيا كان دائما مرتبطا بشكل أو بآخر بتطور النظريات التربوية حيث تكون هذه الأخيرة مرآة للتطور البشري. لقد تجسدت هذه الحقيقية في كل كتابات رواد الفكر والفلسفة عبر العصور (العصر اليوناني، العصر الروماني، العصور الوسطى، المجتمع الإسلامي، العصر الحديث). كما تأكد كذلك أن نجاح العملية التربوية مرتبط أشد الارتباط بمعرفة الطفل، وبرزت بذلك مكانة علم نفس الطفل وأدب الطفل وشكلا خزانا تاريخيا للمعرفة في هذا الشأن. وبذلك أصبحت التربية، بالنسبة لنا اليوم، علم وفلسفة وفن غايتها إعداد طفل اليوم ليكون رجل الغد في وطنه، رجل يساهم بكل ما لديه من قوة من أجل عقلنة ونقل وتطوير تراث بلاده الثقافي والحضاري من جيل لجيل، وبالتالي ضمان استمرار وجود وروح حضارة أمته (وجود مادي وروحي). وهنا أكد رجال الفكر والمعرفة أنه لولا وجود التربية لما كانت عملية النقل ولما كان هناك تطور ثقافي وتقني وحضاري (الوقوع في أوضاع تكرار النفس كصفة من صفات الحيوان). وهذه الحقيقة هي التي لا ولن تمكن اليوم السائد في أزمنة الاستقرار، وما كرسه من محافظة، من الاستمرار في عرقلة زمن التحول بثوراته الصناعية والتكنولوجية والعلمية والفلسفية. فبالتربية «العلمية» تمكن الإنسان الغربي من إحداث انقلاب في أهداف التربية التقليدية ووسائلها. لقد أصبحت العلوم التربوية، بفضل ما عرفه التاريخ المعاصر من ثورات فكرية وعلمية، ركيزة أساسية في التنشئة المبنية على الاتجاه إلى المستقبل بدل الارتباط بأمجاد الماضي الوهمية. لقد انتقل المجتمع الإنساني من زمن النظريات الفلسفية العامة المجردة إلى العلوم الدقيقة والعلوم الإنسانية (العلوم الطبيعية، الفيزيولوجيا، البيولوجيا، الالكترونيات، علم النفس، علم الاجتماع،....). وإجمالا، لقد أكد التطور البشري اليوم أن زمن التربية القديمة المبنية على الشحن المبالغ فيه للفكر بمعلومات الماضي قد ولى، ليحل محله زمن غزو المستقبل، واستثمار للعقل، وتفجير للطاقات الفردية والجماعية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.