الشرع يصل إلى أمريكا في زيارة رسمية    كرة القدم: "أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي" (إنفانتينو)    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    توقيف التجمعي يوسف مراد في المطار بشبهة التهريب الدولي للمخدرات    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    مونت-لا-جولي.. مغاربة فرنسا يحتفلون في أجواء من البهجة بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    مقتل فلسطيني في قصف إسرائيلي    طقس الأحد: ضباب وسحب منخفضة بعدة مناطق بالمملكة    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    بنكيران: النظام الملكي في المغرب هو الأفضل في العالم العربي    تقرير: سباق تطوير الذكاء الاصطناعي في 2025 يصطدم بغياب "مقياس ذكاء" موثوق    بطولة ألمانيا لكرة القدم.. فريق أونيون برلين يتعادل مع بايرن ميونيخ (2-2)    لماذا تصرّ قناة الجزيرة القطرية على الإساءة إلى المغرب رغم اعتراف العالم بوحدته الترابية؟    كوريا الشمالية تتوج ب"مونديال الناشئات"    مدرب مارسيليا: أكرد قد يغيب عن "الكان"    البطولة: النادي المكناسي يرتقي إلى المركز الخامس بانتصاره على اتحاد يعقوب المنصور    نبيل باها: "قادرون على تقديم أداء أفضل من المباراتين السابقتين"    موقف حازم من برلمان باراغواي: الأمم المتحدة أنصفت المغرب ومبادرته للحكم الذاتي هي الحل الواقعي الوحيد    ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. البطلة المغربية سمية إيراوي تحرز الميدالية البرونزية في الجيدو وزن أقل من 52 كلغ    بحضور الوالي التازي والوزير زيدان.. حفل تسليم السلط بين المرزوقي والخلفاوي    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    الرباط وتل أبيب تبحثان استئناف الرحلات الجوية المباشرة بعد توقف دام عاماً    شبهة الابتزاز والرشوة توقف مفتش شرطة عن العمل بأولاد تايمة    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    قطاع غزة يستقبل جثامين فلسطينيين    تشريح أسيدون يرجح "فرضية السقوط"    دكاترة متضررون من تأخير نتائج مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي يطالبون بالإفراج عن نتائج مباراة توظيف عمرت لأربع سنوات    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    كاتبة الدولة الإسبانية المكلفة بالهجرة: المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس تشكل نموذجا للتنمية المشتركة والتضامن البين إفريقي    حمد الله يواصل برنامجا تأهيليا خاصا    العرائش.. البنية الفندقية تتعزز بإطلاق مشروع فندق فاخر "ريكسوس لكسوس" باستثمار ضخم يفوق 100 مليار سنتيم    "صوت الرمل" يكرس مغربية الصحراء ويخلد "خمسينية المسيرة الخضراء"    اتصالات المغرب تفعل شبكة الجيل الخامس.. رافعة أساسية للتحول الرقمي    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    عيد الوحدة والمسيرة الخضراء… حين نادت الصحراء فلبّينا النداء    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    أشرف حكيمي.. بين عين الحسد وضريبة النجاح    انطلاق فعاليات معرض الشارقة للكتاب    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب بعيون التقارير الدولية : قتامة الواقع وظلامية المآل
نشر في هسبريس يوم 23 - 02 - 2009

بدا المغرب في تصنيف عدد من التقارير الدولية متراجعا في الكثير من الميادين، سيما تلك المعول عليها، المرتبطة بالتنمية المستدامة.
""
كما استعدى الملك بعض وزرائه في قطاعات اقتصادية لتقدم له تقارير مفصلة حول واقع الحال للمغرب وحول الانعكاسات المرتقبة للأزمة على مجمل المجالات، وذلك بدون حضور الوزير الأول. ويبدو أن القلق الملكي بهذا الخصوص جدي رغم أن البعض لازالوا يروجون أن بلادنا ستبقى في منأى عن انعكاسات الأزمة العالمية، هذا في وقت عرف اقتصاد تراجعات بينة.
تميزت عموما التقارير الدولية الخاصة ببلادنا، برؤية سوداوية، في مختلف المجالات.
