مجلس النواب يعقد الأربعاء المقبل جلسة عمومية لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    مشاركة مجلس النواب في اجتماع مجموعة العمل البرلمانية رفيعة المستوى للتكنولوجيا والابتكار والتحول الرقمي التابعة للبرلمان العربي    حصيلة نصف الولاية الحكومية: تناقضات وأسئلة عالقة    توقيف الدعم المباشر عن بعض الأسر يستدعي لقجع لاجتماع عاجل بالبرلمان    بركة يغلق باب اللجنة التنفيذية بوجه المتابعين ويعتمد "الكاستينغ" لاختيار البروفيلات    جهة طنجة – تطوان – الحسيمة: المخزون المائي بالسدود يناهز مليار و100 مليون متر مكعب    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    اعتقالات وإصابات في حق طلاب أمريكيين رافضين للعدوان الإسرائيلي بغزة    آبل تعتزم إجراء تكامل بين تطبيقي التقويم و التذكيرات    رغم الهزيمة.. حكيمي ضمن التشكيلة المثالية لنصف نهائي أبطال أوروبا    تسرب الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    حادثة سير خطيرة بمركز جماعة الرواضي باقليم الحسيمة    عاجل: إحالة مسؤول بالاتحاد الاشتراكي على "جرائم الأموال" بالرباط في فضيحة "الوظيفة مقابل المال" بوزارة العدل    إطلاق طلب عروض لمشروع جديد للمكتب الوطني للمطارات    إلقاء القبض على إعلامية مشهورة وإيداعها السجن    الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    اللجنة العلمية لكورونا تخرج عن صمتها بشأن أضرار أسترزينيكا وترمي الكرة بملعب الحكومة    الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان        الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بإعادة ملء الاحتياطي الأمريكي    مسؤولة في يونيسكو تشيد بزليج المغرب    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    جوهرة بناني تحتفظ بلقبها: انتصار ملفت في رالي عائشة للغزالات    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    تراجع التضخم في كوريا إلى أقل من 3 في المائة    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقرئ أبو زيد يحكي في ل"التجديد" الجزء الرابع
نشر في التجديد يوم 15 - 01 - 2008


يحكي المقرئ الإدريسي أبو زيد تفاصيل ثلاث سنوات من تجربته كمسئول وطني في للقطاع الطلابي، خصصها لبناء الهياكل التنظيمية للقطاع الطلابي، وعمل على انتظام لقاءات كل الهيئات واستقرارها، وكون أرشيفا ضخما ضمنه كل التجارب الطلابية في العالم،كما يحكي في آخر الحوار أول تجربة انتخابية لحركة الإصلاح والتجديد عبر حزب الشورى والاستقلال رشح لها في وجدة والأستاذ عبد الله اشبابو في طنجة، وكيف فتحت الباب للحركة لرسم خارطة الطريق نحو المشاركة السياسية. - استلمت من الأخوين سليمان العمراني وسعد الدين العثماني التنظيم الطلابي وهو على مستوى الأوراق صفر، فآليت على نفسي أن أؤسس أرشيفا كاملا للعمل الطلابي، وقمت بتجنيد الإخوة فاستطعنا بعد سنة أن نجمع أرشيفا ضخما يضم ملفات حول القضية التربوية والتصورية والنقابية والسياسية والحقوقية وأيضا حول تجارب الحركات الطلابية في العالم. - كانت الأولوية عندي هو توجيه الطلبة للتحصيل الدراسي والبحث العلمي والمعرفي حتى لامني البعض ممن يرى العمل الطلابي قرين العمل النقابي المندفع إلى الإضراب