فرحة لم تكتمل، مازالت الكآبة تخيم على أجواء الحسيمة، دموع الأمهات لم تجف بعد، حناجر نشطاء الحراك مازالتتتردد أصداؤها في سماء المدينة الحزينة، «نريد أن نجتمع بأبنائنا قبل أن توافينا المنية»، هكذا تعلق أمهات معتقليحراك الريف الذين لم يستفيدوا من العفو الملكي، كن يتمنين أن يعانقن فلذات كبدهن، وأن تنتهي الأحزان وتنزل ستارةالنهاية على هذا الملف. وتؤكد أمهات المعتقلين، اللائي كابدن أزيد من ثلاث سنوات عناء التنقل بين السجون وتحمل ساعات السفر الطويلة لاغتنامدقائق رفقة أبنائهن، أنهن تعبن من السفر، وأن الأمراض والقهر والأحزان أنهكتهن، وأن مطلبهن الوحيد اليوم هو تجميعأبنائهن في سجن سلوان القريب من مدينة الحسيمة، وهو موضوع النداء الإنساني الذي أطلقنه. وتقول والدة نبيل أحمجيق، المحكوم عليه ب20 سنة سجنا، في حديثها مع «أخبار اليوم»، إنها لم تعد تملك الجهد لتحملعناء التنقل إلى فاس والعودة في اليوم ذاته، «نحن نخرج في الرابعة صباحا من الحسيمة ونعود مساء اليوم نفسه،صحتي لم تعد تتحمل هذا النوع من السفر، أعاني أمراض القلب والسكر والضغط، وكلما قمت بمجهود كبير عرضتحياتي للخطر»، تقول الخالة عالية، وتضيف: «لا أعلم سبب رفض المندوبية تجميع أبنائنا في سجن سلوان، لقد وعدتهمبذلك، لكن لم تفِ بالوعد». كل أمنيات والدة أحمجيق أن يخرج من السجن وهي على قيد الحياة، «أخاف ألا أجتمع بابني مرة أخرى، ألا أحضنهفي بيتنا، ألا يحضر جنازتي»، هكذا تحكي مخاوفها والدموع تسبق كلماتها، وتضيف: «أليس لدى المسؤولين أمهاتوأبناء ليحسوا بما نشعر به ونعانيه منذ أزيد من ثلاث سنوات! لقد تبعنا.. ثلاث سنوات من المعاناة والعذاب، أبناؤنا أبرياءدافعوا عن حقوقهم وعن وطنهم، أتمنى أن يطوى هذا الملف سريعا حتى نرتاح وترتاح الدولة بدورها». والدة أيقونة الحراك التي شاركت في المسيرات المدافعة عن معتقلي حراك الريف، ودافعت عن ابنها باستماتة، وهيتناشد عقلاء الوطن لاستعمال الحكمة لحل هذا الملف، وإنهاء معاناتهن المعنوية والمادية، «لقد تعبنا ماديا ومعنويا منالتنقل بين السجون والانتظار، نريد لم الشمل مع أبنائنا وإنهاء مآسي عائلات المعتقلين»، تقول الخالة عالية. شقيقة محمد الحاكي المحكوم ب15 سنة سجنا، حكت معاناة شقيقها في سجن كرسيف، حيث قالت إنه يعانيالتضييق، ولم يستفد من التطبيب، إذ كان لديه موعد مع الطبيب خارج السجن، لكنه لم يُنقل بمبرر «فيروس كورونا»،وأضافت أن الأسرة تعاني ماديا ومعنويا. «لا يمكن أن ترسل إليه أسبوعيا 1000 درهم بالإضافة إلى التنقل للزيارة،هذا الوضع لا يمكن أن يتحمله أحد»، تقول أخت المعتقل. وتابعت المتحدثة ذاتها: «لقد سجن إخواننا لأن لديهم غيرة على الوطن وأبنائه، خرجوا ليدافعوا عن حقوقهم، لكنهم، فيالأخير، وجدوا أنفسهم خلف أسوار السجن دون أن يرتكبوا ذنبا»، وطالبت شقيقة الحاكي بالإفراج عنه، وتجميعه معرفاقه في سجن سلوان حتى يتمكنوا من زيارته بشكل دائم. بدورها، ظهرت والدة ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف والمحكوم عليه ب20 سنة سجنا، في شريط فيديو علىالفايسبوك، تشكو شوقها إلى ابنها الذي لم تره منذ عدة أشهر، بسبب توقف الزيارات بسبب تداعيات كورونا، «أريد أنأرى ابني. أنا مريضة، حين أموت ماذا سيفعل دون أن يراني، أنا أناشد الدولة أن تمكنني من أن أرى ابني الذي لم أرهمنذ ستة أشهر»، تقول الخالة زوليخة، حيث طالبت بنقل ابنها ورفاقه إلى سجن سلوان، تنفيذا للوعود التي سبق أن تعهدبها مسؤولون بسجن رأس الماء في فاس، قائلة: «حين أمضى ابني 27 يوما من الإضراب وعدتموه بنقله إلى سلوان، لكنذلك لم يحدث»، وأضافت: «قلتم ستكون هناك قفة العيد، وبعد ذلك منعتموها، ثم قلتم لنا إن الزيارة ستكون لفرد واحد منالعائلة، ومنعتموها في النهاية. منعتموني من رؤية ابني. هذا ليس عدلا، هذا ظلم في حق الأمهات وعائلات المعتقلين»،وزادت: «أطالب الدولة بأن تنقل أبناءنا إلى سلوان، فلديها الإمكانيات التي تخولها أن