وفي هذا الصدد يرى المصطفى صوليح، أحد أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان، تعددا في التقارير الدولية من حيث المصدر، فيما تقدم بعضها الوضع بشكل مركب، يجمع بين مواطن النجاح ومواطن الفشل لتحفيز الحكومات على الاسترشاد بتنبيهات وتوصيات معينة، لبذل قصارى جهودها في سبيل إخراج الأمر من دائرة الإهمال وإعطائه الأولوية الجديرة به، لكن بعضها الآخر يتجاوز هذا الأسلوب معتمدا منهجية الترتيب والتصفيف بناء على معطيات إحصائية موضوعية ومؤشرات وسلاليم محددة، وذلك بهدف اختزال الوضع والوصف في رتبة لتيسير المقارنة بين البلدان وتتبع مدى التقدم أو التراجع الذي لحق بهذه الوضعية أو تلك من سنة إلى أخرى.
ويضيف المصطفى صوليح، منذ سنوات أضحت بلادنا تقع تحت مجهر المراقبة الخارجية المركزة، وذلك منذ تبني حكوماتنا المتعاقبة إجراءات وإملاءات إعادة الهيكلة الاقتصادية أو إعادة جدولة المديونية، خاصة منذ العقدين الأخيرين (أي منذ الثمانينات) من جهة، ومن جهة أخرى اعتبارا لتنامي حركات الاحتجاج الشعبي والسياسات الرسمية المتخذة للرد عليها، فإن صورة المغرب، قد أضحت مشمولة من قبل مختلف أنواع هذه التقارير ولم تعد مقصورة على مكاتب الدواليب الدولية المغلقة، كما كان الحال عليه قبل ثمانينات القرن الماضي، بل لقد انتشرت وشاعت.
مؤشرات التنمية البشرية في ترد مستمر
تراجعت بلادنا في ترتيب برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية، إذ هوت إلى الرتبة 126 من بين 177 دولة، حسب التقرير المذكور، والذي يعتبر المغرب ضمن مجموعة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة، لكن بمؤشرات أقل من المتوسط العالمي. في حين احتلت تونس الرتبة 91 والجزائر المركز 104 وموريتانيا الرتبة 137. وقد أكد بعض المحللين أن أزمة التعليم هي السبب الرئيسي في هذا التصنيف المتأخر.
ووفق تقرير البنك الدولي، احتل المغرب الرتبة الأخيرة بين دول المغرب العربي بخصوص التعليم، كما كشفت تقارير كندية أن أداء تلامذة المدارس الابتدائية قد تراجعت بشكل فظيع في العلوم والقراءة. ويضع، أحد هذه التقارير، التلميذ المغربي مقارنة بتلامذة الدول المجاورة في موقع "التلميذ البليد".
وفي هذا الصدد دعت منظمة اليونسكو بلادنا إلى "تغيير جذري في سياستها التعليمية لضمان التعليم للجميع مع حلول عام 2015، علما أن المغرب هو البلد الوحيد الذي لا يملك نظاما لتقييم التحصيل الدراسي، بشهادة القيمين على الأمور أنفسهم.
رغم أن بلادنا تخصص 26 بالمائة من ميزانيتها للتعليم حتى الآن، غير أنه، حسب تقرير الأمم المتحدة، الجزائر وتونس هما الدولتان الوحيدتان، في المغرب العربي، اللتان يتوقع أن تحققا أهداف الأمم المتحدة بخصوص توفير التعليم للجميع عام 2015، ومحو الأمية بمعدل النصف وضمان نوعية تعليم أفضل والمساواة بين الذكور والإناث في هذا الإطار.
أجمعت التقارير الدولية على أن النظام المدرسي والمنظومة التعليمية المغربية لا يتفقان مع متطلبات الاقتصاد الحديث. كما اعتبر أكثر من تقرير دولي أن البنى التحتية للتعليم في بلادنا تعرف استمرار التهالك والتردي، إذ أن أكثر من 9000 قسم يعتبر غير صحي، سيما في المناطق القروية، حيث لا يصل التيار الكهربائي سوى إلى 60 بالمائة من المدارس، و75 بالمائة منها تفتقر إلى مياه الشرب وأكثر من 80 بالمائة لا تتوفر على مرافق صحية تفي بضمان وظيفتها.
