مطار محمد الخامس بالدار البيضاء.. المكتب الوطني للمطارات يطلق طلبي إبداء اهتمام لإنجاز المحطة الجديدة    اختتام الدورة الأولى للمنتدى الدولي للصناعة والخدمات بجهة أكادير    المغرب يحتفي باليوم العالمي لشجرة الأركان كرافعة للتخفيف من آثار التغيرات المناخية    سانشيز: المغرب أنقذ إسبانيا من أزمة كهرباء غير مسبوقة    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة بمصر.. أفراد الجالية المغربية يؤازرون "الأشبال" في سعيهم لتحقيق إنجاز جديد لكرة القدم الوطنية    الوداد يفسخ عقد تسيير متجره الرسمي مع كولد سبور    التقدم والاشتراكية: الحكومة تدافع عن اختلالاتها بالاستعلاء والتهجم وبرفض الخضوع إلى المراقبة    أتشيربي.. لاعب عاد من الموت مرتين ليقهر برشلونة    بركة: إحداث 52 ألف فرصة شغل بقطاع البناء والأشغال العمومية    500 مليون دولار خسائر مطار صنعاء    الكرادلة يبدأون عصر الأربعاء أعمال المجمع المغلق لانتخاب بابا جديد    فرنسا تواصل معركتها ضد الحجاب.. هذه المرة داخل الجامعات    قيادي حوثي: اتفاق وقف إطلاق النار مع أمريكا لا يشمل إسرائيل    الذكرى الثانية والعشرون لميلاد صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن .. مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    "كوكا كولا" تغيّر ملصقات عبواتها بعد اتهامها بتضليل المستهلكين    دكاترة الصحة يذكرون بمطالب عالقة    قمة دوري الأبطال تستنفر أمن باريس    قتلى وجرحى في قصف متبادل بين الهند وباكستان    بايدن يتهم ترامب باسترضاء روسيا    صيحة قوية للفاعل الجمعوي افرير عبد العزيز عن وضعية ملاعب القرب بحي العامرية بعين الشق لالدارالبيضاء    بورصة الدار البيضاء.. أداء إيجابي في تداولات الافتتاح    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    المغرب يدخل خانة البلدان ذات التنمية البشرية المرتفعة وفقا لمعايير برنامج الأمم المتحدة للتنمية    دورة تكوينية حول التمكين الاقتصادي للشباب وريادة الأعمال والثقافة المقاولاتية    انتر ميلان يتغلب على برشلونة ويمر إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    القوات المسلحة الملكية: ندوة بالرباط تسلط الضوء على المساهمة الاستراتيجية للمغرب خلال الحرب العالمية الثانية    المغرب يستقبل 5.7 ملايين سائح خلال 4 أشهر    فليك يتهم الحكم بإقصاء برشلونة ويُخاطب لاعبيه قبل الكلاسيكو    دافيد فراتيزي: اقتربت من فقدان الوعي بعد هدفي في شباك برشلونة    كيوسك الأربعاء | لفتيت يكشف الإجراءات الأمنية للتصدي للسياقة الاستعراضية    السياحة الريفية في الصين... هروب من صخب المدن نحو سحر القرى الهادئة    الرؤية الملكية لقضية الصحراء المغربية من إدارة الأزمة إلى هندسة التغيير والتنمية    من النزاع إلى التسوية.. جماعة الجديدة تعتمد خيار المصالحة لتسوية غرامات شركة النظافة التي تتجاوز 300 مليون سنتيم    وهبي: نقابات تكذب... وقررت التوقف عن استقبال إحدى النقابات    مستشفى ورزازات يفتح باب الحوار    عاملات الفواكه الحمراء المغربيات يؤسسن أول نقابة في هويلفا    وفد مغربي سعودي يستقبل وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في