مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية: وزراء خارجية يشيدون بريادة المغرب للتجسيد الفعلي لهذه المبادرة    بيان ختامي: الاجتماع الوزاري المقبل لمسلسل الدول الإفريقية الأطلسية سينعقد في شتنبر المقبل بنيويورك    أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدرهم اليوم الجمعة    كيم جونغ يشرف على تدريبات نووية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    السلطات المحلية بفاس: مصرع 9 أشخاص جراء انهيار بناية سكنية من عدة طوابق    الأمم المتحدة-أهداف التنمية المستدامة.. هلال يشارك بنيويورك في رئاسة منتدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار    في ظل استمرار حرب الإبادة في غزة وتصاعب المطالب بوقف التطبيع.. إسرائيل تصادق على اتفاقية النقل البحري مع المغرب    موجة فرح تعم الولايات المتحدة عقب انتخاب أول بابا من أصل أمريكي    8 قتلى و7 جرحى في حادث انهيار منزل من 4 طوابق بفاس    فاجعة..انهيار منزل بفاس من عدة طوابق يخلف ضحايا والبحث جاري عن الناجين تحت الأنقاض    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    سلطات الملحقة الإدارية الثالثة بالجديدة تواصل التضييق على مستغلي الملك العمومي بفضاء الشاطئ    ساكنة دوار المخاطر بجماعة شتوكة تستنكر إقصاءها من مشروع تعبيد الطرق وتطالب بتدخل عامل الإقليم    بالياريا تُطلق رسميًا خط طنجة – طريفة وتكشف موعد تشغيل باخرتين كهربائيتين    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    فاس.. انهيار مبنى من ستة طوابق يخلف قتلى وجرحى واستنفاراً واسعاً للسلطات    الزلزولي يهدي بيتيس أول نهائي قاري    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    أوروبا تكشف بضائع أمريكا المعاقبة    المغرب يقود إفريقيا الأطلسية نحو نيويورك    مواجهة حاسمة بين المغرب التطواني وشباب السوالم لتحديد النازل الثاني للقسم الوطني الثاني    اتحاد طنجة يضمن بقاءه في القسم الأول من البطولة الاحترافية    صدام إنجليزي في نهائي الدوري الأوروبي    فتح تحقيق في ممارسات منافية للمنافسة في سوق توريد السردين الصناعي    أسبوع القفطان بمراكش يكرم الحرفيين ويستعرض تنوع الصحراء المغربية    أكاديمية المملكة تتأمل آلة القانون بين الجذور المشرقية والامتدادات المغربية    سعر الذهب يتأثر باتفاق تجاري جديد    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الشعر الحساني النسائي حاضر في فعاليات الدورة ال18 لموسم طانطان 2025    في عيد ميلاده الثاني والعشرين: تهانينا الحارة للأمير مولاي الحسن    وزير الأوقاف المغربي يقيم مأدبة غداء تكريما لوزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالمملكة    انتخاب الكاردينال الأمريكي بريفوست بابا جديدًا للفاتيكان    المستشارون يدعون إلى تعديل خريطة الاختصاصات بين المركز والجهات    وزير التشغيل والكفاءات يكشف إجراءات تفعيل العمل عن بعد بالمغرب    مكتب السياحة يسعى للحصول على تصنيف "China Ready" لاستقطاب السياح الصينيين    كرة القدم داخل القاعة لأقل من 19 سنة.. المنتخب المغربي يتعادل مع نظيره الإسباني (6-6)    "الأحمر" ينهي تداولات بورصة البيضاء        أتاي مهاجر".. سفير الشاي المغربي يواصل تألقه في "معرض ميلانو" ويعتلي عرش الضيافة الأصيلة    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل : لماذا رشح حزب العدالة و التنمية القباج و الوزاني ؟
نشر في شورى بريس يوم 06 - 09 - 2016

مع نهاية العطلة الصيفية وبداية انخفاض درجة الحرارة، ارتفعت حرارة الانتخابات، واشتعلت “سوق الاستقطاب والتزكيات” من أجل كسب أم المعارك؛ الانتخابات التشريعية ليوم السابع من أكتوبر. هذه الانتخابات التي تُجرى لثاني مرة في ظل دستور 2011 الذي قيل أنه دستور جاء لتلبية مطالب الشارع المغربي، وتُجرى أيضا في ظل أجواء انتخابوية تحتوي على كل بهارات التشويق والانتظار، خاصة بعد التقريع المباشر الذي وجهه الملك لرئيس الحكومة وزعيم حزب العدالة والتنمية عبد الاله بنكيران في خطاب عيد العرش الاخير.
