مرت أربعة أشهر على تنصيب وزير الصحة خالد آيت الطالب، خلفا للوزير السابق أنس الدكالي، ولحدّ الساعة لم يفتح الوزير باب مكتبه لاستقبال التنظيمات النقابية، ولم يعبّد طريق التواصل بينه وبينها، ولم ينفض الغبار عن ملف الحوار الاجتماعي، رغم منسوب الاحتقان والغليان الذي يعيشه القطاع، وذلك في تناقض تام وضدا عن الرسالة التي كان قد وجهها خلال يوم تحمله المسؤولية وتبادل السلط، حين صرّح أمام مختلف المسؤولين والفاعلين النقابيين، الذين حضروا «المناسبة»، بأنه «يجب الاشتغال في جوّ من السلم الاجتماعي». جوّ يتضح يوما عن يوم أن سماءه لا تزال ملبّدة، وبأن منسوب الاكفهرار سيتواصل بما أن «غيوم التعيين» لم تنجل، والطريق إلى «علاقة صحوة»، لم تظهر أي بادرة من بوادرها، بل إن كل المؤشرات تؤكد أن أي «انفراج» مرغوب لا يزال بعيد المنال. الدكتور كريم بلمقدم، الكاتب العام الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية، أكد في تصريح خصّ به «الاتحاد الاشتراكي»، أن هناك اتفاقا مع الحكومة على أساس استئناف القطاعات للحوار الاجتماعي ومأسسته، وهو ما شكّل مضمون الاتفاق الأخير بين رئيس الحكومة والمركزيات النقابية، مبرزا أنه على مستوى وزارة الصحة ليست هناك أية بوادر لأي تفاعل، مشددا على أن الملفات تتراكم يوما عن يوم، سواء تلك الموحّدة بين جميع الفئات أو التي تخص كل فئة بعينها، في ظل غموض ولبس، وغياب أي وضوح بخصوص السياسة التي سينهجها الوزير، إن على مستوى السياسة الصحية بشكل عام، أو في ما يتعلق بالملف الاجتماعي، في الشق القطاعي. وأبرز الدكتور بلمقدم، أن الأوضاع المهنية والاجتماعية للعاملين بقطاع الصحة العمومي تتفاقم يوما عن يوم، وتتسع حدة الأزمة فيه، بسبب ما وصفه ب «تهرب الوزارة الوصية من الاستجابة الفعلية لمطالبهم العادلة والمشروعة»، داعيا وزارة الصحة إلى احترام مبدأ الشراكة الاجتماعية، والعمل على إقرار وضمان حوار اجتماعي حقيقي دائم ومنتج للحلول، مستنكرا تجاهلها لدعوات التنظيمات النقابية الوطنية لاستئناف جلساته. وجدير بالذكر أن النقابة الوطنية للصحة العموميةّ، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، كانت قد انتقدت في وقت سابق، عدم القدرة على المراجعة الشاملة للنظام الصحي الوطني، وتحيين سلّة العلاجات والنهوض بالخدمات الصحية، وضمان الولوج لكافة الطبقات الاجتماعية، والرفع من التغطية الصحية الأساسية، وكذا حلّ أزمة تسييس القطاع والسعي الحثيث إلى جعل وزارة الصحة مجرد قاعدة للاستقطاب الانتخابي، وتجاوز الاختلالات والعبء الذي أضحى يشكله نظام «راميد» على المنظومة الصحية وعجزه عن الوصول إلى الأهداف المتوخاة منه، إلى جانب جملة من الاختلالات الأخرى التي باتت لصيقة بقطاع الصحة.