"فيتش" تحذر المغرب من تخطي نفقات البنيات التحتية للمشاريع الكبرى للتقديرات    النيابة العامة الفرنسية تطلب إطلاق سراح ساركوزي بانتظار محاكمة الاستئناف    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    الوداد ينفرد بصدارة البطولة بعد انتهاء الجولة الثامنة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    عمر هلال: نأمل في أن يقوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بزيارة إلى الصحراء المغربية    انطلاق بيع تذاكر ودية المغرب وأوغندا    قرب استئناف أشغال متحف الريف بالحسيمة    احتقان في الكلية متعددة التخصصات بالعرائش بسبب اختلالات مالية وإدارية    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    المغرب يتطلع إلى توقيع 645 اتفاقية وبروتوكولا ومعاهدة خلال سنة 2026.. نحو 42% منها اقتصادية    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    هنا المغرب    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد القرار المجحف في حقه : تضامن وطني ودولي واسع مع المفكر سعيد ناشيد


«نعم أصبحتُ أتسوّل الآن..»
بهذه الصرخة المدوية بدأ الأستاذ سعيد ناشيد، احتجاجه الصارخ على ما تعرض له بعد عزله من الوظيفة العمومية بقرار موقع من طرف الوزارة الوصية، وبموافقة من رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
وعرف هذا العزل شجبا واسعا داخل المغرب وخارجه، وانتشر هاشتاغ تضامني مع الكاتب سعيد ناشيد، ووجه التونسي برهان بسيس رسالة إلى جلالة الملك جاء فيها : تحية وبعد، في تونس يوجد جيل كامل من مثقفي البلد الذين تواصلوا مع المغرب من خلال أسماء مثقفيها الكبار. أعلام في الأدب مثل محمد شكري والطاهر بن جلون وفي الفلسفة والعلوم الانسانية مثل محمد عابد الجابري وسالم يفوت وعبد الله العروي وعبد السلام بنعبد العالي وغيرهم كثير ممن عشنا المغرب وروحه من خلال نصوصهم وابداعاتهم، من بين هؤلاء سعيد ناشيد المفكر والفيلسوف صاحب رائعة التداوي بالفلسفة . إنه من المرارة أن نقرأ هذه الليلة صرخة هذا المفكر وهو يعرض مظلمته أمام قرائه ومتابعيه في كل الوطن العربي صارخا من ألم جحود آلة البيروقراطية الإدارية التي تطحن الفكر وتدهسه. جلالة الملك أخاطبكم عبر سعادة سفيرالمملكة المغربية في تونس الرجل المثقف وصديق المثقفين في تونس أن ترفع المظلمة في حق السيد سعيد ناشيد حتى نواصل فخرنا بأن بلدا في وطننا العربي كان بلاطه الملكي يحتضن في يوم من الأيام نخبة من المفكرين مثل عبد لله العروي يستطيع أن يحفظ للمثقفين مكانتهم . دمتم حتى لا يحاصرنا الإحباط من المحيط إلى الخليج .
وبادر الدكتور عبد الرحيم العطري، الباحث المختص في علم الاجتماع، إلى توجيه رسالة عبر فيسبوك إلى الدكتور سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، ووزير التعليم المغربي، سعيد أمزازي، يدعوهما فيها إلى «الانتصار للحكمة، وإعادة الاعتبار لمن اقترح التداوي بالفلسفة».
وكتب الدكتور محمد العمري، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب والنقد الأدبي في تدوينة له بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): «مُحزن ما وَصفه الأستاذ سعيد ناشيد، ومخزٍ ما تعرض له من كيد وسوء معاملة.
نتمنى مراجعة الحيف الذي نال هذه الشخصية العلمية، والفكرية النشيطة.
كان ينبغي مراعاة هذه المزية، وتمتيع الأستاذ بالتفرغ للبحث العلمي في مرفق خاص، أو في إطار إلحاق.
وأقل ما كان ينبغي فعله الاستجابة لطلبه التقاعد لأسباب صحية. الفصل من الوظيفة، في هذه الحالة، تعسف مرفوض، يدل على استهداف عن سبق إصرار.
