«باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    ريال مدريد تخدم مصالح نصير مزراوي    السعوية.. أمطار غزيرة وسيول تتسبب في إغلاق المدارس بأنحاء المملكة    بركة يحصي مكاسب الاتفاق الاجتماعي ويقدم روايته حول "أزمة اللجنة التنفيذية"    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    عبد اللطيف حموشي يستقبل سفير جمهورية باكستان الإسلامية بالرباط    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    السفير محمد لخصاصي، القيادي الاتحادي وقيدوم المناضلين الاتحاديين .. أنوه بالمكتسبات ذات الطابع الاستراتيجي التي يسير حزبنا على هديها    لقجع "مطلوب" في مصر بسبب الشيبي    اختتام الوحدة الثالثة للدورة التكوينية للمدربين لنيل دبلوم "كاف برو"    الوداد يغلق باب الانخراط ببلوغه لرقم قياسي    ال"كاف" يقر بهزيمة اتحاد العاصمة الجزائري إيابا بثلاثية وتأهل نهضة بركان إلى النهائي لمواجهة الزمالك    نور الدين مفتاح يكتب: فن العيش بجوار الانتحاريين    إسطنبول.. وفد برلماني يؤكد موقف المغرب الراسخ من عدالة القضية الفلسطينية    صحف أمريكية تقاضي "مايكروسوفت" و"أوبن إيه آي" بتهمة انتهاك حقوق الملكية    ميارة يثني على مخرجات الاتفاق الاجتماعي ويرفض اتهام الحكومة ب"شراء النقابات "    مسيرات نقابية في مختلف المدن المغربية لإحياء يوم العمال العالمي    الداخلة .. قطب تجاري ولوجستي لا محيد عنه في القارة الإفريقية    الإعلامي حميد سعدني يحل ضيفا على كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك    توافد 3,3 مليون سائح برسم الفصل الأول من سنة 2024    صفعة جديدة لتونس قيس سعيّد.. عقوبات ثقيلة من الوكالة العالمية للمنشطات على تونس    حكيمي يواجه فريقه السابق بروسيا دورتموند في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    دراسات مرتقبة لربط تطوان وطنجة بخط سككي لتعزيز المواصلات بالشمال    إدارة السجن المحلي بالناظور تنفي مزاعم تسبب التعنيف والإهمال في وفاة سجينين    حريق بمحل لبيع المفروشات بسوق كاسبراطا بطنجة يثير هلع التجار    تفاصيل البحث في تصوير تلميذة عارية بوزان    طائرة مغربية بطنجة تتعرض لحادث تصادم مع سرب طيور        الحكومة تعلن عن مشروع لصناعة أول طائرة مغربية بالكامل    منيب: "لا مانع من إلغاء عيد الأضحى بسبب الأوضاع الاقتصادية للمواطنين    بنسعيد: اختيار طنجة لإقامة اليوم العالمي للجاز يجسد قدرة وجودة المغرب على تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    ارتفاع الحصيلة في قطاع غزة إلى 34568 قتيلا منذ اندلاع الحرب    فاتح ماي فكازا. بركان حاضرة بتونيها عند موخاريق وفلسطين جامعاهم مع نقابة الاموي والريسوني والراضي ما غابوش وضربة اخنوش ما خلاتش العمال يخرجو    مجلس المنافسة يرصد احتمال وجود تواطؤ في تحديد أسعار السردين ويحقق في الموضوع    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع وسط ترقب قرار للمركزي الأمريكي    النفط يتراجع ليوم ثالث بضغط من تزايد آمال التوصل لتهدئة في الشرق الأوسط    إسطنبول تشهد توقيفات في "عيد العمال"    "داعش" تتبنى مهاجمة مسجد بأفغانستان    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    "الاتحاد المغربي للشغل": مكاسب الاتفاق الاجتماعي مقبولة ولن نقبل "الثالوث الملعون"    هل تستطيع فئران التجارب التلاعب بنتائج الاختبارات العلمية؟    