روسيا تشيد بدور جلالة الملك رئيس لجنة القدس من أجل التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    ولد الرشيد يجري مباحثات في مالابو    السعدي يحفّز الحوار الاجتماعي القطاعي    بورصة البيضاء ترتفع بنسبة 1,31 بالمائة    الصحف الشيلية تحتفي بإنجاز المغرب    نادي نهضة بركان يحط الرحال بالقاهرة    كأس العالم 2026.. بيع أكثر من مليون تذكرة خلال مرحلة البيع المسبق لحاملي بطاقات "فيزا"    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة.. "الأشبال" يدخلون التاريخ كأول منتخب عربي يتأهل إلى النهائي منذ 44 سنة    أمن طنجة يوقف مبحوثًا عنه في حالة تلبس بسرقة دراجة نارية باستعمال العنف والسلاح الأبيض    مراكش تحتضن المؤتمر الدولي للشبكة الفرنكفونية للمجالس العليا للقضاء    الدريوش تعطي انطلاقة أشغال الورشة الدولية حول: "الأسماك السطحية الصغيرة في ظل الإكراهات المناخية والصيد المفرط.."    مربّو الدجاج بالمغرب يتهمون لوبيات القطاع بالاحتكار ويحمّلون الحكومة مسؤولية فشل الإصلاح    كل شيء جاهز لاحتضان المؤتمر    إحباط محاولة تهريب 400 كيلوغرام من مخدر الشيرا بمعبر الكركرات الحدودي    بوريطة في موسكو... وحدة التراب المغربي خط أحمر لا يُمَسّ    "هيومن رايتس ووتش" تطالب السلطات بالاستجابة لمطالب شباب "جيل زد" والتحقيق في الوفيات والانتهاكات    المندوبية السامية للتخطيط: تحسن سنوي في ثقة الأسر المغربية    في مداخلة أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة .. عمر هلال: بعد 50 عاما على استرجاعها، الصحراء المغربية أضحت واحة سلام وقطبا للاندماج الإفريقي والتنمية المشتركة    محمد وهبي: سنواجه الأرجنتين بنفس الحماس لانتزاع كأس العالم    مرصد التربية الدامجة ينتقد "مغالطات وتناقضات" وزير التعليم حول تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة    تهم اقليم الحسيمة ومناطق اخرى .. نشرة انذارية تحذر من امطار رعدية قوية    محمد سلطانة يتألق في إخراج مسرحية والو دي رخاوي    عاصمة البوغاز على موعد مع الدورة أل 25 من المهرجان الوطني للفيلم    أبناء الرماد    قطاع غزة يتسلم جثامين من إسرائيل    لوكورنو ينجو من تصويت بحجب الثقة    "جنان الجامع" يحترق في تارودانت    توقعات بإنتاج 310 آلاف طن من التفاح بجهة درعة-تافيلالت خلال 2025    إسطنبول… حجيرة يؤكد انخراط المملكة في شراكة هيكلية بين إفريقيا وتركيا تقوم على التضامن والتنمية المشتركة    توقعات أحوال الطقس غدا الجمعة    "الزمن المنفلت: محاولة القبض على الجمال في عالم متحوّل"    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    نتانياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة    إجراءات ‬جديدة ‬لتسهيل ‬دخول ‬المغاربة ‬إلى ‬مصر ‬دون ‬تأشيرة    الرباط تحتفي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتجدد المطالب بإسقاط التطبيع    مجموعة "سافران" الفرنسية تثمن بيئة الاستثمار في المغرب وتوسع أنشطتها بالنواصر    رفع التصنيف السيادي للمغرب محطة مفصلية للاقتصاد الوطني    فرحة عارمة بمدن المملكة بعد تأهل المنتخب الوطني لنهائي مونديال الشيلي    زلزال بقوة 6,6 درجات يضرب إندونيسيا    في ‬تقرير ‬رسمي ‬للمندوبية ‬السامية ‬للتخطيط    كيوسك الخميس | أزيد من 36 ألف شاب مستفيد من دعم السكن    الأمم المتحدة.. المغرب يجدد تأكيد دعمه "الثابت والدائم" لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    "الأشبال" أمام الأرجنتين بنهائي المونديال    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطاب أوباما وافتقاد الزعامة والقيادة لدى الأمة
نشر في المساء يوم 09 - 06 - 2009

حجم الانبهار والإشادة العمياء بخطاب أوباما هو خطأ في الفهم والإدراك
كشف الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في جامعة القاهرة في الرابع من يونيو الماضي حجم ومساحة الضعف والانهزام النفسي الذي تعيشه الأمة، تلك الأمة التي سلبت منها إرادتها، وضاعت منها أولوياتها، ولم تعد تملك قرارها، وأصبح مستقبلها ضبابيا، وحضورها سلبيا، ووجودها عدديا، جلس معظم أبنائها متعلقين بأمل الخروج مما هم فيه عبر الخطاب الذي ألقاه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بعدما أصبح العجز صفة ملازمة لأغلبهم، والضعف علامة مميزة لجلهم، جلس الجميع ينتظرون الوصفة السحرية التى ستأتيهم من أوباما عله يخرجهم مما هم فيه من ضبابية وضعف ويأس.
الجميع كان ينتظر أوباما عله يرسم ملامح المستقبل لأمة كانت تقود الدنيا ثم أصبحت تقاد من أعلاها إلى أدناها من قبل الآخرين، لكني كنت من البداية لا أعلق أي أمل على أوباما أو غيره لأني أومن بأن صناعة الحياة لا تأتي من الآخرين، ولاسيما إذا كانت أمة مارقة مثل الولايات المتحدة مارست كل صنوف الطغيان على العالم طوال العقود الماضية، فهم لم يصنعوا لنا سوى الموت والخراب والدمار منذ أن برزت قوتهم إلى الدنيا بعد الحرب العالمية الثانية، هم الذين زرعوا إسرائيل في قلب أمتنا ومدوها بكل أسباب القوة والحياة، فرصاصهم وطائراتهم وصورايخهم ودباباتهم هي التي خاضت إسرائيل حروبها ضدنا بها، فقُتل أبناؤنا واحتلت بلادنا ولازالت، وهم الذين ارتكبوا الجرائم في لبنان والصومال واحتلوا ولازالوا العراق وقتلوا وشردوا من أبنائها الملايين ولازالوا، وهم الذين يدعمون الأنظمة الديكتاتورية والمستبدة في بلادنا ويمنحونها الشرعية على حساب شعوبنا ورغباتنا ومصالحنا، فأنى لهم أن يقدموا إلينا ما هو خير لنا مهما كان من يحكمهم، ولاسيما أنهم ليسوا مثلنا قرار الرئيس عندهم هو القول الفصل. لقد أجبر أوباما على أن يتراجع عن كثير من قراراته تحت الضغط كما أنه لازال في أول عام من حكمه في بلد يحكم بالمؤسسات وليس بالرئيس وحده.
