الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية الغابون بمناسبة العيد الوطني لبلاده            الصيادلة يعلنون عن احتجاج وطني تنديدا بنظام تسعيرة الأدوية بالمغرب            المحليون يعبرون إلى ربع النهائي بعد انتصار مثير!    السكتيوي يكشف تشكيلة المغرب لمواجهة الكونغو في الجولة الحاسمة من الشان    الجديدة.. إسدال الستار على فعاليات موسم مولاي عبد الله أمغار    49 سنة سجنا لمتورط مغربي في شبكات الكوكايين.. والبحث جارٍ دوليا            لأول مرة..الصين تكشف عن روبوت برحم صناعي قادر على الحمل والولادة    أطفال القدس الشريف يحلون بالحمامة البيضاء ويزورون أهم المعالم التاريخية لمدينة تطوان    أنفوغرافيك | خلال 2024.. المغرب ثاني وجهة استثمارية في شمال إفريقيا    فى ذكرىَ رحيل عبد الكريم غلاّب    البيجيدي يسائل وزير الداخلية حول مشاركة طوطو في مهرجان القنيطرة وضمانات التزامه بقيم المجتمع    السطيحات.. إحباط محاولة تهريب أزيد من 360 كيلوغراما من مخدر الشيرا وحجز دراجتين مائيتين    اليونان تضبط "أكبر كمية من القات"    حادث مأساوي يودي بحياة شرطي ببني ملال    شباب الريف الحسيمي يعزز صفوفه بانتدابات جديدة بحثًا عن الصعود    بيتيس يفتقد خدمات الزلزولي في أولى مباريات الموسم    بايرن ميونخ يكشف سبب رحيل أزنو    جنازة في كلميم تشهد استعراضا انفصاليا مفضوحا برفع "خرقة البوليساريو"    130 سربة و42 ألف خيمة.. موسم مولاي عبد الله أمغار يسجل مشاركة غير مسبوقة    ميرغت.. الزمان والمكان والذاكرة    جريمة التطاول على الدين    "الشان".. المغرب يواجه الكونغو الديمقراطية في مباراة حاسمة لتحديد متصدر المجموعة    طقس الأحد.. أجواء شديدة الحرارة بمناطق واسعة من المملكة    الصيادلة يصعدون ضد وزارة الصحة بسبب تجاهل مطالبهم المهنية    الجزائر.. السلطات توقف بث قنوات تلفزية بسبب تغطيتها لحادث سقوط حافلة بوادي الحراش    أرقام التعليم والتكوين وانتظاراتهما في طموحات مشروع قانون المالية لسنة 2026    المغاربة على موعد مع عطلة رسمية جديدة هذا الشهر    مذكرات مسؤول أممي سابق تكشف محاولات الجزائر للتدخل وعرقلة المغرب في قضية الصحراء    النظام الجزائري يكمّم الأفواه: عقوبات جديدة تطال قنوات محلية بعد تغطية فاجعة الحافلة    المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تنظم زيارات لعائلات معتقلي الحراك    المنتخب الوطني يواجه الكونغو الديمقراطية.. هذا موعد المباراة والقنوات الناقلة    إسرائيل تقصف منشأة للطاقة باليمن        قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا ينظمون مؤتمرا لمناقشة خطة ترامب للسلام في أوكرانيا    بورصة الدار البيضاء تنهي أسبوعها على وقع ارتفاع طفيف لمؤشر مازي    "لاغتيست" يشعل منصة "رابأفريكا"    مستكشفو كهوف في فرنسا يجمعون مخلفات عشرات البعثات في "إيفرست الأعماق"    هكذا يتجنب عشاق ألعاب الفيديو متاعب العين    دراسة: أطباء يفشلون في تشخيص السرطان بالذكاء الاصطناعي    دموع الأم ووفاء الوطن.. لحظات استثنائية في حفل كزينة بالرباط    تيزنيت: محاولة فاشلة لعصابة تسرق أسلاك الكهرباء و أنابيب السباكة النحاسية من منازل في طور البناء ( صور )    وثيقة l من حصار بيروت 1982 إلى إبادة غزة 2025: رسالة السرفاتي وأسيدون إلى ياسر عرفات تتحدى الزمن وتفضح جٌبن النٌخب    استقرار أسعار المحروقات في المغرب    أطباء القطاع الحر يطالبون الصيادلة بإثبات مزاعم التواطؤ مع شركات الأدوية    بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات الأسبوع    منظمة الصحة العالمية تحذر من استمرار تدهور الوضع العالمي للكوليرا    مشروع قانون يثير الجدل بالمغرب بسبب تجريم إطعام الحيوانات الضالة    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثُوّار ومُعارِضون

أنتم تُعارضون التاريخ، وهم يعارضون السلطة. لا تأبهوا بمحترفي المؤتمرات، ولا بمفكري السياسة الباردة، ولا بمنظري الحركات اللاثورية. فالثورة ليست بحاجة إلى مَنْ يُنَظِّر لها. إنها تمشي على قدميها منذ أن تبدأ بالحدوث. وجوهرها أنتم.
نحن، كلنا، صدى لأقدامكم التي تهزُّ أركان العالم العربي القديم، أو الذي أضحى، بين ثورة وأخرى، كذلك. وفي هذه الحال الجريئة التي تتحملون، وحدكم، مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية، لا أهمية لمن يتكلم جاثماً، وإنما لمن يتقدّم بإصرار وشجاعة نحو النقطة المضيئة: نقطة الحرية التي بدأت تلوح في الأفق العربي، أخيراً.
