رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    القضاء الفرنسي ينظر في طلب الإفراج عن ساركوزي    طرح تذاكر المباراة الودية بين المغرب و أوغندا إلكترونيا    مصرع أربعيني في حادثة سير ضواحي تطوان    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    وقفة احتجاجية في طنجة دعما لفلسطين وتنديدا بحصار غزة    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    زايو على درب التنمية: لقاء تشاوري يضع أسس نموذج مندمج يستجيب لتطلعات الساكنة    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    مؤسسة طنجة الكبرى: معرض الطوابع البريدية يؤرخ لملحمة المسيرة الخضراء    هنا المغرب    وفد قضائي وطني رفيع يزور جماعة الطاح بطرفاية تخليداً للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء واستحضاراً للموقع التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دلالات فوز العدالة والتنمية
نشر في التجديد يوم 07 - 09 - 2015

حل حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية، في المرتبة الثالثة بالانتخابات الجماعية المحلية باحتساب عدد المقاعد في أنحاء المغرب بنسبة 15.94%، بعد حزبين كبيرين من المعارضة هما الأصالة والمعاصرة الذي يحسب على فئة الأعيان النافذين بنسبة 21.12%، وحزب الاستقلال بنسبة 16.22%، والذي يعد أمينه العام حميد شباط أشرس معارض للحكومة.
لكن حزب العدالة والتنمية، حسب مراقبين، يعتبر الفائز الأكبر في هذه الانتخابات بعد مضاعفة مقاعده بحوالي 3 مرات مقارنة بانتخابات مماثلة جرت سنة 2009، والأهم من ذلك اكتساحه لعدد من المدن الكبرى والوازنة اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً مثل الرباط العاصمة، والدار البيضاء العاصمة الاقتصادية، وفاس العاصمة الثقافية، ومراكش العاصمة السياحية، وأغادير كبرى مدن الجنوب، وغيرها من الأقطاب الحضرية، بل احتل المرتبة الأولى على مستوى الانتخابات الجهوية ب174 مقعداً؛ أي بنسبة 25.66% والتي تجرى لأول مرة عبر الاقتراع المباشر في إطار الجهوية الموسعة، وتقدم في خمس جهات وازنة من أصل 12، واحتل المرتبة الثانية أو الثالثة في باقي الجهات، كما نال الحزب مراتب محترمة في مناطق قروية يقدم فيها مرشحين لأول مرة.
وظهر اعتبار "العدالة والتنمية" الفائز الأكبر من خلال ما سمي الصدمة الكبيرة التي عبرها عنها خصومه السياسيون، والذين سارع أمناؤهم العامون إلى عقد اجتماع عاجل وطعنهم في النتائج حتى قبل ظهورها النهائي قبل أن يخففوا من حدة انتقاداتهم في اليوم الموالي، كما كشفه صدمة بعض المحللين السياسيين الذين ملؤوا الشاشات والجرائد، وسار تحليلهم في اتجاه توقع "تصويت عقابي" ضد الحزب الذي يقود الحكومة منذ أربع سنوات، بل ذهب بعضهم إلى إظهار تمنيه غلق قوس رياح "الربيع العربي" التي حملت الحزب إلى الحكومة.
واعتمد هؤلاء المحللون على مؤشرات ما سمي "غضب الشارع المغربي" من السياسة غير الشعبية التي نهجتها الحكومة في نظرهم بضرب القدرة الشرائية والتضييق على الحريات، مستدلين بنتائج انتخابات الغرف المهنية (الفلاحية، والصناعية، والتجارية) والتي جرت في شهر أغسطس الماضي، متناسين أو متجاهلين أن حزب العدالة والتنمية يفتقد فيها إلى التجربة الكافية لاقتحامها، حيث لم يغطِّ جميع الدوائر واعتمد في ترشيحاته على متعاطفين معه أكثر من اعتماده على مناضلين عضويين.
وحسب ما شاهدت خلال الحملة الانتخابية التي دامت 13 يوماً قبل يوم اقتراع 4 سبتمبر 2015م، فقد استطاع حزب العدالة والتنمية أن يقدم نموذجاً راقياً في التواصل مع المواطنين، واعتبر الحزب الوحيد الذي نهج حملة نظيفة بل أكثرها احتراماً.
وكان للتجمعات الكبيرة التي أطرها عبدالإله بن كيران بصفته الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وصلت إلى معاقل خصومه السياسيين الذين لم يستطيعوا مجاراته في ذلك، الأثر الكبير في حصول الحزب على تلك النتائج الطيبة، حيث كان حديثه من القلب إلى الجموع بلغة سياسية واضحة تحمل همومهم وتوقهم إلى العيش الكريم في مدنهم وقراهم، لكنه أيضاً لم يتوانَ في الهجوم على عدد من الرموز السياسية بصفتها داعمة للفساد وساعية إلى التحكم في رقابهم.
أثر هذه التجمعات كان كبيراً على الناخبين والخصوم على حد سواء، لاسيما بعد نشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ذهب خصومه سواء المشاركين أو المقاطعين إلى اعتبار تلك الصور الحقيقية خدعة بصرية وأنها مركبة بالفوتوشوب، فيما رد مناصرو الحزب بهاشتاج "الفوتوشوك" (صدمة الصور) الذي انتشر سريعاً واستعمله رواد المواقع التواصل الاجتماعي بكثافة.
