سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    أكثر من مليون مهاجر غير شرعي غادروا الولايات المتحدة منذ عودة ترامب    محامية تتعرض لاعتداء خطير على يد زوجها المهاجر داخل مكتبها    المديرية العامة للأمن توقف ضابط مرور طلب رشوة 100 درهم مقابل عدم تسجيل مخالفة    1.175,5 مليار درهم قيمة القروض البنكية في المغرب حنى نهاية يونيو    كيوسك السبت | التجارة الإلكترونية بالمغرب تلامس 2200 مليار سنتيم سنويا    بنك المغرب: 71 بالمائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال عاديا    فتح بحث قضائي مع ضابط شرطة بمراكش بعد تداول فيديو يوثق شبهة رشوة    الصحافة الفرنسية تفتح ملف رئيس مسجد باريس وعلاقاته المريبة بالنظام العسكري الجزائري    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    الحرب في أوكرانيا.. ترامب سيلتقي بوتين في 15 غشت في ألاسكا    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة        تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    الشان يؤخر صافرة بداية البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني            رئيس جنوب إفريقيا الأسبق يدافع عن زيارته للمغرب    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    فتح تحقيق مع ضابط أمن للاشتباه في تورطه في طلب رشوة من سائق سيارة    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    مشروع قانون مالية 2026.. 60% من الاستثمارات للمناطق القروية والجبلية وبرامج اجتماعية لتعزيز العدالة المجالية    قانون مالية 2026.. مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على التوازنات المالية    أسود البطولة يرفعون التحدي قبل مواجهة كينيا    شيخ الطريقة القادرية البودشيشية في ذمة الله    فرنسا تندد ب"شدة" بخطة الحكومة الإسرائيلية لاحتلال غزة بالكامل    موجة حر مع درجات حرارة تصل الى 48 بعدد من مناطق المغرب    وقفات مغربية تواصل مناصرة غزة    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    الحضري: بونو يستحق الأفضل في العالم    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    المغرب يحتفي بأبنائه في المهجر ببرامج صيفية تعزز الانتماء للوطن وتواكب ورش الرقمنة (صور)    عيطة الحال ... صرخة فنية من قلب البرنوصي ضد الاستبداد والعبث    الرباط تحتضن النسخة الأولى من «سهرة الجالية» بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر    المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات يتوج نسخته الثانية في مدينة خنيفرة بندوة علمية حول تاريخ النقود والبريد    المغرب في قائمة الوجهات الأكثر تفضيلا لدى الإسبان في 2025    الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية    بطولة إسبانيا.. مهاجم برشلونة ليفاندوفسكي يتعرض للإصابة    مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز في طريقه إلى النصر السعودي    بطولة أمم إفريقيا للمحليين.. بوابة اللاعبين المحليين صوب العالمية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"        العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهافت الخطاب الديني بين مقامات الدعوة وأحوال العدوان
نشر في هسبريس يوم 27 - 09 - 2010

" دعوة الدين دعوة إلى الله تعالى، وقوام تلك الدعوة لا يكون إلا البيان وتحريك القلوب بوسائل التأثير والإقناع فأما القوة والإكراه فلا يناسبان دعوة يكون الغرض منها هداية القلوب وتطهير العقائد "الشيخ علي عبد الرازق
أن تصرف ملايير البترودولار على الدعاة الإسلاميين الجدد لنشر الفكر الوهابي البدوي والمتزمت، وأن يتم التشبث بقصة اعتناق الممثل المشهور الفلاني أو العالم الألمعي العلاني للدين الإسلامي والتباهي والتطبيل لذلك أمام وسائل الإعلام لتثبيت رسالة الإسلام الخالدة ليمثل بداية تهافت خطاب المد الديني المتأسلم وإفلاسه وذلك لاعتبارين جوهريين اثنين أولهما إخفاق التيار الديني الاسلاموي في تقديم مشروع مجتمعي حداثي و ديمقراطي قابل للتطبيق، وثانيهما فشله في الخروج من هالة الفكر الترنزستالي التبجيلي و التعظيمي والدوران في الحلقة المفرغة التي رسختها آية الخيرية والتي عوض أن تكون عاملا جوهريا وحاسما في تحفيز الإنسان المسلم إلى مزيد من الفاعلية والعطاء والإشعاع الحضاري والإنساني أصبحت عاملا ارتداديا وسلبيا تزيد من تعميق