ألعاب التضامن الإسلامي (الرياض 2025).. المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة إلى النهائي بعد تجاوز المنتخب السعودي في نصف النهاية    لقاء الجيش و"الماص" ينتهي بالبياض    تراجع عجز السيولة البنكية إلى 142,1 مليار درهم    تتويج المغربي بنعيسى اليحياوي بجائزة في زيورخ تقديرا لالتزامه بتعزيز الحوار بين الثقافات    بنكيران: "البيجيدي" هو سبب خروج احتجاجات "جيل زد" ودعم الشباب للانتخابات كمستقلين "ريع ورشوة"    الأقاليم الجنوبية، نموذج مُلهم للتنمية المستدامة في إفريقيا (محلل سياسي سنغالي)    نبيل باها: عزيمة اللاعبين كانت مفتاح الفوز الكبير أمام كاليدونيا الجديدة    مجلس الشيوخ الفرنسي يحتفل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    "أونسا" ترد على الإشاعات وتؤكد سلامة زيت الزيتون العائدة من بلجيكا    ست ورشات مسرحية تبهج عشرات التلاميذ بمدارس عمالة المضيق وتصالحهم مع أبو الفنون    الدار البيضاء تحتفي بالإبداع الرقمي الفرنسي في الدورة 31 للمهرجان الدولي لفن الفيديو    نصف نهائي العاب التضامن الإسلامي.. تشكيلة المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة أمام السعودية    المنتخب المغربي الرديف ..توجيه الدعوة ل29 لاعبا للدخول في تجمع مغلق استعدادا لنهائيات كأس العرب (قطر 2025)    كرة القدم ..المباراة الودية بين المنتخب المغربي ونظيره الموزمبيقى تجرى بشبابيك مغلقة (اللجنة المنظمة )    أسيدون يوارى الثرى بالمقبرة اليهودية.. والعلم الفلسطيني يرافقه إلى القبر    بعد فراره… مطالب حقوقية بالتحقيق مع راهب متهم بالاعتداء الجنسي على قاصرين لاجئين بالدار البيضاء    حماس تدعو الوسطاء لإيجاد حل لمقاتليها العالقين في رفح وتؤكد أنهم "لن يستسلموا لإسرائيل"    أيت بودلال يعوض أكرد في المنتخب    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بأعلام فلسطين والكوفيات.. عشرات النشطاء الحقوقيين والمناهضين للتطبيع يشيعون جنازة المناضل سيون أسيدون    حصيلة ضحايا غزة تبلغ 69176 قتيلا    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    توقيف مسؤول بمجلس جهة فاس مكناس للتحقيق في قضية الاتجار الدولي بالمخدرات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    مديرة مكتب التكوين المهني تشتكي عرقلة وزارة التشغيل لمشاريع مدن المهن والكفاءات التي أطلقها الملك محمد السادس    عمر هلال: اعتراف ترامب غيّر مسار قضية الصحراء، والمغرب يمد يده لمصالحة صادقة مع الجزائر    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الرئيس السوري أحمد الشرع يبدأ زيارة رسمية غير مسبوقة إلى الولايات المتحدة    شباب مرتيل يحتفون بالمسيرة الخضراء في نشاط وطني متميز    مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين في غارات إسرائيلية على جنوب لبنان    دراسة أمريكية: المعرفة عبر الذكاء الاصطناعي أقل عمقًا وأضعف تأثيرًا    إنفانتينو: أداء المنتخبات الوطنية المغربية هو ثمرة عمل استثنائي    "حماس" تعلن العثور على جثة غولدين    النفق البحري المغربي الإسباني.. مشروع القرن يقترب من الواقع للربط بين إفريقيا وأوروبا    درك سيدي علال التازي ينجح في حجز سيارة محملة بالمخدرات    الأمواج العاتية تودي بحياة ثلاثة أشخاص في جزيرة تينيريفي الإسبانية    فرنسا.. فتح تحقيق في تهديد إرهابي