وظهرت على الميدان طينة جديدة من القيادات المحلية لحزب العدالة والتنمية، والتي استغلت فرصة الحملة الانتخابية، ودخلت في حوارات مفتوحة مع المواطنين، متسلحة بعدد من الوسائط الدعائية سواء في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي تشرح بكل حماس إنجازات الحكومة، رغم أن الأمر يتعلق بانتخابات محلية، لكنهم لم ينسوا أن يقدموا النماذج الإيجابية لما قام به الحزب من تطوير للمدن الذي سيرها خلال الولاية المنتهية، وتوفير الأموال الطائلة للقيام بمشاريع ذات أهمية كبيرة.
واعتمد مناضلو العدالة والتنمية على الرفع من نسبة المشاركة لسد الطريق على المفسدين الذين يشترون الناس بالأموال، فكلما شارك الناخبون بكثافة، بحسبهم، صعبوا المهمة القذرة على مشتري الذمم الذين وظفوا الشباب العاطل عن العمل في حملات ممنهجة للبحث عن الأصوات لاسيما في القرى والمدن المهمشة، ونجح هؤلاء إلى حد مقبول في الرفع من هذه النسبة والتي فاقت كل المشاركات السابقة، ووصلت في بعض المناطق إلى أرقام مرتفعة.
ولمس هؤلاء ما يتمتع به ابن كيران من شعبية كبيرة لدى فئات عريضة من الشعب المغربي، بل وقفوا على تفهم الطبقة الوسطى لقراراته القاسية فيما يخص رفع الدعم عن المحروقات، وعدم رفع الأجور، واقتطاع أيام الإضراب، وسعيه إلى الرفع من سن التقاعد، لكنهم شهدوا له بالدخول إلى عش الدبابير ومعالجة ملفات حارقة لم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب، منها إصلاح صندوق المقاصة، كما شهدوا له بنظافة يد وزرائه الذين لم يتورطوا في هدر المال العام.
علاوة على ذلك وقف هؤلاء المناضلون على مساندة فئة عريضة من الطبقة الفقيرة على مساندتهم لابن كيران الذي أصبح ماركة مسجلة لديهم، وشهدوا له بالالتفات إلى فئات لم تستطع رفع صوتها بالاحتجاج، وتمكينها من بداية الولوج الميسر إلى الصحة والتعليم، ولكن أيضاً بتمكين جميع الطلبة من التغطية الصحية في سابقة من نوعها، إضافة إلى اعتماد المساعدة الاجتماعية للأرامل والمطلقات وغير ذلك، كما سانده أيضاً فئات من ذوي المشاريع الاقتصادية بعد مساهمته في تحسين مناخ الأعمال حسب مؤشرات دولية، والسير قدماً في إصلاح عدد من القطاعات المعطوبة، وساهم أيضاً في هذا النتائج الخطاب السياسي المتدني للمعارضة، حتى إن لحسن حداد، أحد وزراء الحكومة من الحركة الشعبية، قال: إنه كلما كان هناك هجوم مجاني على الحكومة والعدالة والتنمية كان هناك رد فعل عكسي من المواطن.
فوز العدالة والتنمية خاصة في المدن الكبرى لم يكن ب"قفزة" كبيرة كما حدث في الانتخابات البرلمانية لسنة 2011م، إذ سبق أن حصل على مقاعد محترمة في انتخابات محلية سنة 2009م قبل "الربيع العربي"، لكن المثير حقاً أنه ولأول مرة في تاريخ المغرب فاز بأغلبية مريحة تضمن تسيير هذه المدن ومقاطعاتها دون الحاجة إلى حساب التحالفات المربكة، ويعتبر اكتساحه لمدينة فاس التي كان يسيرها حميد شباك أبرز معارض لحكومة ابن كيران وأشرسهم حيث كان سبباً في الإرباك الحكومي خلال سنته الأولى انتهت بخروجه إلى المعارضة، أهم إنجاز لأنصار الحزب، كما اكتسح الحزب النتائج بمدينة مراكش أحد معاقل حزب الأصالة والمعاصرة والذي بنى كل حملته الانتخابية على مهاجمة رئيس الحكومة ووصف حزبه بأبشع النعوت.
تتشكل مكاتب المجالس الجماعية والإقليمية والجهوية في الأيام القادمة، من خلال اقتراعات علنية لاختيار رؤسائها ونوابهم، يشارك فيها المستشارون الجماعيون الذين أفرزتهم صناديق اقتراع 4 شتنبر. والأكيد أن العدالة والتنمية حسم نهائيا رئاسته لعدد من هذه المجالس في مدن وجهات استراتيجية بحصوله على الأغلبية المطلقة التي ستصوت لصالحه معتمدا على انضباط أعضائه، لكن التحدي الأكبر الذي يواجه حزب المصباح هو كيفية تسييره للتحالفات مع أحزاب الأغلبية من أجل الظفر بمدن أخرى وجهات أخرى حصل فيها على مقاعد بفارق كبير دون أن يصل إلى الأغلبية المطلقة، كما يواجه سؤال التحالف مع أسماء يعتبرها الحزب محليا ومناصروه والمتعاطفون معه رموزا للعبث والفساد السياسيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.