وفي هذا الصدد علق أحد المسؤولين قائلا :" إذا أردت أن تلمس مستوى تعليمنا عليك بمعاينة مراحيض مؤسساتنا التعليمية العمومية"!
ما زالت تكلفة التلميذ السنوي ضعيفة مقارنة بتكلفة تلميذ دول المغرب العربي الأخرى.
تكلفة التلميذ السنوية :
المغرب :525 دولار
الجزائر: 700 دولار
تونس :أكثر من 1300 دولار
كما أن الجامعات المغربية غابت في الترتيب العالمي لسنة 2008، وكذلك في التقرير الذي أعده معهد التعليم العالي بجامعة "جياو تونغ" بشنغاي بالصين. علما أن التقرير يعتمد على جودة التعليم، وعدد الأساتذة الحاصلين على جوائز عالمية مرموقة، ونتائج الأبحاث العلمية رفيعة المستوى، وحجم الجامعة من حيث التخصصات وعدد الطلاب بها.
حسب الكثير من المتتبعين للشأن التعليمي، إن بلادنا ستظل مقصية من تقارير من هذا النوع، نظرا لعدم اهتمام المغرب بالبحث العلمي، الذي يعتبره القيمون على أمورنا مكلفا ماديا، لذلك تخلوا عنه واختاروا الاكتفاء باستيراد الخبرة والدراسات من الخارج، إذ لا يخصص المغرب للبحث العلمي سوى 01 بالمائة من ناتجه الداخلي بعد أن ألزمه البنك الدولي بذلك.
يعتبر المصطفى صوليح إجمالا أن الملامح الرئيسية لهيكل "مغربنا السعيد" هي ملامح الشيخ المثقل بعوائق وصعوبات، كثير منها طوعي واختياري والقليل منها قسري. ورغم ذلك ما زالت حكومتنا مصرة على الاكتفاء بالتعبير عن عدم رضاها على محتويات وخلاصات التقارير الدولية الأخيرة وإظهارها كأنها تقارير، إما غير موضوعية أو تعتمد معايير لا تتوافق مع طبيعة الدينامية المغربية، علما أن القتامة التي تصبغ بها حالة بعض الاستحقاقات والوعود والخطط والأنشطة وتعميمها على قطاعات أخرى قد تزيد من فقدان الثقة الخارجية في مصداقية الاستراتيجيات والسياسات الحكومية الوطنية وتؤثر سلبا على ولوج أو تدفق الاستثمارات الأجنبية المترددة أصلا، إضافة إلى ما يستتبع ذلك من تعطيل للعديد من المشاريع وتعميق للفقر وللهوّة الاجتماعية وإشاعة اليأس بين المغاربة الذين تمكنوا بالكاد من استرجاع بصيص من الأمل.. ويُقرّ المصطفى صوليح بأنه رغم الإصرار والتشكيك الحكوميين، فإن التقارير الدولية الأخيرة تكاد تجمع على قتامة الصورة التي تقدم بها بلادنا ضمن مختلف الدول على الصعيد العالمي.
الفساد والرشوة على درب الاستفحال
على مستوى محاربة ظاهرة الفساد تراجعت بلادنا في الترتيب العالمي الخاص بمؤشرات الفساد لسنة 2008، حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية، لتحتل الرتبة 80 بعد أن كانت في الرتبة 72. علما أن هذا الترتيب يبدأ بالدولة الأقل فسادا إلى الأكثر إفسادا، وأن بلادنا كانت تتصدر قمة الدول العربية سنة 2000، نتيجة الإصلاحات التي أقرتها حكومة التناوب التوافقي (عبد الرحمان اليوسفي).
لقد أكد جل الخبراء على عدم حصول تطور في محاربة الرشوة وغياب انخراط صريح للتصدي للفساد بشكل عام وعدم تفعيل الإصلاحات المعلن عنها بهذا الخصوص.
