الإكوادور تشيد بمبادرة الحكم الذاتي    السغروشني تستقبل وفدا من "CAITA"    كأس أمم إفريقيا للسيدات.. خورخي: "الرهان كبير جدا.. لكننا متحمسون لتحقيق إنجاز جيد "    الطقس يعتدل تدريجياً بالسواحل المغربية .. وتراجع حدة الحر بعدة مناطق    حمد الله يرتدي القميص رقم 10 مع الهلال    فاس.. توقيف 6 أشخاص بينهم قاصرون بعد شجار بالسلاح الأبيض وثّقه فيديو متداول        افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    تعبئة شاملة من أجل رؤية موحدة: المكتب الوطني المغربي للسياحة يعزز دينامية داخلية جديدة    اضطرابات في رحلات "لارام" من وإلى فرنسا لليوم الثاني على التوالي    الصين والاتحاد الأوروبي يعقدان الجولة الثالثة عشرة من الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى    "ماراثون 25".. مناورات جوية تكشف عودة "الرافال" إلى حسابات المغرب    محاكمة رئيس جمعية حماية المال العام تثير جدلا واسعا بمراكش    وزارة الشؤون الخارجية تعين 22 قنصلا عاما جديدا    "كان السيدات" في المغرب.. مواجهة الكبار وحلم التتويج يراود لبؤات الأطلس    احتقان متصاعد في قطاع التعليم بسبب تكوينات "مدارس الريادة"    شبهات فساد وإخلاف للوعود ومغالطات.. "البيجيدي" ينتقد اختلالات ورش الحماية الاجتماعية    الحسيمة... وفاة طفل دهسته سيارة بمدينة بني بوعياش    هذا المساء في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية :أبوالقاسم الزياني، كاتب الدولتين ومؤرخ الحضرتين.    مسرح رياض السلطان يكشف برنامجه لشهر يوليوز أمسيات فنية مفعمة بالجمال والإبداع    قائمة الفائزين في "تصور مدينتك"    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب            بعد تألقها في موازين.. المغربية فريال زياري تستعد لتصوير عمل فني جديد    إيران وإسرائيل وجهان لعملة واحدة    للمرة الثالثة.. حزب الاستقلال بالحسيمة يكتسح ويهيمن على الانتخابات الجزئية الأخيرة.    الدولار يحافظ على مكاسبه عقب إقرار قانون الإنفاق الأمريكي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من 600 مدني خلال محاولات الحصول على المساعدات الإنسانية بغزة    البحرية الملكية تشارك في تمرين عسكري لمواجهة التهديدات البحرية والهجرة غير النظامية (صور)    طوطو وصناعة المعنى على منصة موازين    الجديدة : ديوان شعري نسائي جديد "لآلئ على بريق التجلي"    حملة تحسيسية تحذر سكان سوس ماسة من السباحة في السدود    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    بنك المغرب: ارتفاع الإنتاج والمبيعات الصناعية في ماي.. وتراجع في قطاع النسيج والجلد    إحصائيات مذهلة وأداء استثنائي.. حكيمي يفرض نفسه في سباق الكرة الذهبية    المؤسسة المحمدية لمغاربة العالم تمثيلية عادلة في إنتظار التنزيل التشريعي    والد البلايلي: يوسف لم يرتكب أي جريمة وما تعرض له غير مقبول تماما    حريق المنار بالجديدة يوقظ بمطلب ثكنات إضافية للوقاية المدنية للإنقاذ العاجل    افتتاح خط جوي جديد يربط الصويرة ببرشلونة    عميد نادي الزمالك المصري "شيكابالا" يضع حدا لمسيرته في الملاعب    بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر        إسبانيول يبادر إلى "تحصين الهلالي"    تحركات احتجاجية تعلن الاستياء في أكبر مستشفيات مدينة الدار البيضاء    أمسية تحتفي بالموسيقى في البيضاء    إقليم السمارة يكرم التلاميذ المتفوقين    لقجع يؤكد طموحات الكرة المغربية    توقيف شخص متورط في تخريب ممتلكات عمومية بمنطقة اكزناية بعد نشر فيديو يوثّق الحادث    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    أخصائية عبر "رسالة 24": توصي بالتدرج والمراقبة في استهلاك فواكه الصيف    دراسة: تأثير منتجات الألبان وعدم تحمل اللاكتوز على حدوث الكوابيس    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لسان ابن كيران!
