وهبي يكشف ملامح الخلاف مع المحامين ويرحب بالحوار بشأن قانون المهنة    السجن النافذ لنائب برلماني بتهمة التشهير والمساس بحق المرأة    جهة الدار البيضاء–سطات.. التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي واعد        كأس إفريقيا للأمم.. الكعبي يؤكد مكانته كلاعب أساسي في صفوف أسود الأطلس (لوفيغارو)    أحكام قضائية في حق 25 متهماً على خلفية أحداث شغب رافقت احتجاجات "جيل زد" بمراكش    " حلاق درب الفقراء" في ضيافة جمعية إشعاع للثقافات والفنون بالعرائش    المكتب الوطني للمطارات .. حماس كأس إفريقيا للأمم يغمر مطارات المملكة    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. نجاح كبير للمنتخبات المغاربية    العام الجديد 2026 يحل بنيوزيلندا    المديرية العامة للضرائب تصدر نسخة 2026 من المدونة العامة للضرائب    نقابة نتقد تعطيل مخرجات المجلس الإداري لوكالة التنمية الاجتماعية وتحذر من تقليص دورها    المغرب يستقبل سنة 2026 بأمطار وزخات رعدية وثلوج على المرتفعات    نمو الاقتصاد المغربي يسجل التباطؤ    رحم الله زمنا جميلا لم ينقض بالهم والحزن    وفاة الممثل "أيزيا ويتلوك جونيور" عن 71 عاما    ارتفاع "الكوليسترول الضار" يحمل مخاطر عديدة    التهراوي: نموذج المجموعات الصحية الترابية سجل مؤشرات إيجابية على العديد من المستويات    شغيلة جماعة أولاد أكناو تحتج ببني ملال وتلوّح بالتصعيد بسبب تجميد المستحقات    حصيلة نظام الدعم الاجتماعي المباشر بلغت 49 مليار درهم (فتاح)    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الدنمارك أول دولة أوروبية تتوقف عن توصيل الرسائل الورقية    "المعاملة بالمثل".. مالي وبوركينا فاسو تفرضان حظرا على سفر مواطني الولايات المتحدة    تقرير: تراجع وفيات الأطفال وارتفاع الالتحاق بالتعليم المبكر في الصين    سعيّد يمدد حالة الطوارئ في تونس            ثمن نهائي كأس إفريقيا.. اختبارات صعبة للجزائر وتونس والسودان وفي المتناول للمغرب ومصر    كأس إفريقيا للأمم تغير "صناعة اللعب"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    سرقة القرن في ألمانيا.. 30 مليون يورو تختفي من خزائن بنك    وقف تنفيذ حكم إرجاع 38 مطروداً ومطرودة إلى عملهم بفندق أفانتي    المغرب يترأس مجلس إدارة معهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة    دياز يخطف أنظار الإعلام الإسباني ويقود أسود الأطلس للتألق في كان المغرب    الجديدة 10 أشهر حبسا نافذا في حق يوتوبر بالجديدة    ارتفاع أسعار الإنتاج الصناعي بالمغرب خلال نونبر 2025 رغم تراجع بعض القطاعات    كأس الأمم الأفريقية.. مباراة شكلية للجزائر ضد غينيا الإستوائية ومواجهة مصيرية للسودان    أنفوغرافيك | لأول مرة تتجاوز حاجز 300 مليون دولار.. مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو    ألمانيا وفرنسا تؤجلان القتال الجوي    إسرائيل تهدّد بتعليق عمل منظمات    صنع في المغرب .. من شعار رمزي إلى قوة اقتصادية عالمية    إطلاق حملة واسعة لتشجير المؤسسات التعليمية بإقليم الفحص-أنجرة    قتيل وثلاثة جرحى في حادث إطلاق نار وسط كندا    قانون التعليم العالي الجديد: بين فقدان الاستقلالية، وتهميش الأستاذ، وتسليع المعرفة    ‬السيادة الديموقراطية…. ‬بين التدخل الخارجي ‬والفساد الداخلي!‬‬‬‬‬    باحثون فلسطينيون ومغاربة يقاربون الأبعاد الروحية والإنسانية لأوقاف أهل المغرب في القدس    الاستهلاك المعتدل للقهوة والشاي يحسن وظائف الرئة ويقلل خطر الأمراض التنفسية    فعاليات برنامج مسرح رياض السلطان لشهر يناير تجمع بين الجرأة الإبداعية ونزعة الاكتشاف    المعرض الوطني الكبير 60 سنة من الفن التشكيلي بالمغرب    المغنية الأمريكية بيونسي على قائمة المليارديرات        علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    الحق في المعلومة حق في القدسية!    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتراع 7 أكتوبر: قطبية سياسية أم أزمة أخلاقية في التعددية الديمقراطية؟
نشر في هسبريس يوم 03 - 09 - 2016

أسابيع قليلة تفصلنا عن الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر، كمحطة يعتبرها الكثير من المحللين السياسيين مفصلية تنذر بإعادة ترتيب المشهد السياسي بالمغرب وفق مفاهيم ونظم جديدة تحدد مدى قدرة الفاعل السياسي على قيادة المغرب نحو القدر الحتمي الذي ينتظره في المستقبل.
