دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ اليوم الجمعة في غزة، ما دفع آلاف النازحين للعودة إلى ديارهم في القطاع الذي دمرته حرب استمرت عامين. وكان الدفاع المدني في قطاع غزة أفاد عن بدء انسحاب إسرائيلي من مناطق عدة احتلتها خلال الحرب. وجاء في بيان لجيش الاحتلال « دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ عند الساعة 12,00″، مضيفا أنه « منذ الساعة 12,00 (9,00 ت غ)، بدأت قوات الجيش الإسرائيلي بالتموضع على خطوط انتشارها الجديدة استعدادا لتنفيذ اتفاق الهدنة وعودة الرهائن ». وبالتزامن، بدأ آلاف الفلسطينيين بالتوجه من جنوب القطاع إلى شماله، في محاولة للعودة من مناطق نزحوا منها، بحسب ما أظهرت لقطات فيديو لوكالة فرانس برس. ورصدت الكاميرات طوابير من الرجال والنساء والأطفال يسيرون على الطريق الساحلية. وعاد آخرون إلى أنقاض منازلهم في خان يونس جنوبا، وفق مشاهد بثتها فرانس برس. وقال أمير أبو عيادة (32 عاما) « نحن اليوم ذاهبون باتجاه بيوتنا لتنظيفها. رغم الدمار ورغم الحصار المتواجدين فيه ورغم الألم، ذاهبون إلى مناطقنا مليئين بالجروح ونحمد الله ». وأضاف « نحن سعداء، عائدون رغم الدمار (…) وإن شاء الله يستمر الهدوء وتنتهي الحرب ». أما أريج أبو سعادة (53 عاما) فقالت « والله أنا سعيدة بالهدنة والسلام مع أنني أم لشهيدين، ولد وبنت، حزينة عليهما لكن الهدنة أيضا لها فرحتها برجوعنا إلى ديارنا ». ومساء الجمعة، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن « 200 الف نسمة تقريبا هو عدد المواطنين الذين عادوا إلى الشمال اليوم ». وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إعادة تموضع قواته في مناطق من القطاع المحاصر، محذرا في الوقت نفسه من أن عددا من المناطق ما زال « في غاية الخطورة » بالنسبة للسكان المدنيين. وقال مسؤول في الدفاع المدني في غزة لوكالة فرانس برس إن القوات الإسرائيلية بدأت الانسحاب من مناطق عدة في القطاع، لا سيما من مدينتي غزة وخان يونس. وقال مدير إدارة الدعم الإنساني والتعاون الدولي في الدفاع المدني محمد المغير « آليات الاحتلال انسحبت من عدة مناطق بمدينة غزة ». وأضاف « هناك تراجع لآليات الاحتلال من جنوب ووسط مدينة خان يونس باتجاه شرق المدينة ». وأكد الجيش الإسرائيلي، الخميس، أن قواته تستعد لإعادة التموضع في غزة. ولاحقا، أفاد المغير بانتشال 55 جثة من تحت الأنقاض ونقلها إلى مستشفيات في أنحاء القطاع، من دون أن يدلي بتفاصيل عن كيفية مقتل أصحابها أو متى قتلوا. ومع إعلان وقف إطلاق النار، حثت جمعية الصحافة الأجنبية السلطات الإسرائيلية على السماح بالوصول بشكل مستقل إلى غزة، معتبرة أنه « لم يعد هناك أي مبرر » لعرقلة الدخول إلى القطاع. وأكد مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف نقلا عن البنتاغون أن إسرائيل أنجزت انسحاباتها بموجب المرحلة الأولى لاتفاق غزة، معتبرا أنه بذلك بدأت « فترة ال72 ساعة لإطلاق سراح الرهائن ». عقب ذلك، قالت المتحدثة باسم الحكومة الإسرائيلية شوش بدروسيان أن الجيش سيبقي سيطرته على 53 % من القطاع. وكانت قوات الاحتلال صعدت خلال الأسابيع الأخيرة عملياتها العسكرية في مدينة غزة، وطلبت من السكان مغادرتها تمهيدا للسيطرة عليها بالكامل. ويأتي وقف إطلاق النار بعد موافقة إسرائيل وحماس، على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، إثر مفاوضات غير مباشرة في شرم الشيخ في مصر بوساطة أمريكية ومصرية وقطرية شاركت فيها أيضا تركيا. وتنص المرحلة الأولى على وقف لإطلاق النار وتبادل الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ السابع أكتوبر 2023، ومعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وانسحابات إسرائيلية. وأعلن ترامب خطته في آخر شتنبر، ووافق عليها الطرفان. وتنص الخطة المكونة من 20 نقطة إلى جانب وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، على أن تدير شؤون غزة لجنة فلسطينية من التكنوقراط بإشراف « مجلس السلام » برئاسة ترامب وعضوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، من دون أن يكون لحماس أي دور في حكم القطاع. ودعا قادة بريطانيا وفرنسا والمانيا، الجمعة، مجلس الأمن الدولي إلى تقديم « دعمه الكامل » لخطة السلام الأمريكية في قطاع غزة. وقالت الدول الثلاث في بيان مشترك « نشيد بقيادة الرئيس ترامب في هذا الملف، وبالجهود الدبلوماسية التي بذلها الوسطاء، مصر وقطر وتركيا، وبالدعم الحيوي من المنطقة لضمان (تنفيذ) الاتفاق ».