نشر في هسبريس يوم 10 - 05 - 2025

كثيرةٌ هي المناسبات التي ترتفع فيها أصواتُ الغيورين على وطنهم والمعتزين بانتمائهم للمغرب؛ يُنددون عبرها بتدني مستوى الخطاب السياسي لدى بعض الفاعلين السياسيين، وخاصة الأمناء العامين، ويطالبون بضرورة تخليق الحياة العامة والارتقاء بالممارسة السياسية التي طالما دعا إليها العاهل المغربي محمد السادس؛ لتحفيز الشباب على الانخراط في العمل السياسي، والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، وتحمل المسؤولية في تدبير الشأن العام. حيث إنه لم يعد مقبولًا الاستمرارُ في هذه الأجواء من الاحتقان وتدهور الخطاب السياسي.
فالخطاب السياسي ببلادنا بلغ خلال السنوات الأخيرة مستوىً من الرداءة والإسفاف حدًّا لا يُطاق، ولاسيما منذ أن قادت الظروف – إبان فترة ما سُمّي إعلاميًّا ب"الربيع العربي" – عبدَ الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى تولي رئاسة الحكومة إثر تصدُّر الانتخابات التشريعية المبكرة حسب الفصل 47 من الدستور. إذ منذ ذلك الوقت، وهو يكاد لا يتوقف عن استفزاز ليس فقط خصومه السياسيين، بل حتى من يختلف معه في الرأي من إعلاميين وغيرهم؛ مستعملًا في ذلك لغةً سوقيةً تَمْتَحُ من قواميس الحيوانات والرداءة الباعثة على التقزُّز والاشمئزاز...
ويكفي هنا العودةُ إلى تلك المعارك الكلامية بينه وبين أحزاب المعارضة، وخاصة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، حميد شباط، عندما كان الرجلان يتبادلان الشتائم والتنابزَ بالألقاب؛ عوض الحرص على أن يشكِّلا نموذجين للرصانة والاستقامة، ويُساهما بإيجابية في التأطير الجيد للمواطنين باعتماد الكلمة الطيبة والسلوك الحسن داخل الحزب وخارجه. أليس كلُّ أمين عام هو مشروعُ قائدٍ للحكومة عند تصدُّر حزبه نتائجَ الانتخابات – كما هو وارد في الدستور – مما يتحتم عليه الظهورُ بما يليق به من أخلاقٍ فاضلةٍ، بدل التوقيع على صورةٍ رديئةٍ عن الفاعل السياسي؟
فكيف لرئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزبٍ قاد الحكومةَ لولايتين متتاليتين، أن يسيء إلى رؤساء دول أجنبية دون أدنى تحفُّظ؟ حيث إنه – وفي كلمة أمام أعضاء اللجنة المركزية لشبيبة حزبه، وفق ما هو موثَّق في مقطع فيديو منشور على صفحته الشخصية في "الفيسبوك" – قال بخصوص خطة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الرامية إلى تهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى عدة دول أخرى: إنها "خطة تذكِّر بقانون الغاب"، واصفًا إياه ب"الرئيس المغرور وذي الأفكار الإجرامية".
