تفاصيل قرعة كأس العرب بقطر    إجهاض محاولة تهريب أزيد من 3700 قرص مخدر بمعبر باب سبتة بحوزة قاصر    تتويج الفائزين بجائزة المغرب للشباب 2025    مهرجان ماطا الدولي للفروسية يحتفي بربع قرن من العهد الزاهر للملك محمد السادس    12 جريحا في هجوم بسكين داخل محطة قطارات بهامبورغ.. والشرطة تعتقل امرأة مشتبه بها    "جائزة المغرب للشباب" تحتفي بأفكار ومشاريع شبابية إبداعية فريدة    غوتيريش يندد ب"الفترة الأكثر وحشية" في حرب غزة    تحالف مغربي-إماراتي يطلق مشروعا عملاقا في طنجة لتعزيز الأمن الطاقي بالمملكة    منتدى برلماني بمراكش يدعو إلى وقف الحرب في قطاع غزة المحاصر    طفرة جديدة في المداخيل الضريبية لتتجاوز 122 مليار درهم خلال 4 أشهر فقط    إضرام النار يوقف قاصرين بابن جرير    مرصد يطالب بفتح تحقيق في وفاة سجين من الحسيمة بسجن وجدة    نهضة بركان يشكو سيمبا ل"الكاف"    آلاف المغاربة يحتجون نصرة لغزة    رسمياً.. توجيهات بمنع بيع الأضاحي بإقليمي الناظور والدريوش خلال عيد الأضحى    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    "الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة" تدخل على خط ملف "بيع الشهادات الجامعية" والدولة المغربية تنتصب كطرف مدني    ملتمس الرقابة بين عبث العدالة والتنمية ورصانة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية    الأزمي «البليكيه»    الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود يوم الثلاثاء استعدادا لتونس والبنين    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    بسبب تسجيل مكالمة تتضمن ألفاظ "نابية".. المحكمة للناصيري: "الله لا يحب الفاحشة والتفحش في الكلام"    مبابي يُتوج بجائزة أفضل لاعب في ريال مدريد لموسم 2024-2025    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    جبور: الهزة الأرضية متوسطة القوة .. ومحطات الرصد المغربية أكثرُ دقة    بلقصيري تحتضن مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الثانية    تعيين عزيز الذنيبي مدربا جديدا للنادي الرياضي المكناسي لكرة القدم    نائب رئيس مجلس النواب من مراكش: التجارة الدولية تواجه الأنانيات القطرية وشعوب الجنوب تدفع ثمن التلوث    الباروك يلاقي الأندلسي والتصوف الإفريقي في فاس.. إيطاليا تُبدع كضيفة شرف لمهرجان الموسيقى العريقة    حسن الادريسي منصوري نجم مغربي واعد في سماء الكرة الطائرة العالمية    حفل كبير يُتوِّج تظاهرة الأيام المفتوحة للأمن الوطني    الشروع في إحداث موقف بجوار ملعب طنجة الكبير بطاقة تستوعب آلاف السيارات    "هنا".. عندما تتحول خشبة المسرح إلى مرآة لحياة أبناء "ليزاداك"    مهدي مزين وحمود الخضر يطلقان فيديو كليب "هنا"    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بارتفاع    مقتل 4 أشخاص وفقدان 17 آخرين في انهيارات أرضية بالصين    رونالدو يشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعد شائعة ارتباطه بالوداد    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    سلوفاكيا تساهم في الزخم المتزايد لفائدة مغربية الصحراء    انتشار الأفران العشوائية يزعج الفدرالية المغربية للمخابز    بريطانيا تدرس استخدام الإخصاء الكيميائي الإلزامي لمعاقبة بعض المعتدين جنسيا    