يشمل أحد المشاركين في هجمات باريس الدامية للعام 2015    لفتيت يشرف على تنصيب امحمد العطفاوي واليا لجهة الشرق    الطالبي العلمي يكشف حصيلة السنة التشريعية    ميزانية مجلس النواب لسنة 2026: كلفة النائب تتجاوز 1.59 مليون درهم سنوياً    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    إسبانيا تشارك في المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب بالدار البيضاء    "أونسا" يؤكد سلامة زيت الزيتون    "يونيسيف" ضيفا للشرف.. بنسعيد يفتتح المعرض الدولي لكتاب الطفل والشباب    بيليم.. بنعلي تقدم النسخة الثالثة للمساهمة المحددة وطنيا وتدعو إلى ميثاق جديد للثقة المناخية    مخاوف برلمانية من شيخوخة سكانية بعد تراجع معدل الخصوبة بالمغرب    تعليق الرحلات الجوية بمطار الشريف الإدريسي بالحسيمة بسبب تدريبات عسكرية    الداخلة ترسي دعائم قطب نموذجي في الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي    مهرجان الدوحة السينمائي يعرض إبداعات المواهب المحلية في برنامج "صُنع في قطر" من خلال عشر قصص آسرة    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    فرحة كبيرة لأسامة رمزي وزوجته أميرة بعد قدوم طفلتهما الأولى    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    الوجبات السائلة .. عناصر غذائية وعيوب حاضرة    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة متخيلة إلى عاهل إسبانيا وحكومته
نشر في هسبريس يوم 23 - 08 - 2010

حتى لا ننسى احتلال سبتة في 21 غشت 1415 :
سبتة ومليلية مغربيتان حتى الموت رغم مكائد إسبانيا. استقلال حتمي.
جلالة الملك جوان كارلوس الأول، ملك إسبانيا
فخامة الوزير الأول الإسباني رودرغيز زاباطيرو،
أنا إنسان بسيط، مسؤول بوزارة الثقافة المغربية ورئيس جمعية وطنية للأثريين والأنتربولوجيين المغاربة وعضو لجنة وطنية لحزب يساري. وأفضل أن أبلغ سيادتكم هذا الحلم الذي راودني بصفتي مواطنا كونيا، كباحث أثري مغربي خضت في تاريخ بلدي وغيره وتخصصت منذ 1991م في دراسة التراث المغربي البرتغالي المشترك واستلهام دروسه. وترافق كل ما سبق مع زيارات عديدة لبلدان أوربا وأفريقيا وكندا، ولذلك فأنا إنسان جد منفتح وكوني حقا. ولأنني من بلد تضرب فيه الملكية جذورها لآلاف السنين، فإني أشير إلى أنه رغم بعض العبارات المثقلة أحيانا فإن كل كلمة في هذه الرسالة/الرؤية هي عربون تقدير وإكبار ومحبة لشخصكم ولشعبكم الذي تجمعنا وإياه روابط دموية أصيلة وصداقات عريقة.
أستسمحكم في مكاتبتكم اليوم لأقول بأني أعلم أنكم تعرفون أفضل مني أن سبتة ومليلية والجزر المحتلة بالساحل المتوسطي من طرف إسبانيا هي كلها مغربية أصيلة أبا عن جد. وأعرف أنكم تعلمون أنهم يكذبون أولئك السياسيون الإسبان وثلة من أشباه المثقفين حين يفترون على الأميين، وما أكثرهم، بالقول إن إسبانيا احتلت هذه المواقع والصخور قبل تشكل كيان الدولة المغربية، وهم يريدون يائسين أن يقنعوا جهلة أوربا وإسبانيا أن الدولة المغربية ظهرت إلى الكون ذات صباح من سنة 1956. فلنحاول هنا والآن أن نرى الأشياء ونصححها بشكل علمي بكل تجرد وبعيدا عن شوفينية الماضي :
صاحب الجلالة، فخامة رئيس الحكومة الإسبانية، تعلمون جيدا أن :
· سبتة ومليلية وجزيرة ليلى وصخور الحسيمة والجزر الجعفرية وكل المواقع هي إفريقية منذ انفصال القارات ومغربية منذ العهد القديم لما قبل التاريخ.