جمعية طبية تنبه إلى التهاب قناة الأذن .. الأسباب والحلول    تطورات جديدة في مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا    في مواجهة الحتمية الجيوسياسية.. الاتحاد الأوروبي يختار التوسع    المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب    بعد 24 عاما على طرحها.. أغنية لعمرو دياب تفوز بجائزة "الأفضل" في القرن ال21    الشرطة تعتقل عشرات المحتجين المؤيدين لفلسطين في مداهمة لجامعة كولومبيا بنيويورك    رئيس جامعة عبد المالك السعدي يشارك بروما في فعاليات المنتدى الأكاديمي والعلمي    تساقطات مطرية في العديد من مناطق المملكة اليوم الأربعاء    حارة نجيب محفوظ .. معرض أبوظبي للكتاب يحتفي ب"عميد الرواية العربية"    بماذا اعترفت أسترازينيكا بشأن لقاحها المضاد لكورونا؟    الأمثال العامية بتطوان... (586)    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوكوس: دسترة الأمازيغية حدث تاريخي وكتابتها بحرف «تيفيناغ» حظي بتوافق وطني
عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية للمساء : دخول الأمازيغية إلى المدرسة لم يتم بالشكل الذي نريد ووزارة التعليم لم توفر ما يكفي من الموارد البشرية
نشر في المساء يوم 02 - 07 - 2011

في هذا الحوار يشيد أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، بالخطاب الملكي الأخير القاضي بترسيم اللغة والهوية الأمازيغيتين في الدستور الجديد، مجيبا عن بعض التخوفات،
التي تساور نشطاء الحركة الأمازيغية، بشأن القانون التنظيمي المرفق بقرار الترسيم. وينتقد بوكوس بعض الأصوات، التي تدعو إلى التخلي عن حرف «تيفيناغ»، لكونها لا تستند على منهاج علمي دقيق، متهما بعض الجهات بتوظيف هذا الأمر لأغراض سياسية. ويتحدث بوكوس في نفس الحوار عن بعض الحيثيات المرتبطة بترسيم الأمازيغية وحصيلة إدراجها في التعليم وبعض المعيقات التي تحول دون تحقيق تطلعات المعهد بخصوص هذا الموضوع، مؤكدا في الأخير على تضامنه مع الصحافي رشيد نيني، ومعتبرا اعتقاله ضربا لحرية الرأي والتعبير.
- اعتبر العديد من أقطاب الحركة الأمازيغية أن قرار ترسيم الأمازيغية يعد مكسبا تاريخيا لنضالاتها. كيف استقبلتم في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية هذا القرار؟
بطبيعة الحال، تلقينا هذا الحدث التاريخي بشكل إيجابي، حيث إننا نثمن غاية التثمين هذا الحدث الاستثنائي، الذي يشكل منعطفا تاريخيا للبلد. ويأتي هذا القرار في منظورنا كنتاج لنضالات الحركة الثقافية الأمازيغية بكل أطيافها، التي بدأت منذ ستينيات القرن الماضي وتوجت بالخطب الملكية لسنة 2001، خاصة خطابي العرش وأجدير. هذان الخطابان أثمرا تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كمؤسسة أنيطت بها مهمة النهوض بالأمازيغية. ونعتبر كذلك أن خطابي التاسع من مارس والسابع عشر من يوليوز جاءا ليؤسسا لترسيم اللغة والهوية الأمازيغيتين. وقد وصفت الحدث بالتاريخي نظرا لأنه لأول مرة في تاريخ المغرب سيتم اعتماد دستور يقر باللغة الأمازيغية كلغة رسمية للمملكة، الأمر الذي سيوفر لها الحماية القانونية الضرورية لترسيخها في السياسات العمومية.