حديقة الحيوانات بالرباط تعلن ولادة أزيد من 80 حيوانا من الأنواع النادرة    بكين.. الصين وهولندا تعززان شراكتهما الاستراتيجية    المغرب يعزز قدراته العسكرية بوحدات خاصة لمواجهة تهديدات الأنفاق باستخدام تقنيات متقدمة    انطلاق أيام التراث بمراكش احتفاء بالماء والحدائق    النيجر تعيد رسم خريطة التحالفات في الساحل: تكريم صدام حفتر صفعة جديدة للنظام الجزائري    الأزمي: تضارب المصالح ينخر عمل الحكومة وملتمس الرقابة كان ضرورة سياسية ودستورية    بطاريات المستقبل تصنع بالقنيطرة .. المغرب يدخل سباق السيارات النظيفة    الحكومة تُطلق دعما مباشرا لحماية القطيع الوطني وبرنامجا لتحسين السلالات    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    في مجاز الغيم: رحلة عبر مسجد طارق بن زياد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمي أحمد الزفزافي
نشر في شمال بوست يوم 12 - 04 - 2018

تنطلق هذا الأسبوع جلسات استنطاق ناصر الزفزافي أمام القضاء الجالس بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، محاكمة من المرتقب أن تشد انتباه المتتبعين منتظرين سردية ناصر، في هذه الأجواء أعرف جيدا أني سأنزوي كثيرا رفقة عمي / عيزي أحمد الزفزافي “لنقترف” ما يسميه ببلاغته الساخرة “النميمة الخلاقة” ، هذا الرجل الاستثنائي الذي يتعالى على الجرح واللحظة الخانقة بشموخ الكبار، يقترب من صورة البطل الإشكالي كما صوره جورج لوكاتش، لينفلت منها، فتحسبه معادلا موضوعيا للبطل المأساوي في نسخته النيتشوية المتعالي على أخلاقوية الكاتارسيس، فلا خوف ولا سعي لشفقة ممنوحة، مدركا أن كل ممنوح خادع أو ملغوم من الدستور حتى المشاعر، وهو الذي يقول “إن الحياة مسلسل لا نهائي من الفخاخ، لا تتخلص من أحدها، حتى ينتصب آخر، ومن الفخاخ ما هو مهيأ للقبض عليك وخنقك لكي تستسلم، لكن منها فخاخ ملغومة هدفها تدميرك”، هكذا يستضمر عمي أحمد الزفزافي العود الأبدي لنيتشه، والعارف بسيرة الأسرة الزفزافية منذ الجد اليزيد الذي كان مرافقا للخطابي وكاتب مراسلاته يعرف هذا القدر المأساوي للعائلة،، مأساوية عوليس المقاومة لا مأساوية جاك لوفاطاليست المستسلمة …
يسخر أحمد الزفزافي من متوالية “النكبات” المتلاحقة، فبعد اعتقال ناصر، سيخرج عفريت “الكوارث” من قمقمه: ناصر معتقل، وخالتي زليخة (زوجته) يحين دورها لتصاب بلعنة الريف (السرطان)، وابنه لطفي سيهاجر لأرض العدل الواسعة فيما وراء البحر، وآخر العنقود محمد (المعروف بالحكومة) سيصاب بالفشل الكلوي، يعلق عمي أحمد : ” لا شك أن المخزن لا ترد دعواته”، هكذا يقاوم تحالف “القدر” و “المخزن” عليه.. إنه التجسيد الواقعي لعبارة محمود درويش :”نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا،،”
لكن الوجه الخفي /الحقيقي الذي كان مختبئا وراء إرغامات تدبير المعيش اليومي، وجاء حراك الريف ليزيل القناع عنه، هو وجه أحمد الزفزافي المؤرخ، لا مبالغة في الأمر، وعتابي له أنه لا يريد أن يتجاوز عتبة المؤرخ الشفهي، الذي لا يبوح بخزائن سروده ووثائقه إلا لدائرة صغيرة من محبيه في جلسات بوح نادرة، وغالبا ما أمازحه ملمحا لضرورة قيامه بواجب الوفاء للذاكرة : “يوما ما سأخرج شريطا عنوانه: ليلة القبض على عمي أحمد.. ”