المقاطعة واتهموني بتحويل العمل الطلابي إلى جمعية ثقافية. - اتخذ القرار بتقليص الوفد المفاوض في مسألة الوحدة من أجل الحفاظ على سرية الحوارات، واستبعد الأشخاص الذين قد يسربون الأخبار، وكان أول من استبعد هو المقرئ أبو زيد لأني أحتك بالجماهير وأتحدث بصوت مرتفع، فتوقع الإخوة أن يكون احتكاكي بالجماهير سببا في تسريب أخبار عن هذه الحوارات، فاستبعدت لئلا يجد المتحفظون على علنية هذه الحوارات أي مبرر لإغلاق ملف الحوار. - استجاب الإخوة لمطلب جهات عليا في الدولة بعدم المشاركة في انتخابات 1993 اقتناعا منهم بأنهم لا ينبغي أن يكونوا ضد المصالح العليا للبلاد، ولما انتهت سنة كاملة، رأى الأستاذ عبد الإله بن كيران أن نشارك في الانتخابات الجزئية، فرشحت في وجدة والأستاذ عبد الله اشبابو بطنجة. • شاركت في العمل الطلابي لشبيبة الإسلامية وأصبحت سنة 1987 مسئولا عنه داخل حركة الإصلاح والتجديد، نريد أن نتعرف على تجربتك الطلابية ومن خلالها نتعرف على جزء من تاريخ العمل الطلابي؟ • دخلت الجامعة وعمري لا يتجاوز سبعة عشر سنة. انتميت إلى الحركة الإسلامية بشكل صريح وسني ثمانية عشر سنة، ووعيت هذا الانتماء وعيا واخترته اختيارا وأنا ابن عشرين سنة. في البدء كنت عضوا عاديا في التنظيم الطلابي، ثم صرت مسئولا عن خلية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ثم صرت مسئولا عن كلية الآداب ثم صرت مسئولا عن الجامعة في حركة الإصلاح والتجديد ما بين سنة 1987 وسنة 1990، ثم انصرفت بعد ذلك عن هذا الإطار التنظيمي إلى هياكل ومؤسسات أخرى، ثم فارقت تجربة المسئولية التنظيمية، ولم أحبها ولم أنشط لها، واكتفيت بمهمة المراقب والمؤطر التربوي والثقافي. إن كان من شيء أضفته للعمل الطلابي، وهو أنني لما استلمت المسؤولية الوطنية الجامعية سنة 1987، وجدت حالة من الانقطاع واللاانتظام في هيكلة التنظيم بدءا بالمجلس الوطني الجامعي، وانتهاء بالهياكل التحتية، فحاولت أن أستكمل هذه الهيكلة، وأعيد بناء المجلس الوطني الجامعي بحيث يكون ممثلا لكل الجامعات المغربية، وكان المغرب وقتها يعرف توسعا كبيرا على مستوى المواقع الجامعية، إذ انتقل عدد المواقع وقتها إلى اثني عشر موقعا ثم أربعة عشر بعدما كان هناك موقعان فقط هما الرباط وفاس، وتم ذلك بسرعة كبيرة استجابة لتحدي الضغط على الجامعة المغربية، وأيضا لتفريق تكتلات الطلبة في فاس والرباط التي كانت تحدث كثيرا من القلاقل السياسية للنظام، فحاولت مواكبة هذا التحول. استطعنا ولله الحمد أن ننضبط في تنظيم المؤتمرات الوطنية السنوية واستطعنا أن ننتظم أيضا في عقد جلسات المجلس الوطني الجامعي. نزلت في فترة مسؤوليتي التنظيمية إلى كل المواقع، ومسحت الوطن بالطول والعرض في هذه السنوات الثلاثة عدة مرات. استلمت من إخوة فدائيي هذا العمل (سليمان العمراني وسعد الدين العثماني)هذا التنظيم وهو على مستوى الأوراق تقريبا صفر، إذ لم تكن عندهم أية ورقة في الأرشيف، ولم يكن للعمل الطلابي أي مقرات خاصة به يمكن أن ينشأ بها مثل هذا الأرشيف ، فآليت على نفسي أن أؤسس أرشيفا كاملا للعمل الطلابي، وقمت بتجنيد الإخوة لكي يجمعوا كل الأوراق التي كانوا يملكونها بصفتهم الفردية سواء كتبت عن عملنا الطلابي أو عن قناعاتنا وتصورتنا أو عن التنظيمات الطلابية