بدا أعضاء خلية عبد القادر بلعيرج ممن تم إيداعهم بجناح ميم داخل السجن المدني بسلا، حيث يتواجد ما يزيد عن 200 من معتقلي السلفية الجهادية، حذرين وهم يتأهبون للاختلاط مع عناصر هذا التيار. وحسب مصادر مقربة من المعتقلين، فإن أعضاء هذه الخلية، التي تم عزل زعيمها عبد القادر بلعيرج عنهم وإحاطته بحراسة مشددة داخل السجن داخل غرفة انفرادية، بدوا أناسا بسطاء وغالبيتهم لا تظهر عليهم أية ملامح من التدين. كل ما استطاع أن يستخلصه منهم زملاؤهم في الاعتقال هو نفيهم لأية معرفة مسبقة بعبد القادر بلعيرج، كما لا تربط بينهم أية علاقة، على أن الميزة الأساسية التي لوحظت عليهم طلية المدة التي قضوها داخل سجن الزاكي، منذ أن أودعوا داخله ابتداء من يوم الخميس الماضي، هي التكتم الشديد إزاء الموضوع الذي اعتقلوا من أجله. حيث فسر من سبقوهم في تجربة الاعتقال، من معتقلي السلفية الجهادية، ذلك بأنهم يحتاجون مزيدا من الوقت حتى يندمجوا في محيطهم الجديد، ومن ثمة إمكانية الكشف عن حقيقة هذا الملف، الذي زادته غموضا المعطيات التي عممتها الصحافة البلجيكية بخصوص العلاقة التي كانت تربط زعيمها الافتراضي بأجهزة المخابرات البلجيكية. أما المعتقلون الستة، المعتصم والركالة والمرواني وماء العينين العبادلة والسريتي ونجيبي، فقد تم إيداعهم بجناح الأحداث، حيث يصعب التواصل مع العالم الخارجي، كما يستحيل عليهم هناك الاتصال بباقي أعضاء الخلية المتابعين معهم في نفس الملف. ولم يسمح صبيحة أمس الاثنين لزوجة أمين عام حزب الأمة محمد المرواني بزيارته، بدعوى أنها لا تحمل النسخة الأصلية من عقد الزواج، في حين سمح لأشقائه بزيارته. وبدورها، منعت زوجة ماء العنين العبادلة، عضو حزب العدالة والتنمية، من زيارته لذات السبب، لكنه بقي الوحيد من بين المعتقلين الذي كانت تتصل به عائلته عبر شقيقته التي تعمل محامية. وحسب مصادر من عائلات هؤلاء المعتقلين، فإن إدارة السجون لم تسمح للعائلات بزيارة ذويهم من المعتقلين دفعة واحدة، وإنما قامت بتوزيعهم على مدار الأسبوع، وسمحت لهم بزيارتهم مرة واحدة في الأسبوع، ووضعت رهن إشارتهم موظفا خاصا هو الذي يتكفل باستقبالهم انطلاقا من بوابة السجن والسهر على إجراءات الاستقبال. وتشبث المعتقلون الستة ضمن خلية بلعيرج، طيلة الفترة التي قضاها معهم ذووهم الذين سمح لهم بزيارتهم صبيحة أمس الاثنين بسجن الزاكي بسلا، بكونهم أبرياء من التهم التي نسبت إليهم، كما نفوا أي معرفة لهم بعبد القادر بلعيرج. من جهة أخرى، لم تنقطع الاتصالات التي قامت بها هيئة دفاع هؤلاء المعتقلين من أجل الحصول على نسخ من محاضر البحث التمهيدي المنجز من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والذي يتضمن تصريحات منسوبة إلى هؤلاء المتهمين. وأوضح عبد اللطيف الحاتمي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلال القضاء، أن مستند قاضي التحقيق المكلف بهذه القضية في منع المحامين من أخذ صور للمحاضر، يقوم على النص الذي ينظم التحقيق، والذي ينص على الاطلاع، مشيرا في تصريح ل«المساء» إلى أن قاضي التحقيق تشبث بالتفسير الحرفي لهذا النص، دونما الأخذ بعين الاعتبار المنشور الذي سبق أن عممه وزير العدل السابق الراحل محمد بوزوبع على مختلف محاكم المملكة، من أجل تمكين المحامين من صور عن المحاضر المنجزة خلال مراحل البحث التمهيدي، مضيفا أن أول من دشن هذا النوع من السلوك مع المحامين ومنعهم من الحصول على المحضر هو القاضي سرحان، وسار على نهجه فيما بعد قضاة آخرون، مشيرا إلى أن أول من خرق مبدأ سرية التحقيق هو وزير الداخلية.