· إسبانيا هي التي لم يتم إحداثها إلا مع آل هابسبورغ في 1512م (1516-1700) بعد أن مهد لذلك توحيد مملكتي قشتالة وأراغون سنة 1478م عقب زواج 1469 بين فرناندو الثاني الأراجوني وإيزابيل الأولى القشتالية والمتهمين معا من طرف الإنسانية جمعاء بتعذيب وإبادة اليهود والمسلمين في محاكم التفتيش (بين 1478-1480 وعقب 1492).
· في 1516م (1517) فقط تم تنصيب أول ملك إسباني على العرش هو شارل الأول (شارل كوينت) بينما ملوك المغرب تم تنصيبهم أربعة قرون على الأقل قبل ميلاد المسيح عليه السلام.
· لم يتم توحيد كل الممالك والأطياف تحت راية الدولة الإسبانية إلا في القرن الثامن عشر الميلادي، بينما توحدت الممالك الأمازيغية بالمغرب وشمال إفريقيا منذ العهود العتيقة وحكمت لمدة طويلة كل البحر المتوسط ووقفت ندا شرسا أمام أثينا وروما العظيمتين.
· الملوك الموريطانيون (الموريون) والنوميديون الأمازيغ باغا وبوكار وبوكود وبوخوس الأول والثاني وماسينيسا ويوغرطة ويوبا الأول والثاني وبطليموس وقبلهم آخرون أسسوا المملكة المورية المغربية. ولم تتعطل مملكتنا إلا لفترة وجيزة مع الرومان (من 40م إلى القرن الرابع الميلادي) لتعود إلى استقلالها مع إمارات محلية ثم الأسر المغربية الحاكمة من الأدارسة إلى العلويين، أي من القرن الثامن إلى اليوم مع جلالة الملك محمد السادس أطال الله عمره وسدد خطاه.
· 1956م تشكل سنة استقلال المغرب من براثن الاستعمار الغاشم الفرنسي-الإسباني الذي جثم علينا رسميا في 1912 عقب مؤتمر الجزيرة الخضراء السيئ الذكر وذلك في خضم الهجمة الإمبريالية الأوربية الشرسة واللاإنسانية على العالم. وحين نفت فرنسا محمد الخامس في 20 غشت 1953 فقد كان سلطانا شرعيا للمملكة المغربية الشريفة وليس حاكما للرباط أو أكادير. وفي 1921 هزم المغرب جيوشكم في معركة أنوال فاستعملت إسبانيا أول مرة في التاريخ السلاح الكيماوي بكل نذالة وحيوانية. ولذلك ننتظر اعتذارا رسميا من إسبانيا الديمقراطية مع جبر الضرر الجماعي.
· مملكة قشتالة العظمى، وليست مملكة إسبانيا التي لم تكن قد ولدت، هي إذن من احتلت مليلية المغربية سنة 1497م وذلك عقب احتلال أصيلا وطنجة بين 24 و29 غشت 1471 من طرف ملك البرتغال ألفونس الخامس (ألفونس الإفريقي).
· ملك البرتغال هو من احتل سبتة المغربية في 21 غشت 1415م ثم القصر الصغير في 23 أكتوبر 1458 إبان هوان الدولة المرينية الضعيفة أصلا وخليفتها الأسرة الوطاسية المتهالكة. كان الهدف هو اجتثاث قاعدة دعم مسلمي الأندلس والتي كانت تشكلها مدينة سبتة أساسا، ولذلك فاحتلال هذه المدن سهل احتلال جزر الكناري ومهد لطرد آخر المسلمين من الأندلس سنة 1492 لتنطلق بعدها جيوش الإسبان لإبادة هنود أمريكا الشمالية والجنوبية واستعباد الأفارقة.
