كشفت صحيفة "الباييس" الإسبانية تفاصيل مثيرة عن قضية الشاب المغربي "عبد الرفيع ه" (20 سنة)، الذي وُصف بداية ب"الوحش" بعد اتهامه بحرق قاصر إسبانية حية، قبل أن يتحول إلى "منقذ" إثر تبرئته من التهمة بعد قضائه شهرين في السجن ظلما. الحادثة وقعت فجر 16 يوليوز الماضي في حي لا إيسليتا بمدينة لاس بالماس بجزر الكناري، حيث اندلع حريق داخل منزل عشوائي كانت تقيم فيه فتاة قاصر تبلغ من العمر 17 سنة، كانت قد فرت من مركز للإيواء، رفقة عبد الرفيع الذي وصل إلى إسبانيا قبل أسابيع فقط عبر قارب للهجرة غير النظامية. النيران حاصرت الفتاة وكادت تودي بحياتها بعدما التهمت نصف جسدها، قبل أن يتمكن الشاب المغربي من مساعدتها على الخروج من النافذة، ليلتقيها بعدها في الشارع وهما يعانقان بعضهما. رغم هذا المشهد، قرر قاضي التحقيق إيداع عبد الرفيع السجن الاحتياطي، مستندا إلى معطيات أولية غامضة، منها تقرير طبي أولي أشار إلى احتمال استعمال مادة قابلة للاشتعال. الإعلام اليميني المتطرف استغل الحادثة، وشن حملة شرسة ضد المهاجر المغربي، واصفا إياه ب"المجرم" و"الإرهابي"، ومروجا لفرضية أنه حاول حرق الفتاة عمدا، وهو ما غذّى موجة كراهية وعنصرية في الشارع الإسباني، خاصة بعد أحداث العنف ضد مغاربة في مدينة توري باتشيكو بمورسيا. لكن مسار القضية انقلب حين أدلت الضحية بشهادتها يوم30 يوليوز من داخل مستشفى في إشبيلية، مؤكدة أن الشاب المغربي لم يحاول إيذاءها بل ساعدها في النجاة. وأكدت أنها علقت في النافذة أثناء محاولتها الفرار وأن هادر كان يسحبها لإنقاذها، قبل أن تتمكن من الإفلات عبر مخرج آخر. تقارير لاحقة للشرطة العلمية والإطفاء دعمت فرضية أن الحريق كان عرضيا، ربما بسبب عقب سيجارة وسط نفايات قابلة للاشتعال. بعد مرور 57 يوما على اعتقاله، قرر القاضي توماس مارتين إطلاق سراح عبد الرفيع، معتبرا أن الحريق كان "حادثا عرضيا" وأن المعطيات الجديدة تثبت محاولته إنقاذ الضحية. ورغم ذلك، لا يزال الشاب المغربي يعيش وضعا صعبا، حيث فقد هاتفه في الحريق، ولا يتوفر على عنوان قار، فيما يُفرض عليه الحضور أسبوعيا لدى السلطات القضائية ومنعه من مغادرة الجزيرة. القضية أثارت جدلا واسعا في إسبانيا حول تأثير الحملات الإعلامية المضللة والضغط السياسي من اليمين المتطرف على قرارات العدالة، بعدما تم الزج بمهاجر شاب في السجن ظلما وتحويله إلى كبش فداء، قبل أن تكشف التحقيقات أنه لم يكن سوى ضحية أخرى، مثل القاصر التي أنقذ حياتها.