لقد حصلت بلادنا على نقطة 3.5 على 10، وبالتالي ليس هناك أي مجال بالمغرب في منأى عن الرشوة. قالت "موكيت لابيل"، عضو منظمة الشفافية الدولية، إن الرشوة قضية حياة أو موت، في الكثير من الحالات، خصوصا في المستشفيات ومجال الأمن وحوادث السير.. بالمغرب". في حين ترى نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية، أن هذا الترتيب الذي حظيت به بلادنا في مجال محاربة الفساد والرشوة، لا يرتكز على تحليل موضوعي وإنما على مجرد معطيات ظاهرية، في حين أن هناك إرادة سياسية قوية للتصدي لهذه الآفة، كما برهن على ذلك تعيين الملك محمد السادس لعبد السلام بودرار على رأس هيأة أقيمت خصيصا من أجل التصدي للفساد ببلادنا.
وبخصوص رتبة المغرب بين مختلف الدول حسب التقارير الدولية الأخيرة، يرى المصطفى صوليح ان بلادنا ما تزال تحتل رتبة متأخرة، مع تقهقر سنوي نحو رتب أدنى في شتى الميادين، علاوة على تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي يضع المغرب في الرتبة 126/177، ويصنفه تقرير مناخ الأعمال في رتبة جد متأخرة بين دول شمال إفريقيا، وكذلك الأمر بخصوص التقرير المتعلق بالميزانية المفتوحة، علما أن بعض المؤسسات والمنظمات صاحبة تلك التقارير كان المغرب يسترشد بنصائحها وتوجيهاتها.
والأفدح، في عيون صوليح، ما أكده التقرير بخصوص مؤشرات الفساد والذي يقر أن بلادنا قد تراجعت ب 8 مراتب.
الاستقرار والسلم ومكافحة الإرهاب
في مجال السلم والاستقرار تراجعت بلادنا من الرتبة 48 إلى الرتبة 63 في تصنيف "المؤشر العالمي لسنة 2008"، الذي يصدره الصندوق الدولي من أجل السلام ومجلة "السياسة الخارجية".
لقد وُضع المغرب في المرتبة 63 في مجال الأمن والاستقرار ضمن 140 دولة. علما أن هذا التصنيف يعتمد على مؤشر الأمن وعدد القتلى والمسجونين لكل 100 ألف نسمة، وعدد الجرائم الخطيرة والمظاهرات العنيفة والنزاعات الداخلية والخارجية، وضحاياها ودرجة التخوف والخوف لدى المواطنين من الوضع الأمني ومدى توفر الاستقرار السياسي واحترام حقوق الإنسان والنفقات العسكرية لكل 100 ألف نسمة ونسبتها في الناتج الداخلي الخام واحتمال وقوع هجمات إرهابية.. وقد حققت بلادنا في هذا المجال نتائج تنازلية من متوسطة إلى ضعيفة، إذ سجلت تراجعا جعل المغرب يحتل مراتب متقدمة في سلم التخلف.
وقد أعلن البانتاغون الأمريكي (وزارة الدفاع) أن المغرب يوجد بين 5 دول الأكثر اقتناء للسلاح الأمريكي سنة 2008، إذ يعتبر من أكبر المشاركين في صفقات الأسلحة الأمريكية، سيما عبر شركات "لوكهيد مارتن" و"بوينغ" و"نورثروت جرمان" و"جنرال دايناميس ورايثون".
وفي هذا الصدد وافق الكونغرس الأمريكي على تسليم بلادنا 24 طائرة مقاتلة من طراز "ف 16" (من الجيل الجديد) سنة 2011.