مطار الدار البيضاء    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تفتتح بباكو المعرض الرقمي "الزربية الرباطية، نسيج من الفنون"    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    نيروبي: افتتاح أشغال مؤتمر دولي لليونيسكو حول التراث الثقافي بإفريقيا بمشاركة المغرب    "قفطان المغرب" يكرم التراث الصحراوي    وزير إسرائيلي: "غزة ستدمر بالكامل"    موسم طانطان ينطلق في 14 ماي.. احتفاء بتقاليد الرحل وبالثقافة الحسانية    افتتاح فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة    الفريق الاستقلالي يطالب بإحالة محمد أوزين على لجنة الأخلاقيات    استراتيجية حكومية لضمان تكاثر القطيع الحيواني تغني عن اللجوء للاستيراد    زوربا اليوناني    الرباط تحتضن ملتقىً دولي حول آلة القانون بمشاركة فنانين وأكاديميين من المغرب والعراق ومصر    تحذير من تناول الحليب الخام .. بكتيريات خطيرة تهدد الصحة!    ارتفاع حالات الإصابة بالحصبة في أوروبا خلال شهر مارس الماضي    عضة كلب تنهي حياة شاب بعد أسابيع من الإهمال    استقبال أعضاء البعثة الصحية لموسم الحج    كيف تُنقذ حياة شخص من أزمة قلبية؟.. أخصائي يوضّح    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباحة مع التيار!- بقلم فوزي منصور
نشر في التجديد يوم 27 - 09 - 2005

نشرت معظم مقالاتي في جريدة أنوال التي ماتت وهي في عز شبابها تحت عنوان: «سباحة ضد التيار» ومع أني منذ التحقت ب»التجديد» وأنا أسبح ضد التيار، إلا أنني لم أعلن ذلك من قبيل التقية، الآن سأجرب لمرة واحدة السباحة مع التيار.
إذا ما وجدت أنه تجمع لديك في منزلك كمية كبيرة من مواد شديدة الخطورة ولم تعد لك بها أدنى حاجة ماذا ستفعل بها؟... بالتأكيد ستعمد إلى التخلص منها، ولكي لا تلحق أضرارا جسيمة بالغير وتعد خارجا على القانون، ستحرص على القاء هذه المواد الخطرة بعيدا عن متناول البشر، هذا ما صنعته إحدى الدول قبل نيف وعشرين عاما أو أكثر قليلا!... أو ما اتجهت إليه نواياها الحسنة قبل أن يحدث ما حدث.
وجدت تلك الدولة أن لديها كمية كبيرة من القنابل النووية البدائية، التي لا تقتل الواحدة منها إذا ما أسقطت من الجو، أكثر من ربع مليون نسمة فقط! ولقد امتلأت الترسانة بقنابل أحدث، أقل وزنا وأكثر قدرة على التدمير، ويمكن إرسالها إلى الأهداف البعيدة بعد تثبيتها في رؤوس صواريخ بلاستية بعيدة المدى... ولم يعد ثمة حاجة إلى الإبقاء على تلك القنابل العتيقة التي تزاحم الأحدث في المخازن ويجب التخلص منها!
اقترح علماء أن يتم القاءها في الأعماق الغائرة وسط المحيط الأطلنطي، إلا أن شيطانا حضر الاجتماع قدم اقتراحا رائعا. قال الشيطان: أنا لا أعرف كيف نستفيد مستقبلا من هذه القنابل إن أبقيناها في متناول اليد، ولكنني أعرف أننا أنفقنا على انتاجها مبالغ كبيرة، وإذا ألقيناها في أعماق المحيط، فإن هذا يعني القاء هذه المبالغ الكبيرة فيه، ولو كان العز بن عبد السلام هو الذي يحكمنا، لحكم علينا بالسفه، وقام بالحجر علينا، ثم تساءل: لماذا لا تبعد خطرها عنا وعن البشرية دون أن نفقد الصلة بها؟ ولعل ما نظن عدم حاجتنا إليه اليوم، نحتاجه غدا.
