تمرين مغربي أمريكي مشترك على مكافحة أسلحة الدمار الشامل    الفوج الأول من الحجاج المغاربة يتوجه إلى الديار المقدسة    "إسكوبار الصحراء".. تأجيل محاكمة الناصري وبعيوي    خطوط جوية جديدة ترفع عدد مستعملي مطار تطوان ل 70 ألف مسافر خلال 4 اشهر    مدريد.. الطالبي العلمي يشارك في اجتماع مكتب الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط    الحكومة تنفي إقصاء "أصحاب راميد" من "أمو تضامن" وتؤكد ارتفاع الأرامل المستفيدات من الدعم إلى 300 ألف    بايتاس: انعكاس إصلاح صندوق المقاصة على جيوب المغاربة لا يتجاوز 50 درهما مقابل الحصول على دعم مباشر شهري    انعقاد المجلس الإداري للمركز الجهوي للاستثمار سوس ماسة مارس 2024 حصيلة إيجابية ومؤشرات واعدة    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات في مناصب عليا    السفير الشوبكي: الاعتراف الثلاثي إنجاز تاريخي ولحظة مناسبة ليحاور العالم القيادة الفلسطينية    بسبب هذه اللقطة.. توقيف المصارع الريفي جمال بن صديق لمدة 6 أشهر    الحكومة تعيد تنظيم مركز التخطيط التربوي ومركز تكوين مفتشي التعليم    اختلاسات مالية تُطيح بنائب جديد لرئيس جماعة تطوان    مهنيو الصحة في وقفة حاشدة أمام البرلمان احتجاجا على عدم تنفيذ الحكومة لالتزاماتها (فيديو)    الملك محمد السادس يوجه رسالة للحجاج المغاربة    حكمة العدل الدولية تعتزم إصدار قرارها بشأن وقف إطلاق النار في غزة الجمعة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بورصة البيضاء تفتتح التداول بأداء إيجابي    أساتذة بتطوان يطلبون "إسقاط التطبيع"    دراسة: حقنة الظهر تقلل خطر حدوث مضاعفات أثناء الولادة    التغذية الصحية .. هكذا يمكن الحد من خطر الإصابة بألزهايمر    تيزنيت : جمعية النخبة للمبادرات المغرب تعطي انطلاقة تنفيذ مشروعها "الفضاء الرقمي للمواطن"    الغلوسي: متابعة زيان لوحده بخصوص تبديد المال العام تمييز صارخ وغير مقبول    تراجع أسعار النفط للجلسة الرابعة على التوالي.. هل سيستفيد المواطن من الانخفاض    دفاع بعيوي يلتمس السراح.. ومحامي موثقة يثير توقف علاجها للسرطان بسبب "عكاشة"    ردا على الوزير وهبي.. لهذا يطلب مهنيو الفنادق عقود الزواج للحصول على غرفة        تكوين «العهد» المعاصر    مؤسسة بيت الصحافة تطلق الدورة الأولى لجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار يطلق ديوانه السادس "امرأة بتوقيت الأبد"        سفارة المغرب بموسكو تنفي صحة بلاغ حول الجالية الطلابية بمدينة ساراتوف    رفع ستار الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج    الملك يوجه "ضيوف الرحمن" بضرورة تمثيل بأفضل صورة خلال موسم الحج    البنوك المغربية رائدة النمو المالي والاقتصادي في إفريقيا.. موجودة في أكثر من 30 بلدا أفريقيا    نادي وست هام يتعاقد مع المدرب الإسباني لوبيتيغي    جمعية طبية تكشف أسباب حُرقة المعدة وسبل الوقاية والعلاج    بركة يؤكد من بالي أن المغرب مصمم على تعزيز قدرته على التكيف مع التغيرات المناخية    تدشين مخيم توبقال ويركان البيئي للصمود    الكوكب المراكشي يتعاقد مع المدرب فؤاد الصحابي خلفا لعادل الراضي    المهرجان الدولي للفيلم "الرباط- كوميدي" في نسخته الخامسة    مندوبية الإتحاد الأوروبي ومجموعة الصور العربية للسينما تطلقان النسخة الثالثة من مهرجان السينما الأوروبية بالمملكة العربية