ويذهب المصطفى صوليح إلى القول :".. بغض الطرف عن تقارير تصدر عن أقسام خاصة تابعة لوزارات خارجية بعض الدول العظمى وأخرى تصدر عن صحف أجنبية كبرى حول حالة حقوق الإنسان في دول العالم، وهي تقارير غالبا ما تسترشد باستراتيجيات سياسية وعسكرية دولية كما هو حال التقرير السنوي لخارجية الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتم الإشادة بأدوار المملكة المغربية في مكافحة الإرهاب، لكن دون أن يفوتها، مثلا تسجيل التراجع الملحوظ في مجال تكريس حرية التعبير وضمان حماية ممتهني الصحافة، وبغض النظر كذلك عن تقارير فرقاء عمل الأمم المتحدة وممثلي أمينها العام ومجلس حقوق الإنسان الأممي في شأن افتحاص الدول ومناقشة تقاريرها، إذ تتسم مسطرة إصدار التقارير ببطء السلاحف..والصورة التي تلتقطها عدسة رصد المنظمات الحقوقية غير الحكومية، الدولية والإقليمية، لحالة حقوق الإنسان والحريات هي صورة أقتم".
اهتم تقرير منظمة العفو الدولية بالأشخاص الذين ألقي عليهم القبض (أكثر من 100) والمشتبه في كونهم إسلاميين متشددين، حيث يتم تنفيذ الاعتقالات على يد المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (ديستي)، وهي الجهاز الذي ظل متهما بممارسة التعذيب والاختطاف وغيرهما من صنوف المعاملة السيئة الماسة بكرامة الإنسان.
كما أشار التقرير إلى معتقلي السلفية الجهادية المطالبين بمراجعة قضائية للأحكام المرتكزة على اعترافات انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب ولم يتم فحصها، مضيفا أنه لم يحقق أي تقدم بشأن توفير سبل فعالة لتحقيق العدالة ومساءلة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
حرية الصحافة والحريات العامة
بخصوص حرية الصحافة صنّف تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" المغرب في الرتبة 106 بعد أن كان يحتل الرتبة 89 بين 169 دولة. على المستوى العربي احتلت بلادنا الرتبة السادسة بعد كل من موريتانيا (50)، الكويت (63)، الإمارات (65)، قطر (79).
يؤكد التقرير أن الدولة فازت بكل القضايا التي رفعتها ضد الصحفيين بموجب قانون الصحافة أو القانون الجنائي، ولم يتمكن القضاء من إثبات استقلاليته. وفي هذا الصدد أشار التقرير إلى أن تطوير قانون الصحافة بالتشاور مع النقابة الوطنية للصحافة واتحاد الناشرين ظل معلقا دون أسس واضحة. عموما رسم التقرير صورة قاتمة عن وضع الإعلام ببلادنا، بخصوص المضايقات وافتعال تطبيق القوانين، رغم التطور الكبير فيما يتعلق بالتعددية وعدد المنابر المرخص لها.
أما فيما يخص الحريات العامة، فقد انتقد التقرير أوضاع حقوق الإنسان التي شهدت تراجعا ملحوظا سيما في مجال الحريات، وركز على خضوع حرية التعبير وتكوين الجمعيات في المغرب لقيود مشددة، و"فرض عقوبات على من ينتقد الحكم الملكي أو غيرها من القضايا التي تثير حساسية سياسية (تهمة المس بالمقدسات)".
انتقد تقرير منظمة العفو الدولية الاستنطاقات التي يتعرض لها "الآلاف من أعضاء جماعة العدل والإحسان [...] الذين وجهت لهم مئات التهم بخصوص مشاركتهم في اجتماعات بدون ترخيص أو الانضمام إلى جمعية غير مرخص لها".
في نظر المصطفى صوليح، من الأمثلة البارزة أن المغرب، في تقرير التصنيف العالمي لحرية الصحافة، ظل يتراجع إلى أن احتل الرتبة 122 بين 173 دولة، ومما جاء في تقرير "هيومن رايتس ووتش" أن التظاهر بالديمقراطية يقوض الحقوق، فرغم أن المغرب خطا خطوات هامة نحو معالجة انتهاكات الماضي، وهو يتيح فسحة كبيرة للمعارضة والاحتجاج العلنيين وقلل من التمييز ضد المرأة في قانون الأسرة، لكن السلطات تواصل، بمساعدة المحاكم المتعاونة معها، استخدام التشريعات القمعية لمعاقبة معارضيها المسالمين، خاصة منهم من "ينتهكون" طابو انتقاد الملك والملكية، أو من يشككون في "مغربية " الصحراء أو من "يسيئون إلى الإسلام".
