الملك محمد السادس يلقي خطابا غدا الجمعة أمام مجلسي البرلمان    سكت دهرا ونطق اتهاما    شباب "جيل زد" يكشفون ملفهم المطلبي قبيل الخطاب الملكي: حرية وعدالة ومحاسبة    صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء تشارك في الجلسة رفيعة المستوى للمؤتمر العالمي للطبيعة الذي ينظمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    ارتفاع حركة العبور بموانئ الناظور والحسيمة ضمن نعملية "مرحبا 2025"    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    سنة 2025 شهدت ثالث أكثر شهر شتنبر حرا على الإطلاق    بدء تنفيذ اتفاق غزة بعد إعلان ترامب "نهاية الحرب" وموافقة إسرائيل وحماس على المرحلة الأولى    هيئات مغربية تؤسس لجنة وطنية للمطالبة بالإفراج الفوري عن غالي وبنضراوي المختطفين لدى إسرائيل    مونديال الشباب… المنتخب المغربي يواجه نظيره الكوري و عينه على انتزاع بطاقة العبور نحو الربع    محمد وهبي: مستعدون لمواجهة كوريا وسنحافظ على نفس النهج الجماعي والتركيز العالي    اللجنة المنظمة تدعو الجماهير لحضور مبكر وتنظيم محكم لمباراة المغرب والبحرين    وزارة الأوقاف: 5 ملايين مواطن تخلّصوا من الأمية عبر برنامج المساجد    كيوسك الخميس | الحكومة تتجه لإصلاح هيكلي يشمل قانون المالية والمؤسسات العمومية    الكاتب المجري لازلو كراسنوهوركاي يفوز بجائزة نوبل للآداب    الدكتور جواد العمري على رأس مصلحة الاستقبال والجودة والأداء الاستشفائي بالفضاء الصحي لتطوان    قضاء طنجة الإداري يبت في أول ملف استعجالي يخص إقالة مستشار جماعي بمرتيل    أمن طنجة يوقف فرنسياً من أصول جزائرية مبحوثاً عنه دولياً بتهم خطف واحتجاز وتهديد بالقتل    احتفالات في غزة وتل أبيب بعد اتفاق وقف إطلاق النار    ترامب: العالم توحد حول "اتفاق غزة"    ناشطة سودانية تدعم سحب نوبل كرمان    إسرائيل: اتفاق غزة لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مصادقة مجلس الوزراء    عباس يرحب باتفاق وقف إطلاق النار    قراءة في مقال الدكتور جليل برادة: "ماذا ينتظر المغاربة من خطاب الملك يوم الجمعة المقبل"    سيدي بوقنادل .. تفكيك شبكة للاتجار بالطيور والثعابين والعناكب المحمية    الأميرة للا حسناء تبرز جهود حماية البيئة في مؤتمر عالمي بأبوظبي    شباب المغرب غاضب /2من5    لأول مرة في العالم .. زراعة كبد خنزير في جسم إنسان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    رابطة الدوري الإسباني تعلن إقامة مباراة برشلونة وفياريال بميامي كأول مواجهة أوروبية تقام خارج القارة    الأرجنتين وكولومبيا والنرويج وفرنسا تواصل مسيرتها في مونديال الشباب        لوروا: المغرب نموذج للكرة الإفريقية    سلاليون يحتجون على عامل مديونة    المغرب ينهي الاعداد لودية البحرين    مفكرون يراجعون أثر الترجمة في تشكيل نظرة الغربيين إلى الذات الشرقية    تطوان تحتضن ملتقى الشعر العربي    تداولات "البورصة" تنتهي بالانخفاض    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة            رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    إسبانيا توقف تصدير الأبقار الحية إلى المغرب    القطاع البنكي يقود نمو أرباح الشركات داخل البورصة خلال النصف الأول من 2025    ثلاثة باحثين بينهم الأردني، من أصل فلسطيني، عمر ياغي يفوزون بنوبل الكيمياء    ابتداء من يومه الخميس وإلى غاية يوم الأحد الجديدة تحتضن الدورة 14 من مهرجان «الأيام السينمائية لدكالة»    إسني ن ورغ 16 بأكادير: تاج ذهبي جديد يتوج إبداع السينما الأمازيغية والعالمية    انطلاق الدورة الخامسة للمعرض المغاربي للكتاب "آداب مغاربية"            أردني من أصل فلسطيني وياباني وبريطاني يفوزون بنوبل الكيمياء    دراسة: النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب عوامل وراثية    الياسميني يترجم للفيلسوف "براندوم"    دراسة: التدريبات الرياضية تقلل الإحساس بالجوع    عنوان وموضوع خطبة الجمعة القادمة    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السياسة في وضعها الخام..
