زنيبر: رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمته المملكة    استثمارات صينية ب 910 ملايين دولار في "طنجة-تيك" تخلق 3800 منصب شغل    التقدم والاشتراكية: أجوبة أخنوش بالبرلمان غير واقعية ومليئة ب"الاستعلاء"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الإعلان عن طلبات العروض لتوسيع مطارات مراكش وأكادير وطنجة خلال الأسابيع المقبلة    دراسة: صيف 2023 الأكثر سخونة منذ نحو 2000 عام    الرئيس السابق للغابون يُضرب عن الطعام احتجاجا على "التعذيب"    زلزال قوي يضرب دولة جديدة    أمريكا تشجع دولا عربية منها المغرب على المشاركة في قوة متعددة الجنسيات في غزة    "الفيفا" يحسم موقفه من قضية اعتداء الشحات على الشيبي    طاقات وطنية مهاجرة … الهبري كنموذج    كوكايين يطيح بمقدم شرطة في الناظور    قصيدة: تكوين الخباثة    بوصلة السوسيولوجي المغربي الخمار العلمي تتوجه إلى "المعرفة والقيم من الفردانية إلى الفردنة" في أحدث إصداراته    المنتخب المغربي للفتيات يقصد الجزائر    الجيش الملكي ومولودية وجدة يواجهان الدشيرة وأولمبيك خريبكة للحاق بركب المتأهلين إلى المربع الذهبي    بلاغ جديد وهم من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة    معرض هواوي العالمي "XMAGE" ينطلق لأول مرة بعنوان "عالم يبعث على البهجة"    الجديدة: حجز 20 طنا من الملابس المستعملة    لطيفة لبصير ضيفة على الإيسيسكو ب SIEL عن روايتها "طيف التوحد"    منظمة حقوقية تدخل على خط ملف "الأساتذة الموقوفين"    كأس العرب…قطر تستضيف النسخ الثلاث المقبلة    وفاة عازف الساكسفون الأميركي ديفيد سانبورن عن 78 عاما    رجوى الساهلي توجه رسالة خاصة للطيفة رأفت    معرض الكتاب يحتفي بالملحون في ليلة شعرية بعنوان "شعر الملحون في المغرب.. ثرات إنساني من إبداع مغربي" (صور)    حملة للنظافة يتزعمها تلاميذ وتلميذات مؤسسة عمومية بالمضيق    تكلفة المشروع تقدر ب 25 مليار دولار.. تأجيل القرار الاستثماري النهائي بشأن أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب    احتدام المعارك في غزة وصفقة أسلحة أمريكية جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار    عملاق الدوري الإنجليزي يرغب في ضم نجم المنتخب المغربي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    رسالتي الأخيرة    بلينكن في كييف والمساعدات العسكرية الأمريكية "في طريقها إلى أوكرانيا"    كيف يعيش اللاجئون في مخيم نور شمس شرق طولكرم؟    الرئيس الروسي يزور الصين يومي 16 و17 ماي    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    دعوات لإلغاء ترخيص "أوبر" في مصر بعد محاولة اغتصاب جديدة    شبيبة البيجدي ترفض "استفزازات" ميراوي وتحذر تأجيج الاحتجاجات    هل يتجه المغرب إلى تصميم المدن الذكية ؟    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    توصيات بمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    ميراوي يجدد دعوته لطلبة الطب بالعودة إلى الدراسة والابتعاد عن ممارسة السياسة    رفع أسطول الطائرات والترخيص ل52 شركة.. الحكومة تكشف خطتها لتحسين النقل الجوي قبل المونديال    المغرب يجدد رفضه التهجير القسري والعقاب الجماعي للفلسطينيين    توقيع عقد للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة بجة الشمال    الأمثال العامية بتطوان... (598)    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    هذا الجدل في المغرب… قوة التعيين وقوة الانتخاب    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيطاليا تدخل نفق الأزمة السياسية
نشر في المساء يوم 29 - 01 - 2008

سقطت حكومة رومانو برودي، وسقط معها حلم الإيطاليين، خصوصا اليساريين منهم، بعودة إيطاليا إلى الواجهة وخروجها من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عاشتها أكثر من ست سنوات. فبرودي الذي رفض الاستسلام للأمر الواقع وتصدى في مرات عديدة وبثبات لمحاولات اليمين الإيطالي المعارض إسقاط حكومته، وجد نفسه يوم الخميس الماضي مضطرا إلى تقديم استقالته وحل حكومته اليسارية، وذلك بعد فشله في كسب ثقة مجلس الشيوخ الذي رفض 161 عضوا منه استمرار الحكومة اليسارية في تسيير شؤون البلاد مقابل 157 منهم كانوا يساندون وبقوة رومانو برودي المستقيل. فما هي أسباب إسقاط هذه الحكومة التي لم تعمر طويلا؟ وكيف تمكن برلسكوني ومعه أحزاب يمينية أخرى من الإيقاع ببرودي في فخ تطبيق قانون انتخابي جديد، جعل حكومته غير قادرة على الحصول على أغلبية بالبرلمان الإيطالي تمكنه من تشريع قوانين لتسيير شؤون البلاد؟
الانطلاقة الفاشلة
بعد فوز غير مقنع للتجمع اليساري الإيطالي في الانتخابات السياسية الإيطالية الأخيرة، وتشكيله حكومة ترأسها رومانو برودي إلى حدود يوم الخميس الماضي، راهنت كل الأحزاب اليمينية المعارضة، وعلى رأسها حزب «فورتسا إيطاليا» الذي يتزعمه سيلفيو برلسكوني، على فشل هذه الحكومة اليسارية في تسيير البلاد وسقوطها في مدة وجيزة.
