"فيتش" تحذر المغرب من تخطي نفقات البنيات التحتية للمشاريع الكبرى للتقديرات    النيابة العامة الفرنسية تطلب إطلاق سراح ساركوزي بانتظار محاكمة الاستئناف    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    هنا المغرب    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سكان دوار بن سميدة بإقليم سطات حين يتواطأ الفقر و العطش مع الأمية

حبيبة، حكيمة وحسناء، ثلاث فتيات في عمر الزهور لا يعوزهن لا الذكاء ولا الطموح... انقطعن مرغمات عن الدراسة...
حبيبة لزمت الدوار رغم تفوقها في السادس، حكيمة انتقلت للمستوى السابع والتحقت السنة الماضية بالإعدادية الوحيدة بالمركز، لكنها انقطعت في نفس السنة عن الدراسة، أما حسناء التي انتقلت إلى المستوى الثامن خلال السنة الماضية، فقد انقطعت هي الأخرى عن الدراسة... لحسن حظها مازالت فاطمة (19 سنة) تتابع دراستها بالأولى باكلوريا، وهي مصرة على إتمام دراستها.
هؤلاء الفتيات ينتمين جميعهن لدوار بن سميدة التابع لجماعة سيدي محمد بن رحال بإقليم سطات... حالهن كحال الأغلبية الساحقة من بنات هذا الدوار وكذا الدواوير التابعة لنفس الجماعة، بل حتى الفتيان بهذه الدواوير كانوا ينقطعون عن الدراسة... والأسباب متعددة على رأسها وعورة المسالك، انعدام الإنارة العمومية، انعدام وسائل النقل، ندرة الأقسام المدرسية وبعد الإعدادية عن الدواوير، ثم الفقر والعطش نتيجة حرمان مجموعة من الدواوير بهذه الجماعة من التزود بالماء الصالح للشرب، كل هذه الظروف تحد من طموح هؤلاء الأطفال اليافعين ويعرقل مسيرتهم الدراسية؛ وبالتالي يحدد مهامهم في مساعدة الأسرة على مواجهة هذه الظروف إما بخفض المصاريف بالتخلي عن الدراسة أو إعانة الأسرة في الأشغال اليومية كرعي الماشية وتوفير الحاجيات من الماء والحطب.
خلال زيارتنا الاستطلاعية بداية فصل الصيف لدوار بن سميدة وكذا الدواوير المحيطة لمسنا بؤس المنطقة وافتقارها لمقومات الحياة الكريمة وهشاشة بنيتها التحتية ومع ذلك فسكانها أناس طيبون بسطاء، لا تغادر الابتسامة محياهم رغم ظروف عيشهم القاسية. ويزيد انعدام وسائل النقل في تفاقم مشاكلهم اليومية، إذ يعتمدون في التنقل من الدواوير إلى الجماعة على (الخطافة) و(المقاتلات) كما يحلو لسكان المنطقة تسميتها، وهي سيارات من نوع بوجو 305 و505. يتوفر دوار بن سميدة، شأنه شأن باقي الدواوير، على خطاف وحيد وهو يعمل في ميدان النقل العمومي بدون ترخيص من وزارة النقل: حيث يعتمد عليه سكان الدوار للتنقل لقضاء مصالحهم الروتينية اليومية والأسبوعية وكذا الطارئة ولنقل أبنائهم وبناتهم إلى الإعدادية، حيث يتجمع الأطفال منذ السادسة صباحا في مكان معين بدوار أولاد ميمونة، وهو نقطة اتصال تربط مجموعة من الدواوير بالإضافة إلى دوار بن سميدة، حيث يلتحق بهم (الخطاف) لينقلهم إلى الإعدادية بالمركز. يوضح محمد في العقد الخامس: «كل التلاميذ ينطلقون ويعودون في وقت واحد ولو تفاوتت مواعيد دخولهم وخروجهم من الإعدادية لعدة ساعات... أحيانا لا يعودون حتى الساعة الحادية عشرة، يبقون مجتمعين بباب الإعدادية في انتظار (الخطاف) حتى ينتهي من عمله لينقلهم إلى نقطة الانطلاق، وعليهم بعد ذلك قطع مسافة قد تفوق كيلومترين ونصف سيرا على الأقدام في مسالك وعرة، كما يظلون يومهم بأكمله ببطون فارغة إلا من كسرة خبز أو يتزودون بدرهم أو درهمين لشراء بسكوي». ويضيف: «لم يتعلم آباؤنا ولم نتعلم نحن، وأبناؤنا أيضا يحرمون من التعلم بسبب الفقر وانعدام النقل وانعدام الإنارة العمومية وصعوبة المسالك وبعد الدواوير وتشتتها».
