ظهر هشام العلوي في صورة جديدة الى جانب الضابط السابق مصطفى أديب المطرود من صفوف القوات المسلحة، والذي فر الى فرنسا، واستقر بها طيلة السنوات الماضية، بتكفل من الأجهزة الفرنسية -كما اعترف بعظمة لسانه-. لكن أديب انقلب على فرنسا وأجهزتها، واتهمهما باستغلال مواقفه من المغرب ومن تم التملص منه، أي اكلوه لحما ورموه عظما. وبعد أن فر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وجه مصطفى أديب اتهامات خطيرة للمخابرات الفرنسية، كاشفا ماسماه تآمرها على مصالح دول أخرى. وغدا حين يفر الى دول امريكا اللاتينية او غيرها ربما سيقول الكثير عن الاجهزة الأمريكية. فالشخص غير مؤتمن، وسيظل على هذا الحال إلى أن يلقى ربه. وهاهي الأيام تفعل فعلتها في الأمير هشام العلوي، فانقلب عليه الجميع، وهجره الخلان والاقربون، وتنكر له الداعمون والموسوسون، فأصبح شخصا غير مرغوب فيه في الدول العربية التي كان ينافقها و”يتبحلس” إليها، خاصة بعد أن تحكم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد في مقاليد الحكم في السعودية والإمارات. ومن لكمات الزمن العنيفة أن الأقدار ساقت هشام العلوي ليصبح كالنعجة الجرباء، يتخوف منه الجميع، ولا يرافقه سوى بعض التائهين الجدد في شوارع الولاياتالمتحدة، و المصابين بامراض نفسية كما هو حال مصطفى أديب. وجدير بالتذكير بأن مصطفى أديب الذي يقول إنه التقى هشام العلوي في ندوة بواشنطن، كان قاب قوسين أو أدنى من متابعة هذا الأخير حول دين سابق لم يف به، خاصة أنه هو نفسه من قال يوما إن مولاي هشام وعده بمبلغ هام مقابل مواقفه المعادية للمغرب، وسلمه الدفعة الأولى ثم تنكر لوعده وأغلق هاتفه. حقيقة أن هشام العلوي كلما حفر حفرة إلا وسقط فيها. فقد سبق له أن عاشر المعارضين وأشباه المعارضين، واحتك بالمنافقين والوصوليين، وعاشر المتلهفين على المال وبائعي الأقلام والألسنة، فتنكر لهم وتنكروا له، وانقلب عليهم وانقلبوا عليه. ومنهم من سارع إلى إصدار كتاب يمسخ فيه صديق الأمس، ويعري فيه عن حقائق مخجلة، ومنهم من نشر مقالات يكشف فيها مؤامرات وخدع ومناورات قادها هذا الرجل، باحثا عن رائحة الكمون، فإذا به يغرق في عطس الإبزار والبهارات الفاسدة. إن هشام العلوي الذي كان يجالس الملوك والأمراء، وكبار الديبلوماسيين في العالم، بفضل حمله لصفة أمير، وما خولته له من مكانة راقية، وما بسطته له من زرابي ليسير عليها مختالا، وما وفرته له من فرص وإمكانيات، أصبح اليوم لا يبحث سوى عن الشهرة وعن “البوز” الإلكتروني، وعن الظهور في بعض المواقع والجرائد من الدرجة الثالثة، أو تلك التي يغريها لسان أمير يشتم الوطن ويتنكر لأصوله. ولم يبق بجانبه سوى كمشة ممن يعيشون على فضلاته ويطبلون له مقابل بعض الفتات. ومن غرائب هذا الرجل أنه أصبح يلعن المخزن، علما أنه مخزني حتى النخاع، وأنه باحث عن السلطة والتسلط، والعالم كله يعرف انه عاش في بحبوحة عز القصور، وأن افراد أسرته لم يتنكروا لصفاتهم كأمراء، ولو كان هشام يتحلى بالشجاعة لتقدم بطلب إعفائه من صفة أمير، شريطة أن يتنازل عن الأموال التي جناها بفضل موقعه وصفته. نعم، نقولها بكل موضوعية، ويجب أن يتقبلها ويتحلى بالشجاعة، ويقبل بالخضوع للمحاسبة. وما دام يطالب بمحاسبة الآخرين، فليبدأ بنفسه، وليعد إلى الوطن كل الاموال التي نقلها الى الخارج، أو التي بددها على العاقين وأشباه المعارضين، ليتآمروا ضد الوطن. إن زمن ارتداء ألف قناع لم يعد يسمح لمولاي هشام أن يستمر في السير على هواه، مرتديا أقنعة الزور وتزييف الحقائق، التي يمثل بها مسرحيات تافهة ويظهر فيها بشخصيات مختلفة، فتارة يظهر بقناع المدافع عن الديمقراطية وحرية الشعوب، وتارة بوجه الباحث عن الثورات والانقلابات، وثارة بقناع الأستاذ والمثقف. بينما الحقيقة هي أنه ليس سوى متسلطا خارج مسار الديمقراطية، وهاضما لحقوق الفقراء العاملين بضيعاته بعيدا عن العدالة والإنصاف، وساعيا الى السلطة بدون استحقاق، وإلى المكاسب والمنافع المالية بأسهل الطرق، وضاربا عرض الحائط بالأصول والقيم. ولو كان هشام العلوي يخجل ويستحيي، فعليه ان يجل ويحترم مهنة الاستاذ، خاصة ان حواراته التي أدلى بها لبعض القنوات، فضحته وأظهرت أنه بعيد كل البعد عن التحكم في اللغتين الفرنسية والعربية، حيث بدا كالمبتدئ في تعلم قواعد اللغة، بل إنه أشبع اللغة العربية لطما، وانهال على الفرنسبة بالركل واللكمات، وأغرقهما في كثير من الركاكة والأخطاء، ولولا استنجاده بالدارجة المغربية، لما استطاع استكمال الحوار. إن التاريخ الحديث للمغرب لم يعرف شخصية مليئة بالتناقضات كما هو هشام العلوي، ففي محاولته التنكر لصفته الأميرية ألف تناقض، وفي تلهفه على السلطة والمال ألف تناقض، وفي تدمره من الواقع العربي تناقضات لا تعد ولا تحصى. فهو الباحث عن العز، واللاعن للمخزن، والمتلهف على السلطة، والمتسلط على الأعمال والصفقات، والساخر من رفاقه، والمنقلب على أصدقائه، والعاشق للاضطرابات والفتن. ومنذ أزيد من عشرين عاما، ظل يتكلم ويتقلب، دون ان يفهمه أحد وكأنه يستورد تنظيراته من المريخ، ومنذ أزيد من عشرين سنة وهو يجول العالم بالأموال التي كسبها في وطنه، وورثها عن أسرته، فلم يرتح له بال، ولا هدأ له خاطر، ولا صحا له ضمير، كي يعود عن غيه، ويساهم في تنمية بلاده، بما يفيدها، ويديم استقرارها. رحم الله المايسترو موحا اولحسين الذي كان يتحكم في الإيقاع الموسيقي ببراعة يديه واصابعه، فكان يخلق انسجاما رائعا مع الفرقة التي كانت ترقص خلفه. أما هشام العلوي الذي يحلم بأن يصبح مايسترو، فكل الذين كانوا يرقصون وراءه اكتشفوا ضعف ايقاعاته، وهشاشة حجته، فاختفوا من وراءه بسرعة البرق، ولم يبق خلفه إلا أربعة أو خمسة راقصين، همهم الوحيد هو “الركيز والشطيح على القعدة” مقابل ما يجود به المايسترو.