مطيع يوصي بدليل وطني للجودة ودمج التربية الإعلامية في الأنظمة التعليمية    العيون.. توقيع اتفاقية تعاون بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب والاتحادات المهنية بدول مجموعة "سيماك"    خالد الشناق: المخطط الأخضر يجب أن يخضع للتقييم ولا شيء يمنع من انتقاده    زلزال بقوة 5.1 درجة يهز شمال إيران    العثور على كمية كبير من الحشيش على شاطئ قرب مدينة الحسيمة    بورصة البيضاء تغلق الأبواب بارتفاع    دعم "اتصالات المغرب" بتشاد ومالي    وزير الماء يدق ناقوس الخطر: حرارة قياسية وجفاف غير مسبوق يضرب المغرب للعام السادس توالياً    بوعياش تلتقي أمين الأمم المتحدة    ترامب يمنح إيران مهلة أسبوعين لتفادي الضربة العسكرية: هناك "فرصة حقيقية" لمسار تفاوضي    بوشتة يباشر التداريب الجماعية للوداد    احتياجات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالمغرب تبلغ 11.8 ملايين دولار    أنس.ب.ز.. سقوط العقل المدبر لأخطر شبكة لترويج المخدرات أغرقت الدريوش وبن الطيب بالكوكايين    المغرب يخمد 8 حرائق في الغابات    تحديد السرعة القانونية ل"التروتينيت" يُربك المستخدمين وسط مطالب بالمراقبة    المغرب يحتفي بنخبة البكالوريا 2024-2025    وقفات في مدن مغربية عدة تدعم فلسطين وتندد بالعدوان الإسرائيلي على إيران    انطلاق منافسات القفز على الحواجز للحرس الملكي تحت الرعاية الملكية بالرباط    مدينة المضيق عاصمة الكرة الطائرة الشاطئية الإفريقية    باحثون إسبان يطورون علاجا واعدا للصلع    مصرع ضباط جزائريين في طهران.. حادثة تكشف خيوط التعاون السري بين الجزائر وإيران    نشرة إنذارية: طقس حار من الجمعة إلى الثلاثاء، وزخات رعدية اليوم الجمعة بعدد من مناطق المملكة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    الأرصاد تحذر من موجة حر تصل إلى 45 درجة تمتد إلى غاية الثلاثاء    وليد الركراكي يكشف سر استمراره رغم الإقصاء ويعد المغاربة بحمل اللقب على أرض الوطن    معهد صحي يحذر.. بوحمرون يتزايد لدى الأطفال المغاربة بهولندا بسبب تراجع التلقيح    بعد وفاة بريطانية بداء الكلب في المغرب.. هل أصبحت الكلاب الضالة تهدد سلامة المواطنين؟    اجتماع إيراني أوروبي في جنيف وترامب يرجئ قراره بشأن الانخراط في الحرب    «علموا أبناءكم».. أغنية تربوية جديدة تغرس القيم في وجدان الطفولة    «نج «و»كي بلاك» يجمعان صوتهما لأول مرة في عمل غنائي مشترك بعنوان «La Var»    "الكاف" يعلن عن مواعيد وملاعب "شان 2024"    لفتيت يذكر الشباب باستمارة الجندية    أنامل مقيدة : رمزية العنوان وتأويلاته في «أنامل تحت الحراسة النظرية» للشاعر محمد علوط    عن "الزّلافة" وعزّام وطرفة الشّاعر عبد اللطيف اللّعبي        المغرب يقبض على مطلوب بالنرويج    افتتاح الدورة ال26 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة    الكاف يكشف روزنامة النسخة الجديدة لدوري الأبطال وكأس الكونفدرالية    كارمن سليمان تفتتح مهرجان موازين بطرب أصيل ولمسة مغربية    محمد حمي يوجه نداء من والماس لإعادة الاعتبار للفلاح الصغير    تقرير: المغرب يجذب