تقول الجدة فاطمة: «نحن منفيون ومنسيون هنا لا ماء ولا نقل ولا إنارة بالمسالك. في فصل الشتاء ننقطع عن الاتصال بالعالم. ولولا توفرنا على تلفزيونات لما علمنا شيئا مما يجري في المغرب وفي العالم... لا مسالك معبدة ومكهربة ولا طريق ولا نقل ولا سيارات أجرة ولا حافلات موجودة. لدينا فقط مقاتلة وحيدة وخطاف وحيد في الدوار هو من يربط بيننا وبين العالم الذي هو المركز بالجماعة. نحن نعتمد على هذا (الخطاف) في نقل أطفالنا إلى الإعدادية الموجودة بهذا المركز، وهو الذي ينقل رجالنا إلى السوق الأسبوعي للتسوق وللتزود بالمؤونة الضرورية، وهو من ينقل مرضانا إلى المستوصف بالمركز أيضا. لقد تم حجز سيارته ووثائقها ورخصة السياقة لأكثر من شهرين، فتعطلت أحوال الناس بتعطله عن العمل، وساءت أحوال الدوار بعد أن ساءت أحوال هذا الخطاف. لقد حكم علينا رجال الدرك بالموت جوعا عندما احتجزوا وثائقه، كما حكموا على أطفالنا بالجهل، حيث انقطعوا عن الدراسة مرغمين بسبب حجز وثائق السائق الوحيد بالدوار.
تضيف: «تتفطر قلوبنا من الألم ونحن نرى بناتنا وأبنائنا يبكون كل صباح رغبة في متابعة الدراسة ولهفة على مدرستهم وهم يعانقون كتبهم ومحافظهم ويلحون علينا للعودة إلى المدرسة».
يوضح حسن الذي انقطعت ابنته حبيبة عن الدراسة بعد نجاحها بتفوق في القسم السادس: «كان الخطاف ينقل الأطفال مقابل 20 درهما للتلميذ 10 دراهم ذهابا ومثلها إيابا. كان أبناؤنا يعانون وكنا نعاني معهم بسبب العوز، 20 درهما يوميا للطفل من أجل التنقل ليست سهلة... وما بالك إذا كانت الأسرة تتوفر على أكثر من طفل في سن التمدرس، خصوصا مع انعدام الشغل وانعدام الماء واعتماد الدوار على ما تجود به السماء من مطر. إذن، لا بد أن تضحي كل أسرة بواحد أو اثنين من أبنائها يحرمان من الدراسة لخفض التكاليف وليساعدا في العمل اليومي في جلب الماء والحطب وفي رعي الغنم وغيرها من الأشغال المنزلية بالنسبة للفتيات. وفي فصل الصيف علينا شراء الماء لكي نشرب وعلى أبنائنا وبناتنا قطع كيلومترات للتزود من البئر أو من الدوار المجاور. أغلب الأسر بالدوار أرغمت أبناءها وبناتها على الانقطاع عن الدراسة لمساعدتها في التزود بالماء الصالح للشرب من سقايات الدواوير المجاورة التي تبعد عنا بكيلومترات».