قبل خطاب عيد العرش وبعده تبين بشكل ملموس أن القصر الملكي لم يعد في حاجة الى بنكيران ولا الى حزبه، بالنسبة اليه البيجيدي استنفذ دوره وعليه أن يتنحى جانبا ليعود اصدقاء الملك ليتحكموا في كل شيء. ورغم كل الود والحب الذي يعبر عنه بنكيران وحزبه بمناسبة أو بدون مناسبة للملك، إلا أن هذا الأخير لم يعد في حاجة إليهم، بالنسبة إليه مرحلتهم المؤقتة المرتبطة بحراك 2011 قد انتهت وعليهم أن يعودوا إلى مقاعدهم الخلفية، لكن يبدو أن البيجيدي لم يستسغ هذا المصير، وقرر “التمرد” على رغبة صاحب الجلالة؛ هو لا ولن يستطيع معارضة الملك لكن يحاول أن يكيّف الامر على أنه معارضة للتحكم ورغبات التحكم، فالملك نفسه لم يخرج بشكل رسمي ليقول أن العدالة والتنمية غير صالح للمغرب، بل اختار أن يمرر ذلك من خلال قنوات اخرى، مثل الوزرات السيادية التي يتحكم فيها هو كليا كوزارة الداخلية، التي اشعلت الصراع مع حزب البيجيدي ورئيس لحكومة مؤخرا في عدد من الملفات، وصلت الى حدّ اصدار بلاغات تتحرش بالبيجيدي وبنكيران.
في ميزان توسيع الهامش الديموقراطي لا يساوي شيئا صراع البيجيدي مع اصدقاء الملك، انه صراع من داخل النسق، هو صراع يصدق عليه التوصيف السياسي لليسار الجذري، هو صراع وتصدع داخل بنية التحالف الطبقي المسيطر واداوته. اذن، سواء آلت الغلبة للبيجيدي أو لاصدقاء الملك والبام فالامر سيان، سيبقى الملك هو وحده الحَكم واليه تُرجع كل الامور، وسيبقى الفساد يعيث كما يشاء، وفي كلتا الحالتين سيعمل الحزب الفائز على خدمة مصاصي الدماء وتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي.
إذن البيجيدي هذه المرة لم يخضع لادوات الملك، وقرر التمرد والمواجهة مع اصدقاء الملك لكي يبين لهذا الاخير أنه جدير بأن يثق به، وجدير به أن يتخلى عن اصدقائه ويعوضهم باخوان بنكيران، ولذلك تعامل مع الضربات الاخير التي حاول الملك توجيهها للحزب من أجل شلّ قدراته على الحشد للفوز بانتخابات السابع من أكتوبر بنوع من الذكاء والبراغماتية.
ترشيح القباج، ضربة استباقية ضذ تحالف السلفيين مع أصدقاء الملك
قِيل وكُتِب الكثير حول تزكية البيجيدي لاحد زعامات التيار السلفي حمد القباج للترشح باسم العدالة والتنمية في مقاطعة “كيليز” بمراكش، لكن رغم كل ما قيل فهذا القرار الذي أقدم عليه البيجيدي هو قرار ذكي، ويبين أن حزب العدالة والتنمية فهم جيدا سياسة المخزن وصار جزء لا يتجزأ منها.
إن اقدام البيجيدي على ترشيح أحد رموز السلفية ليست الغاية الوحيدة من وراء ذلك هو كسب المقاعد البرلمانية، بل إن ترشيح القباج هو ترشيح سياسي ليس المستهدف منه مقاطعة “كيليز” فقط، بل مستهدف منه اتباع السلفين في المغرب كله، وهو ايضا قرار سياسي استباقي ومن أجل قطع الطريق على الهمة واصدقائه في حزب البام من توظيف السلفيين ضد حكومة البيجيدي، كما حدث في مصر حين دعم السلفيون السيسي والعسكر ضد الاخوان، اذن لقطع الطريق على هذا السيناريو اختار البيجيدي تقديم احد رموز السلفية للانتخابات درءا لاي حشد محتمل من طرف البام للسلفين ضد البيجيدي خاصة في ظل التقارب الذي بات واضحا بين بعض رموز السلفيين والبام مؤخرا،(انضمام ابو حفص للكتابة في جريدة “اخر ساعة” المحسوبة على البام، وحرص الفيزازي على حضور أغلب انشطة حزب البام واداواته؛ نموذج حفل افتتاح مهرجان تويزا حيث جلس الفيزازي في المقاعد الامامية الى جانب مرشح البام بطنجة “فؤاد العماري”).
لهذا كله خمّن البيجيدي أن معسكر فؤاد عالي الهمة قد يلجأ في أي لحظة إلى حشد السلفين ضد العدالة والتنمية، وحتى يتقي هذا الاخير “شر” هذه الخطة، استبق الامور وقرر تزكية القباج بمراكش من أجل قطع الطريق على توظيف السلفيين ضده، ولضمان اصوات ولو جزء منهم، وهو يعرف جيدا قدرتهم على التعبئة والحشد لهذا المرشح أو ذاك. لذلك فالغاية وراء ترشيح القباج ليست هي الحصول على مقاعد اضافية بل هي الرغبة في استمالة اصوات السلفيين في المغرب كله وضربة استباقية لكل محاولة ترشيح البام او الاحزاب المقربة منه لاحد السلفيين.