لم أنتظر شيئا من أوباما إلا بلاغة الخطاب ومعسول الكلام، لأني تتبعت مسيرته منذ أن برز منذ عدة سنوات فقط كعضو في مجلس الشيوخ واستطاع، بالحضور والثقافة والزعامة التي يمتلكها مع آلة إعلامية ودعائية قوية، أن يصل إلى كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة خلال سنوات معدودة. لا شك أن أوباما يملك مقومات الزعامة بحضورها وبلاغتها وتواضعها وقوتها وثقافتها ووعيها ورغبتها في صناعة التاريخ، لكن كل هذا ليس لنا فيه مثقال ذرة، وإنما هو كله لبلاده والذين اختاروه. ومن ثم، فإن كل ما قاله ببلاغته وفصاحته وحضوره هو من أجل بلاده ومصالحها وليس من أجلنا نحن، فنحن لن نستطيع أن نحاسبه أو نذكره بأي شيء قاله، لأنه مجرد وعود وكلام معسول وعاطفي لشعوب عاطفية تنقلب للتعاطف مع أعدائها لمجرد كلمات معسولة أو وعود خادعة، وتنسى أن السكين لازالت في أيديهم يحزون بها رقاب العراقيين والفلسطينيين. لقد ألقى أوباما خطابه، وجنوده لازالوا يحتلون العراق ويقتلون أبناءها، وتحدث عن وعوده وأمانيه بينما مليون ونصف المليون فلسطيني محاصرون في غزة ويعيشون عيشة مزرية وفق تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ولم يعد بشيء من أجل هؤلاء ولم يطالب بفك الحصار عنهم، وهي جريمة إنسانية يشارك فيها كل من تواطأ فيها أو سكت عنها. كما أشاد أوباما بأنظمة ديكتاتورية وحكام مستبدين، مما يعني تواطؤه وتواطؤ بلاده في دعم هؤلاء الذين يعملون لمصالح أمريكا وليس لمصالح شعوبهم.
لقد أظهرت زعامة أوباما وحضوره وثقافته وبلاغته حجم الأزمة التي تعيشها الأمة في حكامها الذين إما سطا بعضهم على السلطة بانقلابات عسكرية أو ورثوا الحكم عبر انقلابات قام بها أسلافهم من قبلهم أو أنهم يتوراثون الحكم عن آبائهم، وإذا تحدث أحدهم بدا وكأنه تلميذ في الصف الرابع يتعتع في استهجاء وقراءة الكلمات رغم أنها مكتوبة له من قبل الفصحاء الذين حوله. ومن ثم، فإن حجم الإعجاب والانبهار الذي أبداه كثيرون، حتى ممن تطلق عليهم تسمية مثقفي الأمة، كان بسبب شعورهم بالمأساة التي نعيشها لعدم وجود زعيم أو قائد يملك شيئا من مقومات الزعامة التي يملكها أوباما وأهمها أنه جاء باختيار شعبه وبإمكاناته ولم يفرض مثل معظمهم، كما أن هناك من يحاسبه وليس حسابه يوم الحساب مثل زعمائنا.
إن أوباما زعيم مبهر لكنه ليس زعيمنا.. إنه زعيم الولايات المتحدة، ويعمل من أجل الولايات المتحدة ومصالحها وشعبها وليس من أجلنا أو مصالحنا أو شعوبنا. يجب أن نضع الأمور في نصابها ولا نذهب تلك المذاهب التي ذهب إليها بعض المفلسين من كتاب الأمة ومثقفيها، حيث وصفه بعضهم بكونه «أوباما المنتظر» على غرار المهدي المنتظر. إن أهم ما يمكن أن نخرج به من زيارة أوباما وخطابه هو أنه يجب علينا أن نعمل كما يعمل الأمريكيون والأوربيون.. أن يكون لدينا رؤساء وزعماء منتخبون يعملون من أجل مصالحنا ومن أجل مصالح شعوبنا، وأن يكونوا تحت المساءلة والمسؤولية، وأن يملكوا مقومات الزعامة والقيادة والفصاحة والبلاغة وقوة الحجة والبرهان والكاريزما والحضور والقوة والرؤية والبصيرة. إن وصلنا إلى هذه المكانة، فإننا لن ننتظر من أوباما أو غيره أن يخرجنا مما نحن فيه، فالحياة لا تمنح إلا لمن يصنعونها، وحجم الانبهار والإشادة العمياء بخطاب أوباما وبلاغته وعدم وضع الخطاب في الإطار البراغماتي النفعي الذي تقوم عليه السياسة الغربية هو خطأ في الفهم والإدراك يتحمل مسؤوليته الذين يروجون له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.