تقول الجدة فاطمة: «إذا أردت (اعدال) (سطل من الكاوتشو) من الماء عليك قضاء ساعتين مشيا في طريق وعر لجلب الماء. أبناؤنا وبناتنا يعانون من أجل تزويدنا بالماء. الدوار به بئر وحيدة تجف فلا يبقى فيها إلا الوحل نسقي منها الماشية ونشرب منها نحن كذلك والضغط عليها كبير جدا. عندما تقرر تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب فرحنا، لكن صدمتنا كانت كبيرة عندما استفادت الدواوير التي قبلنا والتي بعدنا واستثنينا نحن الذين نوجد في الوسط. لا أفهم لماذا استثنينا من التزود بالماء... إننا عطشى والماء حولنا. لكن ما نخافه هو أزمة الماء خلال شهر رمضان، حيث المعاناة ستكون أشد وأقوى مع اشتداد موجة الحرارة».
يضيف محمد: «الدواوير بالمنطقة محرومة من كل شيء ودوار بن سميدة أكثرها حرمانا، يضم حوالي 50 أسرة جلها يستقر أو يعمل بالمدن المجاورة هربا من العطش والعزلة، يعيش مشاكل متعددة كانعدام الإنارة والماء الصالح للشرب، حتى المستوصف الموجود بالدوار والذي سعى لإنشائه الوالي السابق منذ 5 سنوات والذي سمي على اسم الأميرة لالة خديجة لم يفتح أبوابه إلى اليوم. حتى وزارة الصحة لا علم لها به. إذ لم يتم التنسيق مع وزارة الصحة لا قبل ولا بعد بنائه. يبعد عن الدوار ب 3 كيلومترات ترك مهجورا لا يفتح إلا خلال الحملات الطبية... به مسكن للطبيب وآخر للممرض، لكن بدون تجهيزات ولا أطر، على وزارة الصحة أن تجهزه وتخصص له أطرا ليتم تخفيف المعاناة عن السكان الذين يضطرون لقطع مسافة تفوق 30 كيلومترا بالإضافة إلى مصاريف التنقل لكي يصلوا إلى المستوصف. ونظرا لبعد المركز الصحي للجماعة عن الدواوير، فإن النساء يلدن في الطريق كما يموت الأطفال الذين يصابون بلسعات العقارب قبل الوصول إليه».
بعد هذه الجولة الاستطلاعية بدوار بن سميدة المنعزل والذي يعاني من الخصاص في كل شيء، مثله مثل مجموعة من الدواوير المحيطة به والتابعة لجماعة سيدي محمد بن رحال، قررنا زيارة المستوصف ومقر الجماعة بالمركز.
عبرنا طريقا وعرة تشق ثلة صخرية يمر عبرها مجرى مائي لعين بلمسك، وهو عبارة عن جدول بطيء الجريان على وشك أن تجف مياهه. مررنا بمجموعة من النسوة أحطن بجانبي الجدول ينظفن الغسيل، كانت أكوام الغسيل المنظف وغير المنظف متكدسة قربهن، بينما أوقفت عربة نقل تقليدية على بعد أمتار منهن وقد حرر البغل الذي يجرها وانطلق يرعى في الخلاء في انتظار تنظيف الغسيل الجماعي ثم نقله وصاحباته.