حوالي 15.8 مليار درهم من الاستثمارات الأجنبية بنمو 55% في 2024    7 أطباق وصحون خزفية لبيكاسو بيعت لقاء 334 ألف دولار بمزاد في جنيف    مندوبية التخطيط: معدل التضخم خلال ماي سجل ارتفاعا ب0.4 في المائة    كأس العالم للأندية.. ميسي ينقذ إنتر ميامي وسان جرمان يتعثر وأتلتيكو يرفض الاستسلام    مباحثات لتعزيز التعاون القضائي بين المغرب والرأس الأخضر    المغرب يعزّز حضوره الثقافي في معرض بكين الدولي للكتاب    برلماني يطالب بالإعفاء الكلي لديون صغار الفلاحين    التكنولوجيا الصينية تفرض حضورها في معرض باريس للطيران: مقاتلات شبح وطائرات مسيّرة متطورة في واجهة المشهد    التصادم الإيراني الإسرائيلي إختبار لتفوق التكنلوجيا العسكرية بين الشرق والغرب    مجازر الاحتلال بحق الجوعى وجرائم الحرب الإسرائيلية    بنكيران يهاجم… الجماهري يرد… ومناضلو الاتحاد الاشتراكي يوضحون    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات أسر السجناء مع فصول «الإهانة» أمام أبواب السجن المحلي في طنجة
شهادات نساء يعانين من الإجراءات المعقدة الخاصة ب«الزيارة»
نشر في المساء يوم 02 - 10 - 2010

الساعة تشير إلى الثانية عشرة زوالا، المكان: باب السجن المحلي في طنجة، تجمعات بشرية هنا وأخرى هناك لنسوة تتفاوت أعمارهن ومستواهن الاجتماعي، جمعهن شيء واحد هذا الصباح
هو زيارة أقربائهن أو أبنائهن القابعين خلف الأبواب الحديدية للسجن المدني.
إنها مشاهد أضحت تؤثث باب السجن المحلي في طنجة، المعروف بين الناس باسم «ساتفيلاج»، نسبة إلى مصنع قديم كان في المنطقة يحمل نفس الاسم، والذي تحول اليوم إلى أطلال، مثلما سيتحول هذا السجن أيضا إلى أطلال، في انتظار تحويله إلى مُجمَّع سكني...
أمام باب السجن، نساء كثيرات يقفن في طوابير الانتظار، بينما هناك نساء أخريات من ذوات الجاه والنفوذ لديهن «طرقهن» الخاصة لدخول السجن، بدل الوقوف والاختلاط مع الآخرين.
مشهد وقوف عشرات النساء، كل يوم، أمام باب السجن المدني تأكيد قوي على أن السجين لا يقضي عقوبته لوحده، بل تشاركه فيها عائلته!... هناك حكايات وقصص مؤثرة لنساء من عائلات السجناء خارج سجن «ساتفيلاج»، منهن من أصبحت تعيش على حسنات وصدقات الناس، بعدما سُجِن معيل العائلة، ومنهن من تشتغل بالليل والنهار، لادخار ما يمكن تقديمه من مال وملابس وطعام، وحتى مخدرات، للآباء أو الأزواج أو الأبناء المسجونين، بتُهَم مختلفة.
إنها حكايات مختلفة ومتناقضة وراء هؤلاء النسوة اللائي لا يدخرن جهدا في القدوم كل أسبوع من مناطق شتى، حاملات معهن أمتعة سجنائهن، وينتظرن فتح أبواب السجن للاستمتاع بلقاء لا يدوم أكثر من ثلاثين دقيقة.
معاناة مع الفقر والسجن
«فاطمة»، سيدة متقدمة في السن، بجلباب مهترئ، تجلس وحيدة غير بعيد عن باقي النسوة، اعتادت المجيء كل أسبوع لإحضار «القفة» لابنها. إنها تحفظ المكان جيدا وتعرف متى يُفتَح الباب ومتى يحين موعد إغلاقه، لأنها المرة الرابعة التي يدخل فيها ابنها السجن، حيث تتراوح عقوباته السجنية بين سنتين وأربع سنوات، وبتهم مختلفة: مرة بسبب الاتجار في المخدرات، ومرة بتهمة السرقة، ومرة أخرى بتهمة الضرب والجرح.
