في الوقت الذي تسعى فيه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي إلى تغطية الخصاص الحاصل على مستوى الموارد البشرية في المؤسسات التعليمية، بتوظيف أزيد من 23 ألف أستاذة وأستاذ بعقود خلال الموسم الدراسي الحالي، لا تزالُ بعض الرخص التي تستفيد منها الشغيلة التعليمية تضيّع جزءا مهمّا من الزمن الدراسي للتلاميذ، مثل رُخص أداء مناسك الحجّ. تصلُ مدّة الرخصة الاستثنائية التي تسمح للأستاذات والأساتذة، على غرار باقي موظفي القطاع العامّ، بالتغّيب عن العمل إلى شهريْن كامليْن، مرّة واحدة في العُمر، وفْق ما ينصّ عليه المرسوم رقم 01-05-2 الصادر في 10 نونبر 2006 بشأن تنظيم أداء فريضة الحج إلى بيت الله الحرام من لدن موظفي وأعوان الدولة. مصدر مسؤول من المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بمدينة سلا أفادَ، في تصريحات لهسبريس، بأنَّ الرخصة الاستثنائية التي يستفيد منها الأساتذة تطرحُ إشكالا كبيرا؛ ذلك أنَّ الأساتذة المستفيدين من هذه الرخصة لا يلتحقون بالمؤسسات التعليمية التي يشتغلون بها بعد عودتهم من الحج، ويفضلون الاستفادة من "عُطلتهم الاستثنائية" كاملة. مصدر آخر من المديرية ذاتها أفادَ بأنّ عدد الأساتذة الذين استفادوا من الرخصة الاستثنائية لأداء مناسك الحج بلغ، في مدينة سلا وحدها هذه السنة، 55 أستاذة وأستاذا، لافتا إلى أنَّ طُولَ مدّة "عطلة الحج" تضرُّ بالتلاميذ، خاصّة في ظلّ الخصاص الكبير الذي تعاني منه المؤسسات التعليمية في الأساتذة. ومن أجل إيجاد حلٍّ لغياب الأساتذة المستفيدين من الرخص الاستثنائية لأداء مناسك الحجّ، ازدادت مهامّ مديري المؤسسات التعليمية تعقيدا هذه السنة، بسبب الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية والرامية إلى تخفيف أعداد التلاميذ داخل الأقسام لتصل إلى 34 تلميذا في كل قسم كحدّ أقصى، بهدف محاربة الاكتظاظ. المصدر، الذي تحدث لهسبريس، أفاد بأنّ الحل الذي كان يتمّ اللجوء إليه هو ضمُّ التلاميذ المتغيّب أستاذهم إلى قسم آخر، في انتظار عودة الأستاذ من رحلة الحج؛ غير أنّ اللجوء إلى هذا الحل خلال الموسم الدراسي الحالي والمواسم المقبلة باتَ غير ممكن، بسبب إجراءات وزارة التربية الوطنية، مضيفا: "نحاول أن نتصل بالأساتذة المعنيين؛ منهم من يُبدي تفهّما ويلتحق بعمله، ومنهم من يرفض ويصرّ على الاستفادة من "عطلة الحج" كاملة، بداعي أنّ القانون يخوّله ذلك". في المقابل، اعتبر محمد حرفوف، رئيس فدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ، أنَّ عدم التحاق الأساتذة المستفيدين من الرخصة الاستثنائية لأداء مناسك الحج بأقسامهم مباشرة بعد العودة من الحجّ لا يطرحُ إشكالا كبيرا، على اعتبار أنَّ "الأسبوعيْن الأوَّليْن لانطلاق الدخول المدرسي يخصّصان فقط لوضع ترتيبات انطلاق الموسم الدراسي، ولا يمكن أن نحكُم على الواقع إلا بعد مرور أسبوعين على بداية الدخول المدرسي"، على حدّ تعبيره. وأردف المتحدث ذاته أنَّ وزارة التربية الوطنية تعمل على تعويض الأساتذة والأستاذات المستفيدين من الرخص الاستثنائية، مشيرا إلى أنّ مشكل الأساتذة المستفيدين من رخص أداء مناسك الحج لن يُطرح بحدّة هذه السنة؛ لأنّ الوزارة وظفت آلاف الأساتذة بالعقدة، مقرا في الآن ذاتها بأنَّ الأساتذة الذين تم توظيفهم بالعقدة بالكاد سيُغطون الخصاص الحاصل أصلا على مستوى الموارد البشرية. ودعا المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، إلى تقليص مدّى الرخصة الاستثنائية التي يستفيد منها الأساتذة لأداء مناسك الحج في ظلّ غياب أساتذة لتعويضهم، مضيفا أن "التلاميذ يُحرَمون من عدد من الدروس، وحينَ يأتي الأستاذ يمتحنهم، في إطار الفروض، في موادَّ لم يدرسوها أصلا، وبالتالي يضيع التلاميذ".