زوما: محاولة فصل المغرب عن صحرائه استهداف لوحدة إفريقيا    الصحافة الكويتية تسلط الضوء على المبادرة الإنسانية السامية للملك محمد السادس لإغاثة سكان غزة    مقتل أزيد من 35 إرهابيا في ضربات جوية شمال شرق نيجيريا    الجزائريون يبحثون عن تبون: غياب الرئيس الجزائر يثير القلق في ظل قبضة الجيش والإعلام المقيد    إسبانيا تعلن اقتراب السيطرة على الحرائق    السودان.. وفاة 158 شخصا خلال أربعة أشهر جراء تفشي وباء الكوليرا بولاية جنوب دارفور    الموهبة المغربية تياغو بيتارش يواصل ظهوره مع الفريق الأول لريال مدريد    طقس الأحد .. سحب وأمطار رعدية بعدة مناطق    ثانوية محمد السادس للتميز ببن جرير: نافذة المغرب نحو القمة العالمية في التعليم    درك الجديدة يصادر من ورشة سرية للتقطير حوالي 3 أطنان من مسكر البراندي            كبار رواد كناوة يتألقون في ثاني سهرات مهرجان نجوم كناوة بالدار البيضاء    فرنسا.. النيابة العامة توجه تهمة "التمييز" لمدير متنزه رفض استقبال إسرائيليين    المكسيك تعلن تراجع تدفقات الهجرة نحو الولايات المتحدة بنسبة 91 في المائة    تعيين الكولونيل ماجور عبد المجيد الملكوني قائداً جهوياً للدرك الملكي بطنجة    طنجة.. سكير من ذوي السوابق يهين شرطية ويثير الفوضى قرب محطة وقود    الجديدة تحتضن الدورة الأولى لمهرجان اليقطين احتفاء ب''ڭرعة دكالة''    موعد مباراة المنتخب المغربي والسنغال في نصف نهائي كأس إفريقيا للمحليين    الركراكي يكشف الخميس المقبل عن قائمة الأسود لمواجهتي النيجر وزامبيا    توقيف مختل عقلي تسبب قتل موظف شرطة    "خذينا جوج بطولات ودبا مهددين بالفورفي".. دموع أبرون تجذب تعاطفا وطنيا مع المغرب التطواني            أكثر من 126 جهة و100 متحدث في مؤتمر ومعرض إدارة المرافق الدولي بالرياض    رحيمي والبركاوي يسجلان بالإمارات    تحذير من العلاجات المعجزة    قانون العقوبات البديلة يفتح الباب لمراجعة الأحكام بالحبس وتحويلها إلى عقوبات بديلة بشروط    بمشاركة عدة دول إفريقية.. المغرب ضيف شرف المعرض الوطني للصناعة التقليدية في البنين    النقيب كمال مهدي يعلن دعمه لأبرون: ليس من غيره الآن مؤهل لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة    أمريكا: تسجيل إصابة بمرض الطاعون وإخضاع المصاب للحجر الصحي    الجفاف يحاصر تركيا... شهر يوليوز الأشد جفافا في إسطنبول منذ 65 عاما    المغرب.. الضرائب تتجاوز 201 مليار درهم عند متم يوليوز    سعيدة شرف تحيي سهرة فنية ببن جرير احتفالا بعيد الشباب    الصين تكتشف احتياطيات الغاز الصخري    مقاربة فلسفية للتنوير والتراصف والمقاومة في السياق الحضاري    تغيير المنزل واغتراب الكتب        الريسوني: الأمة الإسلامية تواجه زحفا استئصاليا احتلاليا من قبل الكيان الصهيوني    المغرب يبرم اتفاقية استشارية لفضح البوليساريو وتعزيز علاقاته بواشنطن    جدل واسع بعد الإعلان عن عودة شيرين عبد الوهاب لحسام حبيب    سائق يفقد عمله بعد رفضه الفحص الطبي والمحكمة تنصف الشركة    الاتحاد الأوروبي يفتح باب المشاورات حول استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات        برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي    الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب            إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نتنياهو يرفض مصافحة كيري؟..