يوحي المظهر الخارجي لهذه المرأة بأنها قادمة من الأحياء الفقيرة والمهشمة. تقول فاطمة: «يزيد عمري عن 60 سنة، ومع ذلك، ما زلت أعمل كمنظفة لدى أصحاب بعض المحلات التجارية، من أجل كسب قوت يومي، حتى أدخر بعضا من المال لشراء أكل ولباس وسجائر لابني المسجون»...
كانت معاناة هذه المرأة مع ابنها أصعب مما هي عليه اليوم، لأنها كانت تنتقل إلى سجني القنيطرة وسيدي قاسم وغيرهما، على اعتبار أن ابنها كان يتم ترحيله إلى هذه السجون، قبل أن يعود إلى سجن طنجة.
وتتابع هذه المرأة قائلة: «أنا أحمد الله اليوم، لأن ابني الآن في طنجة وقريب مني.
كنت أعاني في السابق عندما كانوا يحولونه إلى سجون بعيدة عن المدينة، وكنت ألتقي به نصف ساعة، بعدما يضيع وقتي كله في إجراءات الدخول».
زائرة تنجو من السجن
غير بعيد عن «فاطمة»، تجلس «سعيدة»، الحامل في شهرها الخامس والأم لطفلة تبلغ من العمر 6 سنوات. تنتظر هذه المرأة أن تفتح أبواب السجن حتى تتمكن من رؤية زوجها المُعتقَل منذ بضعة شهور، بتهمة الضرب والجرح المؤدي إلى عاهة مستديمة.
تقول هذه المرأة ل«المساء» إنها تعيش على ما يجود به عليها «أصحاب الحسنات»، بعد أن كان زوجها معيل الأسرة الوحيد.
ل«سعيدة» قصة غريبة مع إحدى النسوة أمام باب السجن، فقد طلبت منها إدخال «القفة» إلى أخيها المسجون، بتهمة الاتجار في المخدرات واستعمال الأقراص المهلوسة، بعدما تعذَّر عليها لقاؤه، لكن فطنة «سعيدة» وذكاءها جعلاها تراقب ما بداخل «القفة»، لتكتشف قطعة مخدرات مدسوسة، بعناية، داخل رزمة «النعناع»، لترفض بذلك حملها إلى أخيها.
تقول سعيدة: «كدت أُسجَن بسبب هذه المرأة التي حاولت خداعي، لكنني تنبهت حيلتها، قبل أن ألج باب السجن».
معاناة أم مع ابنها السجين
تحت ظل شجرة، على مقربة من باب السجن المحلي، تفترش أم في الأربعينات وابنتُها الأرض، تنتظران دورهما للقاء الابن النزيل في سجن طنجة.
رفضت المرأة أن تفصح ل«المساء» عن طبيعة التهمة الموجهة لابنها، لكنها بالمقابل، عبَّرت عن استيائها من تكبدها عناء السفر من أصيلة والحضور والانتظار أمام باب السجن.
تقول هذه المرأة إنها لم تعد تطيق نظرات الشفقة أو «الشّْماتة» التي يرمقونها بها، بينما ابنها «العاق»، على حد تعبيرها، لا يبالي أبدا ولا يهتم بما تعانيه أمه.
تنهّدت هذه الأم، بعمق وحسرة، قبل أن تتابع حديثها قائلة: «قبل بضعة أشهر، قمت بشراء غطاء وملابس شتوية لابني، وفوجئت بعد أسبوعين بأنه قام ببيعها لسجين آخر، بغرض اقتناء المخدرات واستهلاكها». هذا الابن عاق خارج السجن وداخله» !..
«كريمة»، امرأة أخرى تنتظر قرب أبواب السجن المدني لطنجة. تنتمي إلى عائلة متوسطة الدخل، لا تهمها مصاريف «القفة»، بقدر ما يزعجها الانتظار الطويل والاكتظاظ عند مدخل
السجن.