الأخرى داخل الجامعة المغربية أو في العالم، وبعد سنة كنا قد رفعنا التحدي ونجحنا فيه وجمعنا أرشيفا ضخما يضم ملفات حول القضية التربوية والتصورية والنقابية والسياسية والحقوقية وأيضا حول تجارب الحركات الطلابية في العالم، وإن كان من شيء أعتز به، وهو أنني لما سلمت المسئول الطلابي الذي خلفني في المهمة، وأحسبه الأخ عبد القادر عمارة إن لم تخني الذاكرة، سلمت له أرشيفا كاملا ومرقما، فيه العديد من الوثائق والكتب والملفات والأوراق التصورية والتجارب الطلابية العالمية، وأيضا ملفات تضم قراءات عن تجربتنا ومسارنا في العمل الطلابي والحركي. • هل كان هذا العمل هو كل ما قمت به في فترة توليك للمسؤولية الطلابية الوطنية؟ • قمت بدور آخر أحسبه أكثر أهمية، وهو أنني وجهت الطلبة للتحصيل الدراسي والبحث العلمي والمعرفي حتى كان البعض، ممن ألفوا أن يعتبروا العمل الطلابي قرين العمل النقابي المطلبي المندفع إلى الإضراب المقاطعة والصدام مع الإدارة، يواجهني ويتهمني أني حولت العمل الطلابي إلى جمعية ثقافية أو إلى عمل أكاديمي وهذا انتقاد لم يكن في محله، لأني كنت ولا زلت أومن – كأستاذ جامعي – بأن الإضراب مضر بالطلبة، ومتسبب في فراغات وانقطاعات في تكوين الطالب الجامعي، وأن الإضراب من أجل الإضراب وافتعال الإضرابات، والإضراب المبالغ فيه أو الإضراب اللامحدود هو جناية على وظيفة الجامعة وإهدار للمال العام، بل إنني في حالة المفارقة التناقضية مع نفسي كنت أستجيب لنداءات الطلبة وأؤطر كثيرا من أنشطتهم وهي أنشطة مكثفة وكثيرة عبارة عن مؤتمرات طلابية ومنتديات ومهرجانات ومحاضرات وتجمعات، لكن كنت في نفس الوقت، أترجاهم لو يخصصون أنشطتهم في يوم السبت والأحد، وألا يجعلوها متزامنة مع الدراسة وألا يوقفوا دراستهم وألا يتغيبوا عن حصصهم المقررة من أجل أنشطة طلابية نقابية أو سياسية أو دعوية مهما كانت قيمتها في بناء شخصية الطالب ومهما كانت أهميتها كأن يؤدي الطالب دوره في نصرة قضايا المستضعفين وقضايا الأمة. وبشكل عام، كان دوري في العمل الطلابي يتخلص في المساهمة في استقرار الهيكل التنظيمي للعمل الجامعي، وبناء الأرشيف، وترشيد التوجه إلى التحصيل الدراسي والبحث العلمي والمعرفي. وقد مكثت في هذه المهمة ثلاثة سنوات ونصف، وأخذت منها إلى مسؤولية أخرى هي الإشراف على عمل مدينة الدار البيضاء. • وماذا قدمت من مساهمة في هذه المسؤولية؟ • لم أفلح في هذه المسؤولية، ولم أرغب في أن أفلح فيها، واستعفيت بعد سنة واحدة رغم أن المدة القانونية للمسؤولية كانت أربع سنوات. • كيف جاءت فكرة مشاركة المقرئ أبو زيد في أول تجربة انتخابية؟ هل كانت تريد الحركة إرسال بالون اختبار للسلطة بخوضكم للتجربة الانتخابية أنتم والأخ عبد الله اشبابو؟ • حسبنا فضلا أنا والأخ عبد الله اشبابو ، بدفع من الأخ عبد الإله بنكيران ومبادرة منه باعتباره كان المسؤول عن الحركة، أننا ضغطنا زر البداية للمشاركة السياسية. أخذت على حين غرة وفوجئت بالأستاذ عبد الإله بن كيران والمكتب التنفيذي آنذاك يطلب مني أن أترشح في مدينة وجدة التي لا تربطني بها أية صلة. • المكتب التنفيذي لحركة الإصلاح والتجديد يقرر أن اثنين من الإخوة يشاركان في الانتخابات، لماذا بالضبط اثنين؟ ولماذا بالضبط وجدة وطنجة؟ ولماذا الأخوان المقرئ واشبابو؟ هل كانت الحركة تريد جس نبض السلطة بهذه المشاركة؟ • كانت الفكرة في سياقها، فحين منعنا من تأسيس حزب، انتقلنا إلى الخطوة الثانية، وهي التحالف مع حزب قائم، وتحالفنا مع الدكتور الخطيب، وبدأنا الاستعدادات الأولية للمشاركة في انتخابات 1993، فكانت هناك اتصالات على أعلى مستوى، وطلب من الإخوة إرجاء هذه الخطوة، وتعللت الجهات التي اتصلت بالإخوة بالمصالح العليا للبلاد، وارتأى الإخوة بعد مناقشة مستفيضة أن يستجيبوا لهذا الرجاء. • كان ذلك بعد إخفاق التجربة الجزائرية والانقلاب على الخيار الديمقراطي؟ • لعله كان لدى بعض الجهات في السلطة تخوف أن يقع مثل ما وقع في الجزائر أو أن يقع شيء قريب منه، والراجح أن جهة دولية ضغطت في هذا الاتجاه ربما تكون فرنسا. لنتذكر ما قاله فرانسوا ميتران آنذاك: لن أسمح أن يتكرر في المغرب ما وقع في الجزائر المهم أن الإخوة، رغم حرمانهم من المشاركة الانتخابية، ورغم حرمانهم من حقهم في تأسيس حزب سياسي، قرروا الاستجابة الكريمة لهذا المطلب ليس رضوخا للضغوطات التي يمكن أن تمارس عليهم، ولكن اقتناعا منهم بأنهم لا ينبغي أن يكونوا بأي تأويل مهما كان متعسفا ضد المصالح العليا للبلاد أو ضد استقراره. ولما انتهت سنة كاملة، وجاء وقت الانتخابات الجزئية لملء الشغور الحاصل في بعض الدوائر الانتخابية بسبب الطعون أو حالات الوفاة، رأى الأستاذ عبد الإله بن كيران - ووافقه المكتب التنفيذي في ذلك - أن نشارك بطريقة جزئية، وكان من منهج وزير الداخلية السابق إدريس البصري أن يضع يوما واحدا لهذا الاقتراع في المغرب كله لكل حالات الشغور الموجودة، أذكر أنها كانت ستة عشر حالة موزعة على كل ربوع الوطن. وكان قد بدا العمل في هذه الانتخابات بقانون إجبارية الانتماء إلى حزب من الأحزاب السياسية وتضييق الخناق على اللامنتمين والمستقلين، فكان لا بد من الحصول على تزكية، وكان الأستاذ أحمد المقدم نائبا بالبرلمان عن مدينة تطوان، وكان ينتمي إلى حزب الشورى والاستقلال، وكانت له سابقة انتماء إلى الحركة الإسلامية، وكان حريصا على أن يأتي إخوة إلى البرلمان ليدعموا توجهه الذي يكاد أن يكون هو الوحيد الذي يمثله، فاتصل بالإخوان، وكان ذلك بتنسيق معي، واستعاد صلة مقطوعة بهم، واقترح عليهم أن يأتيهم بالتزكيات. وفعلا جاءنا من اللجنة السياسية للحزب بثلاث تزكيات، واحدة لوجدة، والثانية لطنجة والثالثة لتاملالت، وكنت شخصيا اقترحت على مدينة سلا، ولكن عضوا في حزب الشورى والاستقلال كان مصرا على الترشح بهذه المدينة، وكان مقتنعا كما حدثني بذلك الأخ أحمد المقدم بأن له حظوظا وافرة للنجاح بهذه الدائرة، فهذه المدن الثلاثة لم نخترها نحن، وإنما كانت هي ما خرج به أحمد المقدم بعد مفاوضات عسيرة مع هيئة القرار العليا في حزب الشورى والاستقلال. أما الأخ الذي كان سيرشح في تاملالت فقد تلقى تهديدا بالقتل من أحد ألأفراد في حزب من الأحزاب السيئة هناك، وهو ما جعله يتراجع في آخر لحظة رغم أن الأستاذ أحمد المقدم بذل جهدا كبيرا في أن يأتيه بتلك التزكية، ولم يجد الأستاذ اشبابو أية مشكلة في التزكية التي قدمت إليه لأنه ابن مدينة طنجة وتم اختياره على مستوى القيادة، أما في وجدة، فالذي رشح أصلا هو الأستاذ محمد النهاري رحمه الله وهو ابن المدينة وأستاذ جامعي