وكتب الكاتب ياسين عدنان في تدوينة تضامنية جاء فيها: «كيف يمكنني أن أواسي اليوم صاحب» الوجود والعزاء: الفلسفة في مواجهة خيبات الأمل»؟ كيف أعزّيه بعدما خاب أمله في مؤسسة كشّرت عن أنيابها في وجهه دون مراعاة لقيمته الفكرية والثقافية؟ أيُّ بلسمٍ سيداوي جراح هذا المفكر العصامي الذي سبق أن اقترح علينا التّداوي بالفلسفة منهجًا وعنوانًا؟
التقيتُ سعيد ناشيد مرّة واحدة فقط… كان ذلك في تونس، في معرضها الدولي للنشر والكتاب. وكنتُ أيّامها في مشارف أتفادى الاشتباك مع قضايا الدّين والتديّن والفكر الدّيني بعدما مُنِعَتْ لي حلقة المفكر الإسلامي المصري الرّاحل جمال البنا، ولم تعرف حلقتان سجّلْتُهما مع كلٍّ من مصطفى بوهندي وأسماء المرابط طريقهما إلى البثّ. أعرب لي الرجل حينها عن إعجابه بالبرنامج، دون أن يصدر عنه أدنى تلميح كان سيُحرجني حينها… أنا العاجز عن ممارسة مطلق اختياراتي في البرنامج. أكبرتُ فيه ترفُّعه. كما أعجبت بسعة اطِّلاعه، وقوة حجّته، وحرّية فكره. وإذ وقفتُ هناك في تونس – وكان معنا الدكتور علي حرب وأسماء عربية وازنة أخرى – على مقام ناشيد الفكري ووضعه الاعتباري، فإنني لم أكن أعرف شيئا عن وضعه الاجتماعي والإداري.
فقط بعدما تلقّيتُ بالأمس من أكثر من مصدرٍ عبر الواتساب رسالة الرّجل الموجعة، أحسستُ بالرّجّة.
لماذا نحن بارعون في التنكيل بمفكّرينا… هكذا وبجلافة؟
كأنّ ابن رشد ما زال حيًّا بيننا… لا لنستلهمه ونستضيء به، بل لنعيد قتله ودفنه من جديد.
يؤمن سعيد ناشيد بأنّ «دور الفيلسوف أن يساعدك على إعادة صياغة فكرتك بنحوٍ يخدم قدرتك على عيش الحياة؛ لأنّ الأهم من معنى الحياة هو القدرة على عيش الحياة. هنا بالذات يكمن دور فلاسفة العيش، أولئك الذين قدّموا لنا الدروس عن الحياة الجيّدة.»
لكن ما رأيكم فيمن يحاول منع الفيلسوف اليوم من أبسط شروط العيش الكريم؟
ستقولون إنّ الأمر لا يتعلق باضطهاد فكري لرجل فكر وفلسفة – حاشا معاذ الله – وإنما هو قرارٌ إداريٌّ صدر في حقّ موظّف لاعتبارات زجرية صرفة يستوي أمامها كلّ حمَلةِ أرقام التأجير. حسنًا… لكن، ألا تعلم الإدارة أنّ خلف رقم التأجير الأصمّ هذا يوجد مفكر مغربي مرموق؟ ستقولون إنّ الإدارة لا تقرأ وليست مجبرة على ذلك، وبالتالي هي غير مطالبة بمراعاة هذه الحيثيات. لكن، مَن فرض على المغاربة إدارة جاهلة لا تقرأ؟ فحين تكون الإدارة على خصام مع القراءة والكتاب، يصير طبيعيًّا أن يُناكِف مسؤولوها وأقطابها و»مسامير ميدتها» أهل الكتاب. فلأنّهم لا يقرؤون، يحقدون على الكاتب والمثقف والأديب، يضطهدونهم ويسمّمون حياتهم.