تقول «كريمة» إن وقت الزيارة القانوني يبدأ في التاسعة صباحا، مستغربة كيف أن الحراس لا يفتحون الباب إلا عندما يحدث الازدحام وتكثر الهتافات المطالِبة بفتح باب السجن: «إنه مكان تأتي إليه نساء حوامل وأطفال ورضَّع وعجائز، وكلهم لا يحتملون الانتظار طويلا». أكدت قريبتها التي كانت إلى جانبها، كلامها وأضافت متسائلة: «عند وصول أي رجل أو امرأة لزيارة قريبهم وبحوزتهم أوراقهم الثبوتية، يجب أن يدخلوا السجن مباشرة. لا نفهم لم عليهم الانتظار إلى أن يمتلئ المكان؟»..
تطالب هذه المرأة حراس السجن بتسهيل إجراءات الدخول، لأن ذلك سيمنحهم مدة أطول للبقاء مع أقربائهم والاطمئنان عليهم، بدل الوقوف ساعات أمام باب السجن والتي تنقص عادة من وقت الزيارة.
ترتدي النقاب حتى لا يعرفها أحد
في مكان قصي عن مدخل السجن، تجلس امرأة وحيدة ومنقَّبة. زوجها مسجون بتهمة القتل العمد، ولا أحد يعلم بجرمه غير بعض المقربين منها ومن زوجها، لقد أخبرت جيرانها ومعارفها بأنه سافر إلى الديار الإيطالية، بينما هو خلف قضبان سجن طنجة.
كل أسبوع، تحضر هذه المرأة رفقة ابنيها إلى السجن المحلي، مرتدية نقابا حتى لا يراها الناس و«يفتضح» أمرها. إنها تزور زوجها لدقائق معدودات ثم تعود إلى بيتها.
تحول سجن الأب إلى «كابوس» بالنسبة إلى أبناء هذه المرأة التي تقول ل«المساء» إن «الابن البكر انقطع عن الدراسة، أما ابنتها فاضطرت إلى تغيير المؤسسة التي تدرس فيها، خوفا من تسرب خبر سجن والدها». وتتابع هذه المرأة، والدمع بنساب من عينيها»: أنا ما بْقيتشْ عارفة آش نْعمل.. راجلي قْتل روحْ وشوهني قْدّام الناس وولادي كيضيعو قدامي...».
زائرات من نوع آخر
إذا كانت هذه المرأة تخفي هويتها وراء النقاب، حتى لا يفتضح أمرها، فإن هناك منقبات كثيرات ينتشرن أمام أبواب السجن المحلي في طنجة، ينتظرن رؤية أزواجهن، وهم سجناء ما أصبح يعرف ب«السلفية الجهادية».
تقف شقيقتان قادمتان من مدينة العرائش غير بعيد عن باب السجن. عبّرت إحداهما عن امتعاضها من أحوال زوجها المتردية داخل السجن، تقول «م. ر.»: «أنا أعلم أن زوجي بريء وسأظل إلى جانبه حتى لو حُكِم عليه بالمؤبد. ورغم تنقلاتي بين مجموعة من سجون البلاد وعدم وجود وسائل نقل متوفرة دائما، فإنني أحرص على المجيء، بين كل فترة وأخرى، وإحضار ما يلزم لزوجي».
أما «ز. ر.» فتقول إنها تعاني من تأخر وقت الدخول، وتضيف: «أنا قادمة من مدينة تبعد بعشرات الكيلومترات عن مدينة طنجة، وفي الأخير، التقيت زوجي لمدة تقل عن نصف
ساعة»...
إنها حكايات كثيرة لأسر تقضي يومها كما لو أنها تشارك سجناءها زنازنهم، بينما لا تفعل إدارة السجن أي شيء من أجل تخفيف المعاناة عن هؤلاء، بل إن إدارة السجن عمدت، مؤخرا، إلى إغلاق مرحاض كانت تستعمله الأسر بقفل حديدي، كي لا يتسنى لأحد الدخول إليه، حتى لو اضطر أحد الأطفال أو العجائز إلى استعماله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.