فهذا الرهان لم يأت من فراغ بل كان مبنيا على الكمين الذي نصبته الأحزاب اليمينية الإيطالية لنظيرتها اليسارية، أثناء تسييرها شؤون البلاد قبل وصول اليسار إلى سدة الحكم، فقد عملت على وضع وتطبيق قانون انتخابي يعتمد على النسبة، بعد معرفة مسبقة بأن غالبية الناخبين الإيطاليين سيميلون إلى الأحزاب اليسارية وسيمنحون أصواتهم لها كردة فعل منهم على استيائهم من حكومة برلسكوني.
كان برودي يعلم بأن فوزه في الانتخابات بنسبة ضعيفة لن يخدم مصالح حكومته وسيجعلها مشلولة وغير قادرة على تطبيق مشاريعها على أرض الواقع، لكنه رغم ذلك كان يحذوه أمل كبير في أن يجمع صف اليساريين ويوحد كلمتهم لمواجهة التحديات الكبيرة التي كانت تنتظره، فأول خطوة قام بها هي إرضاء جميع الأحزاب المتحالفة معه حتى الصغيرة منها، ليمنح حقائب وزارية إلى زعمائها ليضمن ولاءهم له ويحتكم على أصوات ممثليهم بالمجلسين التشريعيين الإيطاليين (النواب والشيوخ)، لكن هذا الحل لم يكن كافيا لضمان أصوات تمكنه من المصادقة على القوانين التي كان ينوي من خلالها تسيير شؤون إيطاليا لإخراجها من الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها، فالخلاف كان على أشده بين الأحزاب اليسارية الإيطالية المشكلة للحكومة حول المهام العسكرية الإيطالية بالشرق الأوسط، خصوصا بلبنان وأفغانستان التي كان حزبا «النشأة الشيوعية» و«الشيوعيون الإيطاليون» يرفضانها ويطالبان بعودة القوات الإيطالية منها، في حين أن أحزابا أخرى مثل ديمقراطيي اليسار والحزب الديمقراطي بزعامة فاسينو وداليما وفلتروني، كانت تدافع وبشدة عن التواجد العسكري الإيطالي بالشرق الأوسط ويعتبر مهمتهم هناك إنسانية، لتجد الحكومة الإيطالية اليسارية صعوبة كبيرة في بادئ الأمر في الحصول على أصوات البرلمان الإيطالي للمصادقة على قانون تمويل المهمات العسكرية الإيطالية خارج الحدود.
قانون آخر لم يتمكن برودي وحكومته من المصادقة عليه إلا بمشقة الأنفس، وهو القانون المالي الذي كان السبب الرئيسي في دخول الأحزاب اليسارية في خلاف وأزمة سياسية كبيرة كادت وفي مرات عديدة أن تعصف بالحكومة لولا حنكة برودي وداليما وروتيللي في لمّ شمل اليسار وإعادة الأمور إلى نصابها.