· منذ 1415 وإلى حدود القرن التاسع عشر لم يتوقف المغرب عن مهاجمة ومحاصرة سبتة ومليلية دون التمكن من افتكاك أسرهما. ولم نفاجأ اليوم بمطالبتكم من طرف الوزير الأول المغربي أمام برلمان الأمة بإرجاعهما إلى الوطن الأصل : المغرب، وهو ما تدعو إليه كل الأحزاب السياسية منذ استقلال المغرب وحتى خلال فترة المقاومة والتحرير في القرن العشرين.
· مملكة إسبانيا الفتية ورثت كل المواقع البرتغالية المحتلة حين ضم الملك فيليب الثاني سنة 1580 إلى عرش إسبانيا مملكة البرتغال بعد الهزيمة المدوية للملك سباستيان يوم 04 غشت 1578 في المعركة الكونية المسماة وادي المخازن (الملوك الثلاث) حيث شاركت عدد من الدول الأوربية بجيوشها وخبرائها مع سباستيان المقدام والمغامر والذي تلقى، كما هي العادة في كل غزوة، التزكية البابوية من طرف بابا روما.
· إسبانيا خانت أختها البرتغال يوم احتفظت لنفسها بسبتة المغربية-البرتغالية عقب استرجاع البرتغال لعرشه وكل مستعمراته في 1640. في هذه الفترة بالضبط كان المغرب يعيش مخاض مبايعة الأسرة العلوية الشريفة ومقاومة الدلائيين ففاتته فرصة تحرير الثغور من براثن الاحتلال. (بين حوالي 1520 ومارس 1769 حرر السعديون والعلويون اتباعا الصويرة وأكوز وأكادير وأزمور وآسفي والقصر الصغير وأصيلا والعرائش والمهدية وطنجة ومازغان/الجديدة).
· في حملاته على المغرب كان البرتغال في صدام ومواجهة مع مملكة قشتالة، وليس مع مملكة إسبانيا التي لم توحد بعد، وكانا دائما يحتكمان إلى بابا روما الذي أشرف على تقسيم الكعكة الإفريقية وضمنها المغرب وأشرف على كل الحملات التي استهدفت بلدان العالم الإسلامي. ثم ادعى أجدادكم أنهم قاموا بالحملات الاستكشافية الجغرافية الكبرى، وهذا افتراء تاريخي واضح.
· بإشراف البابا وقعت مملكة البرتغال وقشتالة للفصل في غزوهما لإفريقيا عدة اتفاقيات أهمها اتفاقية ألكاسوفاس (القصبة - 1479) وطليطلة (1480) وطورديسياس (1494) وسينترا (1509) وكانت هي الحاسمة. هكذا كان نصيب البرتغال سبتة والقصر الصغير وطنجة بالبحر المتوسط وكل الساحل الأطلسي المغربي إلى رأس بوجدور بالصحراء المغربية الذي وصله البرتغاليون سنة 1434 (بعده الرأس الأخضر والباقي). بينما كان نصيب قشتالة مليلية والجزر والصخور وجبل طارق بالساحل المغربي وكذا مدن ومواقع ساحل الجزائر وتونس وبلدان الهنود الحمر المغلوبين على أمرهم. وهناك ظفر إخواننا البرتغاليون بالبرازيل.
· طارق بن زياد المغربي غزا شبه الجزيرة الإبيرية سنة 711م ليضع حدا للفيزيقوطيين الذين ليسوا إبيريين ولا إسبان البتة.