- لكن بِمَ تفسرون بعض التخوفات التي عبر عنها العديد من أعضاء الحركة الأمازيغية بخصوص الصيغة التي أقر بها الدستور المقترح على الاستفتاء مطلب دسترة الأمازيغية، سيما في النقطة المتعلقة بالقانون التنظيمي؟
لن ننكر أن مشروع الدستور ينص في فصله الخامس على إنشاء مؤسسة وطنية، هي المجلس الوطني للغات والثقافة الوطنية. ومن المهام التي أسندت إلى هذا المجلس صياغة سياسة لغوية وثقافية شاملة تدمج كل مكونات المشهد اللغوي الوطني. أما بخصوص ترسيم اللغة الأمازيغية، فمن حيث المبدأ، يقر الدستور بشكل صريح برسمية اللغة الأمازيغية، لكن تفعيل هذا المبدأ على أرض الواقع مرهون بقانون تنظيمي يحدد شروط تأهيلها وعمليات إدماجها في المؤسسات العمومية. وبالنسبة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يرى أن السلطتين التشريعية والتنفيذية لابد لهما أن تأخذا بعين الاعتبار جميع مكاسب اللغة والثقافة الأمازيغيتين التي حققها المعهد منذ إنشائه.
نبقى في سياق الانتقادات التي وجهت إلى الصيغة التي تم بها ترسيم الأمازيغية. إذ هناك من يتحدث عن كون الخطاب الملكي تحدث عن إدراج الأمازيغية في التعليم، في الوقت الذي نعلم أن هذه العملية بدأت منذ 10سنوات، فهل سيتم التراجع عن كل المكاسب التي تحققت في هذا المجال؟
أعتقد أن التخلي عن منجزات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في المجالات المختلفة، وخاصة في مجال التعليم ومجالات مَعْيَرَة اللغة الأمازيغية ومجال تنميط حرف «تيفيناغ»، والعمل البحثي العلمي والأساسي، وتأصيل المبدعين والعاملين في حقل الأمازيغية... هذه كلها منجزات نرى في المعهد أنه من الضروري أن تقوم الدولة بمختلف أجهزتها بترصيدها وترسيخها وتجويدها والعمل على تفعيلها في المؤسسات ذات الصلة، في إطار السياسات العمومية، وإلا سيصير من العبث أن تحدث مؤسسة تقصي، بل تلغي ما أنجزته مؤسسة سابقة. وحتى نكون متفائلين، نعتقد أن التحلي بالرزانة وبروح المواطنة وتغليب المصلحة العامة للوطن وإقرار القانون التنظيمي لن يكون أمرا صعبا ولا مستحيلا.
- لنتوقف عند نقطة دسترة المجلس الوطني للغات، ألا ترون أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يقلل من الاهتمام باللغة الأمازيغية في ظل وجود تلوينات لغوية مختلفة؟
إن تصور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية هو أن أي تراجع أو مسّ يطال المكاسب، التي حققها لمدة عشر سنوات، سيكون ضربا في كنه الدستور، وسيكون لا محالة موضوع نزاع دستوري. وللمملكة المغربية آليات تتولى تدبير مثل هذه النزاعات.
- في نظركم، ماهي الصعوبات التي يطرحها تفعيل قرار الترسيم على أرض الواقع؟
لا أعتقد أن ثمة صعوبات لأن القانون التنظيمي سيحدد آليات تأهيل اللغة الأمازيغية حتى تؤدي مهامها كلغة رسمية، لكن اتخاذ القرار سيطرح صعوبات ذات طبيعة سياسية بالدرجة الأولى، ولابد، والحالة هذه، من حشد التوافقات داخل مجلسي النواب والمستشارين. وسيكون ضروريا في المستقبل القريب التحلي بروح المواطنة، ومن الضروري كذلك تغليب الحس الوطني بغاية تجاوز التموقعات السياسية الضيقة لتقوم الأمازيغية بوظائفها كاملة.
