السكيتيوي : شخصية الأسود وثقتهم بأنفسهم سر الفوز على الكونغو!    الدرك الملكي يحجز أزيد من 200 كيلو غرام من مادة "المعسل"            اغتصاب جماعي لطفل قاصر يهز موسم مولاي عبد الله بالجديدة    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    السيارات المصنَّعة في طنجة تتصدر المبيعات في إسبانيا    مشروع الربط السككي بين طنجة وتطوان يعود إلى قبة البرلمان    المغرب يسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الخيار والجزر.. وإسبانيا الوجهة الرئيسية    ارتفاع ليالي المبيت ب13% في النصف الأول من 2025.. السياحة الوطنية ترتفع 5% والدولية 16%    إدغار موران : إسرائيل/ فلسطين : ثنائية النَّظرة    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تتصل بزوجته لتأكيد التضامن‮ ‬ .. بعد تهديد وزير الأمن القومي‮ ‬الاسرائيلي‮ ‬للقائد السجين مروان البرغوثي‮ ‬داخل زنزانته    حادث مأساوي يودي بحياة شرطي في الشارع العام    تزكية معاذ القادري بودشيش شيخاً للطريقة القادرية البودشيشية    "سينما الشاطئ" تحل بطنجة وتحتفي بالإبداع المغربي في الهواء الطلق                الصيادلة يعلنون عن احتجاج وطني تنديدا بنظام تسعيرة الأدوية بالمغرب    السكتيوي يكشف تشكيلة المغرب لمواجهة الكونغو في الجولة الحاسمة من الشان    الجديدة.. إسدال الستار على فعاليات موسم مولاي عبد الله أمغار    49 سنة سجنا لمتورط مغربي في شبكات الكوكايين.. والبحث جارٍ دوليا    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الغابون بمناسبة العيد الوطني لبلاده        لأول مرة..الصين تكشف عن روبوت برحم صناعي قادر على الحمل والولادة    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    فى ذكرىَ رحيل عبد الكريم غلاّب    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    أطفال القدس الشريف يحلون بالحمامة البيضاء ويزورون أهم المعالم التاريخية لمدينة تطوان    بيتيس يفتقد خدمات الزلزولي في أولى مباريات الموسم    بايرن ميونخ يكشف سبب رحيل أزنو    جريمة التطاول على الدين    جنازة في كلميم تشهد استعراضا انفصاليا مفضوحا برفع "خرقة البوليساريو"    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    شباب الريف الحسيمي يعزز صفوفه بانتدابات جديدة بحثًا عن الصعود    "الشان".. المغرب يواجه الكونغو الديمقراطية في مباراة حاسمة لتحديد متصدر المجموعة    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    المغاربة على موعد مع عطلة رسمية جديدة هذا الشهر    النظام الجزائري يكمّم الأفواه: عقوبات جديدة تطال قنوات محلية بعد تغطية فاجعة الحافلة    مذكرات مسؤول أممي سابق تكشف محاولات الجزائر للتدخل وعرقلة المغرب في قضية الصحراء    المنتخب الوطني يواجه الكونغو الديمقراطية.. هذا موعد المباراة والقنوات الناقلة    قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا ينظمون مؤتمرا لمناقشة خطة ترامب للسلام في أوكرانيا    مستكشفو كهوف في فرنسا يجمعون مخلفات عشرات البعثات في "إيفرست الأعماق"    إسرائيل تقصف منشأة للطاقة باليمن    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"        هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كما النهر الذي يجري

كما النهر الذي يجري / محكيات 1998 ذ 2005 مجموعة نصوص قصيرة ( 101) نشرها باولو كويلهو ما بين 1998 و2005، وهو يفتح لنا من خلالها أبواب عوالمه ككاتب؛ إنها مقطوعات قصيرة جدا من الحياة اليومية ومن نصوص حكاها له آخرون، وأعطاها هو بُعد حكايات فلسفية أو بيداغوجية بالغة الأهمية لمن يرغبون في العيش في تناغم مع العالم المحيط بهم. ونحن نقترح ترجمة لبعض هذه النصوص، اعتمادا على الترجمة الفرنسية التي أجزتها فوانسواز مارشان سوفاغنارغ، ضمن منشورات فلاماريون، باريس، 2006.
يوم في المطحنة
حياتي، اللحظة، سمفونية تتألف من ثلاث حركات مختلفة: ا كثير من الناسب، ا بعض الناس ا، ا لا أحد أو تقريبا ا. تستغرق كل حركة أربعة شهر تقريبا في السنة، تمتزج عادة خلال شهر واحد، لكنها لا تذوب في بعضها البعض.
كثير من الناسب، هي اللحظات التي أكون خلالها على اتصال بالجمهور، بالناشرين، بالصحافيين. ا بعض الناس ا، حين أذهب إلى البرازيل، ألتقي أصدقائي القدامى، أتنزه على شاطئ كوباكابانا، أشارك في بعض الاجتماعات، إلا أنني أظل ببيتي عموما.