كما لم يسلم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من سَلاطة لسانه خلال تجمُّع خطابي بمناسبة عيد العمال في فاتح ماي 2025؛ حيث أبى إلا أن يتهكَّم عليه ويصفه ب"المدلول" لتأخره في الاعتراف بفلسطين. في حين أن المنطق السياسي والدبلوماسي يقتضي منه استحضار المصلحة العليا للوطن؛ خاصة أن ماكرون واجه غضبَ كابرانات الجزائر، وضَحَّى بمصالح بلاده الاقتصادية حين اختار الاصطفافَ بجوار المملكة، والإعلان عن دعم باريس للمبادرة المغربية حول الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية. ألا يعلم "الزعيم" أن "المتابعة الجنائية في المغرب تكون في حق أي شخص يهين أو يمس برئيس دولة أجنبية" – كما صرَّح وزير العدل عبد اللطيف وهبي خلال رده على مداخلات أعضاء لجنة العدل والتشريع في مجلس النواب، إبان المناقشة العامة لمشروع قانون المسطرة الجنائية أواخر شهر فبراير 2025؟
وفوق هذا وذاك، لم يكتفِ ابن كيران – الذي اعتاد الهجوم ليس فقط على من يعتبرهم منافسين حقيقيين، بل حتى على من يُخالفونه الرأي في الفكر وعَديد القضايا، ومنها "القضية الفلسطينية" – دون أن يأخذ العبرة مما سبق أن أقدمتْ عليه إحدى الجرائد الإلكترونية من إجراءات قانونية؛ بسبب اتهاماته الباطلة بالارتشاء لرئيس تحريرها، ووصفه ب"المأجور" و"قليل الأدب"، عقب حوار أجراه بمدينة فاس مع رئيس المجلس الوطني لحزب "المصباح" إدريس الأزمي الإدريسي. وما خلَّف ذلك التصريحُ الأرعنُ من حملة تضامن واسعة من طرف مختلف الهيئات الصحافية الوطنية.
وإنما عاد ثانيةً منتشيًا بانتخابه أمينًا عامًّا للحزب لولاية رابعة؛ مستغلًّا احتفالات الشغيلة المغربية بالعيد الأممي للعمال (فاتح ماي 2025)، ونحن على بعد بضعة أشهر من موعد الاستحقاقات الانتخابية؛ لإفراغ غِلِّه على فئة من المغاربة، ناعتًا إياهم ب"الميكروبات" و"الحمير"، لا لشيء سوى أنهم يرفعون أحيانًا شعار "تازة قبل غزة". علما أن هذا الشعار لا يعني تخلِّيَهم عن مناصرة القضية الفلسطينية – التي ليست حكرًا على الفلسطينيين وحدهم في حماس وغيرها من الحركات، أو جهةٍ ما أو حزبٍ دون آخر – بقدر ما هي قضية كل العرب والمسلمين وجميع أحرار العالم. ناسيًا أنه بهكذا أسلوب أهوجَ يُساهم في تهييج مشاعر المواطنين وإثارة الفتنة بينهم، كما تشهد بذلك مواقع التواصل الاجتماعي حاليًّا، ونخشى أن تمتد شرارتُها إلى الفضاء العام في الشوارع وغيرها...
مرة أخرى – ولن تكون الأخيرة ما لم يُوضَع حدٌّ لِغُرور ابن كيران وكبح جماح رعونته في مخاطبة المواطنين واستفزازهم – بعدما انفضَّ من حوله بعضُ الحكماء من قياديي الحزب، ولم يبقَ له من يُسنده عدا "الذباب الإلكتروني" المستعد للقيام بأي شيء خارج القانون. لذلك ارتأى بعضُ الغيورين اللجوءَ للقضاء قصدَ إنصافهم؛ حيث تقدموا بشكاية رسمية لدى وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط حول تصريحاته التي تمس بشريحة من المواطنين. فهل يجهل رئيسُ الحكومة الأسبق أن الفصول 442/443/444 من القانون الجنائي تُجرِّم توجيه السب العلني للأشخاص والهيئات، وتشتد العقوبة إذا تم ذلك في تجمُّع عام؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.