- أثارت بعض الأصوات جدلا واسعا حول الحرف الذي تكتب به الأمازيغية. في تقديركم ماهو المدخل العلمي لإنهاء هذا الجدل؟ وهل ترون أن حرف «تيفيناغ» المعتمد حاليا كفيل بتطوير اللغة والثقافة الأمازيغيتين؟
دعني أبدأ بالمدخل السياسي ثم سنستفيض بعد ذلك في الحديث عن المدخل العلمي. فهذا المدخل يجد تفسيره في كون القرار الذي اتخذ سنة 2003 بخصوص اعتماد حرف «تيفيناغ» كحرف رسمي لكتابة وتدريس الأمازيغية كان نتيجة توافق وطني ساهمت فيه الأطراف السياسية، بما فيها حزبا الاستقلال والعدالة والتنمية. ونحن نشتغل بهذا الحرف منذ إقراره، وصار عندنا حاليا أكثر من 600 ألف تلميذ يتعلمون الأمازيغية بحرف «تيفيناغ»، ولدينا 1200 طالب يتخصصون في مسالك الدراسات الأمازيغية ببعض الجامعات المغربية والحرف المعتمد هو حرف «تيفيناغ». أما أن نأتي في هذه الظرفية وبكل بساطة ونقول بإلغاء هذا الحرف، الذي يعتبر -كما أسلفت- نتاج توافق وطني، فذاك أمر مرفوض. أما على المستوى التقني فحرف «تيفيناغ» يطرح أقل عدد ممكن من الصعوبات التقنية والبيداغوجية مقارنة بالحرف العربي أو اللاتيني. فمن أهم الصعاب التي يواجهها الحرف العربي هي مشكلة الشكل، إذ لا يكتب في غالب الأحيان بالحركات. دعنا نفسر هذا الأمر حتى يتمثل القارئ عمق الإشكال، فمثلا إذ أخذنا فعل «علم»، فإنه يحتمل قراءات متعددة مع تغيير طفيف في موضعة العلامات، وهذه خاصية اللغة العربية. غير أن هذه المعضلة لا تطرح بتاتا في حرف «تيفيناغ». علاوة على ذلك، يمكن أن نسجل في هذا المقام أن النظام الصوتي للأمازيغية فيه مجموعة من الأصوات ليست موجودة في اللغة العربية، إذ هناك مخارج صوتية بالأمازيغية ليس لها ما يقابلها في لغة الضاد. ولنسق في هذا الموضع مثالا لندلل على صحة هذا الطرح، فعلى سبيل المثال هناك في الأمازيغية «الزاي المفخمة»، فحين نقول «إيزي»، وهي تعني الحويصلة بالعربية، فالنظام الصوتي للعربية غير قابل لأن يستوعب هذا «الفونيم» الصوتي. وبناء عليه، فهذه كلها مؤشرات تسمح لنا بالقول بأن حرف تيفيناغ هو المدخل العلمي الذي باستطاعته أن يرتقي بالأمازيغية على جميع المستويات.
- تتهمكم بعض الجهات بأنكم التزمتم الصمت خلال السجال، الذي دار حول الأمازيغية قبل تسليم مذكرة الإصلاحات الدستورية للملك، إذ لم تبلوروا موقفا واضح المعالم من النقاش الذي كان محتدما آنذاك.
ليس ذلك صحيحا، فعمادة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ساهمت في بعض الندوات وشاركت بصورة فعالة في بعض اللقاءات، التي نظمتها الأحزاب.كما شاركنا كذلك في ندوات علمية وحقوقية ولقاءات مع الصحافة الأجنبية، ناهيك عن مساهمة ثلة من الباحثين من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في برامج تلفزية وإدلائهم بتصريحات صحفية للإعلام الوطني والدولي. لكن بحكم صلاحياتها المحددة في الظهير المؤسس للمعهد، ليس بإمكان المؤسسة الخوض في السجال مع المنظمات الحزبية والسياسية والحقوقية المناهضة للأمازيغية، بل إن هذا الأمر من صميم أدوار المجتمع المدني والسياسي.