الكثير من قرّاء سعيد ناشيد في العالم العربي يتصوّرونه أستاذا محاضرا في أعرق جامعات المغرب. وهذا طبيعي، فكتابات الرجل تضعه في مقام فكري رفيع. ثم ما أكثر أساتذة الجامعات اليوم من العاجزين عن إنتاج مقالات رصينة، فبالأحرى كتبٍ ممّا أثرى به ناشيد الخزانة الفكرية العربية؟ فالرجل تفخر باستضافته أرقى الجامعات العربية وأرفع المدرّجات. لكن، ما دام وضعُه الإداري قد انتهى بين أيدي صغارٍ لا يقرؤون، فلا بأس من أن ينكّلوا به قليلا حتى أنهم يستكثرون عليه تدريس الفلسفة في أقسام الثانوي؟
قضت مديرية سطات، حسب صرخة سعيد ناشيد الجارحة، أن يعود الرجل إلى «التدريس في الابتدائي بالبادية بدعوى الحاجة إلى سدّ الخصاص هناك». مرحى، مرحى، يا لَمبررات البيروقراطية الصمّاء. لكن، ماذا عن الخصاص الفكري الذي نعانيه، والذي يجعل من سعيد ناشيد عملة نادرة لو حصلنا على غرارها في ثانوياتنا وفي وسائل إعلامنا لكان لنا كمغاربة أفق مختلف عن هذا الحضيض الذي نتخبّط فيه اليوم؟ لكنَّ موظفين لا يقرؤون ولا يعنيهم من يكون سعيد ناشيد لم يجدوا غضاضة في مواجهته بصرامة. يا لَنزاهة الإداريّين الصغار. يا لَصرامتهم. صرامة جعلتهم يقدّمون الرجل إلى المجلس التأديبي. وليسمح لي أعضاء هذا المجلس «الموقّر» الذين اتّخذوا في حق سعيد ناشيد عقوبة العزل النهائي عن الوظيفة العمومية أن أسالهم: هل قرأتم الحداثة والقرآن ؟ هل لديكم فكرة عن كتاب دليل التديّن العاقل ؟ هل تصفّح أحدكم يومًا كتاب الطمأنينة الفلسفية ؟ صاحب هذه الكتب ذات القيمة الفكرية الأكيدة هو الموظف الذي تفضّلتم بعزله. ألا تستشعرون حرجًا؟ ولو قليلا من الخجل؟ يا لَفولاذ عزيمتكم. لعلَّ عدم القراءة يحصّن صاحبه من الارتباك الإنساني حتى وهو يتّخذ قرارات فادحة عمياء.
سعيد ناشيد غالَبَ مواجِعَه فغلبته، وإذا به يبوح لنا بها بعد طول انطواء. وعلينا ألا نستهين ببوحه ونواجِهَهُ بأذن من طين وأخرى من عجين. فصرخته تُديننا جميعًا. يبدو أنّ القرار متّخَذٌ على مستوى رئاسة الحكومة. (عجبًا، ما أكثر القرارات القوية الصارمة ذات الطابع الاستعجالي التي ننتظرها من هذه المؤسسة دون جدوى؟). وهو موقّع من طرف مسؤول مركزي في وزارة التربية الوطنية. لكن، لنتّفق على أنّ التوقيع لا يجب أن يحجب عنا حقيقةً أمَرّ. فالقرار الظالم الحقيقي اتُّخِذ في سطات، وليس في الرباط، من طرف مجلس تأديبي عيّنَتْة المديرية الإقليمية. القرارُ محليٌّ إذن، وهو يعكس في نظري ظاهرة خطيرة استفحلت في هذا البلد: ظاهرة حقد الأشباه على المُتميّز بينهم. إذ لا نبيّ في وطنه. ونحن لا نعترف للمتميّزين بيننا بفضل. نتجاهلهم ما استطعنا، لكن كلما زاد تميُّزُهُم عن حدّه، تميّزْنا من الغيظ، وهرعنا ننكّل بهم إداريًّا ونصفّيهم رمزيًّا. هذا هو أساس المشكلة. أمّا المساطر والمقتضيات وباقي الفذلكات الأخرى فمحض تفاصيل مُضلّلة.