· المرابطون والموحدون وبشكل أقل المرينيون، وهم كلهم مغاربة تربعوا على إبيريا (إسبانيا والبرتغال اليوم) بين 1086 وأواسط القرن الرابع عشر الميلادي. وهناك ابتكروا وأغنوا مختلف العلوم وشيدوا وبنوا وطوروا بلدكم ومدنوا شعبكم ولقنوه الآداب والأخلاق الراقية في زمن كانت أوربا كلها تقبع في دهاليز الجهل وسلطة الكهنة الخرافيين المتخلفين. ونحن اليوم لا نطالب باسترجاع مدننا الأندلسية، نريد فقط سبتة وأخواتها المغتصبة.
· حين كانت الطوائف والإمارات المسيحية ببلدكم في العصر الوسيط تتلمس بعناء طريقها إلى الاستقلال والوحدة، كان المغرب أضحى إمبراطورية محورها مراكش وتمتد من حدود بلدكم مع فرنسا إلى نهر السينغال وتضم شرقا بلاد تونس والجزائر حاليا. يومها لم تكن حدود بيننا وكان الحديث عن بلد واحد هو المغرب الكبير وعاصمته مراكش، ولفترة قصيرة مدينة فاس.
· بعد 1492 وطرد المسلمين واليهود وتعذيبهم على يد إيزابيل الكاثوليكية، ظلت الإمبراطورية المغربية إلى حدود القرن 19م مترامية إلى كل بلاد السودان (دول الساحل والصحراء اليوم) وعاصمتها مراكش أو مكناس، وحيث كانت تلكم الشعوب تبايع سلاطين المغرب وتتبرك بهم.
· المغرب هو البلد الإسلامي الوحيد الذي لم يخضع للإمبراطورية العثمانية ولم يدع لسلاطينها في الجوامع وفي خطب الجمعة.
· المغرب هو أول بلد في الأرض اعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية وجورج واشنطن لأن المغرب كان بلدا مستقرا وقويا وصاحب علاقات دبلوماسية كبيرة وإلا لما قام جورج واشنطن باستعطاف سيدي محمد بن عبد الله (1757 -1790) ناعتا إياه بالإمبراطور بأن يقنع باقي الملوك بالاعتراف باستقلال بلده الضعيف والفتي كما قال في رسالته إلى الإمبراطور العظيم. ولم يتوقف جده الأغر مولاي إسماعيل (حكم من 1672 إلى 1727) عند محاصرة سبتة ومليلية، بل هاجم أجدادكم في وهران وفشل في افتكاكها.
· معركة إيسلي الغاشمة (1844) ومعركة تطوان الظالمة (1859 – 1860) فتحتا الباب لإسبانيا لاحتلال الصحراء المغربية بالجنوب حوالي 1884 حيث باركت حمايتها عليها أربعة عشرة دولة إمبريالية اجتمعت بدعوة من بيسمارك العظيم في مؤتمر برلين (1884 – 1885). واليوم نرى الإسبان لا يستحيون من دعم جبهة البوليساريو والجمهورية الوهمية التي تؤويها عساكر ومخابرات الجزائر فوق تندوف التي كانت دوما مغربية منذ فجر التاريخ. ويعلم الجاهل قبل العالم أن فرنسا هي التي اقتطعت من المغرب لفائدة الجزائر تندوف وبشار (كولومبشار) وتميمون وتامنتيت وغيرها من شريط الصحراء الشرقية المغربية التليدة. فخذلتنا الجزائر المستقلة.
· المغرب والمنظمات الرسمية العربية والإسلامية والإفريقية لم تعترف يوما بسلطة مملكة إسبانيا على سبتة ومليلية.
· لم يسبق لبلدكم ولقوانينه أن اعترف بإسبانية سبتة ومليلية والجزر لأن كل الإسبان يعرفون أنها لم تكن يوما لهم. وفي 1995 و2009 منحتم صفة المدينة المستقلة اتباعا لسبتة ومليلية لأنكم تعلمون أنهما لا يمكن أن تظلا تحت سيطرة إسبانيا إلى الأبد، ونحن نشكر ونقدر لكم كثيرا عدم اعترافكم بإسبانية المدينتين في كل قوانينكم ومواثيقكم وممارساتكم.