السعودية    الوزير الأسبق محمد بنعيسى ضمن أعضاء مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية الذين استقبلهم السيسي    ابتداء من اليوم.. السعودية تمنع دخول مكة المكرمة أو البقاء فيها    سفيان المسرار مرشح لجائزة أفضل لاعب لكرة القدم داخل القاعة في العالم    وزارة الحج والعمرة… إيقاف تصاريح العمرة ومنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة    نجوم دوليون يخطفون الأنظار بدعمهم لفلسطين في مهرجان كان السينمائي    المغرب يخرج خاوي الوفاض من المسابقات الإفريقية.. أين الخلل؟    حريق بسوق الخميس في مراكش يخلف خسائر مادية جسيمة    دوري أبطال أوروبا: بودابست تستضيف نهائي 2026    المغرب عازم على تحويل قطاع النقل لجعله أكثر مرونة واستدامة    قمع الطلبة الداعمين لغزة يتسبب في إقالة رئيس شرطة جامعة كاليفورنيا    المملكة المتحدة تتوجه لانتخابات عامة مبكرة في يوليو المقبل.. فماذا نعرف عنها؟    تنسيقيات التعليم تتمسك بتمكين الأساتذة الموقوفين من إلغاء عقوبات التأديب    هل استقر حمدالله على وجهته المقبلة بعيدا عن السعودية؟    مستجدات انتقال المغربي عطية الله إلى الأهلي المصري    حكاية طبيب "الدراوش" بتطوان في الزمن الجميل (الحلقة الثالثة)    دراسة: المبالغة في تناول الملح تزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 41%    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسف فاضل، مخرجاً
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 22 - 05 - 2009

يتحرك الكاتب الذي لابد منه، يوسف فاضل عادة وهو يتهجَّى أبجديات المشي في جنبات الشوارع وحافة الأزقة، لا يميل إلى الوسَط، ليس لأن هذا الأخير غلَط، بل من فرط ضغط الإحساس بالتوجس والحذر. يحمل بعضه المشغول بفتنة قامته القصيرة وينخرط في المشي سريعاً دون أن يلتفت إلى الخلف، لا يرد التحية ولا يبتسم لأنه غير مَعْني بخرائط الوجوه: يتعلق الأمر هنا بذبيب بعض مواصفاته وطبيعة مكوناته. إلا أتلاف والتوحد بالذات، حقا أنه قد يتمثل لك في الصورة، أنت الذي تعرفه جيداً، ك يوسف فاضل، آخره وهو بالفعل، يوسف فاضل أحياناً، على حد تعبير خورخي لويس بورخيس عيناه مرتدتان الى الداخل لغاية عمق مجرى ممالك ذاته اللامتناهية، بحثا عن أرضي بكر غير مطروقة في إضمامة كينونته الخفيفة والملتهبة. لا يتحدث يوسف، كثيراً مقتضباً ودالا، شأن حواراته المسبوكة في السينما والمسرح، ولا يشحذ لملامح وجهه في المرآة صورة في الجريدة، هو الذي راكم على امتداد إدراكه لحرفة الأدب، غير قليل من الأعمال المسرحية والسيناريوهات والروايات، لعل آخرها: قصة لحديقة الحيوان التي أقرأها شخصياً كسفر إياب، مذموغاً بمطبات تقليب المواجع، وفصلا ناريا مشغولا بالخسارات الرائعة من عدمها، كلما تعلق الأمر بامتهان المسرح، من منظور اعتبارها كشف حجاب حساب، بخصوص ما جرى وصار داخل طيات وتلافيف فضاء فرقة المسرح الباسم واحدة من أقوى فرق السبعينيات درب السلطان، وهو ما يعني وفق هذا النسق، أن يوسف لا يستأنس الى الماضي، حقه ولو كان جزءاً من مسار حياته الذاهبة إلى حيث يشاء، وقد يتخلص منه ذرات بُصاق على جرعات سريعة، قوامها بصرف النظر عن كل ذلك، الإمتاع والمؤانسة، كلما سنحت له الفرصة من حيث لا تدري، وهو بالمناسبة يستدرج الفرصة من حيث لا تدرك، ويصنعها، على خلفية اعتباره غير قدري ولا اتكالياً ومنذور لغير الانتظار.