ويضيف صوليح، في هذا الاتجاه وزع تقرير "أمنيستي" دواعي القلق على حالة حقوق الإنسان في المغرب إلى العديد من القضايا، أهمها :
- اعتقال 113 من نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان.
- القيود على حرية الصحافة ومتابعة الصحفيين.
- تضييق الخناق على أنشطة جمعية العدل والإحسان وأعضائها.
- إلقاء القبض على مئات الأشخاص بدعوى مكافحة الإرهاب، وعدم إيلاء الأهمية لطلبات مراجعة أحكام قضائية والكف عن سوء المعاملة في السجون.
- السجن بسبب العلاقات المثلية.
ويستشهد المصطفى صوليح في معرض حديثه بما قاله الدكتور هيثم مناع، الذي أنجز تقريرا بتكليف من اللجنة العربية لحقوق الإنسان والمعهد العربي للتنمية والمواطنة والمرصد الفرنسي لحقوق الإنسان، حول نتائج مراقبته القضائية لجلسة المحكمة الابتدائية بسلا يوم 18 أكتوبر 2008، في شأن ملف قضية بلعيرج :"يمكن القول كملاحظة سريعة، إن رئيس المحكمة قد تمتع بصدر رحب في الاستماع للمحامين ولم يقاطعهم إلا نادرا. في حين لم تكن مداخلة وكيل الحق العام في مستوى الجلسة والنقاش. لكن قرار المحكمة بعدم إطلاق السراح المؤقت لأي معتقل، يذكرنا بمثل مغربي يقول :"المحامون يقولون ما يريدون والقاضي يحكم بما طلب منه"، نتمنى أن يتم تجاوز هذه المقولة من قبل هيئة المحكمة في المرات القادمة".
حرية الاقتصاد والتنافسية
صنفت جريدة "وول ستريت جورنال" بلادنا في الرتبة 96 ضمن 161 دولة، حسب مؤشر حرية الاقتصاد، إذ رأت أن منظومتنا الاقتصادية تتمتع بحرية لا تتجاوز 57.4 بالمائة، مما يجعل اقتصادنا من الاقتصاديات غير الحرة كما يتم الترويج لذلك.
كيف برر تقرير الصحفية الأمريكية هذا التصنيف السيء للاقتصاد المغربي؟
لقد ركز بالأساس على انغلاق قطاعنا المالي والمبالغة في اللجوء لإجراءات التصفية وإعادة الهيكلة، هذا علاوة على أنواع الفساد المالي والرشوة والتملص الضريبي. علما أن مؤشر حرية الاقتصاد يعتمد على حساب قاعدة من المعطيات، مرتبطة بالمجالات الاقتصادية الرئيسية (الاستثمارات، النظام الضريبي، الشفافية في المعاملات، الرشوة..).
لقد كشف تقرير الصحفية الأمريكية عن جملة من الإشكاليات العويصة التي ما يزال اقتصادنا يتخبط فيها في ظل انتظار الإرادة السياسية الصارمة لمعالجتها، ومنها اقتصاد الريع والتملص الضريبي والصناديق السوداء والميزانيات الموازية غير الخاضعة للرقابة واحتكار المجموعات الكبرى للقطاعات الحيوية و"مخزنة" الاقتصاد وارتباط أكبر وحدات الإنتاج والتجارة والتوزيع والخدمات بالقصر..، وهذه كلها مناطق داكنة وعلامات سوداء تؤثر بقوة على سمعة المغرب في الأسواق الاقتصادية العالمية وترتبه في صفوف متدنية بين الدول، ذلك رغم أن المغرب ظل يحافظ على توازناته الماكرو اقتصادية، الشيء الذي مكنه من انتزاع اعترافات دولية من العديد من المنظمات والمؤسسات المالية الدولية التي أقرت بديناميته وحيويته، لكن كل تلك النتائج تذهب سدى، كلما تعلق الأمر بتصنيف دولي أو بمعاينة النتائج على أرض الواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.