تجاوزت سيارتنا هؤلاء النسوة بحوالي عشرات الأمتار بمحاذاة الجدول، فوجدنا ثلاث فتيات قد حللن هن أيضا بالجدول منذ الصباح الباكر لتنظيف أكوام من الملابس والأغطية المتسخة. كانت الملابس المغسولة مكومة وموضوعة جانبا على مجموعة من الأحجار الصخرية قرب الجدول. بينما كانت الأغطية المتسخة وسط الماء، وكانت الفتيات الثلاث يفركنها تحت أقدامهن في المياه الجارية عبر الجدول وقد طوين سراويلهن حتى الركب لكي لا تبتل. كن منهمكات في عملية التنظيف وفي نفس الوقت يتبادلن أطراف الحديث فتتعالى أصواتهن وضحكاتهن بين الفينة والأخرى. عندما أوقفنا سيارتنا بالقرب منهن، انتبهن إلينا واستدرن نحونا مستطلعات. بعد التحية، سألناهن عن أسمائهن: حكيمة، حسناء وفاطمة تتراوح أعمارهن مابين 13 و17 سنة انقطعن عن الدراسة بسبب ظروف عيش أسرهن وبعد الإعدادية عن الدوار، إذ تقع بالمركز بجماعة سيدي محمد بن رحال، على بعد 30 كيلومترا، مما يجعل التلاميذ من الإناث والذكور مضطرين لقطع هذه المسافة ذهابا وإيابا، ويكون الأمر خطيرا في فصل الشتاء، حيث يحل الظلام باكرا. تقول حسناء: «انقطعت عن الدراسة بسبب انعدام النقل وغلاء مصاريفه التي لم يتحملها والدي. بطبيعة الحال، كنت أتمنى أن أكمل دراستي، فالمدرسة هي «عقلي». لكن نظرا لأنه ليست هناك أية مساعدة تماما لا من الجماعة ولا من الوزارة ولا من الدولة، وليس لدينا جمعيات كما نرى في التلفزة لتساعدنا على حل مشاكلنا ومشاكل دوارنا، فقد اضطر أغلبنا مرغمات إلى ترك المدرسة. إننا نعيش في فراغ مهول لا جمعية نسوية ولا نادي نسوي أو رياضي... لا شيء نشغل به أنفسنا ونمضي فيه وقتنا ويومنا الطويل والممل».
قلت لهن: «لما تنظفن الغسيل في الوادي، هذا فيه إضرار بالبيئة؟» أجابت كبراهن: «لأن دوارنا غير مزود بالماء الصالح للشرب، وعلينا قطع 4 إلى 5 كيلومترات لجلب «اعدالين» من الماء من الساقية الموجودة بالدوار القريب منا وهما لا يكفياننا حتى للشرب والطبخ اليومي.
وعند توديعنا لهن دعتنا حسناء لزيارة بيت أسرتها لاستضافتنا وألحت في ذلك، لكننا اعتذرنا وغادرنا الدوار قاصدين المستوصف الذي لا يحمل من خدمات وتجهيزات المستوصف إلا الاسم... تقول إحدى المواطنات: «نقطع أكثر من 30 كيلومترا ونتحمل متاعب الطريق ومصاريف النقل ونقضي اليوم كله هنا في المستوصف دون فائدة... نأتي بغية تلقيح أبنائنا، لكن يقال لنا عودي في الغد. لا يمكن أن نفتح القنينة من أجل طفل وحيد، بل حتى يكون هناك 8 أطفال. أما إذا أصيب أطفالنا بجروح أو حمى فلا تقدم لهم الإسعافات أو الأدوية حتى نؤدي 10 إلى 20 درهما. ودوما تقدم لنا الوصفة الطبية لشراء الدواء من الصيدلية بدعوى انعدام وجود الأدوية». تضيف أخرى: «حتى آلة قياس الضغط معطلة».
ويوضح أحد موظفي المستوصف: «إن المشكل الكبير يتجلى في قسم الولادة، حيث لم يتم تفعيل دار الولادة، فليس هناك لا فحص ولا توليد. كما أن الحراسة غير متوفرة، نقص في التجهيزات وفي الأطر، مولدتان وحيدتان هما في إجازة: واحدة في إجازة مرضية، نظرا لإصابتها بكسر في يدها. والثانية في إجازة ولادة. وقد بلغ طفلها سنتين ولم تلتحق بعد بعملها».
عندما علمت الطبيبة الرئيسية بوجودنا بالمستوصف، قصدتنا في حالة هيجان هستيرية رافضة دخولنا أو حديثنا لا مع الموظفين ولا مع المواطنين الوافدين على المركز. ورفضت الحديث معنا بدون ترخيص من مندوب الصحة بمدينة سطات. واتصلت بالمندوب الذي أمرها أن تخبرنا بالانتقال من الجماعة إلى مدينة سطات للحصول على معلومات. ولتيسير عملنا طلبنا منها تزويدنا برقم هاتفه لمحادثته بدل الانتقال إلى سطات. لكنها رفضت. خرجنا من المستوصف، فتبعنا الوافدون عليه من النساء والرجال يشتكون من سوء المعاملة ومن النقص في الأدوية وتعطل التجهيزات حتى أبسطها وغياب المولدة وانعدام المتابعة الطبية للحوامل ومشكل النقل من وإلى المستوصف بدون جدوى ومصاريف ذلك التي تثقل كاهل المرضى وأسرهم...