· المغاربة لا ولن يعترفوا بوثيقة الاتحاد الأوربي التي تجعل من سبتة ومليلية الحدود الجنوبية لأوربا، وهي وثيقة غير ذات قيمة قانونية إطلاقا. وأوربا هذه المتعجرفة والإمبريالية هي التي ساندتكم في حرب تطوان وفي احتلال الصحراء المغربية في القرن التاسع عشر وساندتكم في العمل المتهور لذلك الجبلي ضد جزيرة المعدنوس (جزيرة ليلى) سنة 2002م. ولولا التدخل الإيجابي لأمريكا لربما كانت الكارثة.
· لا يرهبنا ولن يثني المغرب عن المطالبة باسترجاع مدنه وجزره المحتلة لا استعراض القوة بجزيرة ليلى في 2002 ولا الزيارات الرسمية لسبتة ومليلية من طرف مسؤولين إسبان كبار كتلك التي قام بها الأسبوع الماضي ذاك الجبلي إلى مليلية المغربية المغتصبة.
صاحب الجلالة، فخامة رئيس الحكومة الإسبانية،
· مر التاريخ وندرسه فقط في الكتب، وهاهم المغاربة والبرتغاليون مثلا نسجوا علاقات ود واحترام وتقدير وحب متبادل تحركهم اليوم كأفراد عائلة واحدة. ونفس الحب والتقدير نتبادله مع الفرنسيين متناسين معا ويلات الاستعمار. وهكذا نتطلع لأن نكون مع إخواننا الإسبانيين لا أن نكون ذلك "المورو" في نظر ذاك الأوربي المتعجرف والمحكوم بالفكر الصليبي.
· لا يقبل المغاربة بتاتا إهانة علمهم الوطني وجواز سفر المغرب كما يرفضون قطعا تجسس طائراتكم فوق أقاليمنا الشمالية في خرق سافر ولا أخلاقي لكل المواثيق الدولية.
· يشجب المغاربة قاطبة ويرفضون بشكل قطعي تحويل المغرب إلى ورقة انتخابية ولعبة سياسوية إسبانية داخلية.
· يبدو أن النظام التعليمي الإسباني تم إقراره بفكر محاكم التفتيش (وأوربا لا تختلف عنكم مع الأسف). المدرسة هي التي تربي روح الوطنية في الفرد، لكنها أيضا تغرس فيه نبل احترام الآخر. وللأسف فتعليمكم ووسائل إعلامكم ولدوا الضغينة واحتقار "المورو" بدل زرع الحب. ولذلك نفهم تصرفات الحرس المدني الإسباني.
· التصرفات الوحشية والعنصرية لعناصر الحرس الإسباني في إسبانيا وخاصة بالمدن المحتلة ضد المغاربة والأفارقة هي بغيضة ومرفوضة ولا تليق ببلد عريق كإسبانيا. ونحن في المغرب نعرف أن إسبانيا كانت ما قبل 1986 بلدا فقيرا وبئيسا ولم يكتمل تحضره بعد. ولذلك شاهد العالم وحشية إيل إيخيدو والجزيرة الخضراء وغيرها. وليس مغاربة وأفارقة إسبانيا وحدهم من يعانون البطش والحيف، بل حتى مغاربة العالم يعانون الويلات والحنضل وهم يقطعون بلدكم الرائع إسبانيا في رحلاتهم بين بلدهم الأمين الحنون المغرب وبلدان إقامتهم ولا أحد يتحدث عن مآسيهم. وقد عشت شخصيا بعضا من هذه التجارب ولم أتحدث عنها يوما. ونحن نعامل مواطنيكم بتقدير وإكبار.
· تصرفات الحرس الإسباني تضع التعليم والإعلام الإسبانيين موضع تهمة إفراز عينات غريبة من البشر. ولذلك نتساءل من أية طبقة اجتماعية يتم توظيف عناصر الحرس المدني والجمارك. نحن الأثريون لنا كلمة تقنية لذلك وأترفع عن ذكرها احتراما لكل المهن والحرف ولكل الشعوب.