- يطرح مشكل مَعْيَرَة اللغة الأمازيغية بحدة. ماهو موقف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بخصوص هذه القضية؟
للإجابة عن سؤالك، أطرح السؤال التالي: لماذا مَعْيَرَة اللغة الأمازيغية؟ معيرتها تعني تثمينها، أي تأصيل بنيات اللغة الأمازيغية من صرف وتركيب ومعجم. أقصد بذلك تقعيد الآليات النحوية للغة الأمازيغية في أفق توحيدها حتى تصبح لغة التواصل ولغة العمل في المؤسسات ذات الصلة. واللغات العالمية القائمة اليوم كلها مرت عبر سيرورة المَعْيَرَة والتقعيد. والآن كيف تتم معيرة اللغة الأمازيغية؟ إنها تتم على أساس منهجية علمية قائمة على رصد البنيات المشتركة بين اللهجات المحلية والجهوية. القاعدة الجوهرية لهذه اللغة هي الآليات المشتركة بين اللهجات المحلية. والجديد والمستحدث في هذه اللغة يهم المصطلحات الجديدة، أي المصطلحات غير الموجودة في تاريفيت ولا في تاشلحيت ولا في تامازيغت ولا في تازناتيت. لنُعطِ في هذا المضمار أمثلة تشفع لنا باستجلاء بعض الغموض المرتبط بالموضوع، فإذا أردنا أن نقول «طائرة»، فهي ليست موجودة في التلوينات المختلفة للغة الأمازيغية، لكن في اللغة المُمَعْيَرة نسميها «تاسايلالت»، وهي جاءت من الجذر «ايل»، والطائر يسمى «ايلال»، ونتيجة هذا الاشتقاق «أسايلال»، وهي ليست موجودة في أي لهجة. وحين يسمع الناس في الريف هذه الكلمة يقولون إنها سوسية، والعكس يحدث في سوس, وهكذا دواليك. وهذا، في نظرنا، ناتج عن الجهل.
- لكن هناك من يوظف هذه الورقة توظيفا سياسيا لتسويغ عدم دسترتها كلغة رسمية. كيف تنظرون إلى ذلك؟
حين تحدثت عن الجهل، فهو مرتبط بالأمازيغيين أنفسهم، بيد أن مناهضي اللغة الأمازيغية يوظفون هذه الورقة كذريعة للبرهنة على استحالة ترسيم اللغة الأمازيغية. لكن هذا التحفظ لا يستند إلى تحليل علمي دقيق لأنه في تاريخ اللغة العربية كان هذا الإشكال مطروحا، فكما تعرف، فاللغة العربية هي لهجة من لغات الجزيرة العربية، لغة قريش بالضبط. لكن بعد ظهور الإسلام وتثبيتها بالقرآن الكريم، وكذلك بعد التهيئة التي عرفتها اللغة العربية في القرن الرابع في البصرة والكوفة. ومعظم نحاة اللغة العربية من الفرس من مثل سيبويه وابن جني. ولابد من التأكيد في هذا السياق أن اللغة العربية قاصرة في بعض المجالات كالظواهر التكنولوجية، ولذلك نجد أن الجامعة العربية تتوفر على مكتب لتنسيق التعريب، من مهامه تحديث اللغة العربية وتحيين معجمها، بالإضافة إلى أن المغرب لديه مؤسسة خاصة بذلك تتمثل في معهد التعريب تعمل بشكل يومي لتقاوم وتنافس هذه اللغة باقي اللغات العالمية غير أنها لم تنجح في هذه المهمة إلى حدود هذه اللحظة. وهي بذلك، مازالت تبحث عن معيرة قواعدها. إلا أنها سبقت الأمازيغية ب14 قرنا ومن البديهي أنها أحرزت تقدما أكثر من الأمازيغية. واللغة الفرنسية بدورها عاشت نفس السيرورة، حيث قبل أن تعتمد كانت تتداول لغات أخرى كالبروتونية مثلا وهي لغة لا علاقة لها باللاتينية.
- هناك من يرى أن ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور المقترح على الاستفتاء اليوم سيعمل على خلق نوع من «التشتيت اللغوي». إلى أي مدى يمكن أن تصح مثل هذه الفرضية؟
هذا الأمر غير وارد، فالدستور الجديد يقر بلغتين رسميتين، وليس هناك في اعتقادي أي تشتيت، وإذا كان الأمر يتعلق فقط بالاهتمام بالتعابير اللغوية، فإنه لن يضر في شيء.