نظر الجميع إليه في دهشة لم يعبأ بها، وواصل الحديث:
إن ما اقترحه عليكم يا سادة، هو أن تحمل السفن هذه القنابل بعد وضعها في صناديق معدنية لا تتأثر بمياه البحر، وتنظم هذه الصناديق في سلسلة طويلة، مثلما ينظم الصائغ حبات اللؤلؤ في عقد تطوق به عروس سورية جيدها ليلة العرس، ثم تخلعه في الصباح وتعرضه للبيع بنصف ثمنه بعد أن أدى وظيفته، إلا أننا سنحافظ على العقد ولن نفرط فيه إلا حين نحتاجه!
أعجب المؤتمرون هذا التشبيه الشاعري الذي أحال قنابل نووية مسلسلة بالحديد إلى عقد من اللؤلؤ، وأصاخوا السمع لما سيقوله زميلهم الشيطان العزيز، والذي استطرد قائلا:
سنقوم بإنزال السلسلة بطول البحر الأحمر ابتداء من بورسودان المقابلة لمدينة جدة وحتى مصوع جنوبا بالقرب من باب المندب. قد نحتاج مستقبلا يا سادة لأي سبب أو دواعي استراتيجية غائبة عنا الآن إلى تفجيرها إذا ما دخلنا في حرب آتية لا ريب فيها مع المسلمين، أو مع أي قوة بحرية عالمية آنذاك قررت أن تتحالف معهم ضدنا... يكفي أن نرصد سفينة العدو فوق قنبلة الأعماق حتى نرسل إشارة اليكترونية تفجرها فتغرق على التو...
فكرة رائعة... ولكن لماذا لا نبدأ من السويس أو العقبة في الشمال، ولدينا قنابل كثيرة نرغب التخلص منها؟
لا، هذا محال... تعلم يا صديقي أنه توجد دولة حليفة وصديقة لنا في الشمال، وكل ما يضرها يضرنا. علينا أن نبتعتد في ألعابنا عن سواحلها!
معذرة... لم أنتبه لذلك.
قبل اقتراح الشيطان بالاجماع، وقبل أن ينفض الاجتماع، أو يعلم الرئيس بما تقرر فيه، كانت برقية بذلك قد وصلت إلى تل أبيب وأشر عليها سري جدا وتم حفظها في أرشيف خاص بالموضوعات الهامة قيد المتابعة. تم تنفيذ الخطة وتم توزيع القنابل في عمق البحر الأحمر، وبقيت بضعة قنابل زائدة تقرر القاؤها في المحيط الهندي، ومضت أعوام وأعوام على ذلك وتم نسيان الأمر.
بعد مرور عقدين من الزمان، وبينما كان شيطان مريد ينبش في ملفات الأرشيف السري، عثر مصادفة على ذلك الملف... تساءل: هل يا ترى مازالت هذه القنابل صالحة للعمل أم أفسدتها مياه البحر؟ تفتق ذهنه على أن يوعز لمن بيدهم الأمر إلى تجربة إحدى قنابل المحيط الهندي أو عدد من قنابله في وقت واحد... وحيث لا يتوقع حدوث أية أضرار إذا كانت المنطقة خالية من السفن تم إجراء التجربة، إلا أن ما ترتب على ذلك لم يتخيله المجربون قط.
ارتفعت أمواج البحر وهاجمت السواحل القريبة من موقع التجربة بعد أن اهتزت أرضها بعنف، وراح ضحية ذلك عشرات الآلاف من سكان تلك السواحل... تم التكتم على الأمر، ومثل من يقتل القتيل ويمشي في جنازته سارعت السفن التي انطلقت منها الإشارات الاليكترونية أو الكهرومغناطيسية لأحداث التفجيرات، للمساهمة في إنقاذ المنكوبين!