خلال زيارتنا لمقر الجماعة رافقنا أحد أبناء دوار بن سميدة وكان خلال الطريق يحدثنا عن معاناة السكان بسبب الخصاص في الماء وما يعانونه يوميا من عطش وعذاب لجلب ما يطفئون به عطشهم وعطش بهائمهم. ويحثنا على طرح المشكل على رئيس الجماعة، يقول موضحا: «راسلنا المكتب الوطني للماء الشروب وتقدمنا بطلب أول في شهر شتنبر سنة 2012 وثاني في شهر دجنبر من نفس السنة. وحل مهندس المكتب الوطني للماء الشروب بالدوار وأنجزت دراسة لتزويد الدوار بالماء الشروب، لكن المكتب أخبرنا أن على الجماعة التكفل بمصاريف إنجاز المشروع. وعندما توجهنا إلى رئيس الجماعة أخبرنا أن الجماعة لا تملك ميزانية لتنفيذ مشروع الدراسة. فعدنا إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، حيث اقترح علينا أن يمول سكان الدوار العملية على شرط أن يقوم بذلك مقاول يختاره هذا المكتب حتى يتم احترام المعايير التي يضعها ويحددها. وطلبنا منه تسليمنا بيانا تقديريا لتكلفة تزويد الدوار بالماء والتي حددها في 3987, 83 درهما».
وعن تكلفة إنجاز مشروع تزويد الدواوير التابعة لجماعة سيدي محمد بن رحال بالماء، والتي يبلغ عددها 52 دوارا، يوضح الكاتب العام بجماعة سيدي محمد بن رحال: «بالنسبة لتمويل وإنجاز مشروع تزويد دواوير الجماعة القروية سيدي محمد بن رحال بالماء، فقد تم في إطار اتفاقية شراكة بين الجماعة والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب. وقد حددت كلفة المشروع الإجمالية في 18.000.000,00 درهم (ثمانية عشر مليون درهم). وكان تمويل المشروع بشراكة بين المكتب والجماعة وبمساهمة السكان المستفيدين، حيث حددت مساهمة الجماعة بنسبة 15% من كلفة المشروع، أي بما قدره 2.700.000,00 درهم (مليونين وسبعمائة ألف درهم)، ومساهمة السكان المستفيدين 500 درهم (خمسمائة درهم) للأسرة. بينما يتحمل المكتب الوطني للكهرباء الفارق المتبقي من كلفة المشروع». ويضيف الكاتب العام: «بالنسبة لمساهمة الأسر، والتي حددت في مبلغ 500 درهم للأسرة، فلم يتم أداؤها لحد الساعة».
وعن مشاكل الجماعة وسكانها يقول رئيسها حميد مولين: «الماء والإنارة العمومية يمثلان ضغطا كبيرا ومشكلا يوميا تعاني منه الجماعة وسكانها. هناك أيضا مشكل الأزبال، إذ ليس هناك مطرح وهناك أيضا مشكل الواد الحار. وهذان مشكلان يتفاقمان مع توسع الجماعة، وهما من الأولويات المطروحة في البرامج الموضوعة والمخصصة للجماعة وهناك أيضا مشكل الطرق... ومن المنتظر أن تستفيد الجماعة من 4 إلى 5 طرق لربطها بباقي المناطق. وبخصوص تزويد دوار بن سميدة بالماء الصالح للشرب، فإننا نعمل جاهدين مع المكتب الوطني للماء والكهرباء من أجل تنفيذ ذلك في القريب العاجل».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.