· الميز العنصري والحيف الثقافي والتضييق على العمل الجمعوي بسبتة ومليلية بلغوا حدا خطيرا منذ سنوات عديدة وطويلة. مغاربة سبتة ومليلية محرومون من حقوق تكفلها قوانين ومواثيق الأمم المتحدة وأجهزتها من منظمة العفو الدولية واليونسكو وكل المؤسسات والمواثيق التي وقعت عليها إسبانيا والمغرب. والغريب هو أن إسبانيا بلد نموذجي في الديمقراطية عالميا بينما ممارسات سلطاته بالمدن المغربية المحتلة تقارب ممارسات الكيان الصهيوني بفلسطين، تلك الأرض المحتلة والمغتصبة هي الأخرى في 1947 كأخواتها سبتة ومليلية في 1415 و1497م.
صاحب الجلالة، فخامة رئيس الحكومة الإسبانية،
تمسكا بحب السلم وروابط الدم اللذان يجمعان شعوب البلدين، ومن أجل وضع حد لكل هذه الإنفلاتات والانزلاقات اللاأخلاقية وبهدف نبذ العنجهية الأوربية، اسمحوا لي أن أدعوكم بالعودة جديا إلى مقترح المرحوم الحسن الثاني طيب الله ثراه والذي أظن يتبناه كذلك صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله. أرجعوا إلينا كل أراضينا المحتلة من فضلكم وسيحفظ لكم المغرب مصالحكم الاستراتيجية. وإذا كان هذا الكلام يلزمني لوحدي، فإني أرى أنه يمكن للمغرب ربما أن يمنحكم امتيازات خاصة في الاستثمارات بالمملكة وكذا في مجال الصيد البحري، الحب الأبدي لرجال الأعمال والبحارة الإسبان. شعوب البحر هي وحدها من تعرف خبايا البحار وحلاوتها.
صاحب الجلالة، فخامة رئيس الحكومة،
إن المغاربة مطمئنون لحسن الجوار الذي يجمعنا وللحب الأحادي الجانب الذي يكنونه لإخوانهم الإسبان، ولا غرو في أن يهتف بعضهم "عاشت إسبانيا" يوم فاز بلدكم بكأس العالم، ولم يتابعوا أمام محاكم المملكة. إننا أشد ما يكون الفخر بالعلاقات الأخوية المتميزة التي تجمع العائلتين الملكيتين الكريمتين بالمغرب وإسبانيا. نحن معتزون فخورون ونحن نسجل مواقف نبيلة وعلاقات متينة مع نظرائهم المغاربة لدى أحزاب سياسية إسبانية وحكومات مستقلة ولدى بعض المثقفين والجمعيات غير الحكومية، ولنا كثير من الأصدقاء الإسبان، وهذا يثلج الصدر حقا. إننا سعداء جدا لكون المغاربة لا يستسلمون لهيجان العواطف رغم كل معاناتهم المريرة بالشمال وبالصحراء مع جارتهم العزيزة إسبانيا. ونحن أكثر سعادة وشكرا لله لكون المغاربة يتركون التاريخ خلفهم وينظرون دوما إلى المستقبل بعقلانية وبرؤية تؤثثها الواقعية والإبداع والأخوة والمحبة والاحترام والتعاون بين كل الأمم والشعوب، تيمنا بسداد سياسة ملكنا الهمام وأسلافه الميامين واستلهاما لنظامنا التعليمي المتخلص تماما من ضغائن الماضي.
وفي الختام، تقبلوا أصدق عبارات ومعاني تقديري واحترامي.
عاشت الأخوة المغربية-الإسبانية
عاش المغرب
عاش الملك محمد السادس
الجديدة : 22 غشت 2010م
توقيع : أبوالقاسم الشبري (باحث أثري)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.