الاتكالية والغبن والعجز، ولأن الغبن والعجز هما العنوان الأبرز للضياع الأنطولوجي ولفقدان الفاعلية سواء على المستوى الفردي أو المستوى الجماعي فإن مسألة اختيار وتعلق التيار الديني الاسلاموي بأية قشة لإثبات نجاحه وتغلغله في النفوس والعقول تظل حجر الزاوية في معاركه المصيرية والتي كثيرا ما تتحطم أمام صخرة برهان العقل النقدي المتنور. ومادام العقل الإسلامي في مختلف مراحله التاريخية هو عقل مستقيل، ارتكن إلى الجمود واستحلى الثبات والاستمرارية والتباكي على ضياع العالم بضياع الخلافة الراشدة وانتحار قيم الإسلام الخالدة فإن محاولة المد الديني الاسلاموي ومن خلاله حركات الإسلام السياسي تعميق هذا العقل هو جزء رئيسي وجوهري في استراتجيتها لتأبيد اغتيال العقل المسلم وصرفه عن القضايا الإشكالية الراهنة التي يتخبط فيها من إقصاء ممنهج ووضع طبقي مصطنع يتقوى يوما بعد يوم، و أيضا استغفاله عن جوهر الدين ودوره الروحي في حياة الإنسان المسلم باعتباره تجربة روحية فردية صرفة وعمل توازن روحي وسكينة نفسية، ولأني لا أريد الخوض في سوسيولوجيا الدين، وهل يجب أن يشمل الدين كل مناحي الحياة! أم أنه هو فقط عنصر مثل باقي العناصر التي تشكل الحياة! ولأني كذلك لا أريد أن أتساءل عن طبيعة العلاقة الجدلية بين السياسي والديني وتوظيف هذا الأخير ايديولوجيا لتبرير المرجعيات الرجعية و الطغم والأنظمة المستبدة، فإن الشيء الواضح والجلي هو أن النسق المغلق والقطعي الذي يتخبط ويرزح تحته التيار الديني هو ما يجعله في هستيريا غريبة وفي سباق محموم ضد الزمن لا تجد لها تفسيرا منطقيا إلا في حجم ما ينفق من ملايير البترودولار و بدعم سخي من الأنظمة الرجعية والامبريالية على القنوات الدينية وعلى الدعاة المودرن حيث الاستوديوهات المكيفة والحواسيب الحديثة والكراسي الوثيرة وهالة الأضواء المختلفة الألوان، وأيضا حجم ما يثيره من تهليل وتضخيم إعلامي عن إعلان اعتناق شخص ما للدين الإسلامي وتقديم ذلك على أنه نجاح كاسح وإنجاز منقطع النظير لرهانات المد الاسلاموي، ولا شك أن الواقع والمنطق يثبت ردة وتخبط هذا الرهان لاعتبارين اثنين أولهما وحتى لا يغيب عن أذهاننا أن الإسلام ما كان له أن ينتشر ويعم أرجاء العالم لولا التجار المسلمون القدماء الذين جابوا العالم القديم وقدموا نموذجا إسلاميا واقعيا وراقيا في مجال التعامل والأخلاق الإسلامية السمحة الأمر الذي ساهم بشكل كبير في اعتناق كثير من الأمم والأقوام للدين الإسلامي خارج بهرجة الأضواء والشهرة، وخارج إطار المؤسسات والمنظمات الدعوية المأجورة كما هو الحال اليوم، حيث أن التجار القدماء لم يكونوا مسلحين بشيء أكثر من أخلاقهم وسلوكهم وتسامحهم بخلاف الدعاة الاسلامويين المودرن اليوم الذين يتلقون أموال طائلة، ويتمتعون بسفريات مريحة إلى جميع بقاع العالم لكن دون نتيجة تذكر سوى تكريس مزيد من تشويه وتأليب العالم على الدين الإسلامي الحنيف، وأما ثانيهما فهو أن التلاعب بمشاعر المسلمين وتأجيج عواطفهم بقصة اعتناق شخص ما للإسلام فكثيرا ما تأتي بنتائج عكسية، وليس بعيدا عنا قصة الشابة المسيحية ربى قعوار التي اعتنقت الإسلام، وأقامت لها أجهزة الدعاية الاسلاموية الدنيا وأقعدتها وقدمتها للعالم الإسلامي كانتصار ثمين ضد الكفرة والمارقين، بل وأن ربى قعوار نفسها أصبحت داعية إسلامية لامعة يتهافت الجميع لمجالستها والتبرك بمواعظها والاستمتاع بمناظراتها، لكن المفاجأة الغريبة والصدمة المزلزلة والتي لم يكن يتوقعها أحد وبعد مرور خمس سنوات عندما أعلنت ربى قعوار ردتها عن الإسلام وعودتها إلى المسيحية معللة ذلك بكونها لم تجد في شريعة الإسلام سكينتها الروحية و لا في تعاليم الإسلام مساحة للعقل، الأمر الذي أدى إلى خيبة مريرة وضعت جوقة المطبلين والمهللين لمثل هذا القصص في مأزق وتجربة لا يحسد عليها أحد.
وعليه، و انطلاقا مما تطرقنا إليه، ونظرا للفكر الانقلابي الذي يسيطر ويشغل بال المد الديني ومن خلاله حركات الإسلام السياسي وكذلك لطبيعة التكتيكات التي تلعبها بذكاء وحنكة لامتلاك العقول والنفوس فإن الأمر يبدو أكثر خطورة عندما نعلم أنها تسعى لتغيير جذري في الوعي الديني وفي منظومة القيم الدينية الوسطية القائمة على التسامح والمحبة والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة واستبدالها بوعي ديني متشدد شقي قائم على التكفير والعنف والنفير.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.