نشر في شمالي يوم 27 - 09 - 2020

يتم قياس تقدم الدول وتحسن مستواها التنموي بمؤشرات متعددة منها تلك التي تقيس قدرتها على الانتقال من بيع موادها الأولية الخام ذات القيمة المضافة الضعيفة أو المنعدمة إلى بيع هذه المواد بعد معالجتها وتثمينها، ورأس سنام ذلك قدرتها على إدماج تلك المواد الخام في صيرورة صناعية تحقق أعلى النسب الممكنة من القيمة المضافة.
في السياسة كذلك هناك سياسة خامة، ذات قيمة مضافة ضعيفة أو منعدمة، وهناك أيضا سياسة ذات قيمة مضافة حقيقية وقد تكون مرتفعة، وهي بذلك تخضع لصيرورة واعية وفاعلة تخرجها من حالتها الخامة والبدائية إلى وضع تصير فيه سياسة مصقولة "une politique raffinée"، دون أن يعني ذلك أنها سياسة مخملية تنحصر في حدود صالونات النخب وبعيدة ومنبتة عن هموم عموم الناس، وهي بذلك تكون سياسة حقيقية وواقعية "Realpolitik".
السياسة الخامة لها مؤشرات وآيات تدل عليها، لعل من أبرزها كثرة الأسئلة البدائية التي تصف مظاهر وتفاعلات نسق سياسي معلوم ومعروف، من المفروض أن الفاعل السياسي يَخْبِرُهُ ويبني مواقفه ومبادراته وخططه الإصلاحية على مقتضياته. ومن نماذج تلك الأسئلة البدائية على سبيل المثال لا الحصر، قول بعضهم: لماذا يحاربوننا؟ لماذا يتم التضييق على منتخبي العدالة والتنمية؟ أين مصلحة الوطن في عرقلة عمل المنتخبين؟ أين مصلحة الوطن في التحالف مع معرقلي الإصلاح؟ ما جدوى المشاركة في الحكومة؟
ولأن سياسةً خامةً من هذه الشاكلة وسقفها هو طرح هذا النوع من الأسئلة، فإن منطق الأشياء يجرها إلى إنتاج أجوبة خامة وعامة قيمتها الإضافية ضعيفة وقد تكوم منعدمة، ومثالها قول بعضهم: فشل التجربة الحكومية، حكومة لا تعكس الإرادة الشعبية وتمثل إرادة التحكم والسلطوية، اتخاذ مواقف تتسم بالانبطاح والخنوع، لا تهمنا الانتخابات أمام ما يقع لوطننا وحزبنا، لا بد من المقاومة والصمود ورفض التنازلات، ينبغي استرجاع الحزب قبل أن يتيه في ظلمات التسيير والتدبير وقبل أن يغرق في بحر ظلمات السياسة، التاريخ لا يعترف بصدق النوايا بل يعترف بما أنجز وتحقق على أرض الواقع.
إن السياسة الخامة كسولة بطبعها، ولذلك فهي تفر إلى عموم القول، وهي أيضا بسيطة في منطقها وكليلة في حجتها، تتصور العمل الإصلاحي عامة والعمل السياسي خاصة عملا مثاليا يسيرا تكفى فيه المواقف العامة، وتسعه المفاضلة بين الشر والخير وبين الحسنة والسيئة، ويقوم على الولاء بين المصلحين الصالحين والبراء من المفسدين الفاسدين، وهو إجمالا عالم بالأبيض والأسود، محجته بيضاء، وليله كنهاره لا يزيغ عنه إلا هالك.
ختاما إذا كان من الطبيعي أن تكون "السياسة الخامة" من نصيب عموم المواطنين وقد تجد لها موطئ قدم عند عموم المهتمين بالشأن السياسي، فإنه من غير الطبيعي أن يكون ذلك هو حال حزب من حجم حزب العدالة والتنمية تاريخا ومنهجا وكسبا وعطاء، وبناء عليه لا يجوز في حقه ولا في حق بناته وأبنائه إنتاج السياسة في حالتها الأولية الخامة، والاكتفاء بالترافع والتدافع من موقع "السياسة في درجة الصفر" مع كامل الاعتذار لرولان بارت.
إن حزبا يتصدر المشهد السياسي و الحزبي منذ سنوات، ويترأس الحكومة لولايتين متتابعتين ويسير أغلب مدن المغرب، لا بديل له عن إنتاج سياسة مفيدة ودقيقة وعميقة تترفع عن سهولة الهروب إلى القول المرسل والموقف المطلق، سياسة تقتحم عقبات التدافع الواعي الفاعل لا المتفاعل. حينها تطرح الأسئلة الصحيحة والحقيقية، قد تكون قاسية ولا ضير وقد تكون مؤلمة ولا حرج، لكنها بكل تأكيد لن تكون بسيطة أو سطحية ولربما زائفة، وأسوء من كل ذلك أن تكون أسئلة مزيفة للوعي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.