وكتب الناقد محمد علوط تدوينة تضامنية: «نجمتان: لسعيد ناشيد» رواية قيمة حول الوحدة العربية السورية المصرية حول صعود المد القومي ودور حزب البعث في تشكل خطاب العروبة هذه رواية للأديب و المفكر المغربي سعيد ناشيد – المضطهد حاليا في رزقه و المعزول من وظيفته باعتداء سافر – / أول رواية مغربية حول القومية و الوحدة العربية، لم ينتبه النقاد إلى قيمتها الاستثنائية، رغم أنها ظهرت في أوج الازدهار الأدبي لحركة النشر في المغرب و العالم العربي (صدرت سنة 1992 عن منشورات اتحاد الكتاب العرب – سوريا).
رواية تبرز صورة البدايات الأدبية في مسار المعطاء سعيد ناشيد.. فهو قبل التأليف الفلسفي الذي برع وبزغ فيه كان نجم تألقه الأدبي قد سطع مع هذه الرواية التي للأسف لا نجد ذكرا لها في أدبيات النقد المغربي، رغم الاحتفاء برواية حول حرب سيناء وهي رفقة السلاح والقمر، والتي هي أقل قيمة أدبية من رواية [ نجمتان].
لقد كان الأديب والمفكر سعيد ناشيد إنسانا مؤهلا لعطاء أدبي زاخر كما تشهد بذلك هذه الرواية ( 260 صفحة) التي تستمد صنعتها الروائية من نمط الشكل الروائي الواقعي الذي نحته الراحل نجيب محفوظ ببراعة فائقة.
للأسف الأدباء في مجتمعنا ملزمون دوما بالخضوع العبودي لإكراهات العمل الوظيفي أو المهني من أجل كسب قوت العيش.
كاتب مثل سعيد ناشيد كان يجب أن يحمل في بطاقته الوطنية صفة كاتب وفيلسوف وأن يمنح المكافأة التي يستحقها لوضعه الاعتباري الثقافي والفكري. ولكن هو الآن يحمل صفة موظف برقم تأجير في السلم العاشر وعليه أن يفكر بالأدب والفلسفة وهو يرسف في قيود وأوحال البيروقراطية.!!!!
إنه لأمر محزن و مخجل.
وكتب محمد فردوس: «سيظل هدا القرار الإداري الفظيع وسمة عار على جبين موقعيه ومنفذيه ومن خططوا له ليتذكره كل عاشق للحرية والفكر والفلسلفة ويمحق فاعليه. كل التضامن مع المفكر الأبي سعيد ناشد».
الزجال أحمد المسيح: «كراكيز يستأسدون على من يجهر بإنسانيته ويمجد العقل والنور ويعتنق الحق والحرية».
وكتب علي الحبوب: «قرار العزل ليس قرارا إداريا بل قرار إديولوجي هدفه اغتيال العقل ومحاربة الفكر الفلسفي من التعليم الثانوي التأهيلي. فوجود أستاذ من طينة سعيد ناشيد في المرحلة الثانوية مزعج لمن يخافون من ازدياد منسوب الوعي الفكري والاجتماعي».