اليوم، لدي مع ذلك نية الشرود بعض الشيء في حركة ا لا أحد أو تقريبا ا؛ الآن في البيرينيه، خيم الظلام على هذه القرية ذات المائتي روح، حيث اشتريت منذ مدة مطحنة تحولت إلى منزل. أستيقظ كل صباح على إنشاد الديك، أشرب قهوتي وأخرج للتنزه بين الأبقار، الحملان، مزارع الذرة الصفراء والعلف. أتأمل الجبال و، خلافا لما يحدث في حركة ا كثير من الناس ا، لا أحاول التفكير في ماهيتي. لا أطرح على نفسي أسئلة، ليست لدي أجوبة، أعيش اللحظة الحاضرة كلية، مدركا أن السنة أربعة فصول ( قد يبدو هذا بديهيا، إلا أننا ننساه أحيانا)، وأتحول مثلما يتحول المنظر الطبيعي حولي.
اللحظة، لا أهتم كثيرا بما يجري في العراق أو أفغانستان: ككل الناس الذين يعيشون في القرية، فالأخبار الأكثر أهمية هي المتعلقة بأحوال الطقس. يعرف كل سكان المدينة الصغيرة، إذا ما كانت السماء ستمطر، إذا ما كان الجو سيكون باردا، إذا ما كانت الرياح ستهب قوية، لأن ذلك يكون له تأثير مباشر على حياتهم، على مشاريعهم، على محاصيلهم. أرى مزارعا يعتني بحقله، نتمنى لبعضنا البعض نهارا طيبا، نتحدث عن الجو خلال اليوم، ثم نستأنف أنشطتنا، هو فوق محراثه وأنا في نزهتي الطويلة.
أعود إلى البيت، أفتح صندوقة الرسائل، أجد بها الجريدة الجهوية: يُنظم حفل راقص في القرية المجاورة، محاضرة بحانة في تاريس - المدينة الكبيرة بسكانها الأربعين ألف -، تم استدعاء رجال المطافئ ليلا لأن حريقا شب في صندوق قمامة. أما الموضوع الذي يشغل المنطقة، فهو العصابة المتهمة بإتلاف الأغراس المحيط بطريق قروية، لأنهم تسببوا في وفاة راكب دراجة نارية؛ يشغل هذا الخبر صفحة بكاملها والعديد من أيام الروبورتاجات حول موضوع ا الكوموندو السري ا الذي يريد الانتقام لموت الشاب بإتلاف الأشجار.
أنام قرب الساقية التي تعبر مطحنتي. أنظر السماوات بلا سحاب خلال هذا الصيف المهول، الذي خلف خمسة آلاف ميت في فرنسا وحدها. أستيقظ وأخرج لممارسة ال ا كيودو ا، التأمل بالقوس والسهم، الذي يأخذ مني أزيد من ساعة كل يوم. حان وقت الغذاء: أعد أكلة خفيفة وفجأة ألاحظ، في إحدى ملحقات البناية القديمة، شيئا غريبا مزودا بشاشة وملامس، مرتبطا - وهذه عجيبة العجائب ذ بخط ذي رواج واسع. حين أضغط على أحد أزرار هذه الآلة، أعرف أن العالم سيأتي للقائي
أقاوم ما أمكنني، إلا أن اللحظة تحل، فبلمس أصبعي زر التحكم ا أشعل ا وها أنا مرتبط ثانية بالعالم، بأعمدة الجرائد البرازيلية، بالكتب، بالحوارات المطلوب إجراؤها، بأخبار العراق وأفغانستان، بالعرائض، بالإشعار الذي يخبرني أن تذكرة الطائرة تصلني نهار الغد، بالقرارات التي ينبغي تأجيلها والقرارات التي ينبغي اتخاذها.
اشتغل ساعات عديدة لأنني اخترت ذلك، لأنها سيرتي الشخصية، لأن فارس النور يعرف أن عليه واجبات و مسؤوليات. أما في حركة ا لا أحد أو تقريبا ا، فكل ما يوجد على شاشة الحاسوب بعيد جدا، كما تبدو المطحنة حلما حين أكون في حركتي ا كثير من الناسب أو بعض الناسب.
أخذت الشمس في الاختفاء الحاسوب مطفأ، يصبح العالمُ من جديد القريةَ لا غير، عطر العشب، خوار الأبقار، صوت الراعي الذي يُعيد الشياه إلى الإسطبل المجاور للمطحنة.
أتساءل كيف يمكنني التجول خلال يوم واحد في عالمين مختلفين جدا: لا جواب لدي، إلا أني أعرف أن ذلك يمنحني الكثير من المتعة؛ أنا سعيد وأنا أكتب هذه السطور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.