نشر في المساء يوم 13 - 11 - 2013

أيا كانت سيئات الاتفاق الوشيك بين الدول الست العظمى وإيران حول طموحات الأخيرة النووية، فإن حسنته الوحيدة، أي إحداث توتر في العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، تعتبر إنجازا كبيرا بالنسبة إلينا نحن الذين نضع استعادة المقدسات على قمة أولوياتنا، في وقت نسي فيه معظم أبناء جلدتنا الاحتلال الإسرائيلي، ورفع بعض عربنا إسرائيل من قائمة الأعداء.
التقارير الإعلامية الواردة من تل أبيب تفيد بأن بنيامين نتنياهو، طاووس إسرائيل المتغطرس، في حال غضب شديد بسبب إمكانية رفع الحظر الاقتصادي الخانق المفروض على إيران مقابل اتفاق مبدئي بتجميد عمليات تخصيب اليورانيوم بنسب عالية (عشرين في المائة)، وتراجع احتمالات الخيار العسكري ضدها في نهاية المطاف إن لم يكن إلغاؤه.
وتذهب هذه التقارير إلى درجة الكشف بأن نتنياهو رفض مصافحة جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، أثناء اللقاء المتوتر الذي جرى بينهما في المطار قبل أن يطير الوزير الأمريكي إلى جنيف في ظل تصاعد الآمال بتوقيع الاتفاق المؤقت مع إيران.
إنها قمة الوقاحة، وقلة الأدب، أن يتطاول نتنياهو على وزير خارجية دولة تتحمل المسؤولية الكبرى في بقاء دولته على قيد الحياة طوال السنوات الستين عاما الماضية والتستر على جرائمها بمثل هذه الطريقة الخارجة عن الأعراف، فمن المفروض أن يقبل يد كيري، وكل مسؤول أمريكي يقابله اعترافا بالجميل، ولكن متى كان نتنياهو وأمثاله يقدرون جميل الآخرين ويعترفون به، وهم الذين يريدون أن يتجند العالم بأسره لخدمتهم وأطماعهم التوسعية ومجازرهم التي يرتكبونها في حق من هو تحت احتلالهم أو في دول الجوار العربي.
نستغرب أن يبلع كيري مثل هذه الإهانة، ويواصل لقاءه مع نتنياهو لمدة ساعتين، وكان الأحرى به، وهو الذي يمثل الدولة الأعظم في التاريخ، أن ينسحب منه، ويغادر تل أبيب إلى جنيف احتجاجا، فور أن يطلب منه نتنياهو الانتظار، ريثما يعود من لقائه مع الصحافيين، ثم يجلس معه، أي نتنياهو، دون أن يصافحه، والغضب والازدراء مرسومان على وجهه.
ما لا يدركه نتنياهو، وغيره من الإسرائيليين، أن الولايات المتحدة تتغير، كما أن العالم بأسره يتغير أيضا، وما كان جائزا قبل عشر أو عشرين سنة، لم يعد كذلك الآن، في ظل تغير موازين القوى، وظهور قوى عالمية جديدة تكسر احتكار زعامة أمريكا وهيمنتها العسكرية والاقتصادية.
أمريكا عندما كانت قوية جدا، وكان الآخرون ضعفاء، وترضخ لهيمنة اللوبي اليهودي كليا، لم تتردد في خوض حروب إسرائيل في العراق وأفغانستان وليبيا (هينري ليفي المفكر الفرنسي الذي كان المحرض الأكبر لساركوزي للتدخل في ليبيا قال إنه يفعل ذلك انطلاقا من يهوديته ولخدمة إسرائيل) لتحصينها من أي خطر عربي أو إسلامي، الآن لم تعد قادرة على أداء الدور نفسه، بسبب الأخطار التي يمكن أن تترتب عن ذلك، فأعداء إسرائيل الجدد (العرب المعتدلون والمتطرفون ليسوا بينهم للأسف) مستعدون للدفاع عن أنفسهم والتصدي لأي عدوان يستهدفهم وأرضهم وعرضهم، ويملكون الأسلحة وقبلها الإرادة القوية.