بها وناشط جمعوي وله حضور كبير بالمدينة، وقد بدأ في عقد اتصالاته الأولية، لكن الأستاذ عبد الإله بن كيران لما تم الاعتذار عن منحنا التزكية في مدينة سلا التي كان الإخوة يرون أن أرشح بها، أصر على أن ينقلني إلى وجدة، فكلم الأخ محمد النهاري في الهاتف وقال له: هل لك مانع أن تتنازل عن ترشيحك لصالح المقرئ الإدريسي أبي زيد فكان جوابه رحمه الله غاية في الرقي والتجرد، إذ قال له رحمه الله على الرأس والعين واتخذت تدابير وإجراءات إدارية وعائلية على وجه السرعة، وانتقلت إلى وجدة بطريقة مباغتة وجد متأخرة، وعانيت من قبل السلطات في مسألة قبول ملف الترشيح ما شرحت مفصلا في كتابي حالة استثناء في الانتخابات البرلمانية: حكاية ما جد في انتخابات وجدة وانتهت الانتخابات بحصولي على الرتبة الثانية، كان الأول فيها هو عبد الرحمان احجيرة رحمه الله والد وزير السكنى الحالي، وكان هو الذي قدم طعنا في الانتخابات التشريعية التي جرت في دائرة وجدة، وكان هو الفائز الحقيقي بها لكن الأجهزة التنفيذية زورت النتائج لصالح عزيز حسين أحد وجوه حزب التجمع الوطني للأحرار، وقد نافست عبد الرحمان احجيرة رحمه الله بقوة وحصلت على الرتبة الثانية بأربعة آلاف وثلاثمائة صوت تقريبا مقابل حوالي ستة آلاف صوت رغم أنه كان مرشحا مشتركا لحزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ورغم أنه ابن المنطقة ونائبها البرلماني ورئيس مجلسها البلدي ومناضلها من أيام الاستعمار، وكنت وقتها فتى قليل التجربة عابر المرور بمدينة وجدة، ومع ذلك حققت نتيجة جد إيجابية، وتلقينا استجابة طيبة ونادرة من أهل وجدة المتدينين، وكان من بين ما حرصت على تحقيقه في هذه الانتخابات ترسيخ ما أسميته في كتابي حالة استثناء ب الخطاب الجديد ، حيث أننا مارسنا ولأول مرة على أنفسنا وتجاه المواطنين خطابا يتحدث عن التخليق والمبادئ ويلتمس الإقناع ويتجنب أساليب الضغط بثلاثي النقود والنفوذ والزرود وهو ما أحمد الله عليه لأنه بعد أسبوع حصل تحول لا بأس به في الحس التربوي والسياسي لدى المواطنين الذين صوتوا علي، وقد كتبت فقرة صغيرة في كتابي سميتها لغز الأظرفة الفارغة التي حصلت على أكثر من خمسة ألاف صوت بسبب أن الناس اقتنعوا بألا يعطوا صوتهم لغيري، وفي نفس الوقت، كانوا محتاجين للدعم المادي، وهو ما جعلهم يفضلون أن يأخذوا المال وأن يصوتوا بالأظرفة الفارغة ذكاء منهم، فهذا تحول لا بأس به لأن التربية تأخذ مسافة أجيال وقرون وليس يوما أو أسبوعا. • وكيف كانت هذه المشاركة السياسية بالنسبة إلى الحركة؟ • كانت بالنسبة إلينا بداية انغراسنا في الساحة وتواصلنا مع الناس واحتكاكنا بهم، وبداية تشكل خطاب جديد لا زلنا إلى حد الساعة نتبناه ونسمعه للناس، ولا زلت أخوض الحملة الانتخابية بنفس المبادئ التي أعلنت عنها في مشاركتي الانتخابية في وجدة. ولم يستطع العمل السياسي رغم كل التحولات الفكرية والنفسية التي صارت عند الناس أن يأخذ منا أدنى تنازل في هذا الجانب، وهو أننا لا نستعمل الأساليب التي تغلب على الأغلبية الساحقة من المشاركين في هذا الاستحقاق الانتخابي. وبشكل عام، يمكن أن نتحدث عن أهداف حققناها من خلال هذه المشاركة: نستطيع أن نتحدث عن الانغراس في صفوف الجماهير والتواصل معهم، ونستطيع أن نتحدث عن خطاب التخليق