لا يميل يوسف كثيراً إلى أطواق الوجوه المكرورة التي تطيل الإقامات، فبقدر ما هو اجتماعي في حدود استثمار الوقت وبلورته إلى مادة حدث إبداعي، ولذلك تتعثر مصادقته على امتداد زمن سائب، إلا من بعض الحالات الصداقات المعدودة: في البال رفيقا الأمس وغداً، المستعصيان على المحو، الأستاذان: السي أحمد الحبشي وعز الدين رفقي هذه الخاصية المذموغة بالتخلي عن عدم جدوى الوجوه الملولة التي تنسخ بعضها في عرض الطريق وجنباته، هي بعض المؤشرات والعلامات التي تحكم ارتباطه في علاقته بالأدب والفن ومختلف مكوناته، من المسرح إلى الرواية مروراً بالسيناريو لغاية مصافحة عوالم الإخراج وتقنياته ككتابة تتغيأ الإضافة، وهو أمر ليس بالغريب على مدون لوحه المحفوظ الممهور بمزية العناد، ما الذي يتبقى ولم تنبس به هذه الورقة غير اعتباره خلداً عنيداً ينحت استقراء في غور مجاهيل مملكة ذاته لاستكشاف حيوية ماء جديد ينضاف لقلادة لآلىء تطوقه، ولذلك يبدو الاقتراح المسبوق ل: نبيل عيوش، ل: يوسف فاضل، وتكليفه بمهمة إخراج نص سيناريو، من توقيعه المفتش ل: نيكولاي غوغول، أمراً بديهياً ووارداً في بنية نظام تفكير: يوسف فاضل.
على هامش يوسف، تظل العائلة خارج مدار انشغالاته، والأسرة في جهة أخرى من جهات عواطفه، رغم أنه يعتكف هناك في صومعته ب: بلڤدير، يقرأ ملامح ابنه وهو ينمو على إيقاع هَدْهدات شريكة حياته، إذا لم يكنه قد شد الرحال إلى هناك، حيث الجدار الأخير لمباهج الشمال، وحيث تنتظره فيوض أهوال بياض الأوراق ليُسبكها مداداً مشغولا بالنصوص المسرحية والسيناريوهات والروايات القادمة لامحالة.
هذه الورقة المذموغة بغير قليل من دفىء علاقات الصداقة الهاربة تستوي كهدْي دليل للذهاب الى يوسف مباشرة، والقبض عليه متلبساً باقتراف نص إبداعي من مختلف أجناس احتراقاته، وهي انفتاح على المغلق وتفكيك المعقد والمتشابك، كلما استعصى سلسبيل النص الإبداعي، وتعثر على القارىء الناقد سيان مقاربة ملامح بعض تجويفاته ومغالقه: ما لم تقله هذه الورقة، هي أن يوسف لا يحب أحداً ولا يكره أحداً، وبمقدوري القول الآن، وقد خبرته منذ أكثر من ثلاثين سنة/ تعثر البدايات، أن دمه/ روحه موصولا بالكتابة بمعنى سلبياته على المستوى المحوري تكمن إيجابياته في تنوع نصوصه . هو الممتص كلما تعلق الأمر بدفق العواطف، تنبجس بعض مواقع أعماله، حرارة قوامها الأشواق وحدائق اللقيا، ولعل هذه الخاصيات من مميزات الكاتب اللافت، وهو يكتوي بمزاجه، ويقلب مواجع تناقضاته.
ليوسف الصديق، البعيد القريب، كتابة لا تشد الكتابة، وورداً لا يشبه الورد، وقراءة لا تشبه القراءة، وله، كل الاختلاف.
* هامش:
واضح أن العنوان، وإن كان مستجداً، ليس مجرد ذريعة للقبض على يوسف المنفلت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.