إسرائيل تشكل عبئا أمنيا وأخلاقيا على حلفائها في الغرب، ومصدر خطر على مصالحهم بممارساتها الاستفزازية، وإذلالها للضعفاء الراضخين لاحتلالها وعندما تذهب الدول العظمى الست إلى جنيف وتتفاوض مع إيران إنما تنطلق من مصالحها وليس من مصالح إسرائيل، واعترافا بأخطائها في العراق وليبيا وأفغانستان والعمل على إصلاحها بعدم الوقوع في أمثالها حاضرا ومستقبلا، فلم تجن من مغامراتها العسكرية واحتلالاتها غير دول فاشلة ممزقة طائفيا أو عرقيا أو جغرافيا تشكل أرضية خصبة للفوضى، وتناسل الجماعات الجهادية المغرقة في العداء لها والمتأهبة لزعزعة أمنها واستقرارها.
نتنياهو لم يتعلم من هزيمة بلاده العسكرية مرتين في لبنان بسبب ضربات المقاومة وصمودها وآخرين في غزة، ولم يستوعب درس هزيمته السياسية المهينة عندما تدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بفجاجة لصالح المرشح الجمهوري جون ماكين ضد منافسه باراك حسين أوباما، وها هو يرتكب حماقة جديدة عندما يغضب حليفه الأمريكي لأنه رفض أن يكون كلب حراسة له، ويهاجم إيران عسكريا أو يشدد حصاره الخانق عليها حتى يفني معظم الشعب الإيراني.
شعور غريب ينتابنا ونحن نرى «عرب الاعتدال» الذين وقفوا دائما في الخندق الأمريكي دون شروط ورضخوا للإملاءات الأمريكية دون نقاش، يريدون القفز منه الآن إلى المعسكر الإسرائيلي بطريقة مباشرة، أو غير مباشرة، بحيث ينطبق عليهم المثل الذي يقول: يستجير من الرمضاء بالنار، فعندما نريدهم أن يعارضوا أمريكا يؤيدونها وعندما نريدهم أن يؤيدوها عندما تختلف مع إسرائيل يعارضونها!
أمريكا تخاف من ضرب إيران لأن الكلفة، يمكن أن تكون عالية جدا، ولهذا وجدت في التفاوض معها للتوصل إلى اتفاق يشكل الذريعة والغطاء لها للتراجع عن سياساتها التصعيدية السابقة، والتعاطي مع إيران كدولة حليفة يمكن الوثوق بها وتجنب أخطارها وحلفائها في المنطقة، ثم لماذا تهاجم؟ هل احتلت أرضا أمريكية؟
باراك أوباما لم يمنح جائزة نوبل لخوض حروب جديدة وإنما لإطفاء ما هو قائم منها، وإن كنا نعترض بشدة على حربه الدموية التي يخوضها بطائرات «الدرونز» في اليمن وباكستان وأفغانستان؛ كما أنه لم ينتخب لإرضاء إسرائيل وتهشيم أعدائها، وإنما لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من عثراته وفتح أسواق جديدة، وإقامة تحالفات بديلة تقوم على المصالح بعيدا عن الشرق الأوسط، وخلافاته المعقدة، وغطرسة الحليف الإسرائيلي المبتز وحروبه.
عالم اليوم يحترم الأقوياء ويحتقر الضعفاء الذين يبحثون عن الشفقة والحماية من الآخرين، ولهذا تلوّح واشنطن بالراية البيضاء لإيران، بعد أن وفر لها الرئيس الجديد حسن روحاني عجلة الإنقاذ الشكلية، وأدركت أنها أضعف من أن تلجأ إلى الخيار العسكري للتعاطي مع الملف النووي.
هل يفسد نتنياهو على أوباما ووزير خارجيته مخططاته الجديدة هذه، ويمنع اتفاقا مع إيران عبر بوابة الكونغرس؟ لا شيء مستبعد، ولكن أوباما، هذا الإفريقي المهاجر، هزم الكونغرس في مواجهة الميزانية الاتحادية وسقف الديون، والشعب الأمريكي لم يكن، أو أغلبيته، راغبا في أي حرب ضد إيران أو غيرها.
فليغضب نتنياهو مثلما شاء، وليجرؤ وهو الجبان الذي لم يخض أي حرب حتى على قطاع غزة المحاصر، على مهاجمة إيران لوحده، ولنر من الذي سيندم دما في نهاية المطاف.
عبد الباري عطوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.