في جلسة حول كتابي “مذكرات المقاوم الهاشمي الطود” و”الهيئة الريفية”، ينبهنا الأستاذ الزفزافي بلمحة ذكية أن كتاب “الهيئة الريفية” ما هو سوى تجميع لوثائق سلمها بونعيلات لبنسعيد قبل وفاته، وهي تتضمن تصريحات مجموعة من المقاومين الذين كانوا مقربين من حزب “الشورى والاستقلال” ظاهريا، ولكن فعليا كانوا محسوبين على خط الخطابي، تصريحاتهم خلال جلسات الاستنطاق بعد إيداعهم الدائرة الأمنية “الساتيام” التي كان يشرف عليها في بدايات “الاحتقلال” حزب الاستقلال، مضمون هذه التصريحات أنه ثمة تنظيم سري “الهيئة الريفية” داخل حزب “الشورى والاستقلال” هدفه اغتيال محمد الخامس، يعقب عمي أحمد بعد هذا التوصيف : “لقد ضاعت الحقيقة التاريخية في أقبية الكوميساريات، كيف تتحول تصريحات انتزعت تحت التعذيب لوثائق تاريخية؟ فلربما تصبح محاضر الضابطة القضائية في ملف الحراك بدورها وثائق في المستقبل تساهم في تزوير التاريخ،،؟”
يستأنف الزفزافي الأب حكيه بنوستالجيا أنيقة ” أتدري أن من بين من خضعوا للتعذيب في تلك الكوميسارية المقاوم حدو أقشيش الذي كان أول من أطلق رصاصة في جبال الأوراس كإعلان لانطلاق حرب التحرير الجزائرية، ولك أن تربط تشريف قادة المقاومة الجزائرية له بإعطاء انطلاق كفاحهم المسلح بمشروع مولاي موحند لكي تفهم كيف كانت البدايات وكيف هي النهايات،،” وحين أشاكسه بأن المخزن وجزء من الحركة الوطنية لم يحتكرا الرواية التاريخية إلا لأنهما احتكرا “الوثيقة” ، فضاعت السردية المضادة : سردية حرب التحرير وسردية المقاومة المسلحة في الجبال، وسردية الملتفين حول الخطابي تجربة وتنظيما ومشروعا.. يجيبني وخلافا لعادته في السخرية “الخلاقة” بدورها، ودمعة يحاول منعها من أن تنفلت : ” أتدري أن أخي الشهيد محمد الزفزافي حين كان مقيما بالقاهرة، كان كاتبا لمراسلات الأمير الخطابي وبمثابة مدير مكتبه، كما كان أبي هو الكاتب الشخصي للأمير إبان حرب الريف التحريرية، ولما عاد للمغرب تم اغتياله في طريقه للقصر الكبير، وبعد هذه الجريمة تم إحراق ثلاثين صندوقا من الوثائق والمراسلات كان قد أحضرها معه بعد عودته من المنفى من طرف باشا القصر الكبير بتعليمات من المركز، فكانت الخسارة مضاعفة: فقدان الأخ وضياع جزء مهم من الذاكرة، ذاكرة شعب،”،، الغريب أنهم بعد جريمة الاغتيال أضافوا اسمه للائحة المبحوث عنهم بعد أحداث مولاي بوعزة 1973
في مسامراتي مع الرجل يطرح أسئلة دقيقة للتاريخ تحتاج لعقل نقدي يفككها، من قبيل ” هل تتطابق الهوية الطبقية والثقافية لقادة الحركة الوطنية ولجزء من قادة جيش التحريرمع مثيلاتها عند القواعد التي كانت حطب الثورة والمقاومة؟” “هل للخيانة ماهية تتحدد بها أم تتحدد بوظيفتها؟” ويعطي مثالا بالجبلي “اخريرو” الذي وشى بزعيم جبالة الشريف الريسوني وسلمه للأمير الخطابي؟” إذا كانت الأحزاب السياسية جزء من المشكل لا من الحل، حتى بالنسبة للدولة، فلماذا هدر المال والوقت والمادة الرمادية في ديموقراطية الواجهة التي تسقط مساحيق تجميلها بسرعة عند أول مشكل ولو كان بسيطا؟.
عمي أحمد الزفزافي : أعرف أنك لا تحب الأضواء، لكن ماكتبته اليوم هو جواب على صاحب الجريدة اليومية والقناة الخاصة الذي تهجم على ناصر معيرا إياه بتاريخه في زعمه، ورأيتك يومها غاضبا، وكنت أعلم أنه نكأ جرح والدك وأخيك وابنك،، فرأيت من واجبي أن أقول : ذلك العنقود من تلك الشجرة،،.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.