لا نأمة. لا كلمة. من الحكومة. حول المغاربة المحتجزين في ليبيا. العالم كله يتحدث عن الموضوع. والأمم المتحدة. والاتحاد الأوربي. والصحافة الدولية. والمنظمات الحقوقية. والفيديوهات التي تصل من هناك تكشف حجم معاناتهم. وبعضهم قد يباع في سوق النخاسة الليبي. يباع كما يباع العبيد. مع المهاجرين القادمين من دول إفريقية أخرى. بينما هنا صمت رهيب. والحكومة متكتمة. وترفض أن تتواصل. وبنعتيق يقول إنهم يتابعون الوضع عن كثب. منذ مدة وهم يتابعونه عن كثب. والأيام تمر. والمعاناة مستمرة. بينما الحكومة لا يهمها أن تطمئن المغاربة المحتجزين في ليبيا. ولا أن تطمئننا نحن هنا. ولا يعنيها أن تخبرنا بما تنوي القيام به. كأن هذه القضية سر من أسرار الدولة. كأن سلاحا نوويا بحوزتهم. كأن الحكومة المغربية لا ترغب في إنقاذ مواطنين مغاربة. وصلتنا أصواتهم. وهم يطلبون النجدة. وهم ينادوننا: نحن هنا. نحن معتقلون في ليبيا. وقد يبيعوننا. ومافيات الهجرة تتاجر فينا. وتطلب أموالا من أهلنا. وليس مواطنا مغربيا واحدا. ولا عشرة. بل تقول الأرقام إنهم مائتان وستون مغربيا. وقد يكون العدد أكبر. وغريب أن لا تنال هذه المأساة اهتمام الحكومة. وغريب أن لا تتواصل مع الرأي العام بشأنها. وأن لا تحتل صدارة الأخبار في الإعلام. وغريب كل هذا التحفظ. وكل هذا التكتم. ونحاول أن نفهم أنه قد يكون بينهم إرهابيون. وأن الوضع معقد في ليبيا. ولا توجد سفارة. ولا توجد طائرات مغربية. لكن صمت الحكومة المطبق غير مفهوم بالمرة. ولا شيء يبرره. وتبحث له عبثا عن مبرر. ولا تجده. وتتمنى أن يكون هناك مانع. يحول دون تدخل الحكومة. ويحول دون تواصلها. ويحول دون إطلاعنا على ما تنوي القيام به. كي لا يقول أحد إنها غير مبالية. وأنها غير مهتمة بمصير مواطنين مغاربة. وأنها مستقيلة. وغائبة. ولا دور لها. وأثناء البحث عن تصريح حكومي. عن كلمة لرئيس الحكومة. عن اهتمام بهؤلاء المواطنين. أصادف في طريقي أخبارا عن الروهينغا. وعن كل المآسي البعيدة. بينما لا شيء عن مأساة المغربي. لا شيء عن مغاربة حياتهم مهددة. لا شيء عن مغاربة في ليبيا تقول الأخبار الواصلة منها إن المهاجرين فيها يباعون بمائتي دولار، ويعرضون في الأسواق. كأي سلعة. ويشتريهم الليبيون. وينظمون مزادات لمن يدفع فيهم أكثر. ويعذبون. ويحشرون في السجون. وفي مراكز الاعتقال. بينما الحكومة حكيمة. ووربما تشتغل على القضية في صمت. دون جلبة. ودون ضجيج. لكن كيف يمكن لمواطن مغربي أن يشعر أن دولته حريصة على سلامته. وعلى حياته. كيف للمغربي أن يشعر أنه مغربي. وأنه مواطن. وأنه منتم لشعب. وله علم. ونشيد. وأن له حكومة. بينما لا أحد يتحدث عنه. ولا أحد يرسل إليه رسالة. ولا أحد يطمئنه. ونسمع الاستغاثة بينما لا نأمة لا كلمة لا اجتماع عاجل لا بلاغ لا معارضة لا أحزاب لا شيء لا شيء ولا أعرف كيف يمكننا أن نعزز قيم المواطنة والانتماء ونحن نلجأ إلى كل هذا الصمت المريب ولا أعرف السبب الذي يجعلنا كمغاربة لا نهتم كثيرا بهذه المأساة بينما تشغل بالنا كل المآسي وأينما كانت إلا مأساتنا المغربية.