ترشيح الوزاني بالحسيمة مناورة سياسية
من بين الموضوعات التي اثارت الكثير من النقاش والتفاعل أيضاً، موضوع ترشيح البيجيدي لنجيب الوزاني امين عام حزب العهد بدائرة الحسيمة، التي تعتبر دائرة محفّظة باسم البام، خاصة أن الانتخابات الجماعية والجهوية الاخيرة، بينت أن البام اضحى قوة انتخابية دون منازع في الحسيمة، اذ هي المدينة الوحيدة في المغرب الذي انتزع البام مجال تسيرها الجماعي في الوقت الذي آلت فيه جل المدن المغربية الاخرى لحزب العدالة والتنمية
إن ترشيح الوزاني في الحسيمة هي رغبة جامحة من البيجيدي لمزاحمة البام في معقله، فبالنظر الى نتائج الانتخابات الجماعية الاخيرة والانتخابات التشريعية لنونبر 2011، فإن الحالة الوحيدة الممكنة للبيجيدي ليزاحم البام في الحسيمة هي أن يستقطب الكتلة الناخبة للوزاني الى صفه، بغير هذا يصعب جدا على البيجيدي أن بظفر بمقعد برلماني عن مدينة الحسيمة، أما الان فقد صار من شبه المؤكد أن ينال البيجيدي مقعدا اضافيا من الحسيمة عبر مرشحه الجديد نجيب الوزاني، كما بات من شبه المؤكد عدم فوز البام بمقعدين عن المدينة، وكما أن حليفه الانتخابي حزب الاتحاد الاشتراكي الذي يقود لائحته عبد الحق أمغار بات مهددا بفقدان مقعده البرلماني، في المقابل صارت للوزاني فرصة ذهبية للانتقام من البام والانتقام لدينامو الحزب ومموله الرئيس سعيد شعو. هكذا تلاقت ارادة البيجيدي مع ارادة الوزاني الذي يسعى إلى أن يبين لأصحاب “الحل والعقد” أن الياس العماري ليس وحده زعيم منطقة الريف.
البيجيدي والبرغماتية السياسية
من خلال تحركات البيجيدي مؤخرا، ومحاولة استمالة اصوات بعيدة عنه ايديولوجيا لترشيحها ضمن قوائمه، يظهر أن الحزب يراهن بقوة على العودة إلى تسير الشأن السياسي ورئاسة الحكومة، كما يتبين أن البيجيدي اختار المواجهة بخصوص تحقيق حلمه ورهانه السياسي الكبير، المتمثل في ابعاد شلة اصدقاء الملك، والادعاء انهم هم اصل الداء، من أجل طردهم وتعويضهم ب “إخوان بتكيران”. كما يتبين من جهة أخرى رغبة الحزب في دفع تهمة كونه جزبا يعبر عن مصالح جماعة ولا يعبر عن مصالح أمة، وهي التهمة التي طالما ردّدها الياس العماري في حواراته الصحافية، ومن أجل دحض هذه التهمة، قرّر الحزب ترشيح فعاليات سياسية وشبابية بعيدة ايديولوجيا عن ايديولوجية الحزب لكنهم متفقون معه في مواجهة التحكم، اذن الرد على تهم الياس العماري هو اظهار ان العديد من الفعاليات السياسية المختلفة تسعى إلى مواجهة التحكم وأن حزب العدالة والتنمية ليس حزب جماعة بل هو هو جزب كل من يقف في وجه التحكم.
خلاصة:
إن حزب العدالة والتنمية مصرّ كل الاصرار على كسب الانتخابات التشريعية المقبلة، لغرض اساس وجوهري بالنسبة إليه، وهو أن يُفحم الملك ويُقنعه بأن البيجيدي هو الاصلح له من أجل استمرار الملكية التنفيذية وتمددها، ولكي يبين أن رهان الملك على الهمة وحزب البام هو رهان فاشل وغير مجدٍ. إنها في اخر المطاف رغبة في وضع الملك أمام امر الواقع من أجل قبوله باخوان بنكيران.
هذا الوضع، وهذا الصراع المأسور داخل دائرة الصراع الثنائي بين البام والبيجيدي، لن يُفيد في شيء ولن يعمل قيد أنملة على المضي في طريق تكريس الديموقراطية، انه صراع من أجل تغيير الكراسي ليس إلاّ، لو كان للبيجيدي ذرة رغبة في التغيير لاستغل أبسط الامكانات المتاحة، لكنه فضّل أن يعمل على ارضاء الملك قبل أن يفكر في تطبيق القانون ولا تنزيل الدستور.
إن الرهان على حزب العدالة والتنمية لتوسيع الهامش الديموقراطي هو رهان على الريح، البيجيدي كان واضحا منذ الحراك، رفض منطق الصراع مع الملك واختار منطق التسول والتذلل له لعل وعسى، وحتى عندما تلقى صفعات متوالية من طرف الملك اختار أن يحني رأسه ويشحذ مخالبه لمواجهة اصدقاء الملك وليس الوقوف في وجه الملك نفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.