وكتب سفيان المديلي: «الأستاذ سعيد ناشيد» كان يتعرض لعدد كبير من المضايقات، طيلة مساره المهني، بسبب كتاباته التي تزعج جهات كثيرة، لذلك وحتى يكتسي هذا الاستهداف طابع المشروعية، كان لابد من تغليف الأمر ب»مسوغات قانونية وإدارية»!!!؟ لعرضه على أنظار المجلس التأديبي، واتخاذ قرار عزله من أسلاك الوظيفة العمومية،أثناء استفادته من رخصة مرض، وهو حق يضمنه القانون، لأنه يعاني من مضاعفات مرض(السياتيك) الذي لا يخفى حجم الآلام والمعاناة التي يكابدها المصابون به… وهذه النقطة أوضحها المفكر سعيد ناشيد، عندما تحدث في تدوينته، عن استدعائه إلى مكتب المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بمدينة سطات، من أجل إبلاغه بقرار إحالته على المجلس التأديبي، بحضور أحد أبرز مسؤولي حزب العدالة والتنمية بالمنطقة – كما أَوْمَأَتْ إلى ذلك نفس التدوينة – في سابقة من نوعها، وفي خرق سافر لواجب التحفظ من طرف المدير الإقليمي للوزارة، يستوجب المساءلة القانونية والمحاسبة الإدارية.. مع العلم أن المرض العضوي لا يمكن أن يمنع صاحبه من الكتابة والتأليف في مختلف صنوف المعرفة وفنون الفكر والنظر، وهو لوحده جواب شافٍ وافٍ كافٍ، يَسْقُطُ معه الزَّعْمُ الوارد في قرار العزل، والقائل باستغلال الرخص الطبية لغير العلاج!!!؟ ولنا في سِيَرِ كوكبة من المفكرين والأدباء وأهل العلم والرأي، أبلغ الأثر؛ إذ رغم إصابة عدد منهم بإعاقات جسدية وأمراض مزمنة وعلل عضوية، لم يمنعهم ذلك من مواصلة عطائهم العلمي وإنتاجهم الفكري وإبداعهم الأدبي، وبنبوغ لافت عَزَّ نظيره.
أما ما جاء في الحيثيات الأخرى لقرار العزل، فَمَرْدُودٌ عليه من أوجه مختلفة، بل أكثر من ذلك، يُفَسَّرُ لصالح المعني بالأمر، ولايُحْسَبُ عليه في شيء، لأن الأستاذ سعيد ناشيد إطار تربوي مشهود له بالكفاءة والاجتهاد والتميز، وقد مُورِسَتْ في حقه مع الأسف، كل أشكال التعسف والتجاوزات القانونية والإدارية… ولاستجلاء الصورة أكثر، يكفي أن نُذَكِّرَ بتركيبة المجلس التأديبي المُشَكَّلَةِ من اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء التي تمثل الإدارة نصفها، والنصف الآخر للنقابات الأكثر تمثيلية، وإذا ما تساوت الأصوات، تُرَجَّحُ كفة صوت الرئيس أثناء اتخاذ القرار، وبالمناسبة فنقابة الجامعة الوطنية لموظفي التعليم المقربة من حزب العدالة والتنمية، احتلت المرتبة الثانية في انتخابات اللجان الإدارية الأخيرة. وإذا علمنا أن أكثر الجهات انزعاجا من كتابات المفكر سعيد ناشيد، هي تجار الدين وتنظيمات الإسلام السياسي بفروعها وأجنحتها التي يُنْذِرُنا التاريخ بِسِجِلِّها الإجرامي الأسود، وملابسات نشأتها المشبوهة… فإننا نفهم أن استصدار قرار العزل المتخذ في حقه، قد فُصِّلَ على المقاس؛ بغاية الإضرار به وبوضعيته المادية والاجتماعية والاعتبارية، وكسر نفسيته ومعنوياته، لتجريده من قلمه، ومصادرة حقه في التعبير والكتابة والاختلاف… إلى غير ذلك من أشكال المنع والقهر والاضطهاد التي اكتوت بنارها أعلام فكرية وأدبية وسياسية وحقوقية وإعلامية، تجرأت على التفكير وجَنَحَتْ إلى الاختلاف، وشكلت كتاباتها مضادات تنويرية حيوية ضد سرطانات «الجهل المركب» المستفحل، وأورام التخلف الفكري والمجتمعي، وأمراض التأخر التاريخي…
لذلك، فعندما نتضامن مع المفكر سعيد ناشيد، ندافع عن حرية الإنسان، حرية الرأي والتعبير والتفكير… لأن المنع والمصادرة والاضطهاد، أسلحة لمزيد من التخلف ومراكمة الفشل والخيبات، وكبح جماح أي نهوض مجتمعي أو تنموي منشود».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.