طعنة غدر
كان برودي في كل مرة يحاول فيها المصادقة على قانون ما مضطرا إلى تقديم عدد من التنازلات لأعضاء الحكومة الآخرين، الذين كانوا يعلمون جيدا أن انسحاب أحدهم من الحكومة الإيطالية يعني سقوطها ونهاية عهدها. لهذا فقد أصبح لأحزاب صغيرة جدا مثل حزب «لوديور»، الذي يتزعمه وزير العدل الإيطالي المستقيل كليمنتي مستيلا، وحزب «الشيوعيون الإيطاليون»، بقيادة أوليفيرو دي ليبيررتو، وزن كبير لدى برودي الذي كان يحاول إرضاءها بأي شكل من الأشكال حتى يتمكن من المصادقة على مشاريع حكومته لإخراج إيطاليا من الأزمة التي تعيشها بسبب الإرث الثقيل الذي تركه له غريمه سلفيو برلسكوني.
فبرودي بعد تسلمه الحكم حاول جاهدا، هو ووزيره في الاقتصاد بادوا سكيوبا، إقناع أحزاب اليسار بضرورة تطبيق قانون مالي جديد يهدف من خلاله إلى ترشيد النفقات العمومية للبلاد مع تخفيض ميزان العجز التجاري، وقد نجح في ذلك ليدخل الإيطاليون في أزمة خانقة بسبب الزيادة في قيمة الضرائب التي أدت بدورها إلى زيادة في الأسعار، مما ترتب عنه سخط وغضب شعبي استغلته المعارضة اليمينية لإرباك الحكومة وتحالفاتها، رغم علمها المسبق بأن ما يقوم به برودي ستظهر نتائجه الإيجابية على إيطاليا في السنوات المقبلة.
فقد استغلت هذه المعارضة حتى فضيحة زوجة وزير العدل الإيطالي ماستيلا المتورطة في قضية فساد، لترغم هذا الأخير على تقديم استقالته وسحب أصوات ممثلي حزبه من البرلمان الإيطالي الذين رفض أحدهم منح ثقته لحكومة برودي، ضربة أخرى موجعة تلقاها برودي من أحد مقربيه ويتعلق الأمر بفالتر فلتروني زعيم تجمع الحزب الديمقراطي ولمبيرتو ديني عضو بمجلس الشيوخ الإيطالي عندما رفض الأول أن يجدد ممثلو حزبه بمجلس الشيوخ ثقتهم في حكومة برودي وضم الثاني صوته إلى الأصوات المعارضة لاستمرار هذه الحكومة في تسيير شؤون البلاد ليحصل برودي على 157 صوتا مقابل 161 معارضا مما جعله يسارع إلى تقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية جورجو نابوليتانو.
الشمبانيا بمجلس الشيوخ
ما إن كشف فرانكو مريني، رئيس مجلس الشيوخ، عن نتائج التصويت لمنح الثقة لحكومة برودي لاستكمال تسييرها لشؤون البلاد، حتى اهتزت قاعة المجلس بتصفيق وهتاف بعض أعضائه المنتمين إلى أحزاب المعارضة اليمينية الذين عبروا من خلال ذلك عن فرحهم بالأرقام السلبية التي حصلت عليها حكومة برودي بعد التصويت.
فلم يكتف هؤلاء بالصفير وبإشارات موجهة إلى برودي وأعضاء حكومته الآخرين ترمز إلى نهاية مشوارهم الحكومي، بل قام أحدهم وهو عضو تابع لحزب التحالف الوطني اليميني، بفتح قنينة شمبانيا على طريقة أبطال سباق «الفورمولا وان» بعد فوزهم بسباق ما، فقد كان يصيح بأعلى صوته قائلا: «سنحتفل الآن برحيلكم عنا، هيا اذهبوا إلى بيوتكم..»، أمام هذه الصورة غير الحضارية التي عبر عنها عضو مجلس الشيوخ والتي نقلت تفاصيلها عدسات كاميرات عدد من القنوات الغربية، تدخل حاجب ممن يشرفون على النظام بمجلس الشيوخ، لينتزع قنينة الشمبانيا من يد العضو اليميني، الذي كان يصرخ بشكل هستيري وكأنه أصيب بالجنون، خصوصا بعد دخوله في مشادات كلامية مع أحد أعضاء المجلس اليساريين، مستعملا عبارات قبيحة ومخلة بالأخلاق.
كان برودي ووزراؤه يتابعون الوضع بصمت دون أن يتأثروا بهذا المنظر، ليقرروا بعد ذلك مغادرة القاعة مقدمين التحية إلى أعضاء المجلس وكأنهم يحاولون أن يقولوا لمن لم يمنح صوته إلى برودي وحكومته: «لقد حكمتم على إيطاليا والإيطاليين بأزمة سياسية كبيرة ستنضاف إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مند سنوات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.