شيّعت مدينة مكناس، في جنازة مهيبة، جثمان الحقوقي والمناضل حسن كمون، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف في ولايته الثانية، وأحد أبرز الوجوه النضالية في الدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب. وقد حضر مراسيم التشييع رفاقه في الصف الديمقراطي والحقوقي، إلى جانب عائلته وأصدقائه، حيث عمّ الحزن والأسى أوساطهم برحيل رجل كرّس حياته لخدمة قضايا الحرية والكرامة والعدالة. الراحل حسن كمون التحق مبكرًا بالعمل السياسي عبر الشبيبة الاتحادية، كما مثّل طلبة المدرسة الوطنية للفلاحة داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وتعرّض للاعتقال سنة 1984 بسبب نشاطه الطلابي والسياسي. واصل مساره النضالي لاحقا في صفوف فيدرالية اليسار، وظل من الأصوات المخلصة التي حملت قضية الدفاع عن ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مؤمنًا بمبادئ الحقيقة والإنصاف وحفظ الذاكرة وضمان عدم التكرار. عرف عن الفقيد جرأته وحكمته ووفاؤه للمبادئ، مما جعله أحد أبرز الأصوات الصادقة في مواجهة محاولات النسيان والتهميش. وبرحيله، يكون المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف قد فقد أحد أعمدته الأساسية، فيما خسر المشهد الحقوقي الوطني مناضلا استثنائيا كرس مسيرته لقيم العدالة الانتقالية وحقوق الإنسان. إلى جانب مساره الحقوقي، راكم الراحل مسيرة أكاديمية ومهنية حافلة. فقد ولد بعين اللوح بإقليم إفران، وتخرج مهندسا فلاحيا، ثم حصل على دبلوم الدراسات المعمقة في التواصل والتنمية من جامعة تولوز بفرنسا. اشتغل في قطاع الفلاحة والتنمية، حيث تولى مسؤولية تأطير برامج الإصلاح الزراعي بالمديرية الإقليمية للفلاحة بمكناس، كما تقلّد مهام بالمركز الوطني للدراسات والأبحاث في الإرشاد الفلاحي. كما أسس مكتبًا للدراسات والاستشارات في مجالات التواصل والمشاريع الجماعية، وعمل خبيرا لدى منظمات وطنية ودولية، ما أكسبه تقديرا واسعًا في الأوساط الأكاديمية والمهنية. خلال مراسيم التأبين، كانت كلمات رفاقه وأصدقائه شهادات مؤثرة اختزلت مسيرة حافلة بالالتزام والعطاء، وشخصية جمعت بين نبل الأخلاق وصدق النضال وصفاء الإنسانية. لقد فقدت الساحة الوطنية برحيل حسن كمون رجل مبادئ، وخسر رفاقه أخًا عزيزا، فيما ودّع أصدقاؤه إنسانا صادقا لا يعوّض. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأحر التعزي والمواساة القلبية لرفيقة دربه فاطمة لعرج ونجليه المهدي وقدس وإلى رفاقه في الصف الديمقراطي والحقوقي، والأحباب والأصهار، سائلة المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.