غيرت بعض الفرق البرلمانية لهجتها ومواقفها من مشروع مدونة السير، الذي صوتت عليه بالامتناع أو بالقبول، سواء خلال مناقشته باللجنة أو خلال جلسة التصويت، وهو ما فسره البعض باقتراب موعد الانتخابات الجماعية. الفريق الحركي، الذي صوت بالامتناع على مشروع المدونة، دعا كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، إلى تقديم استقالته حفاظا على ماء وجهه بسبب ما خلفه إضراب النقل الذي نفذه المهنيون احتجاجا على مشروع مدونة السير. إذ قال عبد القادر تاتو عن الفريق الحركي: «إن وزير النقل ارتكب حادثة سير ب30 مليون مغربي، وحفاظا على ماء الوجه ينبغي أن يقدم استقالته، وأختم كلامي بدعاء كان يقوله امحمد بوستة اللهم عجل بذهاب هذه الحكومة وخفف عنا». تدخل النائب الحركي، الذي جاء تعقيبا على جواب غلاب عن سؤال محوري بمجلس النواب أول أمس، جعل المعارضة تصفق له تعبيرا منها عن رغبتها في استقالة وزير التجهيز والنقل. كما خاطب محمد جودار، عن الفريق الدستوري، الوزير قائلا: «إن مدونتك ليس لها مكان بالمغرب وأن الحكومة أصابها ضعف وعليها أن تسن تشريعا يناسب المغاربة». أما الطاهر شاكر عن فريق التجمع والمعاصرة، فقال إن «الإضراب تجاوبت معه كل القواعد الشعبية بسبب المدونة التي تتضمن علة ووجب أن تخرج مدونة بجلابتها الأصيلة والمعاصرة». وفضل شاكر أن يكون معارضا فختم تعقيبه مرددا الجملة التالية ثلاث مرات «واك وكا أعباد الله خصنا نسمعو للناس». أما فريق العدالة والتنمية، الذي صوت على مشروع المدونة بالرفض إبان مناقشتها بمجلس النواب، فاتهم نائبه عبد الله بوانو غلاب بإشعال فتيل إضراب جديد بسبب جوابه، الذي قال إنه «تضمن مغالطات كبيرة وشكك في نتائج الإضراب»، وقال للوزير: «بسبب تصريحاتك تريد توقيف البلاد من جديد». ومن جهته، أكد أحمد الزايدي، رئيس الفريق الاشتراكي، أن فريقه ما زال على موقفه وأن التعديلات التي تقدم بها صنعت داخل الفريق الاشتراكي. لطيفة اسميرس، رئيسة الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، استغربت تغيير بعض الفرق لمواقفها أثناء التعقيب على جواب الوزير، قائلة «بقدر ما نستطيع أن ننوه بجرأة الذين يتحملون مسؤولية تصويتهم، نستغرب للذين غيروا آراءهم. هل كان هؤلاء غائبين عن الوعي أثناء التصويت؟». وأثناء رده على تعقيبات النواب، قال غلاب إنه لم يقلل من خطورة الإضراب ومن تأثيره السلبي على الاقتصاد وعلى حركة السير، بل إنه فقط أشار في جوابه إلى أن فئة من المهنيين لم تشارك في الإضراب وأصدرت بلاغات تندد به. وأوضح وزير التجهيز والنقل أنه في بداية الإضراب «عقدنا لقاءات في الكواليس والخفاء لتوقيفه، لكن لمسنا رغبة في استمرار الإضراب وليس في الحوار». وقال إن مشروع مدونة السير «ليس سويديا ولا ألمانيا ولم يتم استنساخه، بل إن القانون الحالي هو قانون فرنسي وأن أطرا مغربية اطلعت على تجربة قوانين السير لكل من تونس والأردن والسينيغال وفرنسا من أجل الاستفادة لا غير». كما انتقد وزير التجهيز والنقل كلا من الفريق الدستوري والحركي، إذ قال إن الأول لم يقدم أي تعديلات تهم المدونة، والثاني قبل جميع تعديلاته. انتقاد غلاب للفريقين أدى إلى احتجاجهما ونشوب مشاداة كلامية داخل الجلسة، مما جعل رئيس الجلسة يرفعها لمدة خمس دقائق، خاصة بعد احتجاج رئيسة الفريق الاستقلالي على لحسن الدوادي، نائب العدالة والتنمية، الذي اتهمته بالتمييز بسبب حرمانها من نقطة نظام منحها للفريق الحركي للرد على غلاب.