قبل أشهر قليلة من حادث انهيار منزل في درب المعيزي، بالمدينة القديمة للدارالبيضاء، الذي خلف 3 ضحايا، حسب حصيلة رسمية، كانت "المغربية" زارت الدرب المذكور، وأنجزت ربورتاجا حول مأساة العيش في منازله الآيلة للسقوط، ونقلت تصريحات السكان، الذين أجمعوا على ضرورة إنقاذهم قبل فوات الأوان. في الربورتاج، طالب المتضررون بإخراجهم من بيوت على حافة الانهيار، تطبعها العشوائية والرطوبة الخانقة وانتشار النفايات والفئران، لكن الاستجابة لندائهم المستعجل تأخرت كثيرا، فوقع ما كان في الحسبان، وسقط ضحايا وجرحى في حادث كان بالإمكان تفاديه. ووقف ربورتاج "المغربية" على حالة منازل عدة بالدرب، تضم بيوتا متآكلة، تطغى عليها الرطوبة بشكل تختنق معه الأنفاس، إلى جانب ظلام الغرف الضيقة، الذي يعمق لدى السكان الشعور بالخيبة، فالرطوبة والهشاشة والإهمال، عوامل جعلت السكان يتذمرون باستمرار من واقع الحال، في غياب حلول سريعة تدفع عنهم المعاناة والمفاجآت. يقود الدخول إلى أحد المنازل بخطى متثاقلة، عبر ممر ضيق ومظلم، إلى اليقين بأن لهؤلاء طريقتهم الخاصة في التعايش مع الخطر، ورائحة الرطوبة لا تشجع على المكوث طويلا في المكان، وسط ظلمة حالكة، يصعب معها التمييز بين الأشخاص القاطنين، ولو أن هؤلاء يستعينون بإضاءة خافتة، من مصابيح تثبت بالكاد على الأسقف المتقادمة. قال بعض السكان آنذاك، ل"المغربية"، إنه "كلما تهاوت جدران إحدى الغرف بالبيوت المهترئة، إلا واضطر الأفراد إلى الانتقال إلى غرفة أخرى، ولأن الشقوق تمس البيت كله، يضطر هؤلاء للمكوث في غرفة واحدة وترك الغرف المتصدعة، محاولين ترميم ما يمكن ترميمه فيها، لضمان فترة مكوث طويلة بعيدا عن الخطر". ولأن هاجس الاستقرار في بيوت آمنة هو حلم معظم سكان درب المعيزي، فقد عبر الجميع حينها عن يأسهم من التوصل إلى حلول سريعة، تحول دون اجترارهم الخيبة والفشل في الشعور بالأمان النفسي والاستقرار الاجتماعي، ما جعل البعض يعبر بالقول "نعيش الإهمال ونموت ببطء، ولا أحد من المعنيين يعيرنا اهتماما". وجاءت الحادثة الأخيرة لانهيار منزل درب المعيزي، وهي إشارة أخرى بأن الناجين يظلون مرشحين للموت في حال بقائهم في مساكن هشة غير صالحة للسكن والاستقرار. للإشارة، فقد سبق ل"المغربية" أن زارت، أيضا، درب "الرماد"، ودرب "باشكو"، بالمدينة القديمة للدارالبيضاء، ووقفت عن كثب على الوضعية المهترئة للمباني، التي تنذر باحتمال انهيارها في أي لحظة، مع ما قد يترتب عن ذلك من ضحايا، على غرار ما حصل بحي سيدي فاتح ودرب المعيزي.