التوفيق يمثل الملك في القمة ال 15 لمنظمة التعاون الإسلامي بغامبيا    حركة النقل الجوي ترتفع بمطار الداخلة    التوفيق يمثل الملك في القمة الإسلامية    قطر تدرس مستقبل "حماس" في الدوحة    بونو يقترب من رقم تاريخي في السعودية    سمرقند تحتضن قرعة مونديال الفوتسال    تعيين وجوده جديدة بالمجلس الأعلى ل"الهاكا"    تحديات الذكاء الإصطناعي.. وآليات التوجيه    مصر تقول إن هناك تقدما في مفاوضات الهدنة بالتزامن مع وصول وفد حماس للقاهرة    هل تبخر وعد الحكومة بإحداث مليون منصب شغل؟    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تدعو لحماية الصحفيين وتوسيع مجال الحرية    كأس الكونفدرالية الافريقية .. طاقم تحكيم كيني يدير مباراة نهضة بركان ضد الزمالك        توقيف شخصين في إسبانيا بتهمة تهريب عملات مغربية تاريخية بوثائق مزورة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    الوكالة الحضرية لتطوان تواصل جهود تسوية البنايات غير القانونية    صناديق الإيداع والتدبير بالمغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها لمواجهة تحديات "المتوسط"    106 مظاهرات في عدة مدن مغربية لدعم غزة والإشادة بالتضامن الطلابي الغربي    عبد النباوي كيطالب من المحامين باش يساهموا فمكافحة جرائم "غسل الأموال" وبغا يكون التزام أخلاقي ومهني على تقييم المخاطر    سيناريو مغربي ضمن الفائزين بالدعم في محترفات تطوان    كنوز أثرية في تطوان.. فيسفاء متولوجية وأمفورات ونقود قديمة    بعد نسخة طنجة.. الهيئة المغربية للمقاولات تنظم الدورة الثانية للملتقى الدولي للأعمال بالدار البيضاء    بطل "سامحيني" يتجول في أزقة شفشاون    صندوق الإيداع يشارك في اجتماع بإيطاليا    تحدث عن إمكانية ترشحه لرئاسته.. لقجع: طموحاتي أكبر من الواقع الحالي ل"الكاف"    بعد محاولة أولى فاشلة بمقر الشرطة.. وفاة مواطن منتحرا في تزنيت إثر شكاية قضائية من زوجته    مهرجان الدراما التلفزية يفتتح فعاليات دورته ال13 بتكريم خويي والناجي (فيديو)    اقتطاعات جديدة وغير معهودة تثير قلق زبائن الوكالات البنكية    الدكتور التازي ما خرجش براءة.. تحكم ب3 سنين وها وقتاش ياخد مجلس هيئة الاطباء قرار فملفو وها اش كيقول القانون    صديقي يزور مشاريع تنموية لقطاع الورد العطري بإقليم تنغير    وزير العدل طير رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية فتاونات بعد فضيحة اختلاس 350 مليون من الصندوق    مثول أكثر من 200 أستاذ موقوف عن العمل أمام المجالس التأديبية    رؤى متقاطعة حول المساواة والعدالة والاستدامة خلال مهرجان "هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس"    مطالب برلمانية بالكشف عن نتائج دراسة الحكومة لآثار الساعة الإضافية    انتهى الموضوع.. طبيب التجميل التازي يغادر سجن عكاشة    "موج أزرق" للتشكيلي يوسف سعدون يغرق رواق محمد الدريسي بطنجة    نفي وتنديد بتزوير باسم " الأيام24″    إصابة حمد الله تزيد من متاعب اتحاد جدة السعودي    حسابات الصعود تجمع الكوكب المراكشي وسطاد المغربي في قمة نارية    بمشاركة مجموعة من الفنانين.. انطلاق الدورة الأولى لمهرجان البهجة للموسيقى    إلغاء الزيادات الجمركية في موريتانيا: تأثيرات متوقعة على الأسواق المغربية    مؤجل الدورة 26.. المغرب التطواني في مواجهة قوية أمام نهضة بركان    الصين تطلق المركبة الفضائية "تشانغ آه-6" لجمع عينات من الجانب البعيد من القمر    تقرير أمريكي يكشف قوة العلاقات التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة        كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟    وفرة المنتجات في الأسواق تعيق طيّ "صفحة الدلاح" بإقليم طاطا    أزيلال.. افتتاح المهرجان الوطني الثالث للمسرح وفنون الشارع لإثران آيت عتاب    خبير تغذية يوصي بتناول هذا الخضار قبل النوم: فوائده مذهلة    الأمثال العامية بتطوان... (589)    دراسة… الأطفال المولودون بعد حمل بمساعدة طبية لا يواجهون خطر الإصابة بالسرطان    المغرب يسجل 13 إصابة جديدة بكورونا    دراسة تربط الغضب المتكرر بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فليب لوجون: من «الميثاق الأتوبيوغرافي» إلى «المُسودّات السرد- ذاتية»

عندما نشر «فيليب لوجون» سنة 1975 «الميثاق الأتوبيوغرافي» (1) لم يحض الكتاب بالتنقيح إلاّ مرتين أو ثلاث.. فالأمر يتعلق،بعد ما يناهز أربعين عاما من صدوره،بالمجلد الأكثر رواجا من بين منشورات سلسلة «بوتيك» عن دار «سوي»؛ بحيث انه تُرجِم و نُشِر بثلاثة عشر لغة ويُعتبر، أيضا، مرجعا لا مناص منه لكل دراسة حول «السرديات الذاتية».. وهذا لدرجة جعلت ،حتى الأمس القريب،أحد الطلاب الشباب يضع على المؤلف سؤالاً عبر «الكورييل»،يستفسرُهُ إن كان تعريف «الأتوبيوغرافيا» قد تغيّر؟ وإن كان هذا العريف لا يزال دائما هو:سرد نثري يستعيد الماضي ويقوم به شخص حول وجوده مُركِّزاً على حياته الفردية.. جواب ف. لوجون: » ولكن، ليست لهذا أيّة أهمّية لأن التعاريف جُعِلت لكي تتطوّر.. فهناك، اليوم، ميل إلى تحويل «الميثاق الأتوبيوغرافي» إلى نوع من العقيدة الدوغمائية؛ في حين أن كل عمل كبير مكتوب بصيغة المتكلم المفرد يُعتَبَر فريداً من نوعه مثل كتاب «الزمن الثابث»(2) لمؤلفِه «كلود مورياك»(دار كْراسي، 1974 . 1988)»..
في لقاء جمع بين فيليب لوجون وكاتب هذا المقال (جان- لويس جانيل،جريدة لوموند،03 ماي 2013 ) بمنزل الراحل،»كلود مورياك» ( 1914. 1996 ) بجزيرة سان لويس، استطاعت أرملة هذا الأخير أن تثير إعجاب زائرَيْها حينما كشفت لهما عن الرفوف الطويلة التي اصطفت فوقها كل الدفاتر التي حرَّر زوجها على صفحاتها يوميات حياته بأكملها.. قد يكون مؤلف كتاب «الزمن الثابث» أقل شهرة من «أندري جيد» أو «كافكا»، لكن بعضاً من مُعجَبيه يُكِنّون له شغفاً كبيرا،وفيليب لوجون ليس أقل منهم..
يحتل فيليب لوجون،المُختص في الكتابات السير- ذاتية (الكتابة عن الذات)، من بين وجوه نظرية الأدب لسنوات 1970 و1980، مكانة وسيطة ما بين «جيرارد جونيت»، المُخلص لبرنامج واسع يهتم بتحليل الأشكال الأدبية، و»تزفيتان تودوروف» الذي تحوّل من شكلاني إلى أخلاقي يُسلِط سياط التوبيخ والتأنيب على الاستعمال المدرسي أو الجامعي لهذا الإرث النظري.. ومثل «جونيت» و»تودوروف»،يُعتبر «ف. لوجون»،مع كل ذلك،ضحيّة لنجاح لأولى كتاباته،إذ يُعتقد أنه من حراس معبد الأتوبيوغرافيا، في حين أنه لم يفتأ يخترع مواضيع جديدة للبحث..
انتهز «ف. لوجون» فرصة ماي 68 ليتخلص من موضوع أطروحة دولة لم تكتمل حول أدب القرن 20 مُؤْثِراً الانكباب على مواضيع أكثر تواضعا (...) لكنه بدأ يكتب حول ما يُحب؛ أي كتابا موجها للجمهور وليس إلى أساتذته.. يتعلق الأمر بكتاب «الأتوبيوغرافيا في فرنسا» (عن منشورات «أرمان كولان»-1971) الذي أتبعه بكتاب «الميثاق الأتوبيوغرافي» (سوي- 1975)، ثم كتاب «أنا هو الآخر»..(...)..
لقد ظل «لوجون»،عن اختيار طبعاً، أستاذا محاضرا طيلة حياته المهنية (...) و حُرّاً في مغامرته خارج حقل ما يُسمى ب»الأدب» مما مَكّنه من استكشاف «الكتابات العادية»؛ تلك الكتابات التي يمارسها الكل في حياته..