«أقدامكم الواعية» أقوى من أقلام المنظرين، ومن أقوالهم. أقوى من أفكارهم وأطروحاتهم، أياً كان الدافع لها، ومهما كانت غايتها نبيلة. احذروا خديعة الكلمات. لا تدعوهم يحوِّلون القطيعة مع الوضع القديم، قطيعتكم الثورية، إلى مجرد إصلاحات بائسة مهما كان حجم تنازلات السلطة كبيراً. فليس أسوأ من أبواق النظام، إلاّ أبواق المعارضة. وأسوأ منهما، معاً، أبواق الثورة المزعومون. 
أنتم لا تجهلون، ولا بد، أن الثورات الإنسانية العظمى، وعلى رأسها الثورة الفرنسية، لم تصنعها أقلام المفكرين، وإنما أقدام المستائين. أقدام الحشود البشرية التي دمرت «الباستيل»، كما ستدمرون أنتم، ذات يوم، بُؤر النظام، ومراكز قمعه. ومن الحماقة، وسوء النية، القول : إن مفكري عصر الأنوار صنعوا الثورة، وتنبَّؤوا بها. فالثورة فعل، وليست نبوءة. ولا يَتنبَّأ بها إلاّ مَنْ يحقِّقها.
عرفتم طريق الثورة، وسلكتموها. لا تضيِّعوها، بعد الآن. لا تتركوا أقدامكم تضلّ عن الطريق. لا تتبعوا الأقوال التي لا تتناسب وحركة أقدامكم. أقدامكم لا تخطيء. هي التي ستقودكم إلى الحرية. لا الخُطب، ولا الكلمات المفَكَّر بها جيداً، ولا التحليلات «الموضوعية» المزَيّفة، تجدي نفعاً في هذا الخضمّ الجحيمي الثائر الذي تتحمّلون قسوته ورعبه. كونوا على مستوى آلامكم. ولا تُرْخِصوا أحلامكم. لا تتنازلوا لهم عن شيء مهما بدا بسيطاً. لأنه سيكون الرَسَن الذي سيجرّونكم منه حتى الحظيرة. وعندها، لا شيء ينفع، بما في ذلك الثورة من جديد. الفكر الذي لا يمشي كسيح. ومشاعركم حية لأنها تسيرمعكم، وبكم تحيا. ولقد حدَّدتم المصير منذ الخطوة الأولى: مصيركم ومصيرنا. كل شيء مرتبط بحركتكم. ولكل واحد منا المصير التي يستحقه، وله الدور الذي يرتأيه. المتعة الثورية التي ذقتموها عَبْر حركيَّتكم الكاسحة، رغم خطورتها، هي التي ستدفع بكم إلى الأمام، وتمنعكم عن النكوص: «متعة الفعل الثوري» التي لا يعرفها إلا مَنْ جرَّبها.
دوسوا عليه. دوسوا على الشكل القديم للحياة العربية الخانعة. ستنبع من تحت «أقدامكم الواعية» حياتكم الجديدة المبنية على الحرية والكرامة. لا تدعوا أهل الأقلام، ولا ذوي الكلام، أو محترفي المؤتمرات، يسرقون ثورتكم. لا تغُرَّنكم الإجتماعات المهيبة، ولا الملاسنات الإعلامية، ولا النشاطات اللفظية، أو «الفكرية» الأُخرى، فهي، كلها، صدى لأقدامكم. أقدامكم العارية التي لم تعد ترضى بالسكون، هي التي ستوصلكم إلى فضاء الحرية المنشود.
الثورة أمر، والمعارضة خَمْر. للثورة شأن، وللأحزاب شأن آخر. الثورة واحدة، أما المعارضة فعديدة ومتنوعة. إنها معارضات. والمعارضات لا تثور، ولا الأحزاب. مَنْ يثور هو الكائن: الكائن الذي وَعَى طاقة استيائه، وقوّته. ولقد بلغ استياؤكم من «هذا الوضع» حدَّه الأقصى. فلا تهْدروا هذه الطاقة «بالحَرْتَقات».
رأيناهم كثيراً وسمعناهم. المعارضون النبلاء متهيِّئون، دائماً، ليشرحوا ما ليس بحاجة إلى شرح. وليحَلِّلوا ما لم يعد بحاجة إلى تحليل. فيملأ السأم من البلاغة والإنشاء نفوسنا. ومن الأقوال الفارغة أُتْخِمْنا. لاشيء يشبه ما تفعلونه على الأرض، لا أقوالهم ولا مشاعرنا. لا شيء يشبه الثورة. ولا شيء يحل محلها. هي أنتم. وأنتم، أفراد الثورة، لا مثيل لكم.
مقولات الواقعية والموضوعية، ومزاعم التحوّل التدريجيّ الخبيثة للوصول إلى «بَرّ أمان السلطة»، لا يغيِّر في الوضع شيئاً، طالما أنكم لا تريدون الوصول إلى هذه النقطة البغيضة. لا يحق لأحد أن يَتَسَلَّط على ثورتكم. وليس للثورة أكثر من منطق ومن مسار. هي ليست حَمّالَة أَوْجُه، وإنما هي قطيعة. قطيعة تحدث مرة واحدة في التاريخ: تاريخ الكائن الذي أدرك أن دوره الوجوديّ هو التمرُّد لا الخضوع.
ليَحْمِ الشعب ثورته. أما المعارَضات، والأحزاب، فلها مَنْ يحميها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.