لم يتأخر إلياس العماري في الاعتراف بهزيمة قاسية أمام غريمه في حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، مع إضافة بسيطة تتمثل في تلك "الابتسامة" التي يطلقها المهزوم ليعكر صفو النصر على غيرمه، إلا أن الفرق يكمن في ملازمة الفشل للعماري أكثر من الظل، حتى في تطبيق هذه التقنية. يريد إلياس من خلال مقاله المنشور على موقع "هسبريس" أن يبدو كوطني استيقظت الوطنية في حضنه بعدما أقبرتها إرهاصات القرن الماضي، وحتى يجد لنفسه عذرية وقابيلة، قال للناس أننا أمام " خارطة سياسية جديدة، أنتجت معادلات مغايرة للمألوف، كفت معها ثنائيتا يمين/ يسار، شرعيات سياسية/ شرعيات تاريخية، الموروثة عن القرن الماضي"(كذا). وبعدما أوشكت الأحزاب السياسية على لفظه، من جراء نهجه القائم على التفتيت والتقسيم داخل الجسد الحزبي، يدعو إلياس العماري، إلى " التكتل والتضامن والوحدة" من أجل" تحقيق مواطنة متكافئة ومشتركة بين كل بنات وأبناء المغرب، لتشييد مجد وعلياء الوطن بين سائر الأمم"(كذا).. وأنه"دون إنجاز مصالحة تاريخية شجاعة لا يمكن أن نواجه زحف النزوعات نحو التعصب والتنافر والاستعداء". والعزلة وحدها تدفعك إلى البحث عن جسور مع الجميع، دون "غربلة" تقوم على تصنيف الأصدقاء والأعداء، وهي وحدها التي دفعت إلياس العماري إلى القول أنه" استحضارا لكل ما سبق، ورغم كل العوائق والاستفزازات، فنحن، في حزب الأصالة والمعاصرة، متشبثون بتجسير مطلب المصالحة تجاه الجميع؛ في وطن يتسع للجميع، ويشرئب إلى الأعلى بسواعد وهامات كل بناته وأبنائه"، و"الجميع" تنفي وجود أي استثناء، كما أنه إشارة إلى مد اليد إلى الغريم أولا. ويركب إلياس العماري سحابة العاطفة ويمد يده سعيا وراء اعتراف يبعد عن حزبه كناية "الحزب اللقيط"، و"حزب التحكم"، و"الحزب الفاقد للشرعية"، ليدعو الجميع إلى التخلص " من خصوماتنا الجوفاء وأحقادنا العمياء؛ ونتقدم سويا نحو الاعتراف المتبادل ببعضنا البعض، واضعين مصلحة الوطن وكرامة الشعب على رأس الأولويات، وآخذين الصالح العام المشترك مأخذ جد ومسؤولية، وحاملين في قلوبنا حب جذور وطننا المغرب، المدثرة بملاحم وشجاعة أجدادنا الأبطال في حفظ وحدة ومجد وإشعاع الكيان الوطني المغربي الشامخ في التاريخ". رسالة إلياس العماري، أو من كتبها، ليست الوحيدة التي حاولت تفكيك العزلة عن شخص لا يمكن للسياسة أن تتحمله كثيرا، بل جاءت بعد رسالة لزميله في الحزب مصطفى المريزق، الذي قام بتعميم تصريح يقول فيه :" لن نسكت على ما يتعرض إلياس العماري" في إشارة إلى تصريحات النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي. كتبها إلياس العماري أو كُتبت له لا يهم، كل ما يثير التساؤلات هو توقيت الرسالة التي جاءت على شكل مقال، والتي تحمل استعطافا للوسط الحزبي بالاعتراف، لأن "التقاطب" الوهمي الذي حاول العماري بناءه في وسائل الإعلام التي يمولها، أنتجت عكس ما يهدف إليه، وهو أن هذا تحوله إلى تقاطب بين قوى ديمقراطية يحتضنها الشعب، وقوة "تحكمية" تستمد قوتها من ثدي السلطة.
