وسط اتهامات عربية لإيران بزعزعة استقرار دول المنطقة، من المرتقب أن يلتئم وزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية القاهرة، يوم الأحد القادم، ضمن اجتماع طارئ لمناقشة "التدخلات الإيرانية"، إثر طلب عاجل وجهته الرياض، ووافقت عليه كل من البحرين والإمارات والكويت، في وقت ينأى فيه المغرب عن الإدلاء بأي موقف حيال الملف. خلفيات الاجتماع الطارئ تستند فيها السعودية إلى ما وصفته ب "الانتهاكات الإيرانية في الدول العربية عبر أذرع موالية لها في المنطقة"، وهو ما أثار توترا سياسيا بين الرياضوطهران ينذر بما يشبه حربا باردة بين الطرفين، ظهرت أبرز ملامحها إعلان رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، عن استقالته من الرياض في الرابع من الشهر الجاري، مرجعا قراره إلى "مساعي إيران إلى خطف لبنان وفرض الوصاية عليه". التطورات بلغت حدتها حين أطلقت جماعة الحوثيين، التي تدعمها إيران وحزب الله اللبناني، صاروخا بالسيتيا، مطلع هذا الشهر، باتجاه مطار الملك خالد الدولي في العاصمة السعودية، قبل أن يتمكن الدفاع الجوي السعودي من اعتراضه، فيما أعلنت البحرين، يوم الجمعة المنصرم، عن وقوع تفجير استهدف أحد أنابيب النفط قرب منطقة بوري وسط البلاد، ملمحة إلى تورط إيران فيه. وتتهم السعودية إيران بتزويد الحوثيين بالصواريخ التي كانت تستهدف الرياض، فيما سارعت طهران إلى نفي تلك الاتهامات على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها بهرام قاسمي، الذي قال في ثلاثة بيانات رسمية إن اتهامات الحريري في خطاب استقالته ومسؤولية بلاده في إطلاق الصاروخ البالسيتي على الرياض وتفجير أنبوب نفط بالبحرين تبقى "كاذبة تماما ولا أساس لها من الصحة"، رافضا أي اتهام بتدخل طهران في الشؤون الداخلية لأي بلد. الرباطوطهران وبالرغم من العلاقات المتوطدة جدا بين المغرب ودول الخليج التي تخوض صراعا سياسيا محموما مع إيران، إلا أن الرباط لم تعبّر في الآونة الأخيرة حيال تلك الأحداث عن موقفها الواضح ضد طهران، لكنها وجهت برقية رسمية بعث بها الملك محمد السادس إلى العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، عقب الاعتداء الصاروخي الذي استهدف الرياض، وصفه فيه ب "الاعتداء الآثم والعمل العدواني الجبان". وكشفت المملكة إثر ذلك عن دعمها لأي خطوة ستقوم بها السعودية ول "كافة الإجراءات التي تتخذونها (خادم الحرمين الشريفين) من أجل صيانة أمنها واستقرارها، وكذا انخراطها التام في واجب التضامن العربي، دفاعا عن سيادة اليمن الشقيق ووحدته الوطنية والترابية". وعادت العلاقات بين الرباطوطهران إلى طبيعتها مطلع سنة 2015، بتعيين السفير الإيراني الجديد محمد تقي مؤيد، ثم استقبال الرئيس الإيراني حسن روحاني سفير المغرب المعتمد لدى طهران حسن حامي، بعد قطيعة بدأت منذ مارس من العام 2009، إلا أن الترقب يبقى سيد الموقف بين البلدين. وظهر ذلك في مناسبات عدة، أبرزها غياب التمثيلية الرسمية المغربية عن الاحتفال بالذكرى السنوية ال38 ل"انتصار الثورة الإسلامية" بالرباط، واستثناء وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، للمغرب من جولة مغاربية قادته في يونيو الماضي إلى الجزائر وموريتانيا وتونس. إدريس الكريني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، قال في تصريح لهسبريس إن "الموقف المغربي إزاء هذا الملف من داخل الاجتماع الطارئ المرتقب سيتعامل وفق زاويتين اثنتين؛ الأولى من منطلق عودة العلاقات بين الرباطوطهران إلى طبيعتها بعد قطيعة تمكن خلالها المغرب من بعث رسائل واضحة إلى الطرف الإيراني"، والثانية ترتبط بسعي "المملكة إلى الموازنة والحفاظ على هذه العلاقات في إطار الاحترام". ويرى الكريني أن المغرب سيستحضر أيضا مقومات سياسته الخارجية "التي تدعم التضامن العربي والتوجه الرسمي صوب المحيط العربي والإسلامي"، ليتنبأ بأن المملكة "ستكون منخرطة بنجاعة وفعالية في إطار القرارات التي سيفرزها اللقاء القادم على مستوى وزراء الخارجية العرب"، الذي قال إنه سيكون وازنا و"يأتي في سياق أزمات تعيشها المنطقة وتعكس طبيعة الصراع في عدد من الدول العربية". وأضاف الجامعي المغربي المتخصص في الشأن الدولي أن تركيز الاجتماع الطارئ على التمدّد الإيراني في المنطقة سيكون "محكا حقيقيا لقياس الوضعية التي يعيشها الواقع العربي من خلال جامعة الدول العربية"، مؤكدا أن الأخيرة "ظلت شبه معزولة في المنطقة، مأزومة وتعيش على وقع إشكالات وتداعيات خطيرة فتحت بسبب ذلك المجال لتدخلات دولية وتهافت قوى إقليمية على المنطقة".