كان هناك اقتراح من شيطان تل أبيب باجراء تجربة مماثلة لإحدى قنابل البحر الأحمر، إلا أنه تم الامتناع عن الاستجابة له بعد حوادث المحيط الهندي، لم يستسلم، سعى إلى حيازة شفرة التفجير عن بعد بأي ثمن عوض شفرة واحدة نجح في الحصول على شفرتين من وراء البحار، إلا أنهما غير مصحوبتين ببيانات توضح: متى تستعمل أي منهما، ولكن... لا مانع... فلنجرب الأولى، وبعدها نجرب الثانية... هكذا قال الخبراء العسكريون له.
تم تجربة الشفرة الأولى في جنح الظلام ليلة 12 سبتمبر فانفجرت القنبلة الأولى في أعماق البحر فيما بين بورسودان وجدة، اهتزت الأرض عدة هزات متتالية تشبه ما يحدثه الزلزال الطبيعي، وامتدت الزلزلة من جدة حتى أطراف مدينة مكة حيث تهشم زجاج بعض المنازل فيها، وقال الخبراء هذه ليست هزة جيولوجية ولا نستطيع تحديد مركز الزلزال، فقط يمكن قياس قوتها في حدود 7‚3 درجة على مقياس ريختر، ولم يحدث في السواحل المقابلة ما حدث من قبل في المحيط الهندي من فيضانات، كما لم يتضرر الحرم الشديد من الهزة.
قال شيطان تل أبيب طالما تأكدنا من فاعلية الشفرة التي جربناها، فلنحفظ الثانية من قبيل الاحتياط، ولننس أمرنا مؤقتا، ونكتفي بالتي جربناها إن قررنا استعمالها ومرت الأيام... .وحل محل الشيطان شيطان آخر، أكثر رعونة منه، فتش في الملفات السرية أيضا فعثر على نفس الملف قال: لماذا لا نجرب الشفرة الثانية فإن اتضح عدم صلاحيتها لشيء أهملنا أمرها، أو طلبنا من عيوننا الكشف عن أسرارها.
صدرت الأوامر بتجربة الشفرة الثانية وكانت المفاجأة الغير متوقعة فقد انفجرت جميع قنابل السلسلة في تتابع سريع ومذهل ومزلزل...
لقد زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت أثقالها... انشقت الأرض في جيبوتي وعلى امتداد الأخدود الإفريقي الشرقي حتى بعيرة نياسا ونهر الزمبيزي.
امتد البحر الأحمر في الأخدود الجديد، انفصلت الصومال وأجزاء من كينيا وتنزانيا وموزامبيق عن القارة الإفريقية بعد أن عزلها البحر الجديد عنها، واعتبرت جزيرة جديدة من أكبر جزر المحيط الهندي، انهارت العمارات والمباني في جدة وجيزان والحديدة وعدن شرق البحر، وبورسودان وسواكن وعصب ومصوع غرب البحر، اتصل خليج العقبة بالبحر الميت وغرقت العقبة وايلات وشرم الشيخ وصحراء النقب. لقى مئات الآلاف مصرعهم، وبالغت بعض وسائل الإعلام فقالت إن عدد الضحايا عدة ملايين، الحقيقة أنه لم يكن بإمكان أحد حصر الخسائر البشرية أو المادية... العالم كله مصاب بالذهول. الجميع اعتبرها كارثة طبيعية لم تخطر على عقل بشر، وليس للشرير فيها!
ظهر في موقع على شبكة الانترنت بيان من أسامة بن لادن المدفون في تورابورا منذ سنوات، يتبنى مسؤولية ما حدث، وفي موقع آخر صدر بيان من أبي مصعب الزرقاوي المقتول هو الآخر مع جماعة أنصار الإسلام شرق كردستان قبل عامين يتبنى هو الآخر مسؤولية ما حدث. الموتى فقط، مثلما يصوتون في الانتخابات المصرية، هم الذين كانت لديهم الشجاعة للاعتراف بما لا علاقة لهم به.
معذرة للقراء الأعزاء... وعدت في البداية أن أسبح مع التيار فإذا بي أسبح ضده دون رغبة مني... وهكذا الزمار، يموت وسبابته مازالت تتحرك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.