في 1990 توصل «ف. لوجون» من إحدى قارئات أول بحث له حول كتابة اليوميات بأربع صفحات اقتطفتها من دفاتر جدنها الأوُلى.. » قلت مع نفسي- يحكي فيليب لوجون- إن أمكن لفتاة شابة كتابة هذا من أقاصي الأقاليم، فلابد أن هناك أخريات.. فبدأت بحثا في مئات اليوميات كُلِلَ بإصدار كتاب حول الأنا عند الفتيات،سنة 1993؛ ثم أسستُ بعد ذلك، بمعية «شانتال شافريات- دومولان»(مُرسلة الأربع صفحات) جمعية من أجل الأتوبيوغرافيا تُعنَى بجمع كل الكتابات المُحَرّرة بضمير المتكلم،وبدون استثناء»..
أغلب «سرديات الذات» لا تجد أبدا طريقها إلى النشر أو تُكتب في الغالب بشكل مٌرتب.. المُهِم إذن هو ما يجري قبل ذلك؛ وهذا ما لا يمكن الوصول إلاّ بفحص «المُسوَدّات والتصاميم أو غيرها من النصوص التي تسبق الشكل النهائي للكتابة..
في كتاب «أوطوجونيز»(سوي- بويتيك) حيث يُجمّع ف. لوجون ستة من ورشاته العديدة، يحتل كتاب «الزمن الثابت» ل»كلود مورياك» مكانا مميزاً.. والأمر لا يتعلق باليوميات التي أعاد مورياك تركيبها في عشرة أجزاء و تمَّ نشرُها عن دار»كراسي»؛ بل يتعلق الأمر بتلك «الدفاتر التي حررها هذا المؤلف بخط يده طيلة حياته و استقى منها «يوميات البحث عن يومياته» (...) ..
«إن السؤال الذي تطرحه أعمالٌ من مثل أعمال «كلود مورياك» - يقول ف. لوجون- هو معرفة هل من الممكن أن يكون لليوميات بدء و تكوُّن (3) ؛ أي بعبارة أخرى، «مسودّات»؟
الجواب على هذا السؤال ليس بديهيا.. في كتاب «أوطوجونيز»(4) َأعَدتُ إنتاج و نسخ الصفحة 60 من المجلد الأول لكتاب «الزمن الثابت»، لكن ذلك لا يكفي تماما.. فالصورة تتيح،بالطبع،تصوّر الكيفية التي كان «كلود مورياك» يعمَد فيها إلى إلصاق نسخ شمسية مأخوذة طبق الأصل من يومياته على صفحات مخطوطة كتابه.. لكن يجب أن يلمس القارئ هذه المخطوطة لكي يدرك حقا عمليات التوضيب هذه»..[...]
يحفل كتاب «أوطوجونيز» بدراسات تأخذ كل واحدة منها شكل مغامرة فكرية، منها تلك الني خُصِّصَت لكتاب «W أو ذكرى الطفولة» (دونويل . 1975) لمؤلفه «جورج بيريك».. ولقد سبق ل «ف. لوجون» أن قدم دراسة أولية لهذا العمل الأتوبيوغرافي المرموق، سنة 1991، لكن هذه الدراسة كان ينقصها وجود مخطوطة الكتاب.. فلو توفر عليها «فيليب لوجون»، لأدرك الكيفية التي استطاع بها «جورج بيريك» أن يتجاوز في النهاية، مع خريف 1974، ما كان يكبحه منذ أربع سنوات و كيف فضل،على الخصوص، تنظيم فصول النص في سلسلة من محورين بدل ثلاثة.. إن الاكتشاف و التحليل الدقيق لهذا العنصر المفقود يتحوّلان في كتاب «أوطوجونيز» إلى «حكاية بيريكية» (نسبة إلى جورج بيريك) تمتزج فيها الدِّقة بالسخرية الباردة..
في الوقت الذي تبدو فيه الأعمال المُخصصة لنصوص «سرد الذات» متنافسة فيما بينها حول مَنْ أكثر جرأة نظرية وهي تجتر مفارقات التخيّل الذاتي، يؤكِّد «ف. لوجون»، بدون تخوّف:» أحب الأتوبيوغرافيا، أحب التخيّل وأحب بشكلٍ أقل المَزج بينهما.. لا أعتقد بأننا نستطيع حقا القراءة جُلوسًا بين مقعدين.. أغلب قصص التخيّل الذاتي تُستقبَل مثل النصوص الأتوبيوغرافية.. فليس بوسع القارئ أن يفعل غير ذلك»..
لن تكون الخلاصة من كل هذا هي عدم انتماء «نصوص السرد الذاتي» لحقل الأدب بسبب مقاومتها للتخيّل.. فالتطبيقات التي يتضمنها هذا الكتاب (أوطوجونيز) تُبيِّن بدقة أن بلوغ الحقيقة ليس أقل صعوبة من خلق عالم مُتَخَيَّل.. كلاهما في حاجة إلى الفن..
هوامش :
(1) Lejeune P., Le Pacte autobiographique, Paris, Seuil, 1975
(2) Mauriac C., Le Temps immobile, Grasset, 1974- 1988
(3(  genèse 
(4)  Autogenèse


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.