بإجراء ثاني استحقاق تشريعي يكون المغرب قد أكدا للعالم مرة أخرى مدى نضجه و حرصه على التغيير في ظل الاستمرارية، وعزمه على تتبع مسلسل الإصلاحيات السياسية ، وترجمة منطوق دستور 2011 إلى إجراءات عملية، إلا أن وضعية المشهد السياسي في المغرب تبدو جد معقدة وغريبة في الآن نفسه، مما يثير حفيظة الكثير من المتتبعين للتطورات السياسية ببلادنا على ما قد تحمله القطبية السياسية الصدامية من تهديدات مباشرة لمفاهيمهم ومبادئ أساسية تقوم عليها التعددية الديمقراطية بين غريمين سياسيين لطالما أعلنا صراحة عزمهما على إزاحة الآخر، وعرقلة مسيرته، وإبعاده عن مدخلات دواليب الحكم في المغرب، تحت مبرر مقاومة التحكم في أدبيات حزب العدالة والتنمية، ومحاربة الأصولية لدى حزب الأصالة والمعاصرة، وذلك من خلال تبنيها لمفاهيم بديلة تبتذل وتبخس قيمة انخراط المواطنين والكوادر وتدرجهم في النضال الحزبي، مقابل الاعتماد على الأعيان، وتحفيز الشخصيات البارزة في تحد سافر للقواعد الحزبية.
أليس ترشيح أمين عام حزب سياسي أخر على رأس قائمة حزب العدالة والتنمية نموذجا لما يمكن أن تصبح على السياسية من الابتذال اللا أخلاقي؟ وكأننا أمام دكاكين لبيع المقاعد البرلمانية، لا أمام أحزاب تحترم نفسها بالرجوع إلى القواعد الحزبية، واستشارة مناضليها من أجل اختيار مرشحيها، وفق إجراءات ديمقراطية تقوم على التصويت من داخل المقرات الحزبية على يمتلك الكفاءة والمؤهلات السياسية، والقدرة على التأثير في القواعد، واستمالة أصوات الناخبين من خلال إبرازه لخصائصه العلمية والتواصلية أمام جمهوره كما هو قائم في الدول الديمقراطية الحرة.
إن النموذج الديمقراطي التعددي وتأهيل الأحزاب داخليا وعصرنة أساليبها تبقى من المواضيع الواجب وضعها في قلب النقاش العمومي، ومن أكبر القضايا الوطنية الملحة الجديرة بالاهتمام والدراسة، بدلا من الاكتفاء بتتبع حلقات مسلسل توافق السياسي بين قيادات هياكل هيئاتها الحزبية ضعيفة ومترهلة، وذلك على حساب التوافق الحضاري المجتمعي الذي يروم البحث عن شرعية حقيقية غير وهمية للأحزاب، تنطلق من شرعية صناديق الاقتراع الداخلي من أجل ترشيح الكفاءات الحزبية القادرة على تسيير دواليب الحكم، وقيادة البلاد نحو مستقبل أفضل، أكثر جودة من الذي مضى.
في الديمقراطيات الصاعدة، والتي تعيش على إيقاع تحولات اجتماعية عميقة، يكون دور الأحزاب السياسية في دمقرطة المجتمع معطى رئيسي تتشارك فيه جميع القوى الشعبية بما في ذلك المجتمع المدني، ذلك أن الرأي العام يمكن استمالته في الدول الديمقراطية انطلاقا من الاستجابة لصوته المتصاعد بالاستنكار وعدم الرضا، بينما نقف في الحالة المغربية على تعميم فقدان الثقة بالتنظيمات الحزبية وابتذال مفهوم الالتزام السياسي من طرف قياديها، وتراجع معنى الانتماء الأيديولوجي الذي أصبح التعبير عن معالمها دون قيمة و جدوى.
لا شك أن لهذه الأزمة الأخلاقية مسبباتها في عقل الفاعل السياسي، وفي تمثله المتضارب للمفاهيم التشاركية الديمقراطية، في حين يخلط المواطن العادي بين الرغبة في تحقيق المثالية في الأداء السياسي ومشاعره تجاه الديمقراطية وحاجياته منها، يجد هذا الخلط المعرفي جذوره في عدم الرضا تجاه النظام الحزبي برمته، ولا غرابة حين تستمع إلى التصريحات الناقمة على الأوضاع السياسية للكثير من المواطنين إلى درجة التعبير عن رغباتهم في إلغاء وجود جميع الأحزاب المغربية لعدم جدواها، ولعدم قدرتها على إنجاز قيمة مضافة على حياتهم العامة والخاصة، ورفع مطالبهم علانية بضرورة الحفاظ على نظام ملكي ينجز فيه الملك لوحده المشاريع والأوراش الكبرى، يشيد، ويحل إشكالات اجتماعية وأخرى اقتصادية، يفاوض دول إقيلمية وعالمية كبرى دون الحاجة إلى تعددية حزبية فيها من العلة ما يكفي لوقف مسلسل هدر للمال العام على أحزاب مقراتها فارغة ومقفلة طيلة السنة.
يتطلب تفسير الظاهرة الحزبية المغربية بحثا بيزانطيا وأجراءات دراماتيكية لخلخلة واقعها، وتمحيصه، وإعادة تأهيله، كخطوات لعمليات جراحية تأخر المغرب كثيرا في مباشرتها إلى يومنا هذا، وفي غياب مشروع من هذا القبيل، يبقى الرأي العام عاجزا على فهم ماذا يدور من تخمينات وأفكار في رأس الفاعل السياسي وفي فلكه، ومعرفة ما يحفزه على مكوثه طويلا في تربص بالمقاعد البرلمانية، وبعد تمكنه منها يحجب نفسه عن الأنظار في دائرته الانتخابية، في سيناريو يتكرر مع كل استحقاق جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.