- راجت مؤخرا الكثير من الأنباء حول تحول المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إلى مؤسسة عمومية. ما صحة هذه الأخبار؟
لم أتوصل بأي مراسلة بهذا الشأن، والذي نرجوه مهما كانت التسمية، التي سيتخذها المعهد، هو ترصيد المنجز البحثي والعلمي لعشر سنوات من العمل المتواصل ومده بالإمكانيات المادية والبشرية الكفيلة بتطوير عمله، وحماية مكتسبات المؤسسة من موارد بشرية ومالية ولوجيستيكية.
- هل يمكن القول إن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كوّن كفاءات وموارد بشرية بإمكانها أن تجود البحث الأكاديمي في مجال الأمازيغية؟
بطبيعة الحال، هذه المسألة لم يعد يجادل فيها عاقل، فمنذ سنة 2001 أحرز المعهد تقدما علميا واضحا كان من ورائه فريق بحث اشتغل على مجالات التهيئة اللغوية. هذه الكفاءات اختمرت تجربتها بعد أن كانت تتوفر على خبرة جاءت بها من الجامعة.
- في خضم النقاش الذي دار حول ترسيم الأمازيغية من عدمه، تعالت أصوات من داخل حزب الاستقلال مطالبة بعدم دسترتها كلغة رسمية للمملكة. لكن بعد الخطاب الملكي، لم يعلق حزب الاستقلال، بل ساند هذا المقترح. هل تعتبرون ذلك تحولا في مواقف الحزب تجاه الأمازيغية؟
في تصوري لا مناص من التمييز بين مواقف وتصريحات الأشخاص ومواقف التنظيمات السياسية، وما يهم هو ما تعلن عنه التنظيمات السياسية، التي من المفروض أنها تنظيمات سياسية مسؤولة ولا يمكن الخروج بأي حال من الأحوال عن التوافق الوطني والتوازنات، التي تتأسس عليها المنظومة الوطنية والقانون. كما أن الدستور يجعل من هذه اللغة لغة رسمية تامة، وسيعتبر أي تشكيك في الأمر ضربا لشرعية هذه اللغة، وبالتالي ضربا لشرعية الدستور.
- نص الدستور الجديد على دسترة مجموعة من المكونات الهوياتية للمغرب. ألا ترون ذلك محاولة للتخفيف من مخاطر تسييس مطالب الحركة الأمازيغية بهذا الشأن؟
شخصيا، لا أعتقد أن الاهتمام بسائر التلوينات الهوياتية والتعابير الثقافية الجهوية سيمس بترسيم اللغة الأمازيغية، ولا بإقرار المكون الثقافي الأمازيغي كمكون أساسي للهوية الوطنية. وتصورنا لقضية الهوية الوطنية يقوم على تثمين المشارب الهوياتية الأخرى وحماية حقوق كل واحدة منها في إطار التنوع الذي يغذي الوحدة.