الذي جئنا به ورسخناه حتى صار البعض يستعمله مثلنا، ونستطيع أن نتحدث أيضا عن خدمة الدعوة، ونستطيع أن نتحدث أيضا عن أثر تربوي لدى شريحة واسعة من الفئة اليائسة التي تحركت للمشاركة لما رأت بديلا يتحرك بهذا الخطاب التخليقي الجديد. وأستطيع أن أقول بكل افتخار بأن هذه المبادرة الأولى ساهمت في تحويل مدينة وجدة حتى أصبحت اليوم تعتبر معقلا لحزب العدالة والتنمية رغم الانكسار الذي وقع في محطة من المحطات، لكن اليوم تعافت الوضعية التنظيمية والسياسية والدعوية لهذه المدينة وعادت الأمور لنصابها بعد الفوز المستحق للأخ عبد العزيز أفتاتي وصارت وجدة من أشد المدن تعاطفا مع حزب العدالة والتنمية، وأذكر أني لما وقفت هذه السنة في ساحة باب الخميس وهي نفس الساحة التي خطبت فيها منذ أربعة عشر سنة في انتخابات 1994 ، دمعت عيني لما رأيت نفس الجمهور، ونفس الإقبال، ونفس الخطاب، ونفس العهد الذي كنا وما زلنا عليه، وهو أننا لا نمارس بيع الأوهام، ولا نشتري الذمم، لكننا نشارك بقدر ما نستطيع، ونصلح في حدود ما يسمح به الظرف العام للبلد وما نطيقه. • هل نستطيع أن نقول بأن انتخابات وجدة وطنجة سنة 1994 أعطت صورة واضحة للمكتب التنفيذي ليرسم خارطة الطريق لمشاركته السياسية في انتخابات 1997؟ • لا أذكر أننا قمنا بعملية تقييم، لكن بدون شك هذه التجربة شجعت الإخوة على المضي في هذا الاختيار بناء على ما رأوا من تفاعل الجماهير معنا ومع خطابنا، فالذي يقع في شهور من العمل الدعوي والتنظيمي يقع من خلال المشاركة الانتخابية في أيام قليلة، والفرصة الدعوية المتاحة في الحملة الانتخابية هي أوسع بكثير من الفرصة الدعوية العادية، رغم أن النتيجة كانت في نهاية المطاف سلبية، فالأخ بتاملالت تراجع، والأخ اشبابو زور عليه، وأنا لم أفز، ولكن مع ذلك لم ينظر الإخوة في المكتب التنفيذي إلى النتيجة لأن النتيجة لم تكن تهمهم، وإنما كان يهمهم استثمار هذه الفرصة للدعوة وتثبيت الخطاب التخليقي القائم على المبادئ. • أي دور للمقرئ أبو زيد في الوحدة؟ • لم يكن ملف الوحدة استثناء في نوع صلتي بالتنظيم والدور الذي أؤديه، فلم أكن في كل الملفات المعروضة مبادرا ، فالذين اتخذوا قرار الاتصال بالجماعات الإسلامية الأخرى هم أساسا الأساتذة الأخ عبد الإله بنكيران وعبد الله بها وسعد الدين العثماني، والذي صاغ الورقة كان هو الأستاذ الأمين بوخبزة، وأذكر أني حضرت لقاء أو لقاءين غير مهمين كثيرا مع مجموعة فاس، ثم اتخذ القرار بتقليص الوفد المفاوض من أجل الحفاظ على سرية الحوارات ومن أجل نجاحها، واستبعد الأشخاص الذين قد يسربون الأخبار، وكان أول من استبعد هو المقرئ أبو زيد لأني أحتك بالجماهير، وأتحدث بصوت مرتفع، فتوقع الإخوة أن يكون احتكاكي بالجماهير سببا في تسريب أخبار عن هذه الحوارات، فاستبعدت من هذه الحوارات لئلا يجد المتحفظون على علنية هذه الحوارات أي مبرر لإغلاق هذا الملف، فلم يكن لي أي دور إلا دور المباركة بالدعاء، ودور التصويت الإيجابي عندما عرض هذا الأمر على هيئة القرار (مجلس الشورى) داخل حركة الإصلاح والتجديد، وكنت أتمنى أن تمتد الوحدة لتشمل أطرافا أخرى كما كنت أسأل دائما عن رد جماعة العدل والإحسان على الرسالة التي وجهت إليهم.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.