- بعد عشر سنوات من إدراج الأمازيغية في التعليم، كيف تقيمون حصيلة هذه العملية؟ وماهي المشاكل التي أعاقت مسلسل الإدراج، سيما أن العديد من المختصين يرون أن التعليم مدخل أساسي لتأهيل الأمازيغية؟
قياسا بما كانت عليه وضعية الأمازيغية قبل سنة 2003 في المدرسة المغربية وما هي عليه اليوم، لايمكن لأي متتبع موضوعي لأحوال الأمازيغية في مجال التربية إلا أن يثمن ما تم إنجازه في هذا المجال، ولكن هذه المنجزات التي حققتها وزارة التربية الوطنية في سياق إدماج الأمازيغية في المدرسة المغربية لم يرق إلى طموح الوزارة، ولم يستجب كذلك لتطلعاتنا، ولم يصل إلى سقف التوقعات التي حددتها الوزارة في بداية هذه السيرورة. فالتوقعات أفادت في حينه أن تعميم تدريس الأمازيغية سيتحقق في السنة الدراسية 2011-2012، في حين أن الإحصائيات المتوفرة حاليا لا تقترب من ذلك السقف، فهي تشير إلى أن 15 في المائة فقط من التلاميذ يتابعون درس اللغة الأمازيغية، و26 بالمائة فقط من المدارس العمومية و4 بالمائة فقط من الأساتذة الذين يدرسون اللغة الأمازيغية، وهي إحصائيات لوزارة التربية الوطنية، تؤكد بشكل لا يدع مجالا للشك أن الوزارة لم تصل إلى مستوى توقعاتها. بمعنى آخر يمكن أن نعتبر من الناحية الرمزية أن دخول اللغة الأمازيغية إلى المدرسة يعتبر مكسبا في حد ذاته، لكن ذلك لن يثنينا عن التأكيد على أن عملية الإدراج لم تتم بعد بالشكل الذي نبتغيه داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، والسبب كما يحاول أن يروج لذلك البعض ليس هو صعوبة الكتاب المدرسي، لأن المعهد أعد كتابا للتلميذ من السنة الأولى إلى السنة السادسة ابتدائي، وقام بإنجاز دليل للمدرسين في نفس المستويات الدراسية، وأعد كذلك منهاجا لتدريس الأمازيغية وفق ضوابط علمية رصينة. والمقاربة البيداغوجية والديداكتيكية في المنهج الذي أعددناه بمعية شركاء آخرين يعد من أنجع المقاربات. وفي تقديرنا يبقى مشكل غياب الموارد البشرية المكونة هو المشكل الأساسي الذي يعيق مسلسل إدراج الأمازيغية في التعليم، ويمكن أن نعلل مثل هذا الحكم بكون الوزارة لا توفر ما يكفي من التوظيفات لإتمام هذا المشروع، الذي دعا إليه الملك محمد السادس في كل خطاباته المتصلة بالأمازيغية.
- تحدثتم عن إنشاء مسالك لتدريس الأمازيغية في بعض الجامعات المغربية، لكنننا نلحظ أن خريجي هذه المسالك يخوضون احتجاجات متواصلة بسبب عدم إدماجهم في الوظيفة العمومية. لماذا لا تستفيد الوزارة من هذه الموارد البشرية؟
أرى أن هذا المشكل يعبر عن التناقض الصارخ الذي تسقط فيه الوزارة الساهرة على تفعيل إدراج الأمازيغية في التعليم. فمن جهة، نكوّن طلبة متخصصين، ومن جهة أخرى، يتم الاستغناء عن هؤلاء. إن تدريس اللغة الأمازيغية في حاجة ماسة إلى خريجي هذه المسالك، والحل في نظري هو توفير المناصب المالية لتوظيف أساتذة للغة الأمازيغية وتكوينهم بيداغوجيا حتى يصيروا قادرين على استكمال مشروع إدراج الأمازيغية في التعليم. وبإمكان المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أن يسهم في تكوين الأطر التربوية المتخصصة لتدريس الأمازيغية.
- في الوقت الذي تتحدث فيه الجهات الرسمية مؤخرا عن شعارات الإصلاح الديمقراطي وترسيخ حقوق الإنسان، يفاجأ الرأي العام بمحاكمة مدير نشر يومية «المساء» رشيد نيني بالقانون الجنائي بدل قانون الصحافة، ألا يعتبر ذلك تناقضا صارخا مع الشعارات المرفوعة؟ وما موقفكم من اعتقاله؟
موقفي من هذا الأمر موقف مبدئي ثابت، فأنا أعلن تضامني مع الصحافي رشيد نيني. فمن الناحية الحقوقية، أعتقد أن حرية التعبير هي من صميم حقوق الإنسان، خاصة أن الدستور الجديد يقر بالحريات الفردية والجماعية، وطبعا فاتباع مسار العدالة بكل مسؤولية هو الوحيد الكفيل بالفصل في مثل هذه المواضيع.



حاوره: محمد أحداد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.